|
المرأة والعدالة الاجتماعية عبر التأريخ
سميره الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 3842 - 2012 / 9 / 6 - 20:59
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
عناوين المواضيع
- مقدمة - العدالة في العراق القديم - المرأة وقوانين حمورابي - انواع الزواج - المرأة في عصر الفراعنة - العدالة في الاسلام - مفهوم المساواة - العدالة مفهوم متعدد الاوجه - انواع العدالة ومضامينها
مقدمــــــــة:
للعدالة الاجتماعية مفاهيم كثيرة ، وهي متعددة الأبعاد ، لا يمكن اختزالها في سياق معين ، بل انها تشمل كل مناحي الحياة ، إن المعاناة واللامساواة والتهميش والحرمان والظلم والاستبداد كلها مظاهر تنتمي للتجربة الإنسانية ، لم تتمكن الطبية من الحد منها ولا من استبعادها ، بل لقد رافقت هذه المآسي الإنسان طيلة مسيرته وعبر تأريخه ، فما كان له في بداية الأمر إلاستنجاد بما متوفر أمام عينيه والبحث عن العدل في عالم الخيال والخرافة ، إلا انه ومع تقدم الوعي البشري أصبح مفهوم العدل ينفصل عن المجرد ويكتسي طابعاً مادياُ ، إن المقاربة الكلاسيكية كانت تعتمد على العالم الخارجي معتبرة إياه المنقذ والملجأ الذي يحفظ ويصون الأخلاق ويناصر العدل ، لم تتمكن هذه المقاربة من الاستمرار طويلاً لأنها لم تساءل الإنسان المسؤول الأول والأخير عن الظلم والاضطهاد ، لم تكن بالواقعية بل تأملية ومثالية ، لم تبحث عن الحلول بل بقيت محصورة في مفهوم الأخلاق ، هذه الأخيرة التي لا يمكن تحديدها بشكل مطلق بل تبقى نسبية نظراً للزوايا المختلفة التي يمكن أن تطرح من خلالها . لقد بدأ مفهوم العدل يتطور خصوصا مع القرن الثامن عشر ، فأصبح يهتم بواقع الإنسان ويحاول تحسينه إلى ما هو أفضل ، أصبح يساءل عن علاقة الإنسان بالمجتمع ، يبحث في وجوده ، ويفكر في حريته وحقوقه ، فانتقلنا من مفهوم العدل إلى العدالة الاجتماعية كتصور شامل لحياة الإنسان ولظروف عيشه على مختلف المستويات ، إن العدالة الاجتماعية خلقت نقاشا واسعا في الماضي والحاضر وستبقى حاضرة كسؤال في المستقبل ، لا يوجد تفسير وحيد لهذا المفهوم بل هناك تفسيرات عديدة تختلف من حيث المقاربة والطرح الإيديولوجي ، لا يمكن تخيل نهاية لهذا النقاش ، فطالما ســـيتواجد الإنسان سيتواصل البحث عن العدالة الاجتماعية ، كما انه لا يمكن إنهاء هذا البحث المســـــــــتمر عن العدالة في زمن تتراكم فيه المعضلات الاجتماعية بفعل الرأسمالية وانفتاح الأسواق التي لا تسعف الضعيف بل تشجع القوي وتعمق الهوة بين الطبقات الاجتماعية . من اجل ملامســة المفهوم الحديث للعدالة الاجتماعية لا بد لنا من استكشاف مدارسة ومقارباته المختلفة ، حتى نتمكن من بلورة تصور بسيط سيساعدنا فيما بعد على رسم مشروعنا الحداثي التقدمي الذي من واجبه أن يرتكز على العدالة الاجتماعية وأن يهدف إليها.
تعد العدالة واحدة من اكثر الموضوعات قدســــــــية وشيوعا في السلوك الاجتماعي ويمكن أن تتخذ وجوها متضاربة حتى ضمن المجتمع الواحد . فاينما كان هناك أناس يريدون شيئاً ، ومتى ما كانت هناك موارد يراد توزيعها ، فأن العامل الجوهري المحرك لعملية اتخاذ القرار سيكون أحد وجوه العدالة . وللعدالة سيادة على غيرها من المفاهيم المقاربة ، كالحرية والمساواة ، ذلك انها لا تقف عند حد معين فقد يطالب الناس بمزيد من الحرية ، وفجأة يضطرون الى التوقف عند حد معين حتى لا تنقلب الحرية الى نقيضها ، الا انهم لا يستطيعون التوقف عن محاولة ان يكونوا عادلين . ولا يستطيع أي مجتمع ان يصل الى درجة الإشباع في تحقيق العدل ، لأنه لا يوجد حد نهائي للعدالة . فالعدالة بهذا المعنى هي الخير العام الذي يستطيع تنظيم العلاقة بين مفهومي الحرية والمساواة ، اذ يكفل الموازنة بين الطرفين (1) .
ومع ذلك ، فأن الظلم رافق وجود الإنسان منذ بداياته . فقد ظهرت التفرقة بين الناس ، ونشأت بالدرجة الأولى عن مفهوم الملكية الذي يعتمد على الأنانية والمصلحة الفردية . فمنذ ان انتقل المجتمع البدائي الى مجتمع تنظيمي ، إختفت المساواة وألغيت لأن جماعة من الأفراد تملكوا الارض واستغلوا غيرهم . وبمرور الزمن صار لهم قانون يحميهم من كل عقاب ، ويحافظ على مصالحهم ، ويقر بشرعية الفروق المادية بين الفئات الاجتماعية . فتحولت هذه الفروق بالتدرج الى فروق معنوية أصلية . والواقع ان الإنسان دفع ثمناُ غالياً لارتقائه إلى أشكال اجتماعية اكثر تعقيداً ، اذ ترتب على المهارة وتوزيع العمل ان تغرب الإنسان وانفصله. حيث أصبح النظام المعقد للمجتمع يعني . تحطيم العلاقات الإنسانية ، إذ كان معنى زيادة الثروة الاجتماعية في كثير من الحالات زيادة فقر الأنسان .(2)
العدالة في العراق القديم:
وجدت العدالة منذ اقدم العصور رموزاً لها في الاساطير والشعر والنحت والعمارة ، بوصفها مطلباُ جوهريا يثير بشكل صارخ او صامت أي إنسان على أساس قوة وجود ، ويعّبر في الوقت ذاته عن الشكل الذي يتحقق في إطار ذلك الإنسان .(3)
فمن الناحية التأريخية ، يعد إنسان وادي الرافدين أقدم مشرع أحكام العدالة ، اذ أن الشرائع العراقية القديمة تسبق أقدم ما هو معروف من شرائع وقوانين في سائر الحضارات الأخرى كالفراعنة والاغريق والرومانية بعشرات القرون (4)
فقد وضع الإنسان العراقي القديم تصوراته لموضوع العدالة والظلم في صميم نظرية الالهة والكون والإنسان . فارتبطت العدالة لديه بالنظام مثلما ارتبطت قيم الخير كلها به ، وارتبط الظلم بالفوضى مثلما ارتبطت قيم الشر كلها به . ولأن إنسان وادي الرافدين أدرك علاقة الشمس بنشاطات الحياة المختلفة ، فقد عدها إلهاُ للحق والعدل ، ومزيلاُ للغموض ، وكاشفاً للحقائق . فإله العدالة هو إله المعرفة نفسه . فكان العراقيون يحتفلون في العشرين من كل شهر بعيد مكرس لإله العدالة ((شمش)) الذي انجب ولدين هما ((كيتو )) و((ميتساو))، أي العدالة والحق.(5) لكن العدالة بهذا المفهوم ظلت امراً مرهوناً بخدمة الإنسان للآلهة وإرضائه لها فقط . فإذا ما حصل على العدالة فذلك لأن الآلهة منّت عليه بذلك ، لا لانه يستحقها. أما فكرة (( ان العدالة شيء من حق كل إنسان )) فلم تأخذ بالتبلور البطيء الا في الألف الثاني قبل الميلاد ، وهو الألف الذي ظهرت فيه شرائع ((حمورابي )) (6) ، اذ يذكر هذا الملك البابلي ، الذي تولى الحكم خلال المدة (1792- 1750) ق . م ، في مقدمة شريعته: (( ان الآلهة أرسلته ليوطد العدل في الارض ، وليزيل الشر والفساد بين البشر ، ولينهي استبعاد القوي للضعيف، ولكي يعلو العدل كالشمس ، وينير البلاد من اجل خير البشر ، ويجعل الخير فيضاً وكثرة )). (7) فأضحى الناس منذ ذلك العصر يشعرون ان العدالة حق مشروع لا منّه شخصية . إلا هذا الرأي عن كون العدالة شيء من حق كل إنسان ، كان لا بد ان يناقض نظرة الناس آنذاك الى الدنيا ، فبرزت الى الوجود مشكلات أساسية ، كتبرير الموت ، ومشكلة الإنسان الفاضل الذي يقاسي البلايا بالرغم من فضيلته . وكان وراء هاتين المشكلتين إحساس عميق بالألم والمأساة . فجاءت (( ملحمة كلكامش)) في أوائل القرن الثاني قبل الميلاد تعبيراً عن سخط مكتوم وإحساس دفين بالظلم ، منشؤه الفكرة التي تبلورة آنذاك عن حقوق الإنسان والمطالبة بالعدالة في الكون . فالموت شر ، بل هو العقاب الأكبر ، فما الداعي الى موت الإنسان اذا لم يكن قد اقترب إثما ؟ ولا تنتهي هذه الملحمة الى خاتمة هادئة ، بل تبقى عواطفها في احتدام ، ويظل سؤالها الحيوي بلا جواب . (8)
فأصبحت هذه المشكلة الأخلاقية بعناصرها الاستفهامية والاستنكارية والتبشيرية ، نقطة انطلاق للأديان والفلسفات والايدلوجيات التي ظهرت فيما بعد في مختلف الحضارات وحاولت الخوض في ماهية العدالة وغايتها وأساليب تحقيقها عملياً. وبالرغم من ان الناس على العموم ظلوا يقرون في كل عصر بأنهم لم يفلحوا في تحقيق العدالة بعد ، إلا ان التأريخ البشري يمكن النظر إليه بوصفه تاريخ مقاومة الظلم ، وتاريخ الصراعات الدامية من اجل فرض معيار موحد للعدالة ، إذ ظل الإنسان ينشد العدالة في كل زمان ، مستخدماً في ذلك كل وسائله ، ومنها ابسط ألفاظه وأعمق أفكاره على حد سواء . لكن هذا المعيار ظل منيعاً على التحديد او الاتفاق .
المرأة وقوانين حمورابي: لقد بلغ مركز المرأة في القانون البابلي القديم من الرقي والتقدم الاجتماعي والإنساني والتشريعي مبلغاً مهماً. ولقد وجدنا تشريعات تتعلق بالزواج وأشكاله والطلاق وحالاته والإساءات والمخالفات الزوجية، وحالات الاتصال بالمحارم، تشريعات الزنا والاغتصاب، وأنواع الزوجات. وسنتحدث عن كل مما سبق فقرة فقرة بما يظهر مكانة المرأة في قانون حمورابي البابلي القديم واستمرار بعض العادات حتى يومنا. الزواج: إن قواعد الزواج أيام حمورابي تظهر العلاقة المباشرة مع النظام السومري وهو نتيجة العلاقات المختلفة، والحالة العقلية لذلك المجتمع في وادي الرافدين، وبالتالي تحديد قواعد الزواج فيه حيث بلغ شأناً كبيرا من الرقي مقارنة مع قواعد الزواج للمجتمعات المعاصرة له، وامتدت فترة طويلة من عمر المجتمع في بلاد الرافدين القديم. كان نظام العائلة في ذلك العهد القديم أبويا والرجل سيد الأسرة بيده حق عقد الزواج أو إلغائه وله حق الزواج بأكثر من امرأة ويرجع نسب الأولاد إليه ويكون للأولاد الذكور الغلبة في حقوق الإرث وفي موقع مميز عن المرأة. أما الطرف الآخر في عملية الزواج (المراة) فلم يكن بيدها الخيار في الزواج أو فسخه (الطلاق) ولم يكن لها حق السيادة على شيء حتى على نفسها. فالسيادة تنتقل من أبيها أو أخيها قبل الزواج إلى الزوج بعده وليس لها نصيب من الإرث إلا مهرها ومع هذا لم تكن حقوقها معدومة كلية، فقد اعترف القانون البابلي للمرأة ببعض الحقوق كما خصها في الحقوق عندما تتحدر من طبقات اجتماعية عليا، حيث سمح لبعضهن ممارسة التجارة وعقد الاتفاقات القانونية كالبيع والشراء والديون والاستئجار، وكشاهدة في بعض العقود الخاصة، خاصة عندما يكون أحد طرفي العقد امرأة، وتبرز في الشريعة كمدعية أو مقاضية زوجها إلى جانب أخيها وعرف عن بعضهن أنهن تقلدن بعض المناصب العامة كحاكمة وكاتبة. تؤكد التشريعات البابلية على ضمان هذه الحقوق بعد زواجها. إن الزواج مرة واحدة كان عرفا وقاعدة، ومتعارف عليه أن يكون للرجل امرأة واحدة شرعية ومن العادات المرعية قبل الزواج منذ ذلك التاريخ حتى اليوم وأصبحت مواد في تشريعات حمورابي: حيث كان يحضر العريس بعض الهدايا إلى بيت عمه والد العروس وإعطاء المهر، ولو صادف أن أغرم بامرأة أخرى بعد ذلك وقال لعمه: (لن آخذ ابنتك)... فيمكن لوالد العروس أن يأخذ كل ما أعطاه له، والعكس.. إذا جلب العريس هدايا لبيت عمه مع المهر ثم اعترض والد العروس وقال له: (لا أريد أن أعطيك ابنتي).. عندها يجب أن يعيد له كل ما أهداه له ضعفين ويجب توثيق عقد الزواج بوثيقة مكتوبة وإلا كان لاغيا، إذ لا تعتبر المرأة التي تؤخذ من غير كتابة عقد زوجة. وقد بدأت المواد القانونية المتعلقة بالأحوال الشخصية في شريعة حمورابي بالإشارة الصريحة إلى وجوب تسجيل الزواج في عقد رسمي ولا تعتبر المرأة دونه زوجة حتى ولوعاشت سنة واحدة في بيت الرجل، ومع ذلك كان هناك زواج بدون عقد. كما في حالة المرأة التي تحب وتتزوج عبداً، والمرأة التي تترك منزل زوجها لعدم وجود مواد معاشية لازمة وتذهب لبيت رجل آخر وتلد منه أطفالاً ومع ذلك لا تعتبر زوجة للرجل الثاني ولا تتمتع بالحقوق الزوجية كما ينص عليها القانون "زوجة رجل". والعقد وثيقة رسمية تنص على شروط الاتفاق التي تشمل حقوق وواجبات كل من الزوج والزوجة كما يذكر أحيانا شروط إضافية كتحديد عقوبة فسخ العقد أو الإخلال بشروطه... إن أهم فقرة
في العقد هي الفقرة التي تنص على اجراء الزواج حيث تذكر أن الرجل أخذ المرأة (ليكونا رجلا وامرأة) و(ليصبحا زوجاً و زوجةً) وهذا هو القصد الرئيسي من العقد. ونجد كما اليوم أنه قبل أجراء عقد الزواج هناك مباحثات بين أولياء الزوج والزوجة لتحديد شروط العقد النهائية والاتفاق بما يخص هدية الزواج والخطوبة ووقت الزواج ويمثل الزوج والده عادة خاصة إذا كان العريس تحت سيادة والده ويعيش في كنفه. ويرد ذكر الأم إلى جانب الوالد أحيانا وأحيانا يتعاقد الزوج بنفسه وذلك في حالة استقلاله في العيش عن والديه، أو في حالة وفاتهما، ويمثل الطرف الثاني (الفتاة) والدها أو أمها أو الأخت بتوكيل منها ولم يكن لها رأي في الزواج ويمكن أن يكون لها الحرية أحياناً في اختيار الزوج في حالات خاصة جداً، والزوجة التي لم ترزق بأولاد يترك لها زوجها "مهرها" ويعيد لها باينتها ثم يصنح له الحق بالتخلي عنها. وإذا قبلت البقاء معه يحق له أن يتخذ خليلة تعيش في منزله، لكنها دون الزوجة في المقام، كما يمكن للمرأة نفسها أن تقدم لزوجها أمة أو خادمة، وإذا ولدت الامة وأخذت مكان سيدتها، فتوسم بسمة خاصة وتعاد إلى منزلة الخادمات ولكن لا يسمح ببيعها، وإذا لم ترزق فيمكن لسيدتها أن تبيعها وإذا تزوجت المرأة وأنجبت أولاداً ثم ماتت لا يحق لوالدها أن يطالب بجهازها لأنه يخص أولادها. أما إذا ماتت بدون إنجاب وإذا كان العم قد أعاد المهر لصهره فإن الصهر لا يستطيع الاحتفاظ بالجهاز أما إذا لم يعد العم المهر فعليه أن يخصم المهر من ثمن الجهاز ويعيد الباقي لوالد الزوجة. وإذا حل بالمرأة الشرعية عاهة وأراد زوجها الاقتران بأخرى يحق له أن يفعل ذلك، ولكن لا يجوز له أن يبعد زوجته، بل تبقى في المنزل ويعيلها طوال حياتها، أما إذا كانت لا تريد البقاء فيحق لها المغادرة بعد استرداد بائنتها. أنواع الزواج:
1- الزواج التام أو الكامل: هي طريقة عامة غالبة في حالات الزواج بموجب اتفاق بين الطرفين ويسجل ذلك في عقد، حيث تتم الدخلة مع جلب المرأة معها البائنة "الجهاز" وهو ما يدفعه والد الفتاة عند الزواج وتصبح الزوجة الشرعية لها الحقوق وعليها الواجبات.
2- الزواج الناقص: يتم العقد ولكن الدخلة تؤجل بسبب صغر سن الفتاة أحياناً، أو عدم إتمام ترتيبات الزواج نجد في المادة 155 من قانون حمورابي كيفية اختيار والد الزوج عروس ابنه والمحافظة على شرفها وأن أي مس بذلك تعتبر جريمة زنا والمادة 156 تقول أنه يمكن أن يكون انتظار الفتاة حتى سن البلوغ في بيت والدها أو بيت حميها، وهنا لانعرف كيف تعامل كابنة أو خادمة وهذا يعتبر أحط أنواع الزواج حيث أن والد الزوج يتصرف بالفتاة كما يشاء.
3- الزواج الخالي: أي بدون عقد وذلك باتفاق الطرفين، ومع اعتراف قانون حمورابي به إلا أن الزوجة لا تعتبر (زوجة رجل
4- الزواج الثاني: من أسباب الزواج الثاني في قانون حمورابي والتي كتبت على مسلته، كمثل الزوجة التي أسر زوجها فقد أعطيت حرية متناهية في التصرف بحياتها. (9)
المرأة في عصر الفراعنة: تستطيع أن تعرف مدى تقدم الشعوب و الأمم من مكانه المرأه فى المجتمع و وضعها و حقوقها مقارنه بالرجل و استقلاليتها عن الرجل ففى مصر الفرعونيه حظيت النساء بالمساواة الكاملة تقريبًا مع الرجال. وتمتعت المرأه باحترام كبير، حيث الوضع الاجتماعي يحدده مستوى الشخص في الــــــــــسٌلم الاجتماعي وليس نوع الجنـس وتمتعت نساء مصر بقدر أكبر من الحرية والحقوق والامتيازات مقارنة بما عرفته نساء الإغريق. وحظي عدد وافر من الربات (الآلهه المؤنثه) بالتقديس عبر تاريخ مصر. وكان إظهار عدم الاحترام لامرأة، وفقًا لقانون (ماعت) يعني معارضة أسس المعتقدات المصرية والوجود المطلق.
وأجاز المصريون للمرأة أن تصبح وريثة للعرش، إلا أن الرجل الذي تختاره زوجًا لها هو الذي يصبح حاكمًا أو فرعونًا. وتتمثل مهمتها في الحفاظ على الدم الملكي واستمراره.
وتمتعت النساء بالعديد من الحقوق القانونية و المدنيه ، مثل المشاركة في التعاملات التجارية، وامتلاك الأراضي والعقارات الخاصة، وإدارتها وبيعها. و كان للنساء حق ترتيب عمليات التبني، وتحرير العبيد، وصياغة التسويات القانونية، وإبرام التعاقدات. وكن يشهدن في المحاكم، ويقمن الدعاوي ضد أطراف آخرين، ويمثلن أنفسهن في المنازعات القانونية من دون حضور قريب أو ممثل لها من الرجال. و نالت المرأه فى العهود الفرعونيه حقوقها كاملة فى الزواج و الإرث
وفتح باب العديد من الوظائف المهنية أمام النساء مثل النساجة والحياكة والقابلة ومستشارة الفرعون، واستطعن أيضًا تولى مناصب عليا في المعبد، مثل الراقصات أو كبيرة الكاهنات وهو منصب بالغ الاحترام.
أما عن الوضع الإجتماعى فلم يكن مستغربًا أو محظورًا أن ترتقي امرأة عصامية من ناحية الوضع الاجتماعي أو المنصب فمن بين النساء الشهيرات من خارج الأسرة الملكية امرأة تدعى (بنِتِ) بكسر النون والباء. كانت متزوجة من حاكم أحد الأقاليم خلال عهد الأسرة السادسة، وقد حملت هذه السيده أعلى الألقاب مكانة، لقب الحاكم، والقاضي ووزير الفرعون.
واتيح للنساء العمل ككاتبات وطبيبات وأن كن بأعداد أقل من نظرائهم الرجال. وترجع السجلات التي ورد فيها أسماء طبيبات إلى الدولة القديمة. ومن هؤلاء الطبيبات السيدة (بيشيشت) التي عاشت إبان عهد الأسرة الخامسة، وحملت لقب (رئيسة الأطباء) وفقًا للنقش الموجود على شاهد قبرها.
و حصول المرأه على لقب كاتب جعلها تتقلد ارفع المناصب مثل وظيفة المحاسب في القصر الفرعوني أو مدير المخزن كما عمل العديد من نساء في التجارة و إدارة مخازن المعابد
المساواة بين الجنســـين كان شيئا طبيعيا و فطريا في المجتمع المصري القديم حتى فى الريف لكن بدون مبالغة و بالحفاظ على دور المرأة الأساسي كأم و زوجة و ربة بيت و كانت الرسومات من العصر هذا تبين المرأة كعاملة في الحقل تساعد زوجها في جمع المحصول مثلها مثل الرجل إذا احتاج الأمر.
و كذلك فى التعليم كل طفلة مولودة في الطبقة العليا أو في الأسرة الملكية كان من الواجب أن تبدأ تعليمها مثل الصبيان أي في السنة الرابعة من عمرها و البنات مثل الأولاد كن يتعلمن الكتابة و القراءة بالهيروغليفية و الأدب المصري القديم و الحروف الهيرية و هي شكل من أشكال الكتابة المصرية القديمة لكن ابسط من الهيروغليفية و تستعمل في الحياة اليومية و لا تستخدم في النصوص الدينية و الرسمية كما في الكتابة الهيروغليفية. بنات الملوك و الأمراء كان لديهم الحق في تعلم المنهج كاملا و الذي كان يحتوي على مبادئ و أساسيات علم الرياضيات و الهندسة . وهناك قول لأحد حكماء مصر القديمة :
إذا كنت تبحث عن الحكمة و السعادة أحب زوجتك و شريكتك و اهتم بها و أرعاها فهي ستهتم ببيتك و ترعى أطفالك و ترويهم بحبها. اهتم بها ما دمت على قيد الحياة لأنها هدية و نعمة من ربك الذي استجاب لصلاتك و دعواتك. تمتع بهذه النعمة لان تقديس هذه العطية الالهية هو ما يرضي ربك.حس بآلامها قبلها لأنها أم لأطفالك . إذا جعلتها سعيدة ستسعد أولادك وإذا اعتنيت بها ستعتني بهم . هي وديعة في قلبك و يديك و أنت المسئول عنها أمام ربك لأنك أّخذت على نفسك عهدا أمام مزار الالهة انك ستكون أخا و أبا و شريكا و صديقا لزوجتك و عاشقتك.
العدالة في الاسلام:
العدالة من المباديء الاساسية السامية في الاسلام والتي يسعى الى تحقيقها، ثم ان من خصائص النظام الاجتماعي الاسلامي الالتزام بمبدأ العدالة وتحقيقها، والعدالة نوع من انواع الاخلاق الاسلامية الفاضلة . ان اهتمام الاسلام بالعدالة يظهر بوضوح من خلال الايات الكثيرة الآمرة بتحقيقها ومن خلال السنة النبوية ايضا. فمن الايات القرآنية الكريمة قوله تعالى﴿ان الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون﴾(وقوله تعالى﴿واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل﴾10 ومن السنة النبوية ما روي عن النبي محمد ()(من كان له امرأتان فمال الى احداهما دون الاخرى جاء يوم القيامة وشقه مائل) وفي رواية الترمذي(اذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط) 11 (ان روح العدل وجوهره اعطاء كل ذي حق حقه واستعمال كل شيء في موضعه ، وهذا المعنى الواسع للعدل يحكم جميع تصرفات الانسان وعلاقاته بغيره وواجباته نحو غيره من بني الانسان ) 12 ان اهتمام الاسلام بالعدالة لانه جاء ليقيم امة وقيام الامة لا يكون الا بالعدل،فقد حذر سبحانه وتعالى من الظلم وبين لنا ان هلاك الامم كان بسبب ظلمهم قال تعالى﴿ولقد اهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا...﴾ 13 وقوله تعالى﴿وتلك القرى اهلكناها لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا﴾ 14 وكذلك بين لنا النبي محمد () بقوله( انما ضل من كان قبلكم انهم كانوا اذا سرق الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد وايم الله لو ان
فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها)15 اذ ان الظلم ظلمات يوم القيامة ويؤدي الى دمار المجتمع وهلاكه . ونظرا لاهمية العدل وضرورته لقيام الأمة قيل:إ ن الدولة العادلة تبقى وان كانت كافرة وان الدولة الظالمة تفنى وان كانت مسلمة. وفي ضوء ذلك ندرك ان سر قيام الدولة الإسلامية في صدر الدعوة الإسلامية وعصر الخلافة الراشدة هو العدل .وقد طبقه المسلمون الأوائل . ولنا في الخلافة الراشدة بعض الأمثلة على ذلك فعندما تولى الخليفة الأول أبو بكر الصديق قال في أول خطبة له(القوي ضعيف حتى اخذ الحق منه والضعيف قوي حتى اخذ الحق له) 16. وكذلك وصية الخلية الفاروق لأبي موسى الأشعري عندما ولاه القضاء (آس بين الناس في مجلسك ووجهك وقولك) 17 وهكذا سار القضاة على هذا المبدأ لا يفرقون بين غني وفقير ولا بين رئيس ومرؤوس. فهذا القاضي شريح يقضي لليهودي ولم يقض لخليفة المسلمين علي بن ابي طالب مع معرفته بان الدرع له ولكن لعدم كفاية الادلة قضى بذلك ومع ذلك رضي الخليفة بقضائه فأين نحن من أمثال اولئك الرجال؟ ومما يدل على ذلك أيضا ان إبنا لشريح قال لأبيه إن بيني وبين قوم خصومة فانظر فان كان الحق لي خاصمتهم، وان لم يكن لي الحق لم اخاصمهم.فقص قصته ،فقال انطلق فخاصمهم،فانطلق اليهم فخاصمهم فقضى على ابنه فقال له لما رجع إلى أهله: والله لو لم أتقدم إليك لم ألمك ، فضحتني.فقال له ....خشيت ان اخبرك ان القضاء عليك فتصالحهم فتذهب ببعض حقهم 18 أما ما نسمعه اليوم من الدعوات الكثيرة والتي تنادي بتحقيق العدالة والمساواة وتطبيق القانون الوضعي ما هي إلا دعوات مغلفة بشعارات براقة الهدف منها تحقيق مصالح الذين ينادون بها، لا نجد لها تطبيقا على ارض الواقع . فاي عدالة تقضي بمساواة الرجل مع المرأة في كل شيء؟وهل طلبوا من الرجل ان يحمل كما تحمل الانثى طبقا لمبدأ المساواة؟وأي عاقل يمكن ان يقول بذلك؟ هذا هو الاسلام وهذه بعض مبادئه التي جاء بها وطبقها النبي واصحابه، فاين هم الرجال الذين يطبقون ما جاء به؟واي قانون يستطيع ان يأتي بمثل ماجاء به الاسلام؟ فالعدالة كل العدالة بتطبيق قوانين الاسلام ومبادئه، ذلك انها من خالق الانسان الذي يعلم الجهر واخفى ويعلم ما ينفع الانسان وما يضره، وهي الكفيلة بتحقيق العدالة والمساواة والراحة والاستقرار والتقدم .
مفهوم المساواة:
وهو ايضا من مباديء الاسلام التي جاء بها. ( وهو من الكلمات الرنانة التي استهدفت بغموضها الجماهير والتي لاتزال تهز مشاعرهم وتحرك نفوسهم في نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.وهي من الكلمات التي استعملها الزعماء والقادة ولاتزال محورا للنظريات والحركات)19 وفي الحقيقة لا توجد مساواة حقيقية وكاملة في كل شيء ،(فلا توجد مساواة طبيعية واجتماعية، فالناس قد خلقوا متفاوتين خلقا وخلقا فهم مختلفون غير متساويين في التكوين والشكل واللون...وغير ذلك. وكذلك لا توجد مساواة اجتماعية فيما بينهم فالناس درجات في الغنى والجاه والحسب والنسب...) اما المساواة الحقيقية فهي (أمام القانون فالكل متساوون ،وفي تطبيق الاحكام ، وفي المراكز القانونية اذا ما تساوى الاشخاص في الشروط التي يشترطها التشريع الاسلامي ، ومساواة في التكاليف اذا تساوى الافراد في اسبابها الموجبة) 20وفي القرآن الكريم والسنة النبوية ما يؤكد ذلك ،ففي القرآن الكريم قوله تعالى﴿ ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم﴾21 وقول النبي محمد () (.. المسلم اخو المسلم....) 32). وقوله () لبشير بن سعد وقد نحل ابنه...أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ قال :لا، قال:فاتقوا الله واعدلوا بين اولادكــــــــــــم) 22 ومن البديهي ان المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة لا تعني ان لكل منهما ان يطالب بجميع ما يطالب به الاخر ( اذ ان لكل حق شروط يجب استيفاؤها وظروفا يجب توافرها.مثال ذلك اختصاص المرأة بالحضانة كما خصتها الطبيعة بواجب الرضاعة ، فلا يجوز للرجل ان يطالب بامثال هذه الحقوق مدعيا المساواة بالمرأة في الحقوق ،
اذ لا تتوافر فيه شروط ممارستها ولا ظروفها الطبيعية) 23 (ان الاسلام اعطى المرأة الاهلية الدينية والاقتصادية حيث اقر لها حق التملك وأهلية اجتماعية وأسرية) 24 حيث يقول عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع : ( بعد ان حمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ فذكر في الحديث قصة فقال ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن سيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ألا لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كســــوتهن وطعامهن .) – ان الضرب الوارد ضرب غير مبرح أي ضرب غير شديد ولا شاق ، ولا يكون الضرب كذلك إلا إذا كان خفيفاً وبآلة خفيفة ، كالسواك ونحوه .لان قاعدة السكن والمودة هي الأساس بينما العظة والهجران والضرب هي حالات شاذة تُقدّر بضوابطها وكما قال تعالى ((فإن أطعنْككُمْ فلاَ تَبْغُوا عَليْهنّ سَبيلاً)).25
العدالة مفهوم متعدد الأوجه :
العدالة مفهوم يكتنفه الغموض ، إذ يرى البعض انه يظل تجريداً في عالم العقل لا سبيل لتطبيقه في عالم الواقع . وأن ما جرى تطبيقه من العدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ما هي الا محاولات يقصد من ورائها الحفاظ على الحقوق التي أقرها القانون الطبيعي والأخلاقي. (26) ويذهب البعض مذهبا متفائلا بقولهم ان الطبيعة البشرية قد ارتقت عبر التاريخ ، مما خلق لدى الإنسان نوعا من الرقابة الذاتية التي تلزمه باحترام قاعدة : (( عامل الآخرين بمثل ما تحب أن يعاملوك به )). ومن ثم أصبح يمتلك شعوراً داخليا بالعدل (27) . ويتبنى آخرون موقفاً نسبياً بقولهم ان العدالة ما هي إلا تجل لنفوذ الأقوياء في أي زمان . فالأفراد الأكثر قوة يصبحون أكثر نجاحاً ، وفي النهاية يقنعون أنفسهم والآخرون بأن وسائلهم في تحقيق الأرباح والمحافظة على مكانتهم ليست مقبولة فحسب ، ولكنها مرغوبة وأخلاقية وعادلة أيضاً.(28) وينظر الى العدالة من منظورات فلسفية واجتماعية مختلفة . فهناك العدالة القائمة على فكرة ((الحق)) ، وهناك العدالة القائمة على فكرة ((الخير)).(29) . واذا كان تحقيق مفهوم ((إعطاء كل ذي حق حقه)) يقوم على فكرة ان استحقاق الإنسان لحقه يعود لمجرد كونه إنساناً، سميت عندها العدالة بـ((العدالة الطبيعية)) Natural Justice. أما اذا كان استحقاق الإنسان لحقه يقوم على قاعدة عامة يقبلها مجتمعه، سميت عندها العدالة بـ((العدالة الاتفاقية)). واذا كان هذا الحق يستند الى قاعدة تجعل من ينتهكها مسؤولاً عن فعله أمام سلطة عمومية، سميت عندها بـ ((العدالة القانونية)) Legal Justice(13). وتشير ((عدالة التبادل)) Justice الى تلك العلاقات التعاقدية التي تلزم كل فرد أن يعطي غيره حقه كاملاً دون التفات لقيمته الشخصية او مكانته الاجتماعية، بينما تحكم ((العدالة التوزيعية)) توزيع المكافآت وتعيين العقوبات، أي تحدد استحقاقات الفرد من مكافأة او قصاص (30). وتعني((العدالة الاجتماعية)( نوعاً من المساواة له أهميته الجوهرية في تحقيق الصالح العام. وتتمثل ((العدالة السياسية)) في وجود دستور يضمن توزيع الحرية السياسية والمساواة
الاجتماعية والحقوق الطبيعية. أما ((العدالة الاقتصادية)) فتتحقق إذا ما نجح النظام الاقتصادي في إشراك جميع الأفراد في الحياة الاقتصادية، وفي توزيع الثروة عليهم بنسب تتناسب مع عملهم وإسهامهم في الإنتاج العام (31).. وتتوخى ((العدالة الجنائية)) الدفاع عن المجتمع ضد الجريمة، وفي الوقت نفسه تقويم سلوك الجاني الذي خرج عن إطار المجتمع، مع ضمانها لحق كل متهم في ان يتمتع بمحاكمة تتيح له الحق الكامل في الدفاع عن نفسه حتى تنتهي المحاكمة إلى قرار سليم سواء بالإدانة او بالبراءة (32). ويشيع أيضاً مصطلح ((العدالة المطلقة)) أو ((الإنصاف)) بوصفها عدلاً طبيعياً لاشرعياً. فالأنصاف يوجب الحكم على الأشياء بحسب روح القانون، أما العدل فيوجب الحكم عليها بحسب نص القانون (33). وفي علم النفس، يستخدم مصطلح ((العدالة الاجتماعية)) لوصف شعور معظم الناس بوجوب أن ينال الجميع استحقاقهم على أساس حاجاتهم وجهودهم. أما ((العدالة المتأصلة)) فتعني اعتقاد الطفل في سنوات حياته الأولى بوجود عقوبات تلقائية تنبثق من الأشياء بحد ذاتها. ويشير ((الاعتقاد بعدالة العالم)) الى وظيفة نفسية تكيفية بالغة الأهمية، تمكّن الفرد من مواجهة بيئته المادية والاجتماعية كما لو أنها مستقرة ومنظمة. وبدون هذا الاعتقاد يصبح من الصعب على الناس أن يلزموا أنفسهم بمتابعة السلوك الاجتماعي المنظم .
أنواع العدالة ومضامينها:
إن ما وراء القبول العام لقدسية الموقع الذي تتبوأه العدالة في المساعي البشرية، تكمن تـناقضات ومشكلات ونزاعات حول طبيعة العدالة وجوهرها وأشكالها، سواء في الأحاديث العامة او في العمليات النفسية. ويمكن القول أن دافع العدالة اتخذ له أربعة أنواع لم يخرج عنها طوال التأريخ البشري: (1) عدالة الحاجات يتم بموجبها توزيع الموارد بين الأفراد على أساس تلبية اكثر حاجاتهم إلحاحاً، بصرف النظر عن مدخلاتهم او أدائهم، ودون الأخذ بمبدأ التكافؤ. مثال ذلك الأسرة، إذ يقوم الأفراد البالغون فيها بتوزيع الموارد التي يكسبونها على الآخرين طبقاً لحاجاتهم لا لمدخلاتهم.
(2) عدالة التكافؤ تظهر هذه العدالة لدى الأفراد المنتمين الى جماعة معينة، ممن يدركون أنفسهم بوصفهم وحدة واحدة، إذ يشترك الجميع في تقاسم المخرجات بالتساوي: ((الفرد من أجل الجماعة، والجماعة من أجل الفرد)).
(3) عدالة الأنصاف تبرز في مواقف الاعتماد المتبادل، كما في السوق، حيث يعمل الفرد على تحقيق التكافؤ بين مخرجاته واستثماراته.
(4) عدالة القانون تعني ان العدالة ليست أكثر أو أقل مما يقرره ممثلو السلطة القانونية للمجتمع. ويمكن توظيف الأسس التي تقوم عليها أشكال العدالة الثلاثة السابقة، في تطوير القوانين وتقويمها وتعديلها. ولكن ما أن يُسن القانون، حتى يصبح المحدد الوحيد لاستحقاقات الفرد في موقف معين، بصرف النظر عن حاجاته واستثماراته ومدخلاته وآرائه .
يســـــتدل من هذه التعريفات الموجزة، أن للعدالة مضامين دينية وفلســـــفية واجتماعية متـنوعة، تتطلب فرزاًُ أكاديمياً متأنياً ودقيقاً لها على نحو متسلسل،.وعلى المهتمين والباحثين يقع ذلك.................
الهوامش:
(1) احمد جمال ظاهر (1988) . دراسات في الفلسفة السياسية . عمان : دار مكتبة الكندي للنشر ، ص 186
(2). ارنست فيشر (1980).الاشتراكية والفن .ترجمة أسعد حليم .بيروت : دار القلم ، ص 68-69.
(3)بول تيلش (1981). الحب والقوة والعدالة . ترجمة مجاهد عبدالمنعم .القاهرة:دارالثقافة والنشر،ص 30،84.
(4) يوسف حبي (1980) . الإنسان في أدب وادي الرافدين . بغداد سلسلة الموسوعة الصغيرة.ص 58.
(5)عبدالرضا الطعان (1981) . الفكر السياسي في العراق القديم.دار ارشيد للنشر ، ص 538.
(6) هـ . فرانكفورت : وهـ . أ . فرانكفورت ، وجون أ . ولسن ، وت . جاكوبسن (1960) . ما قبل الفلسفة . ترجمة جبرا
ابراهيم جبرا . بغداد : مكتبة دار الحياة ص 245 – 246.
(7) جمال مولود ذيبان (2001) ، تطور فكرة العدل في القوانين العراقية القديمة ،دراسة قانونية مقارنة،بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة ، ص 122.
(8) هـ ، فرانكفورت وآخرورن . مرجع سابق ، ص 246- 251
(9) موقع الحــوار المــتمــدن / تاريخ وحضارات
(10) سورة النـساء ، آية (58)
(11) ســـــــــــنن ج 7 / 75 ، ســــنن ابن ماجة 341
(12 ) أصــــول الدعـــــوة ، د. عبد الكريــــم زيدان ص 72
( 13 ) ســــــــــــــــورة الأنفــــــــــــــا ل آيــــة 25
( 14 ) ســــــــــــورة الكـــــهــــــــف آيـــــــــة 59
(15 ) صــحــيـــح بخــــارى بشـــــــــرح فتح الباري 12 / 109
(16 ) ابـــن كـــــثـيـــر ، البـــدايـــة والنـــهــاية ج 7 / ص 89
(17 ) ســــــــــــــنن الدار قــــطـــنـــي ج 4 / 133
(18 ) الــــقــــاضـــي شــــــــــريح وآراه الفـقـهــيـــة 28
(19 ) د. صـبـــحــي مـحـمـصـا نـي ، اركــــــان حقوق الانسان ص 249
(20 ) د. عبد الـكــر يم زيــدان ، أصــول الـــدعـــوة ص 72
( 21 ) ســــــــورة الحـجــرات آيـــــــة 49 (22 ) صــحــيــــح الــبــخـــاري بـــــــشر ح ، فــتــــح الـــبـــاري ، ج 12 / 410
صحـيـح مسلم بشرح النـوو ي ج 11 / 69- 70
(23 ) اركـــان حـقـــوق ص 301
(24 ) د. احمــــــــد الكـــبــيـــــــــــس ، فلــــــــــسفة نــظـــام الاســــــــرة في الاســـــــــلام ، ص 116
( 25 ) ســـــــــــــــورة النــــــــــــــساء ، آيـــــــــة 34
(26 ) احــمـــد جــمـــال ظــاهـــر ، مــــرجــــــــع سابــق ، ص 176
) 27) m.j.lerner(1975).The justice Motive in Socal Behavior.Introduction . (Issues,31(3),1-19
(28 ) احمد جمال ظاهر ، مرجع سابق ، ص 171
(29 ) احمد زكـي بــــــدوي (1982) ، معـجـم مصـطـلـحـات العلوم الاجــتــمــاعية ، بيروت : مــكــتبة لبنان ، ص 232
(30 ) الحســــــــن احــسان محمد (1999 ) موسـوعة علــم الاجـتـماع ، بيروت : الدار العــربية للموسوعات ،ص 460
( 31 ) علي نور الدين (1971 ) ، الآفاق الحديثة في تحقيق العدالة الجنائية : القاهرة : مطابع الاهرام التجارية ،ص 7-8
(32 ) احمد خورشيد النوره جي (1990) ، مفاهيم في الفلســفة والاجتماع ، بغداد ،دار الشؤون الثقافية ،ص 177
#سميره_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة وفقر التمكين
-
ادماج المرأة في المجتمع والحياة العامة والحوار
-
تأنيث الفقر
المزيد.....
-
وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع
...
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|