|
نحن على أبواب ردة عظمى وحروب ردة
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 3845 - 2012 / 9 / 9 - 00:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
آيات من القرآن بتصرف -------------- بِاسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يخرجون من الإسلام أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ويَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا إِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ
عندما كنت رضيعا ----------- عندما كنت صغيرا، كنت ارضع من ثدي أمي، ثم نبتت أسناني وأصبحت اعض حلمة أمي. فقررت أمي أن وقت الفطام قد حان. وبين ليلة وضحاها كان علي أن أتكيف مع الوضع الجديد. فعملوا لي طعاما تستسيغه معدتي وأنا جالس على حضن أمي لا أفارقها، عين على ثدييها وعين على الصحن. وكنت آمل أن تعود أمي عن قرارها وترضعني من جديد. ولكنها صممت على أن الرضاعة قد انتهت. ثم كبرت وزاد وزني واصبحت أمي تتألم من جلوسي في حضنها، فقررت انه علي أن اجلس مع باقي إخوتي وآكل كما يأكلون. وبطبيعة الحال تذمرت ولكن دون فائدة. فجلست أمي بعيدا عني تراقبني وتعلمني الأكل دون أن أوسخ ملابسي. وكانت والدتي الفلاحة البسيطة تطبخ لنا جميعا. وأذكر انه كانت أيام ينقصنا الأكل فتقرر بأن الأكل المتبقي للأح الصغير، وعلى الباقين أن يناموا بالجوع بانتظار الصباح. فالأخ الصغير لم يكن يستطيع الصبر على الجوع ويقوم من النوم يصرخ طالبا الأكل. وبما إننا كنا ننام جميعا في غرفة واحدة على الأرض، كان يزعجنا جميعا بصراخه. ولذلك كنا نقبل النوم دون أكل ونتركه يشبع فينام مرتاح ويريحنا. ثم سافرت إلى سويسرا لأدرس ووجدت نفسي مضطرا لأن أطبخ وأغسل ملابسي وأنظف غرفتي بنفسي. لم يعد هناك أمي التي كانت تقوم بكل تلك المهام سابقا. وسوف أتقدم في السن واعجز وان لم أمت بسكتة قلبية أو بحادث سيارة أو اقتل، سوف احمل إلى بيت للعجزة لأقضي باقي أيامي قبل أن توافيني المنية. هذه سنة الحياة.
من يقرأ الآيات الأولى التي نقلتها عن القرآن ببعض التصرف، والفقرة التي تليها، قد يسال نفسه ما العلاقة بينمها؟
المجتمع مثل الفرد يمر بمراحل ------------------ الفرد هو الصورة المصغرة للبشرية. فهي تمر بمراحل كما يمر الفرد. وقد تطرق ابن خلدون إلى الأطوار التي تمر بها كل دولة منذ النشوء إلى الانحلال. هذا على مستوى السياسة. ويمكن أيضا أن نرصد تطور البشرية على مستوى الاعتقادات. وشرقنا مليء بالمتغيرات الدينية قد يكون أهمها الديانة المصرية القديمة التي هي أيضا تطورت واندثرت، ثم أتت بعدها الديانة اليهودية والمسيحية والإسلام ثم البهائية. وكل ديانة عرفت مراحل تطور لا داع للدخول في تفاصيلها الدقيقة. ويكفي ان نشير إلى أن المسيحية انقسمت إلى مئات الفرق الدينية المتناحرة تارة والمتعايشة تارة أخرى. وكذلك الأمر فيما يخص الإسلام. وما يجري في العراق وسوريا من مذابح يومية بين الشيعة والسنة ما هو إلا ثمرة الانقسام في داخل الإسلام. وما يجري في مصر بين الإخوان المسلمين ومعارضيهم، وما يجري في تونس بين مؤيدي حزب النهضة ومعارضيه هو أيضا ثمرة هذا الانقسام. ورغم هذه الانقسامات يصلي المسيحيون يوميا لأجل الوحدة بينهم، والقادة المسلمون يجتمعون من فترة إلى أخرى ضمن منظمة التعاون الإسلامي وغيرها من المنظمات وكأن شيئا لا يحدث في دولهم. فهم في واد وشعوبهم في واد.
محمد أخر نبي... ولا حاجة للأنبياء من بعده -------------------------- هناك آية في القرآن قليلا ما يتوقف عندها المفكرون أو يتم فهمها بطريقة خاطئة. تقول تلك الآية: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا. وبناء على هذه الآية، يعتبر المسلمون أن محمد هو أخر نبي، رغم أن عددا من الناس قد اعلنوا نبوتهم من بعده فتم قتلهم أو رفض المسلمون الاعتراف بهم مثل بهاء الله مؤسس الديانة البهائية. وقد ذكرنا في مقال سابق أن رشاد خليفة اعتبر نفسه رسولا، فاتهم بالردة وتم قتله. وقد تكلمنا أيضا عن تيار القرآنيين الذين يسعون لتقديم وجه أكثر قبولا للإسلام. وفي الطرف الآخر للنهر، هناك تيارات يتم تجاهلها تماما في المجتمع الإسلامي ولكنها متنامية باستمرار وهي التيارات الملحدة أو الرافضة للإسلام جملة وتفصيلا. وإذا ما قارناها بما يحدث مع الفرد، يمكن أن نقول أن تلك المجموعات بدأت مرحلة الفطام. فهي تعتبر أن محمد فعلا هو آخر نبي تحتاجه البشرية، ولا حاجة للأنبياء من بعده. لقد احسوا أنهم وصلوا إلى مرحلة لا يحتاجون فيها إلى الرضاعة من حلمة النبي محمد إن صح التعبير، وأنهم يريدون أن يأخذوا استقلالهم عنه وعن قرآنه.
التيارت الملحدة في التاريخ الإسلامي --------------------- لقد عرف التاريخ الإسلامي تيارات ملحدة مشابهة، وقد تم القضاء عليها. ومن بقي منها دخل في السرية وتحت راية التقية. ويمكن أن نذكر منها على سبيل المثال تيار إخوان الصفا الذين ألفوا موسوعتهم الشهيرة رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا (http://www.aslein.net/showthread.php?t=9285) التي يعتبرها الإسماعيليون كتابا مقدسا مع القرآن. وهناك تيار الموحدين أو بني معروف والذين يسمون بالدروز (وهم متفرعون من الإسماعيلية)، ولهم كتابهم المقدس الخاص بهم وهو كتاب رسائل الحكمة (http://www.muhammadanism.org/Arabic/default.htm). وبعض المسلمين يعتبرونهم فرقة من فرقهم، ولكن في حقيقة الأمر يرفضون الإسلام جملة وتفصيلا، ولهم كلام عن النبي محمد لا يجرؤ أحد التفوه به اليوم، ذكرته في مقالي عن التقية، ويتم التستر عليه خوفا من الفتنة (http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=219&action=french-dissimulation-taqiyyah-chez-les-chi-ites-et-les)
بروز تيارات ملحدة غير مسبوقة ------------------- التيارات الملحدة إذن ليست جديدة في المجتمع الإسلامي. ولكن المتتبع لما نراه اليوم على الأنترنيت لا يد أن يصطدم لانتشار تلك التيارات في زمننا. فهناك مجموعات لا تعد ولا تحصى تعلن إلحادها ورفضها للإسلام والقرآن وتجمع صفوف مؤيديها، مستفيدة من حرية التعبير التي يتيحها الأنترنيت وخاصة الفيسبوك وإمكانية التعبير عن الرأي دون الإفصاح عن اسم الكاتب. لا بل هناك من يجرؤ على الظهور في أشرطة فيديو واسعة الانتشار يتم فيها تمزيق القرآن وشتم النبي محمد والتهجم على رجال الدين المسلمين. وأشير هنا خاصة إلى مجموعة كبيرة من الأشرطة لمصري يطلق على نفسه لقب محارب الله ورسوله (http://blog.sami-aldeeb.com/2012/09/03/%d8%a7%d8%b4%d8%b1%d8%b7%d8%a9-%d9%81%d9%8a%d8%af%d9%8a%d9%88-%d9%85%d8%ad%d8%a7%d8%b1%d8%a8-%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%88%d8%b1%d8%b3%d9%88%d9%84%d9%87/) الأمر الذي جعل رجال دين مسلمين يبيحون دمه حتى من دون محاكمة (http://blog.sami-aldeeb.com/2012/09/03/%d9%85%d8%b1%d8%aa%d8%af-%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a-%d9%8a%d9%85%d8%b2%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d8%a2%d9%86-%d9%88%d9%8a%d8%b1%d9%85%d9%8a-%d8%a8%d9%87-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%a8%d8%a7/)
نحن في طريقنا إلى ردة عظمى وحروب ردة طاحنة ------------------------------- يمكن أن نتفق أو نختلف مع هذه التيارات الملحدة، ولكن لا يمكن أن ننكر وجودها. وعلى الباحثين أن يرصدوها بجدية كبيرة. فهي تؤذن بحصول ردة عظمى في المستقبل القريب وخروج المسلمين أفواجا من الإسلام. هذه الردة العظمى لن تحصل بين ليلة وضحاها، ولكن كل المؤشرات تشير إلى حتميتها. وقد ترعرعت تيارت الردة خاصة بعد وصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر وتونس. فهؤلاء الإسلاميون سوف يجعلون الناس يكفرون بالإسلام وسدنته. وهم يشعرون بالخطر القادم ويتوعدون من يقاومهم باستعمال كل وسائل القمع. وهو ما يذكرنا بما عرف بالتاريخ الإسلامي بحروب الردة. فواحد منهم يقول بكل صراحة انه اذا طُبقت الشريعة الإسلامية ثم ارد الشعب إسقاطها فسنسحقه سحقا (http://blog.sami-aldeeb.com/2012/08/06/%d8%a5%d9%86-%d8%b7%d8%a8%d9%82%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d9%8a%d8%b9%d8%a9-%d8%ab%d9%85%d9%91-%d8%a3%d8%b1%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b9%d8%a8-%d8%a5%d8%b3%d9%82%d8%a7%d8%b7%d9%87%d8%a7/)
على الباحث استقراء المستقبل لتفادي الزلزال والتقليل من أضراره -------------------------------------- كأفراد لا نقبل قرار والدتنا أن تقوم بفطامنا. ولكن مرحلة الفطام لا بد منها إن اردنا أن نصبح أحرارا ومستقلين عن والدتنا. كل من يقرأ لي يعرف اني ارفض النبوة والوحي، ولا أقرأ الأبراج لمعرفة ماذا سيحدث لي في المستقبل. ولكن على الباحث أن يستقرئ المستقبل وأن يكون سابقا برايه على الأقل عشر سنين مقارنة لما يعلمه العامة والصحفيين ورجال السياسة المشغولين بالواقع المعاش. ومن هنا أهمية دور المثقف في تنبيه المجتمع بالمخاطر التي سوف تداهمه في المستقبل القريب لأخذ الحيطة. ودوره هو مثل دور محطات الإنظار المبكر التي تنبه الناس عن حصول زلازل مدمر. كباحث وراصد لما يجرى على الساحة ومدرس لأصول الشريعة، أتنبأ بأن المجتمع الإسلامي مقبل على ردة عظمى يترك فيها الناس الإسلام أفواجا دون رجعة. وعلينا جميعا أن نعد لهذه المرحلة القريبة لكي يمر مجتمعنا بأقل خسائر ممكنة. على المفكرين أن يعدوا لهذه المرحلة لكي يتقبل المجتمع فطامه ويصبح مستقلا عن الدين الإسلامي. كيف؟ بتخليص مجتمعنا من أسطورة القرآن كلام الله والشريعة الإسلامية شريعة الله. وهذا لا يتم إلا من خلال إعادة تعريف الوحي بأنه ليس كلام الله للبشر بل كلام البشر عن الله.
------------------------ حمل مجانا طبعة القرآن بالعربي التي تبين أن القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315&action=arabic اذا أردتم المناقشة أو وجدتم صعوبة في تحميل الكتاب اكتبوا لي على عنواني التالي [email protected]
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل القرآنيون مهرجون؟
-
ضعوا القرآن في المتحف مع الموميات
-
مسلسل جريمة الختان (62): كفاك إهداراً للوقت... عن الختان
-
مسلسل جريمة الختان (61) : الختان والاستمناء
-
مسلسل جريمة الختان (60) : الختان والنظافة
-
مسلسل جريمة الختان (59) : الختان والزواج
-
مسلسل جريمة الختان (58) : الختان والشذوذ الجنسي
-
مسلسل جريمة الختان (57) : الختان والمخدرات
-
مسلسل جريمة الختان (56) : ختان الاناث واللذة الجنسية
-
مسلسل جريمة الختان (55) : ختان الذكور واللذة الجنسية
-
مسلسل جريمة الختان (54): قائمة الأضرار الصحّية لختان الإناث
-
مسلسل جريمة الختان (53) : قائمة الأضرار الصحّية لختان الذكور
-
بعض كتبي التي قد تهمكم
-
مسلسل جريمة الختان (52) : الأضرار الصحّية لختان الذكور
-
مسلسل جريمة الختان (51) : ما سبب تتفيه أو تجاهل الأضرار؟
-
مسلسل جريمة الختان (50) : من فقد الرحمة فقد فقد كل شيء
-
مسلسل جريمة الختان (49) : لماذا لا نستمع الى ألم الطفل أو نن
...
-
مسلسل جريمة الختان (48) : هل يحس الطفل بالألم؟
-
مسلسل جريمة الختان (47) : لماذا يتم تتفيه ختان الذكور أو الإ
...
-
مسلسل جريمة الختان (46) : الختان عمليّة بتر عند الذكور والإن
...
المزيد.....
-
خلال لقائه المشهداني.. بزشكيان يؤكد على ضرورة تعزيز الوحدة ب
...
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|