أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ميثم الجنابي - منهج الشهرستاني في الموقف من الأديان














المزيد.....


منهج الشهرستاني في الموقف من الأديان


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 3841 - 2012 / 9 / 5 - 12:36
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تمّثل الشهرستاني في موقفه من الأديان تقاليد الرؤية العلمية. لهذا لم يصب انتقاده إياها في تيار الاتهام والتفنيد الميز للرؤية العقائدية. على العكس انه حاول أن يبين معالم الاشتراك والخلاف الضرورية بينها. واستند في موقفه هذا إلى المبدأ العام في تقسيمه لأهل العالم حسب "الآراء والمذاهب". ذلك يعني انه جعل من الفكرة والعقيدة مادة للتحليل والتقييم والتصنيف. وعلى هذا الأساس ميز "أرباب الديانات" عن "أهل الأهواء والآراء". وأدرج في الأوائل المجوس واليهود والنصارى والمسلمين. ثم قسّم هؤلاء إلى من له "كتاب منزل محقق" كاليهود والنصارى والمسلمين، والى من عنده "شبهة كتاب" كالمجوس والصابئة. واعتبر "أهل الدين" من يقول بالأحكام الشرعية والعقلية.
واعتبر الدين أيضا ملة، وجد ضرورتها في ضرورة الاجتماع نفسه. وانطلق في رؤيته هذه من أن الإنسان يحتاج إلى اجتماع، وصورة هذا الاجتماع على "هيئة الانقياد والطاعة" المبنية على الإقرار بالنبوات والأحكام الشرعية والعقلية هي الملة. والطريق الذي يوصل إليها هو المنهاج والشرعة والسنّة. والاتفاق على السنّة يصنع الجماعة. وتاريخ الأديان هو نماذج متنوعة لتشكيل الملة. واكبر الملل تاريخيا هي الملة الإبراهيمية – الحنيفية، التي أدرج فيها كل من اليهودية والنصرانية والإسلام. واعتبر الأمة اليهودية اكبر من النصرانية انطلاقا من أن الشريعة كانت في البدء لموسى. بينما لا يتضمن الإنجيل أحكاما ولا يستبطن حراما ولا حلالا، إنما هو مجرد رموز وأفعال ومواعظ وزواجر. وما سواها من الشرائع والأحكام فهي من التوراة. لهذا اعتبر النصرانية يهودية محوّرة ومبدلة، وذلك بتغييرها السبت إلى الأحد والسماح بأكل لحم الخنزير وكذلك موقفها من الختان والغسل. وهو سرّ الخلاف والعناد بينهما. فاليهود تقول ليست النصارى على شيء، والنصارى تقول ليس اليهود على شيء، بينما يقول الإسلام "لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل".
بعبارة أخرى، إن افتقاد اليهود والنصارى لهذا "الشيء" يقابل في منظومة الشهرستاني افتقادهما لحقيقة الطاعة باعتبارها جوهر الدين. والمقصود بالطاعة هنا الاستفادة. فهما لم يستفيدا من حقيقة التوراة والإنجيل ولم يطبقاها، باعتبارهما كتبا في سلسلة التوحيد. وبالتالي لم يستفيدا مما قبلهما، انطلاقا من أن حقيقة الدين بالنسبة للشهرستاني هي الاستفادة العقلية وليس النقلية، أي المجتهدة وليس المقلدة. من هنا فكرته عن أن المستفيد من غيره مسلم مطيع. وهو سبب اعتبار الإسلام اليهود والنصارى "أهل الكتاب" من غير المسلمين، أي أولئك الذين يقولون بشريعة وأحكام وحدود وإعلام لكنهم خرجوا عن حقيقة الملة الحنيفية. ذلك يعني أن إيمانهم لم يكن استفادة عقلية مستمرة، لان الدين الحق بنظر الشهرستاني هو الذي يقترن بالتكميل. بحيث يكون مصدقا لمن قبله من الشرائع الماضية والسنن السالفة "تقديرا للأمر على الخلق وتوفيقا للدين على الفطرة"، كما يقول. لهذا قيل "إن الله أسس دينه على مثال خلقه ليستدل بخلقه على دينه وبدينه على خلقه". وهي رؤية عقلانية عميقة من حيث مضمونها وتستند من حيث الجوهر إلى موقف ثقافي يقر بالتكميل، باعتباره استمرار مبدعا لتراث الأمم السالفة. ووضع هذه الرؤية الثقافية في مقارنته بين تراث "أهل الكتاب" و"أهل الإسلام" على الشكل التالي

أهل الكتاب

• يذهبون مذهب بني إسرائيل
• نوره من الظاهر
• يستدل عليه بظهور الأشخاص
• قبلتها بيت المقدس
• شريعتها ظواهر الأحكام
• خصماؤهم المباشرون فرعون وهامان

اهل الاسلام

• يذهبون مذهب بني إسماعيل
• نوره من الباطن
• يستدل عليه بإبانة المناسك
• قبلتها بيت الله الحرام
• شريعتها رعاية مشاعر الحرام
• خصماؤهم المشركون وعبدة الأصنام


ذلك يعني أن ما يميز الإسلام عن "أهل الكتاب" هو تمثله لسنن وشرائع الماضي من خلال استفادته العقلية منها. فهو لا يأخذ الأمور بالتقليد الظاهر، بل بالمعنى الباطن، أي من خلال إدراك حقيقة ما فيها من النور المبصر لحقيقة التوحيد. من هنا فهو لا يرتبط بالأشخاص أيا كانوا، بل بالفكرة. وهو الأمر الذي حدد موقفه من ماهية الشريعة ووظيفتها. فهو لا يتمسك بمظاهر الأحكام التي تقنن الأفعال وقياسها بما هو وراد في كتبهم، بل برعاية المشاعر الحرام. وهي فكرة تعبر عن ماهية النور الباطن وجوهرية الفكرة أو المبادئ التي تعطي لرعاية الروح والجسد أولوية في العلم والعمل. من هنا شموليتها في المواقف. فهي لا تخاصم أشخاصا، بل تواجه فكرة ومبادئ. فهي لا تخاصم فرعون وهامان، بل المشرك والوثني. من هنا استنتاج الشهرستاني عن أن الإسلام مقارنة بمن سبقه من أديان الملة الإبراهيمية هو الممثل الحقيقي للحنيفية. فقد اختص موسى بالتنزيل وعيسى بالتأويل، ومحمد بالجمع بينهما. ذلك يعني أن ما يميز الديانة الإسلامية هو اعتدالها وجمعها بين إبداع أمم الحق. انطلاقا من وجود "أمة حق" و"فرقة ناجية" في كل دين وأمة. وهي فكرة تمثلت وجسدت بصورة عقلانية روح الوحدة الإنسانية والاعتدال العقلي تجاه التنوع التاريخي فيها، باعتباره تنوعا ضروريا. إلا أن منطق الاستفادة يفترض الاستمرار في تعميق وترسيخ منطق الحق والحقيقة فيها. وهو توجه يبدع بالضرورة روح البحث عن اليقين الخالص والاعتدال العقلي – الأخلاقي فيه. وبالتالي التأسيس لإمكانية الأصالة الثقافية والجمعية الإنسانية، التي حصلت على نموذجها الروحي الرفيع في نظرية "وحدة الأديان" الصوفية، وبالأخص عند ابن عربي وعبد الكريم الجيلي.
*** *** ***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقد الظاهري للدين النصراني عند ابن حزم
- النقد الظاهري للدين اليهودي عند ابن حزم
- النقد الاشعري للأديان في الثقافة الإسلامية
- النقد المعتزلي للأديان في الثقافة الإسلامية
- التقاليد الإسلامية العامة في نقد الأديان
- نقد الأديان والبحث عن الوحدانية في الثقافة الإسلامية
- فلسفة الإيمان عند الغزالي (2-2)
- فلسفة الإيمان عند الغزالي (1-2)
- منهج الشهرستاني في تقييم وتصنيف الفرق الإسلامية
- المنهج الجدلي لابن حزم في تصنيف وتقييم الفرق الإسلامية
- تصنيف وتقييم البغدادي للفرق والمدارس الإسلامية
- تصنيف وتقييم الفرق الإسلامية عند الاشعري
- الفلسفة والبحث عن الاعتدال العقلي (2-2)
- الفلسفة والبحث عن الاعتدال العقلي (1-2)
- الطائفية السياسية – الأفق المسدود (التجربة العراقية)
- المصير التاريخي للغلو السلفي السياسي في العالم العربي
- الكواكبي ومرجعية الدولة السورية
- الكواكبي- الإصلاح والثورة!
- فلسفة الإصلاح والحرية عند الكوكبي
- الخطأ والخطيئة في المعادلة السورية


المزيد.....




- -غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق ...
- بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين ...
- تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف ...
- مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو ...
- تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات ...
- يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض ...
- الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع ...
- قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
- ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
- ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ميثم الجنابي - منهج الشهرستاني في الموقف من الأديان