|
صورة عن الشرق المرئي في غياب الحل الأوسط
سونيا ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3842 - 2012 / 9 / 6 - 13:08
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
هناك أمر مريب نلاحظه في بعض المسلسلات الرمضانية ، أو حتى القصص ، التي نستمع إليها كل يوم ، و لا أريد أن أتحدث هنا عن عدم جدية الحديث عن شرف المرأة ، الذي يربطونه بفكرة غشاء البكارة ، و الذي بناءًا على ما يزعمه " المدعين " يزول – هذا الشرف – بزواله ، و لكني أقصد الحديث عن الحرية ، و التقدمية في التفكير ، بل و ربما عن الكف عن الأباطيل و الخرافات التي يروجون لها في مجتمعات الكبار ، التي ينتمون إليها . و لقد لاحظت في كثير من الأحيان كيف أن الأم القوية الشخصية ، أو الأب الغني " ذو العقلية المنفتحة " قد يجبر ابنته على أن تتم الزواج من رجل أقامت معه علاقة سطحية ؛ لكي تمنع الأقاويل في حالة حدوث الطلاق الفوري ، و الذي يتفق عليه جميع الأطراف بعد انتهاء المهزلة ! بمعنى أن الأب يريد من ابنته أن تتزوج لكي تدفع ثمن غلطتها ؛ فهو نزيه لدرجة أنه قد لا يرغب بأن يغطي على " جريمتها " بالتوجه لطبيب أخصائي ، ليرقع لها شرفهم " المزعوم " ، بل هو أب ناضج " بشكله الكافي " ، لكي يدافع عن شرفها بطريقة قد يتسامح معها المجتمع " المفتول العضلات " بفضلاتهم !!
في مجتمعات عربية ، لا يسمح بمعظمها للأم أن تمنح جنسيتها لأبنائها ، و يحق للوالد فقط أن يمنح الابن/ة اسمه ، و اسم عائلته ، أصبحت القضية هي أن تتدين المرأة " الخطيئة " بعد أن أقامت العلاقة قبل الزواج ، و كأنها غير حرة بعقلها أو جسدها بالشكل العلمي العقلاني الصحيح !! هذه هي الحلول التي قد يمنحها القليل من الآباء ، و الذين رغم سوء حالهم ، يجبرون الابنة / المرأة الشرقية أن تشعر بالامتنان لأنهم لم يقتلوها !! و كيف يحق لها أن تتجاوز خطوط العائلة الحمراء ، رغم أن والدها يرتدي الماركات العالمية ، و يدخن أغلى أنواع السيجار ، و هو يظن أنه حر بشكل كافٍ ليكون رجلاً أمام العديد من النساء الأخريات – غير والدتها الأم ، التي كونت عائلته ، و عائلتها بنفس النمط و التعديل المنمق ، الذي تفرضه عليها حدودهما المجتمعية بناء على ما يرغبه الكثير من الآباء ، و المسئولين في العائلة !
قد يظن البعض أني أفطن إلى ممارسة الحريات بشكل متهور ، أو غير كاف ، و لكني في واقع الأمر أطلب من أولياء الأمور أن يكونوا أكثر حرصاً على صورتهم أمام أنفسهم ، فمهما يحاولوا أن يبدوا مسئولين بطريقة غير منطقية أمام أبنائهم ، فإن ذلك كله لن يمنعهم من ارتكاب الأخطاء ؛ بل أحاول أيضاً – و إن كان يرسمها البعض كحرية شخصية – أن أبين مخاطر التربية الغير سوية إطلاقاً على نفسية الأطفال ، و الأبناء في كافة المراحل ، و حتى في المناطق المجاورة ، التي قد يعتبرونها غير بعيدة عن مناطق سكنهم !
أشعر في كثير من الأمر بخيبة أمل عندما أجد شعوباً فقيرة غير متمردة على قلة المال ، الذي يستغله المسئولين عنهم بطريقة بائسة ؛ لدفع الشعب نحو مزيدٍ من المخاطر ، و الضرائب ، و لكني سأظل معنية تماماً بالشكل المقبول للثقافة ، التي قد يمثلها الآباء على أبنائهم في أهم المراحل الأساسية في حياتهم ! هل يجوز ألا يسود الحب ، و الاحترام بين طيات الشعب المسكين ، الذي يعاني من نقص في الموارد ، و الأدوية في المستشفيات – على سبيل المثال ؟ الاجابة هي لا ، و لكن هذا الواقع المحتمل يجب التمرد عليه ؛ حتى يشعر البعض بقليل من الطمأنينة قبل رحيل موعد النوم الذي كانوا قد اعتادوا عليه !
كنت أتوجه باللوم في بعض المرات بصفتي صديقة مخلصة ، عندما وجدت أباً يزف إبنته خارج المنزل ، و هو يمنع أي أحد غير الشريك من الذكور مشاركة هذه اللحظة ، و لكني في مجتمع تتم فيه أمور التربية ، و الزواج ، و حتى الحب في بعض الأحيان بطريقة رجعية ، و وجدت أنه من الأفضل على الجميع أن يتكيف إلى حد يقنعهم أنه لا يجوز إتمام هذه الأمور بمثل هذه الطريقة ؛ بمعنى أن الأمور ستظل غير صحيحة ، و أن المشاركين فيها لن يكونوا سعداء ، ولحد الآن أجد أن الأمور كلما تعاظمت كلما وصلت لحالة جديدة من السوء غير مقدر لها إلا أن تكون بمثل هذا الشكل العبثي ؛ و بسبب قلة الوعي ، و سوء تقدير الأمور ، و ترسيخ بعض الأفكار الشرقية القبلية أصبح الأمر واضحاً للجميع ، الابنة هي التي ستظل خسرانة من كل النواح ؛ و يؤثر عدم تعاطف والدتها الأنثى معها بشكل أكثر من سلبي ، و هنّ يدفعن فتياتيهن لارتكاب نفس الأخطاء ؛ فالمهم – بالنسبة لتلك الوالدات – ألا تخطئ الابنة ، و تقع في الحب .
و أود أن أركز هنا كل جهودي على المرأة ، التي لم تدعمها عائلتها في الحصول على طريقتها الخاصة بالأمان ، بل حتى أنها حرمتها من الحب ، و الشعور بالانتماء في حال اختارت أن تنظر لشخص آخر عبر النافذة ، و قد يبدو للبعض أن طريقة الحديث هذه قديمة ، و غير أصيلة ، ولكني في طبيعة الحال أعبر عن وجودهم ، و عن الرغبة بالابتعاد عن هذه الحياة ، التي سيظل الجميع يوجهها ؛ ليقرب الصورة لنفسه أكثر دون الاهتمام بصاحب الصورة ، المرافق الرائي ! وجدت أيضاً أن سوء حال العلاقة بين الأم ، و الأبناء - الذين تسئ معاملتهم الوالدة - و معظمهن نشأن في بيئة متشددة أو صارمة – سواء من الطبقة المتوسطة أو البسيطة هو سببه عدم الاتفاق على وجود سبل للتواصل ، و كانت معظم الوالدات ، اللاتي أتحدث عنهن يستخدمن نفس طريقة الوالدة الأم في إيجاد حل سريع للمشاكل بالطريقة البدائية المعتادة ، و كانت الوالدة منهنّ عندما تجد أن ابنتها قد أخطأت في حقها ، تسارع إلى إخبار الوالد ، الذي هيأته الظروف ؛ لكي يكون أداة العقاب المناسبة على حدين سواء كان بالتهديد ، و النبذ المعنوي ، أو بإستخدام الطرق العنيفة المعروفة ، و إن كنت لا أجد أي رحمة و تعاطف في قلب الوالدة التي اعتاد زوجها على أن يستيقظ من النوم ؛ ليضرب ابنته في حال اكتشف وجود ما يدل على أنوثتها في جرارها الخاص ، و يذكرني ذلك بشكل المرأة ، التي يمنعها اخوتها الذكور في حال اكتشفوا أنها تقرأ روايات معبرة ، أو قصائد منظومة توجهها لاكتشاف نفسها كإنسانة حساسة ، و كأنهم يصرفون النظر عن حقيقة إلا واحدة ، و هي أنه لهم الحق الوحيد بالتمتع بجسد المرأة ، التي يمتلكونها بالطريقة الذكورية ، و التي يعتقدون أنها الأمثل ( !! ) بينما على المرأة أن تعاني ، و هي تعاند قدرة القدر على إيذائها أو توقف رغبتها عن الحياة ، التي يفرضونها عليها !
أخرج بالخلاصة و هي أننا لحد الآن في واقعنا المزري - الذي تتحمل فيه المرأة العربية النصيب الأكبر من ترهاته الأخلاقية الذكورية – لا نخرج في القرن الواحد و العشرين عما ارتكبته عصايانا منذ ألف و أربعمئة سنة ؛ حيث شرف المرأة هو غشاء ، يعتقد الرجال الذكوريين في الشرق أنه عنوان لبوابة الشرف ؛ لأنه وفق تصورهم هم الأحق بجسد المرأة من نفسها !!
#سونيا_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حجة خروج
-
متعة الفراق المذّل
-
مشهدٌ لعمقِ امرأة كانت تعشق صوتَ النوم
-
ذكور ممتنعون عن الرجولة
-
نختارُ أن نحلم بوطن
-
حياة تسقط في الوجوه .. هنا غزة
-
مشاهدات في مدينة يحتقرها الإله .. غزة تحت أنقاض الحياة
-
العنف الأسري
-
صرخات أنثى غزية
-
البحر والسينما في غزة قد ماتا
-
مدير علاقات عامة تحت بند - الاسلام السياسي-
-
آلام امرأة غزية
-
تشزوفرينيا حماس تحت قمع الاحتلال ، وقمع الحريات في الديكتاتو
...
-
في ذكرى الامتحانات الثانوية ، والقمع السنوي لحكومة حماس
-
غزة , والكبت الحصاري الذي تفرضه ثقافة حماس هو -انحصاري-
-
عرض من القضبان المغتصبة .. و لا خيار للحب
-
أذكروا محاسن موتاكم
-
من حق المراة في الامتناع : معا ضد ختان الذكور
المزيد.....
-
وصول امرأة لمشفى العودة اصيبت بنيران آليات الاحتلال قرب مدخل
...
-
وكالة التشغيل تحسم الجدل وتوضح الحقيقة: زيادة منحة المرأة ال
...
-
هيئة تحرير الشام.. قوة أمر واقع تهدد مكتسبات النساء السياسية
...
-
بيدرسون: يجب ان تكون المرأة السورية جزءا من العملية الانتقال
...
-
حـدث تردد قنوات الاطفال 2025 واستقـبل أحلى الأغاني والأفلام
...
-
معاناة النساء في السجون.. وزير العدل يوجّه بتخفيف الاكتظاظ و
...
-
قائد الثورة الاسلامية:على الجميع وخاصة النساء الحذر من اسالي
...
-
قائد الثورة: الزهراء (س) هي النموذج الخالد للمرأة المسلمة في
...
-
الحقيقة وراء تأثير وسائل منع الحمل على وزن النساء
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل الآلاف من النساء والفتيات بمناس
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|