محمد سعيد الريحاني
أديب وباحث في دراسات الترجمة
(Mohamed Said Raihani)
الحوار المتمدن-العدد: 3839 - 2012 / 9 / 3 - 09:01
المحور:
الادب والفن
بعض عشاق موسيقى “الراب” Rap يعتقدون بأنها اختصار لكلمة Rapid Music، “الإيقاع الموسيقي السريع” أو “الموسيقى السريعة“. والبعض الآخر يعتقد بأنها اختصار لكلمة Rapid Speech أو “الإلقاء الغنائي السريع“. لكن موسيقى “الراب” Rap ليست دائما “سريعة” لا في الإيقاع ولا في الإلقاء. وعليه، فالاعتماد على كلمة Rapid في تتبع أصول الكلمة لا يؤدي إلى أي طريق.
يعود أصل كلمة “راب” إلى Rhapsody وهي مقطع حماسي من الملحمة حين يصله المنشد يجذب ويبالغ في جذبته. وغالبا ما يتميز هذا المقطع، Rhapsody، إما بالفخر بالذات أو الفخر بمنجزات البلاد…
لذلك، كانت كلمة “راب” Rap هي اختصار لكلمة “رابسودي” Rhapsody. وهو ما لم ينتبه إليه الجيل الأول من الشباب العربي الذي اقتحم مجال “الراب” فكانت إنتاجاته “سكيزوفرينية” واضحة. ويمكن في هذا الإطار حصر التركيز على “الراب” المغربي والاعتماد على أول أغنية راب في المغرب وهي أغنية “الرَّا والدَّاوْ” في مطلع الألفية الثالثة وهو عنوان “مبتكر” يفيد معنى “الاستحمار“. لكن للأغنية، في الجوهر، جوهران. جوهر “حداثي” يكاد يشكل “قطيعة موسيقية” مع الأغنية العربية عموما والمغربية خصوصا ويتمثل في اختيار “الراب” كقناة لتمرير الأغنية ثم جوهر “تقليدي” موغل في التقليدانية ويتمثل في “النص” الغنائي الذي يتناص حد الذوبان مع نصوص الوعظ الديني…
أما الجيل الثاني من أجيال موسيقى “الراب” المغربية فبدأت مع منتصف الألفية الثالثة مع فنانين شباب استطاعت الدولة المغربية استقطابهم لأداء “أغاني وطنية” والتغني ب”حب الوطن“…
واليوم، مع الجيل الثالث من “الراب“، يمكننا الحديث عن حركة تصحيحية فنية تتاججت تحت وهج “الربيع العربي“، فتخلص “الراب” من مضامين “الوعظ والإرشاد” و”الأغنية الوطنية” ليعانق الشعر من جديد ويعانق قضايا الشعب من جديد ويطلق خوفه من الطابوهات الكبرى… وبذلك ظهر مغنون أساطير من طينة “الجنرال” التونسي الذي صنف خلال الثورة التونسية كأحد العشرة الأكثر تأثيرا في نفسية الشعب التونسي وظهر في المغرب “معاد الحاقد” أحد أبرز مغني حركة العشرين من فبراير المغربية كما ظهر في مصر، وفي أوج الثورة، “راب إيجي سكول” و”دون جوان” وآخرون…
ولأنه صار لموسيقى “الراب” مكانة متجذرة في الوجدان الموسيقي العربي، فقد صار من الضروري “تذويبها” في الخطاب التواصلي والتداولي. لذلك، سمى المغاربة فناني “الراب” ب”اروابة” على وزن “امفاعلة“، وهي صيغة تطلق فقط على “القبائل” المنتشرة عبر التراب الوطني المغربي: “الصنادلة” و”القشاشرة” و”الخراشفة” و”الشياضمة” و”القنافذة“… وهي تقريبا نفس “الحيلة” التي لجأ إليها المغاربة قبل خمسة قرون خلت، أي في القرن السادس عشر الميلادي، حين أحبوا موسيقى الأفارقة “الغينيين” بعد التحاق “غرب إفريقيا” بحكم المغرب في عهد الملوك السعديين فسموا موسيقاهم ب”الموسيقى الغينية” أو “الموسيقى الغناوية” فيما سموا فنانيها ب”اغناوة” على وزن “افعالة” وهي صيغة يصكها المغاربة ليس على القبائل وإنما على “المدن” و”الجهات” المغربية: “طنجاوى“، “قصراوى“، “بيضاوى“، “صحراوى“…
وفي الحالتين، حالة “الراب” وحالة “اغناوة“، يبقى حب الموسيقى “الوافدة” الجديدة هو الدافع إلى تجنيس أصحابها “الجنسية المغربية” وتلبيسها “زيا مغربيا” وتسميتها ب”اسم مغربي” يليق بها كمواطن كامل الأهلية…
#محمد_سعيد_الريحاني (هاشتاغ)
Mohamed_Said_Raihani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟