أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله خليفة - تحقيبٌ اجتماعي لفلسفةِ ألمانيا














المزيد.....


تحقيبٌ اجتماعي لفلسفةِ ألمانيا


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3842 - 2012 / 9 / 6 - 07:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



خروجُ الفلسفةِ الألمانية من الشكلِ الديني لم يتم كالفلسفاتِ الأوروبية في البلدان المتطورة رأسمالياً في القرن التاسع عشر، فلسلسلةُ فلسفاتِ كانط وفيخه وهيجل وشوبنهور وغيرهم حتى القرن العشرين لم تكن سوى فكرة الدين السماوية المطلقة مهيمنةً على هذه الفلسفاتِ الأرضية الذليلة أمام الأكليروس، الشكلُ فكرةٌ فوقيةٌ تهيمن على البشرِ والأرض وسيرورة الأفكار.

الفكرةُ المطلقةُ الهيجلية السرمديةُ المتحولة في الوجود البشري المتنوعِ التاريخي التي تنمو جدلياً أوضحُ شكلٍ فلسفي للدين، وللمثالية، في زمنِ الحداثةِ الرأسمالية التي كانت تُعبدُ الدروبَ للحرية الاجتماعية والسياسية في غرب أوروبا .

الإقطاعُ المهيمن بصورةٍ طويلة مطلقة، ومكوّن الإمارات الألمانية الكثيرة، الموحّدةِ عبر دولة كبيرة متخلفة عن جيرانها، والمتجسدُ في الدين، والمعرقل لوجود وتطور البرجوازية في القرن التاسع الألماني، هو مشكل هذه الفلسفات.

قيمةُ الفردِ ودوره المستقل هو بؤرةُ هذا العصر الأوروبي لكنه معرقلٌ في ألمانيا، ويتجسدُ ذلك في الفلسفات التي هي ذورةُ فهم البشر للعصر والمجتمع، وقد كان الفيلسوفُ عمانويل كانط هو مفتتحُ هذه الفلسفات التي هزّتْ البشريةَ باتساعِها وديمومتها ومغامراتها الخطيرة كذلك، لكن الذات عند كانط نجدها ذاتاً فردية محصورة، غيرَ محلِّلةٍ للمكان والزمان الموضوعين، المجردين، والمجسدين في جسم ألمانيا الإقطاعي، وتغدو معرفتها جزئيةً، مُركزةً على ظاهر الشيء، على ظاهر ألمانيا، ويفلتُ الشيءُ في ذاته من المعرفة، وتغدو ألمانيا ذاتاً فردية شاحبةً مقزمة، مجهولة السيرورة التاريخية والتشكل الاجتماعي، والدولةُ الإمبراطورية تفردُ عليها أجنحةَ النسور.

وفيخته الفيلسوف التالي يجعل الفردَ محارةً لا تستقبلُ حتى ذرات الرمل، فلا تخصبُ لؤلؤاً ولا كسراً لبرجوازية ذاتية متقوقعة في نفسها، غير قادرة على العبور للآخر، وللتغيير الاجتماعي السياسي. وقد صرخَ به طالبٌ حين رمى حجراً على نافذته بإن القوقعة إخُترقت وأن الذات مفتوحة على العالم الخارجي!

هيجل أراد أن يعممَ العمليات التاريخيةَ الكلية في الوجود والمجتمع، عبر حركاتٍ جدلية مُسبقة الصنع من ذاته، ومن خلال عباءة الفكرة المطلقة، حيث تغدو هذه الفكرة هي الدين والدولة وقد تجسدتْ في صناعِها من الإقطاعيين البروسيين هؤلاء الطغاةُ الذين يُختتم بهم هتلر ومحارقُهُ عالمَ ألمانيا القديم.

البرجوازي الصغير المجسدُ في هيجل وهم دائماً صناع الأفكار المتذبذبة، ليس منتمياً لبرجوازية صناعيةٍ محولةٍ للمجتمع الإقطاعي، فهو يعطي مكونات الدين والدولة الإقطاعيين الحركة وسيطرةَ الأعالي والرتب العليا، ويعطي التطورَ الاجتماعي الموضوعي مساراته المختلفة من دون لبهِ من الصراع الاجتماعي.

قدمٌ في اليمين وقدمٌ في اليسار، ولهذا كان ظهورُ اليساريين الهيجليين انشقاقاً بين البرجوازية غير الناضجة اقتصادياً وسياسياً وبين العامةِ غير المتبلورةِ في طبقةٍ عاملةٍ مستقلة.

ولهذا كانت ثورة ١٨٤٨ بلا طبقة حقيقية قائدة، كانت الطبقاتُ البرجوازية قد انتصرتْ في البلدان الرأسمالية المتقدمة، ولكنها عاجزة في ألمانيا حيث تلحفت البرجوازية أرديةَ الإقطاع الثقيلة وهيمن عليها الضباطُ البروسيون الكبار ورجال الدين المحافظون الذين قادوا توحيدَ ألمانيا بعد ذلك، ليفرض الإقطاعُ سيطرتَه حتى يأتي هتلر فينفجر هذا التحالفُ وتُدمر ألمانيا.

تأخر البرجوازية الألمانية في توحيدِ البلد وتثويره اقتصادياً صناعياً واجتماعياً فكرياً وغياب تعاونها مع العمال سياسياً واقتصادياً، أدى إلى هذا الهجين الاجتماعي السياسي المضطرب، وإلى هذه الفلسفات المركزة على الشكل، وعلى القوى العليا المهيمنة، وعلى الأنا المعزولة عن شلالات التحولات الاجتماعية، وعلى تصاعد الأشكال الدينية الشاحبة فكرياً، وأدوات التحليل الظاهرية غير الغائصة في الأعماق ومضامين الظاهرات، والمركزة على السطوح، والتي تغدو الثورات فيها بعد ذلك مغامرات وفوضى، وانقلابات فاشية قاتلة مدمرة.

يشابهُ التطورُ الألماني التطورَ في بعض الدول العربية والإسلامية حيث التطور الرأسمالي المُعرقل بالإقطاع، والذي يتأزم شيئاً فشيئاً حتى يغدو انفجارات ويتوجه للانتحار عبر الحروب، عاجزاً عن تطوير بناه الاقتصادية عبر الحداثة والتصنيع الواسع ونشر التنوير والديمقراطية والسلام الاجتماعي.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطائفيون وخرابُ البلدان
- افتراق قطبي المسلمين
- الوطنيون والطائفيون
- الفردُ والشموليةُ الساحقة
- الوعي الوطني ومخاطرُ اللاعقلانية
- أزمةُ مثقفٍ (٢ - ٢)
- أزمةُ مثقف
- رأسماليةُ الدولةِ بدأتْ في الغرب
- المنبريون والجمهور
- إصلاحُ رأسمالية الدولة
- الطوائفُ اللبنانيةُ والحراكُ السياسي
- كسرُ عظمٍ على أسسٍ متخلفة
- النقدُ الذاتي وليس المراوغة
- خارجَ الطائفةِ داخلَ الطبقة
- بُنيتا الحداثةِ الاجتماعية
- المفكرُ والتحولات
- جورج لوكاش(٢-٢)
- جورج لوكاش (١-٢)
- المحافظون والديمقراطية الاجتماعية
- تدهور الثقافة في البحرين


المزيد.....




- هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل ...
- في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو- ...
- الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م ...
- البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
- الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
- السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز ...
- دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
- ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد ...
- تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
- مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله خليفة - تحقيبٌ اجتماعي لفلسفةِ ألمانيا