|
الإله المتناقض في الإسلام (الله)
سليمان سمير غانم
الحوار المتمدن-العدد: 3845 - 2012 / 9 / 9 - 18:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الله في الإسلام: هو الخالق الواحد الفرد الصمد، الذي ليس له لا صاحبة و لا ولد، لا يشبه أحدا، لا مثيل له و لا عديد و لا قسيم . أيضا يعتبر المسلمون الله أحدا فردا منزها عن كل صفة. مع هذه النظرة الأولية لمفهوم الله، يلاحظ المتابع للمفهوم أن هناك صفات محددة ضمن قالب واضح للإله في الإسلام؛ هي أولا: الوحدانية، ثانيا: التنزيه عن كل شئ، لكن هذا يبدو متناقضا أو ضعيفا لدى إطلاعنا على الأدبيات و الفكر الإسلامي ككل متكامل، بداية مع القرآن المرجع الأول للمسلمين، و مرورا بكتب السنة النبوية لدى جميع الأطراف من سنة عائشة و صحيحي البخاري و مسلم إلى رواية أم سلمة. في هذه الأدبيات الإسلامية، نلاحظ تناقضا فظيعا في مفهوم الإله لدى المسلمين و في كيفية النظرة الإسلامية إلى الله. هذه النظرات بمجملها تعطي فكرة متناقضة و متضاربة و تدخل متبع الديانة الإسلامية في تشويش من الأفكار غريب، مع تشتت ذهني و عقلي، تفرضه كميات التناقضات المطروح أمامه، هذا التناقض و طريقة تعاطي العقل المسلم معه سواء بالتسليم أو الشك تفضي بالنهاية، إلى انتكاسات واضحة في الشخصية الإسلامية تظهر على شكل عنف و إنغلاق و تكفير ناجم عن الجهل وعدم الفهم . نضرب بعض الأمثلة عن الإله المتناقض في الإسلام؛ الإله الفرد الأحد المنزه: يتصف إله المسلمين بالعموم بصفات فردانية مكرسة بصور أساسية في سورة الإخلاص ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) .أيضا نرى التأكيد على موضوع التنزيه للذات الإلهية في كثير من الآيات و منها سورة الشورى و بصورة قطعية (ليس كمثله شئ (11). الإله المتعدد و الغير منزه: بالرغم من الآيات التي تكرس الوحدانية و التنزيه للإله في الإسلام عن كل شئ، أخرى في القرآن تشككك بالآيات الأولى منها، نرى في مواضع أخرى مثلا في سورة المؤمنون (فتبارك الله أحسن الخالقين 14) تخبطا يثير حيرة المسلمين حول معنى الآية و مسألة تعدد الآلهة في الإسلام، بينما توجد الكثير من الآيات الأخرى كسورة الصافات 125 (أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ) في هذه الآيات، نلاحظ تخبطا في تحوير حرفية هذه الآيات و خصوصا في موضوع اللغة العربية و كلام الله الواضح و الغير قابل للخطأ و التأويل في القرآن ! أيضا لدينا آيات تناقض التنزيه الوارد في القرآن منها ﴿ الرحمن على العرش استوى)(5) سورة طه. أيضا لدينا سورة (إن الله كان سميعا بصيرا) (58) النساء. في هذه السورالقرآنية، نلاحظ مفهوما مناقضا للمفاهيم الأولى في التوحيد و التنزيه، فمن التعدد في مستويات إلى نفي التنزيه من الصفات و التشبه بالبشر و صفات البشر و التي تؤكد عليها السنة و الحديث في كثير من الأحاديث المروية عن الرسول يصف فيها الله. هنا نطرح السؤال التالي؛ من هو المسلم الذي يستطيع البت في موضوع صفات الإله في الإسلام ؟ وما هي الصفات التي يجب على المسلم الأخذ بها أو تركها ؟ هذه المواضيع الإشكالية، كانت سببا للنقاشات و الإنشقاقات التي حدثت في الجسم الإسلامي حول تفسير القرآن، و لم يكن أولها و لا آخرها قصةالفرق الباطنية و المعتزلة و تفسيرهم المنطقي أو تأويلهم الوسطي للنصوص المقدسة ! الإله الضعيف: من يتابع تصرفات المسلمين و عقيدتهم، يلاحظ أن الله في الإسلام مخلوق ضعيف بحاجة لنصرة المسلمين و لا يستطيع الإستمرار في الربوبية من دونهم. لذلك تجدهم يطبقون ما يسمونه أوامر الله دوما بالقوة، ليصل الحد إلى قتل كل من لا يعترف بإلههم، كأن الله الذي يدعي المؤمنون أنه عادل نسي أن يخبر الأقوام الأخرى بأن الدين الصحيح هو الإسلام، فتكفل المسلمون بتصحيح خطأ و سهوة الإله إلى الأخرين بطريقتهم ! في هذه التصرفات نلاحظ أن المسلمين يقومون بتهميش الإله في كل لحظة و تسخيف مفهومه ليغدو مفهمومه مرضا نفسيا في عقول المسلمين و مصدر رعب و خوف للأخرين، فالإله الضعيف من وجهة نظر المسلمين و تصرفاتهم هو مصدر رعب لمن هم خارج دائرتهم ! حتى في القرآن نلاحظ حاجة الله لنصرتهم في مواضيع عديدة مثلا نقرأ في السورة التالية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد7). الإله القوي: في نفس الوقت الذي تشعرفي عقيدة المسلمين بضعف و هشاشة الإله من دونهم ، تقرأ بأنه قمة القوة و البطش ! في سورة النجم (5) نقرأ (علمه شديدي القوى) و مع اختلاف المسلمين في من المعني بالآية الله أم جبريل، لكن الآية تشير إلى قوة الله أو ملاكه المرسل !؟ إذا كان الله قمة القوة و البطش لماذا يصر المؤمنون على تطبيق أحكامه و نصرته بسيوفهم ؟ هل يحتاج الله الشديد القوى إلى خردة سيوف المسلمين و سكاكينهم لكي يستمر في ربوبيته !؟ الإله المتسامح: في نفس الوقت الذي يظهر به إله الإسلام بالقوة و البطش ، تؤكد مواضع أخرى من كتب المسلمين على أن الله غفور رحيم ! كيف سيعرف الفرد المتسامح متى يكون مزاج الإله رائقا ليعرف إن كان سيسامحه أو يعاقبه !؟ يبلغ هذا التناقض في المفهوم مداه في آية المائدة (98) نقرأ (اعلموا أن الله شديد العقاب و أن الله غفور رحيم). كيف سيستطيع المؤمن تمييز شدة العقاب من الرحمة والمغفرة الواردة في نفس الآية !؟ الإله الحاقد: في نفس إطار التناقض، تطلعك كتب المسلمين على كمية من مكر الله و أنه ليس بمقدور أحد مخالفة الإله و أنه بوسعه البطش بمن يخالفه، و أنه بأحسن الأحوال يمهل و لا يهمل. و لا يسعنا هنا إلا أن نضرب مثلا عن إله يخلق الخلق و يتركهم يتمادون في غيهم حتى يقوم بتعذيبهم في اليوم الآخر فما هو هذا الإله المريض نفسيا !؟ يخلق البشر فقط من أجل محاسبتهم في يوم القيامة بأبشع طرق الإنتظار و الحشر و التهويل و الرعب !؟ الإله السادي: إن من يقرأ أدبيات الإسلام عن عذاب القبر و اليوم الآخر، يلاحظ كمية التصورات السادية الموجودة في الفكر الإسلامي، متجاورة بنفس الوقت مع مفهوم التعذيب الذي فاق التعذيب في العصور القديمة أو في العهد الوثني ! فمن مئتي حديث في صحيحي مسلم و البخاري تؤكد على عذاب القبر و أهوال يوم القيامة، نلاحظ كمية من السادية غير موجودة في مكان آخر، من تعذيب الملكين للميت في القبر إلى ضربه بحديدة على رأسه تسمعها جميع الكائنات إلا الإنسان إلى ضيق القبر، و إلى صور أخرى من يوم الحشر و تعليق الناس عارية بالحبال و من مناطق حساسة في أجسامها، كل هذا يدل على عقلية سادية من المستحيل أن تكون نزعة روحية دينية ! إن هذه المواضع التي استعرضنا فيها بعض أشكال الله و صفاته في الأدبيات و الكتب الاسلامية، تدل على مفهوم مشوه للإله، فهو متناقض من حيث مواضعه في كتب المسلمين، فمن الشدة و القوة الخارقة إلى قمة الرحمة و اللطف، و هذا طبعا ما يفسر كمية التناقض و التدرج في تعصب الشخصية المسلمة، فترى بين المسلمين قمة المتطرفين الذي يقتلون الآخر و لوكان مسلما لمجرد الاختلاف معه، و بالاعتماد على نصوص من القرآن ذاته. في نفس الوقت أيضا تجد المسلم الوسطي المعتدل، أيضا يعتمد في نهج حياته على نصوص من القرآن. إذا إن كمية التناقض المرعبة الموجودة في القرآن، حول مفهوم الله، انعكست على شخصية المسلم لتخرج شخصية مريضة نفسيا. تتراوح بين التكفيريين و المعتدلين في تخبط واضح حول المسألة الواحدة نفسها في القرآن، فكل طرف يتعاطى معها بالنصوص التي يراها مناسبة، و دوما من القرآن. هذا التخبط و التناقض في القرآن تراه في كل شئ و ليس فقط في مفهوم الإله، تراه في الموقف من النصارى و أهل الكتاب، تراه في مواضع كثيرة، هذه المواضع الكثيرة هي سبب التشوه في شخصية المسلم و ميلها إلى التعنت و التكفير و وجود المشاكل حيث يوجد الإسلام في العالم. لكن الملاحظ مع كل هذا أن المسلمين دوما مظلومون و دوما يكون الحق إلى جانبهم في أي قضية، فمرضهم النفسي تجاوز كل الحدود ليجعلهم منفصلين تماما عن الواقع ! من سيستطيع تحرير المسلمين من هذا العطب في العقل و من سينقذ مفهوم الإله من عقول المسلمين و كتبهم؟ إن فكرة الله في عقول المسلمين هي فكرة مشوهة تتمحور حول شخص مجرم و سادي و مريض نفسيا، متقلب في مواقفه، لكن خطره لا يقتصر على ذلك فقط، فلقد انعكس مرضه النفسي على عقول المسلمين و جعلهم مرضى نفسييين بحاجة للحجر و العلاج. معا لعقلنة نصوص الإسلام الدينية و إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الهزات الإنتكاسية التي خلفها فكر الإسلام على الشخصية المسلمة. معا لتحرير الله و مفاهيمه المشوهة من المسلمين !
#سليمان_سمير_غانم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكم المرتد بين وحشية المسلمين وهشاشة و تناقض عقيدتهم
-
معيار الأخلاق بين الثابت و المتحول (الدين و المجتمع)
-
يحصل في الشرق
-
المنتصر في التاريخ هو المقدس ( بيزنطة مثلا)
-
أبو لهب، أبو جهل، أصوات العقل في قريش و المصير المأساوي للأم
...
-
ملاحظات بسيطة على العلمانية في العالم العربي
-
ميثرا و طقوس العبادة الميثرائية في الإمبراطورية الرومانية
-
بين اقرأ واسأل يوجد قبر الأمة الفكري
-
عندما يصبح دين الشعب أهم من وجود الشعب (من نحن،عرب أم مسلمون
...
-
حنين إلى عقل القرن الثاني و الثالث الهجري (المعتزلة)
-
أدلجة المجتمع و عبثية الاسلام السياسي
-
الإله المتجسد بين الوسط الاغريقي الهيليني و الديانة المسيحية
-
الشرق الأدنى من عبادة المرأة الى استعبادها
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|