|
الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولي الإنساني
طارق محمد حجاج
الحوار المتمدن-العدد: 3840 - 2012 / 9 / 4 - 12:16
المحور:
القضية الفلسطينية
الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان
منذ احتلال الأراضي الفلسطينية وحتى الآن لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، فقد اتبعت إسرائيل سياسة تكسير العظام والاعتقالات دون مبررات قانونية، واستمر ذلك حتى عام 1994م وخضوع القطاع والضفة الغربية للحكم الذاتي الفلسطيني، لتنتقل الاعتداءات الإسرائيلية إلى أسلوب جديد في ارتكاب الجرائم. فبدأت الاجتياحات العسكرية باستخدام أرتال كبيرة من المعدات العسكرية والدبابات تساندها الطائرات الحربية. إن إسرائيل سمحت لنفسها بالتطاول على القوانين الدولية، من خلال وضع تشريعات تطبقها في هذا الشأن، ومن بين هذه التشريعات قانون الطوارئ الصادر عام 1979، هذا القانون الذي أجاز محاكمة مدنيين لاعتبارات أمنية، وبالعودة إلى فقرة (أ) من المادة (2) من قانون الطوارئ المذكور يتبين أنه " أجيز لوزير الدفاع إصدار أمر بالاعتقال لمدة ستة أشهر قابلة التجديد لمدد مماثلة؛ بناء على مقتضيات أمن الدولة أو الأمن العام ومن بين القوانين التي تخالف القانون الدولي الإنساني أيضاً قانون العقوبات الإسرائيلي الصادر عام 1977 والذي أجاز إجراء المحاكمات مع إعطائها الحق في محاكمة أي شخص سواء كان إسرائيلياًّ أو من أي جنسية أخرى ينسب إليه ارتكاب فعل إجرامي ضد دولة إسرائيل في أي مكان في العالم؛ إذ نصت المادة الثانية من القانون المذكور على أنه "فيما يتعلق بالجرائم، تشمل ولاية المحاكم الإسرائيلية أرض الدولة ومياهها الإقليمية، كما تمتد قانونياًّ خارج نطاق المنطقة المذكورة"، كما نصت المادة الخامسة على أنه "تختص المحاكم في إسرائيل بمحاكمة أي شخص بموجب القانون الإسرائيلي إذا ما ارتكب عملاً في الخارج مما يعد جريمة إذا ما ارتكب داخل إسرائيل" . وقامت إسرائيل بشرعنة التعذيب، عن طريق تشكيل لجنة إسرائيلية برئاسة (موشي لاندو) الرئيس السابق للمحكمة العليا، أوكلت إليه مهمة التحقيق في الأساليب التي تتبعها الأجهزة الأمنية مع أشخاص عرب في جرائم تصفها بالإرهابية، وقد قدمت اللجنة المذكورة تقريرها، والذي أجازت بموجبه استعمال الضغط لدى التحقيق مع غير الإسرائيليين، كما تبين أن أجهزة (الشين بت) منحتها اللجنة استعمال وسائل ضغط أكثر ضراوة في عام 1994م. وأعربت لجنة حقوق الإنسان الدولية التابعة للأمم المتحدة في دورتها التي عقدتها في تموز 1998م عن ممارسات إسرائيل بشأن شرعنة التعذيب عن قلقها العميق بخصوص الصلاحية المعطاة لقوى الأمن بالتعذيب. وقد عبرت إسرائيل عن وحشيتها وعنجهيتها في ارتكاب الجرائم في اجتياحها لقطاع غزة في ديسمبر عام 2008؛ حيث ارتكبت أعمالاً وحشية وجرائم حرب استخدمت فيها أسلحة محرمة دولياً، و منها على سبيل المثال استخدام قنابل الفسفور الأبيض، وهو ما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني في النزاعات المسلحة، وقالت هيومن رايتس وتش في تقرير أصدرته في 25/3/2009 إن إطلاق إسرائيل المتكرر لقذائف الفسفور الأبيض على مناطق مزدحمة بالسكان في غزة أثناء الحملة العسكرية الأخيرة، كان قصفاً عشوائياًّ يدل على وقوع جرائم حرب، ومما يؤكد عشوائية القصف عدد الشهداء وتوزيع نسبهم. فقد نشر مركز الميزان في 8/3/2009 قائمة بأسماء الشهداء الذين قضوا نحبهم على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية أو في مواجهتها خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، وضمت القائمة أسماء (1342) شهيداً من بينهم (109) سيدات أي ما نسبته (8.12%) من إجمالي عدد الشهداء، و (318) طفلاً أي ما نسبته (23.69%) و (127) من الشيوخ ممن تجاوزت أعمارهم خمسين عاماً أي ما نسبته (9.46%) و (210) من أفراد الشرطة والأجهزة الأمنية الذين قتلوا في مقارهم أو خلال تنفيذ أعمالهم العادية في حفظ النظام ونسبتهم (15.6%) و(235) استشهدوا من أفراد المقاومة ونسقط منهم (27) شهيداً قضوا نحبهم في عمليات اغتيال وتصفية جسدية بعيداً عن المواجهات، فتصبح النتيجة الإجمالية (15.5%) نسبة من قتلوا وهم يشاركون في أعمال قتالية. أما في الضفة الغربية فقد قامت القوات الإسرائيلية في 28فبراير 2002 باجتياح مخيم جنين، وتدميره بشكل شبه كامل، دمرت خلاله المنازل وقطعت الشجر وقتلت الأطفال والنساء والشيوخ، وقامت بدفن الجثث في مقابر جماعية، وفي بعض الأحيان لجأت إلى إخفاء الجثث تحت الأرض وتحت ركام المباني التي دمرتها. هذه المجزرة البشعة التي تصنف ضمن جرائم إبادة الجنس البشري قد سبقتها جريمة أخرى لا تقل عنها وحشية، وهي مجزرة صبرا وشاتيلا التي قامت بها قوات الاحتلال الصهيونية في سبتمبر عام 1982م بقيادة الجنرال أرئيل شارون حيث كان يشغل منصب وزير الدفاع آنذاك. وفي تقرير لمنظمة العفو الدولية صدر يوم 12إبريل 2002 عقب اجتياح إسرائيل لمناطق السلطة الفلسطينية وارتكابها مجازر في جنين تحديداً، وبعد أن زار مندوبو المنظمة المنطقة، أكد تقرير المنظمة على ارتكاب إسرائيل لأعمال تعتبر جرائم ضد الإنسانية وانتهاكاً للقانون الدولي الإنساني. ومن مجمل ما سبق عرضه في علاقة القانون الداخلي الإسرائيلي بالقانون الدولي، توصلنا إلى نتيجة مفادها أن العلاقة بين القانونين علاقة تنافر وتضاد، بحيث تحاول إسرائيل فرض نفسها على القانون الدولي من خلال سياسة مفادها علو القانون الداخلي الإسرائيلي على القانون الدولي، وهو ما أكدته الإجراءات الإسرائيلية في مواجهة قواعد القانون الدولي سواء بتجاهلها القواعد الدولية المنصوص عليها أو بعدم تطبيقها القرارات الدولية اللاحقة والتي تصدر في مخالفات ارتكبتها إسرائيل، كما سبق أن رأينا في حالة القدس. وعبر السنوات الماضية مارست إسرائيل كل الانتهاكات للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ولم تطبق أي قرار من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة، وتجاوزت كافة القيم والأخلاق والأعراف والقوانين الدولية.
[email protected]
#طارق_محمد_حجاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من مقولات الكاتب طارق محمد حجاج -متجدد-
-
الردود والتعليقات السخيفة في المواقع الإلكترونية
-
تفنيد أسباب أزمة كهرباء غزة
-
الصحافة تخون حاميها – حقوق الإنسان -
-
المراحل التاريخية للسيادة على فلسطين
-
مخاوف الفتيات من الزواج
-
مواقف الأحزاب الإسرائيلية المختلفة من القضية الفلسطينية
-
أمريكيا ترسم بالقلم القطري السياسات القادمة في الوطن العربي
-
الفيس بوك يدمر العلاقات العاطفية والزوجية
-
السياسات الدولية تدغدغ مشاعر الفلسطينيين
-
صلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية على أراضيها
-
الأطروحة الإسرائيلية لشكل الدولة الفلسطينية المرتقبة -منزوعة
...
-
(خطبة الجمعة) بعد سيطرة الإسلاميين على الحكم
-
الإسلام في أسوء حال مع وصول الإسلاميين للحكم
-
الفرنكو لغة التحضر وبرستيج على الانترنت
-
كوارث زواج المطلقات والمتأخرات
-
الفقراء أولى برسائل التهنئة بالعام الجديد من شركات المحمول
-
البطالة في قطاع غزة
-
الخريف العربي وموسم مزدوجوا الجنسية
-
الصحافة والإعلام
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|