عمّار المطّلبي
الحوار المتمدن-العدد: 3839 - 2012 / 9 / 3 - 21:24
المحور:
الادب والفن
حين حضرت الطاعونَ الوفاةُ ، جمع بنيه و بناته ، و قال لهم بصوتٍ مرتجفٍ ضعيف:
تعرفون مآثر أبيكم يا أحبّتي .. لم يكن يقف أمامي شيء .. كانت المدنُ تموج بالبشر و تضجّ بالحياة ، فأدخلها ، ولا أتركها حتّى تنعب فيها الغربان، و تمرح فيها الجرذان .
قالوا يا أبتاه و مَنْ لا يعرفُ قدركَ، و هذا اسمكَ يرتجف لذكره الأبطال، و يتصاغر أمامه الملوك و الأباطرة أُولو القوّة و الجبروت.
إبتسم الطاعون ابتسامة واهنة، و أشار بيدٍ مرتجفةٍ ليقطع عليهم القول، ثمّ أنشأ يخاطبهم:
ما جمعتكم لأسمع منكم المديح، فما يفعلُ الميّتُ بالقول المعسول، و إنّما جمعتكم لتطمئنّ روحي ، و أسمع منكم ما أنتم فاعلون بعدي.
قال الأوّل: سأبيدُ البشرَ بطائراتٍ كالطير الأبابيل.
و قال الثاني : أنا أحضرتُ لهم الألغام، مَن ينجو منها، يعيشُ بلا أطراف ..
أمّا الثالث فانبرى يقول:
أنا عندي لهم مدافع و هاونات ، تزمجر كالرعد و تحرقُ كالبرق.
و هتف الرابع:
لديّ لهم دبّابات ، تدخل عليهم شوارعهم و أزقّتهم، فلا ينجو منها شيخٌ و لا طفل.
و ختم الخامس بصوتٍ يشبه الفحيح : سأخنقهم بالغازات .
إلتفتَ الطاعون لابنته الكبرى المدلّلة، و قال لها:
و أنتِ يا أحبّ بناتي إلى قلبي !
مسحت الفتاة دموعها، و قالت:
لتطمئنّ يا أبتاه .. عندي لهم ما سيجعلهم يترحمون عليك !
قال الطاعون:
الآن سأموتُ بسلام !
و لمْ يلبث أنْ أسلم الروح بهدوء !!
#عمّار_المطّلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟