ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3840 - 2012 / 9 / 4 - 16:00
المحور:
الادب والفن
" إلى من يهمه الأمر "
أخي الحبيب شكراً لك ..
بادرتني بهذه العبارة المألوفة جداً " إلى من يهمه الأمر " ففتحت كل مواجعي على مصراعيها ..
" إلى من يهمه الأمر" فقد غيرت رقم هاتفي للمرة الألف وهذا رقمي الجديد .. فهل يعنيكم هذا الأمر ؟
تحسباً لأن أكون أعني فيكم أو منكم أحداً قررت أن أخبركم برقم هاتفي الجديد .. علَّ وعسى أن يعنيكم الأمر .. ولعل وعسى رغبة طارئة لو لثوانٍ عابرة أن تفرض نفسها على القلوب فتضطر أحداً منكم أن يرفع سماعة الهاتف ويسأل عن الحال والأحوال .. فربما كنتَ أنتَ ممن يهمهم الأمر .. وربما كنتُ أنا فعلاً ودون أن أدري من يهمكم أمره ..
وما كان إرسالي لرقم هاتفي الجديد ضرباً من ضروب العبث أو مضيعة للوقت .
" إلى من يهمه الأمر" ولا أسأل من وكيف ومتى كنتُ موضع أهميتهم .. وموضع سؤالهم واستفسارهم .. وفجأة وقبل أن تبرق السماء بألوان الخوف .. وترعد بأصوات القلق .. احتلت غيمة كبرى السماء .. فلا عادت الشمس تجرؤ على الشروق أو الظهور على استحياء في كبد السماء .. ولا عادت السماء تستطيع أن تبكي مطراً على قلوب أعياها التصحر ويبسها الجفاف .. ومع ذلك فهذا رقمي الجديد لمن كان أمري ما يزال يهمه ويفكر لو للحظة عابرة أن يرفع سماعة الهاتف ليقول أخي كيف هو الحال ؟
لن أدعوكم لموائد الصباح لنشاهد الشمس وهي تخرج متثائبة وتفرض جدائلها الشقراء فيضيء الكون بشراسة , وأنطقها بقلبي قبل أن ينطقها لساني " صباح الخير "
ولن تدعوني لموائد المساء حتى نودع الشمس بعد نهار شاق لتأخذ لها غفوة في حضن البحر ونستدعي القمر خلسة ونفشي إليه سراً طالماً حاولت عين الشمس الجريئة أن تفضحه فما استطاعت ..
وبقيت أنت يا قمر المساء المدلل الوحيد بيننا .. والكل بلا استثناء يسأل عنك .. ويداعب حضورك الملوكي بباقات من الأسرار والهمسات ..
لن أدعوكم ولن تدعوني لموائد الفرح والحزن والانتظار والقلق والترقب والتأهب والحلم وخيبة الأمل وجميع الموائد التي كانت تجمعنا على مرِّ الأعوام .. لأن الغيمة أكبر من أن نتجاهلها .. وأكبر من أن تسمح لنا بأن نمدُّ أيادينا ونرفع باشتياق بالغ سماعة الهاتف .. ونقول بلهفة حارة ..
أخي كيف هو الحال ؟
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟