سامي العباس
الحوار المتمدن-العدد: 3840 - 2012 / 9 / 4 - 18:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
- صندوق الاقتراع
بين منع المهووسين دينيا من الوصول للتحكم برقاب الناس ,وبين الاستبداد السياسي لايبدو أن طريقا ثالثة من الممكن شقها في ظل التوازنات الراهنة التي صنعتها فورة الهويات الدينية في المنطقة العربية –الاسلامية .الكثير من القطاعات الحديثة من هذه المجتمعات تجنح بالتدريج نحو ما يهمس به حسها السياسي : اعادة ترتيب الأولويات بما يخص صندوق الاقتراع ...
فصندوق الاقتراع الذي طالما حلمت به لمواجهة فساد نخب السلطة لن تظهر ايجابياته - على صعيد تمثيل السلطة لمصالح ناخبيها وما يتفرع عن هذا من تحسين لوظائف الدولة - قبل أن يحصّل المجتمع شيئا من الثقافة السياسية .و تضعف فيه روابط ما قبل الدولة .
صندوق الاقتراع في ظل التوازنات الراهنة التي تتحكم بها الاصطفافات العمودية لن يجدد السلطة بل سيجدد سيطرة الماضي بتوصيل مستحاثاته الى موقع التحكم برقبة المجتمع .تزداد المطالبة بصندوق الاقتراع مهما كان الثمن " نخبوية" داخل الاوساط الحديثة .ورغم أن لهذه النخب الحرية في أن ترى ما تظنه صالحا للحظتنا الراهنة .ولكن للقطاعات الحديثة الحرية أن تتعظ من تجارب غيرها " من الرباط الى القاهرة " . فدولة الاستبداد السياسي أخف وطأة بألف مرة من دولة أمراء المؤمنين حتى لوجاؤا عن طريق صندوق الاقتراع .لقد تراجع هذا الأخير عن مرتبة الاكسير السحري الذي يحول المعادن الخسيسة الى ذهب . فقبل زرعه في الحقل السياسي يجب زراعة ثقافته في الفضاء العام .غير أن العملية ليست التحول الى موقف انتظاري .بل الأخذ بعين الاعتبار ضرورة التدرج في توسيع رقعة المشاركة السياسية . لاحاجة للتذكير بان حق النساء في الاقتراع وضع بالتنفيذ في فرنسا عام -1905 – هذا لايعني الدعوة لحجب هذا الحق عن النساء السوريات .بل يمكن ربط حق الاقتراع بمستوى التعليم على سبيل المثال .أو بقيود اخرى تهدف الى تحسين ريعية صندوق الاقراع لجهة تخفيض مستوى التلاعب بالانقسامات العمودية التي تعج بها مجتمعاتنا العربية –الاسلامية .. لاشك ان التعليم بصيغه التي جرى تعميمها –والتي غلب عليها التلقين – ليست في الوضع الراهن دواء لمخاطر صندوق الاقتراع – لكننا يجب ان نبدأ من مكان ما في زرع الصندوق وثقافته –والعمليتان متشابكتان – والا فاننا سنبقى في انتظارغودو ..
سامي العباس
#سامي_العباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟