أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد هالي - إبهامات لفقرات متقطعة (8)















المزيد.....


إبهامات لفقرات متقطعة (8)


محمد هالي

الحوار المتمدن-العدد: 3838 - 2012 / 9 / 2 - 00:15
المحور: كتابات ساخرة
    


- 1 -
ذاكرتنا تنسى، و كأن الحرب تسلية، لأن درجة الحب اللقاء بلا موعد،احتضنا الهزائم،- و ربة بيت رمت ثيابها الواقية من الزيت، و الزعفران، لتشتم كل القطط المنفية من ساحة المطبخ المدسوس برائحة اللحم المشوي- كنا في منفى المتاهات، كدنا لا نبقى، لكن بقينا، سألنا البحر، فلم يجب، و سألنا البر، فلم يجب، لأننا كنا بلا حدود، و أصبحنا ننشطر، حتى ضاقت من جلودنا نملة، و اتكأنا نتلذذ بالهزائم، فتشنجت بغداد، و تعددت ملاحم و مآسي الموصل، و تسمرت كربلاء، و دنست المساجد، و الكنائس، و أصبح الخراب ساحة للجثث، ... اتكأنا نحلم بالورد، ينبع من رمال الصحاري، أغرقنا رؤوسنا في الطين حتى لا يظهر غسيلا يسمونه بترولا، احتضنا غسيلنا لوحدنا، فجفت دموعنا، و صار الغسيل منهم، و إليهم، و بقينا عطشى، و شوق الظمأ يجرنا نتقزز من ذواتنا، فانحنى جلدنا، و تقوس ظهرنا، لأننا أصبحنا يتامى الكون، لا نحسم أمورنا، إلا عندما يحسمون، هذا هو الاحتمال الذي اشتعل منذ احترقت بغداد، تربينا على النسيان، و كأن هذه العادة لازمت كل العقول: لتحترق بغداد، أو لتضطرب فلسطين ... مادمنا ذباب لا نأكل إلا من مزبلة التاريخ، و الشعب الذي تحول إلى شعوب، يطحن طاقته ليصبح المستحيل عسلا، و ينفجر الحزن من جواز سفر تقطع من كثرة الإمارات – المدن التي احتضنوها دولا – و تعبنا، و تهنا أمام المستقبل، لأننا بلا ماض، بل ماضينا أجمل من صيد الحمير للأسود ...



- 2 –
لكونك خريطة من شرايين بلا حدود، دخلت من باب مغلق، و خرجت من باب مغلق، كيف تدخلين و تخرجين؟ هذا هو السؤال الذي استعصى على الانتظار، قبل الإنفجار، لأن الألوان اختلطت، و لم يبق إلا التدحرج من فوهة بندقية: رصاصات مدوية يسمعها الأبكم، فيتكلم.
أشباح تتطاير سائلا وسطه سمكة، و الصيد صعب أمام غليان الأمواج، مادامت الحرب تنطلق من فوهة واحدة: ادفع ثمن ذاتك من أجل البقاء، و أنت حرب جعلت للنهاية بداية، و مشينا معك على بحر مشطته عصا موسى إلى الأبد...!



- 3 –
لكل داء أنينه، و"قصر الشوق"(1) يتلعثم بخرافاته المفرحة/ المبكية: لتحتضر أمعاءنا، و لنتقيأ سم الكد، و التعب، و نتلعثم أحلاما لذاتنا بلا أفق، إن كانت هناك عاصفة، لتنفجر من بطوننا ولادة جديدة، و إن كانت حمامة، لتلد يمامة بلا سلم، و إن كانت هناك خرافة، لتنطفئ كوابيس ليلية بلا طوطم، حلال عليهم، و حرام علينا، هذا ما قالوا، و تعودنا أن نسمعه، لننحدر من جبل بلا ثلج، أو لنصعد من سهل بلا نهر، و ننضبط لأشجار اقتلعتها الرياح، و نختفي في أرض بورية لم تطأها السواقي، قالوا لنا، فقلنا لهم، ... و اختلطت الأقوال، تعلمنا شيئا واحدا لا غير: حذار من جوفك لأنه حشرجة يبدد جراحا و ألما،- لننحني لهذا الإنجيل المقدس - و كل ما عداهم، حرام علينا، لأنه صبابة لكماتهم، و تغازلنا حتى أصبح الصفر كعكة الأفواه الملجمة، و أصبح الرقم يختلط مع الأرقام، أحببنا بعضنا البعض، و أحبونا نوادي للأجرفة البكماء، خدعتنا أحذيتنا البالية، و مشينا منخدعين، و حين نستيقظ مرة، استيقظوا مرات، و حين رفعنا حناجرنا، طالت مناقيرهم، فالتهموا قمحنا، و حين رفضناهم، لم يرضوا، فشنقوا أعناقنا حتى لا تتكرر الأشياء غضبا، حفروا قبورنا بأيدينا، مادمنا حفرنا قبرنا منذ أن علمونا أن الشاي و الخبز أكل للجميع، و حين تهنا لنبحث عن كعك محنط باللوز، انتفضوا بنا، و انتفضنا عليهم، فجمعونا قبرا واحدا، و كتب أحفادنا عنوانا عليها :
" هؤلاء شهداء الكعك و الشاي المنعنع"
و كتبوا عنا الكثير أبرزها :
" أناس بلا ألم، ماتوا بداء الصبر"
طوبى لنا حين تهنا، طوبى لنا حين خدعناهم بثوابنا المزركش، و حين فكرنا في ذواتنا، حولناها عسلا للصغار، ليفرح الصغار بآلامنا، و حزننا، فنحن يتامى بعدما تركناهم يتامى بلا جذور.

- 4 -
دعونا نتألم، كي نتيه و نتكلم، فليس للشحرور منقارا ليأكل، و إنما صوت للغناء، و ها نحن يا شحرورنا، عودتنا حياتنا نغني للهزائم، تذوب أصواتنا قعقعة للبهائم، لأن لكل هزيمة بهيمة، دعوا غناءنا ينشد هذه الوقائع: القط و الفأر إخوة، و السلحفاة تسبق الأرنب، و العراق يحاربه العالم... !
- هل من معارض؟
ليحتضر دموعا دموية، و لينشطر شؤما و قلقا، الكل يتكئ لطفل بهذه الأحزان، لكن ليس للشعب أيادي للمساومة، ما وجدت إلا للمقاومة، و حين قاومنا قلموها، لكن عنف الذات يقشعر، و حبكة الكلمة تنتهي غليانا حين تحتضر فيها أماني للمستقبل، لنحظى بعناية الشمس، و لنطمئن لهذا البؤس الدفين قبل الانفجار.
- 5 -
الحجاج(2) الآن يقظ، و جواده الذهبي سليمان(3) يفترس الأرض كي يتكلم النمل، حذار من لحمك حين أينعت عظامه، ليصبح شهوة للجائعين، و القطاف الأسفل يغرس مسمارا في جوفك حتى لا تنحرف ديدان عرابي(4) الذي أيقظ السل بركانا للبائسين، و ما نوح(5) سوى طبيعة أخرى، و الحجاج قاتلها، و ما نحن سوى موتى تناصرنا أفروديت(6)، كي لا يقتلنا الجنون في عالم الحمق/ ليكن الحجاج باسم بوش سيد الكون الآن، مادمنا عبيدا في غياب "لنكون"(7) أرجوحة الفراغ التائه وسط الضفادع التي تنقنق، وديانها سيوف تحصد التائهين، و نحن تائهون قبل استيقاظ المتوكل(8)، الذي وثب وثبة الصنم، و حين اعتقدنا بأنه اندثر ولد ولادة جديدة، بألوان تصنعه مجنون الاستسلام بذريعة "يجب صنع عالم الروعة"



- 6 –
"لا مفر من بحث في هذا الحاضر، وفي هذا الاقتصاد، فهذا أو ذاك، أو هذا في ذاك هو عليه أن يتأبد لا الماضي..."(9) هذا هو صوتنا بعد أن فتحنا منخارنا لرائحة الأسلحة، و سفكنا شوارعنا الرملية كي تبقى حمراء، بلون الدم و الأشلاء، رعبا لأحفاد كرهت "نعم"، و تهيأت لاحتضان مرضى التاريخ، ليصنعوا التاريخ، لأن "وعي التاريخ يحمل مأساته، و التناقض فيه المأساة"(10) و مأساتنا حين ثقبنا جيوبنا، فأصبحت قاعا لبئر لا يحتمل الزيادة، أسعارنا لا تغسل شعرنا، و أشعارنا تردد"منكسة على هامتكم أيها المستريحون في مدن الصمت، و الشاربون تراب الهوان"(11)، كم من ساق لوثتها أوحال الشتاء، و قصصنا رددتها الزوابع، و احتملنا أنفسنا زوبعة أيقظت هتافاتنا مشنقة للخيانة، وكم من خيانة مسحتها الأقنعة، فطردنا الفن كي لا يكون ستارا للأقنعة، و حاورنا بلا حوار، و استسلمنا بلا سلام، بل اجتمعوا و استسلموا، و قهقهنا لذة لهذا الخبث الأبدي"فلا بد من شل فعل الشك في العقل، حتى يبقى القلب وحيدا من دون العقل فيفعل (القناع)في القلب فعله السحري في غياب العقل..."(12) أينفع العقل حين أصبحت حكمنا نكتا للحمير التي استسلمت لفكاهة الثعالب، و عورتنا تدهشنا في البحر و البر، حتى مع ذاتنا، استفهامات تحاول استيعاب الإبهامات، لتنضبط لحكم قتلت في المهد"لا ديمومة لما هو في تغير، لا توازن لما هو في خلل، لا تأبد لما هو في زوال"(13)



الهوامش:

(1) عنوان لإحدى روايات نجيب محفوظ
(2) الحجاج بن يوسف الثقفي المشهور بالسفاك
(3) أحد الأنبياء
(4) أحمد عرابي مقاوم ضد الاستعمار البريطاني في مصر
(5) أحد الأنبياء
(6) إله الحب
(7) قائد ثورة العبيد السود في أمريكا في القرن التاسع عشر
(8) المتوكل خليفة عباسي مناصر للفكر السلفي الرجعي
(9) (10) (11) (12) مهدي عامل / مدخل إلى نقض الفكر الطائفي الطبعة الثالثة 1989 دار الفارابي بيروت لبنان
(13) راضي مهدي السعيد / الشوق و الكلمات (ديوان شعر



#محمد_هالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوح امرأة (1)
- إبهامات لفقرات متقطعة (7)
- إبهامات لفقرات متقطعة (6)
- إبهامات لفقرات متقطعة (5)
- إبهامات لفقرات متقطعة (4)
- إبهامات لفقرات متقطعة (3)
- ابهامات لفقرات متقطعة (2)
- إبهامات لفقرات متقطعة (1)
- صور من واقع مضى ! الصورة : 10
- اشتراكية العالم العربي أم ليبراليته؟
- صور من واقع مضى ! الصورة : 9
- صور من واقع مضى ! الصورة : 8
- صور لواقع مضى ! الصورة: 7
- صور من واقع مضى ! الصورة: 6
- صور من واقع مضى ! الصورة: 5
- صور من واقع مضى ! الصورة: 4
- صور من واقع مضى ! الصورة:3
- صور من واقع مضى ! الصورة:2
- قشرتا موز
- صور من واقع مضى ! الصورة:1


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد هالي - إبهامات لفقرات متقطعة (8)