محمد فوزي راشد
الحوار المتمدن-العدد: 3846 - 2012 / 9 / 10 - 18:08
المحور:
الادب والفن
أذكر .. أخر مرة رأيتها ..
يومها ..
توشحت فتاتي .. بالدماء .. و تلفعت بوطن ..
غادرتها تلك النظرات .. و غادرت معها تلك الدعوات الغامضة ..
و عندما مرّت .. لفحتني .. تلك الرائحة ..
أريج كرائحة التراب المبلول ..و أمي ترشرش فناء الدار بالماء...
أريج ممزوج بحنين ..
حنين إلى زمن قريب ..
حين كان الرائعون .. يرشرشون .. الماء ..
في جنازات الملوك الراحلين ..
فتاتي .. باتت تنظر إلي .. و كأنني .. زجاج شفاف ...
و كلما اقتربت مني .. ران الهدوء .. و كأنها ستعبر من خلالي ..
و .. بلا اهتمام ..
بت أشعر كأنني سماء زرقاء ... بلا غيوم ...
ليت .. عواصفي الماضيات .. تنتابني ..
ليت جنون الصبا .. يعتادني ..
ليت قاسيون .. يتململ ..
ليته يتذكر حين .. مرت بثوبها .. المعطر .. فوقه .. ذات ليلة ..
ليت عروقي .. تمارس النزيف ..
ليت هبّة هواء .. تزيح النصيف ..
ليت وطني .. يرفع سبابته .. و يتشهد ..
ما أجمل أقدامها تتدلى في .. فرات ..
نفس القدمين .. مر بهما اورانتس ..
و في بستان .. أخضر .. رأيتهما ..
نفس القدمين .. تعصران .. عنباً ..
في رقصة ..أنثى .. وحشية ..
تدوس العنب .. بقدميها .. و بلذة ..
تكشف عن ساقيها .. اللامعتين ..كرخام
و كعبين .. مُعَذِّبين ..
و عصير .. سال في أوداجي .. مع كل قطرة عرق
غابت بين نهديها ..
و كل التفاتة خصر ..
و سيوفنا .. تقطر بالدماء
.. و نستريح .. في ظل جدار مكسور ..
و نتكئ على حجارة صماء ..
تناولني .. كأس ماء ..
و تستدير ..
و تنظر إلى السماء ..
جيدها .. يتلألأ .. و صدرها .. ضياء ..
و أنفاسها .. تتصاعد ..
كريح ..مساء ..
و عندما .. تسافر نظراتها .. وراء السماء ..
يجري .. في عروقي ألف حصان ..
تجرني إلى .. غيداء ..
في دمشق .. قبور الأولياء ..
في دمشق .. أقدام الأنبياء ..
و وجارٌ .. طلل .. لغزالة .. سمراء ..
#محمد_فوزي_راشد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟