ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3837 - 2012 / 9 / 1 - 16:53
المحور:
الادب والفن
أنا وظلي
حملتك دهوراً على كتفي .. مشيت بك العمر كله .. وما تثاقلت .. وما قلت في يوم أُفٍ أو شكوت .. ما قلت تعبت أو مللت أو حتى ضجرت .. وما لمحت بأنك قد تكون تغيرت ..
لم يلمحك أحد في قلبي .. ولم تقع عليك عينٌ وأنتَ تتجول معي في حدائق عمري الخلفية .. وعلى مدارج الفصول الأربع ..
كنتُ أنا وأنتَ ننظر من ذات العين .. نرى ذات الأشياء .. نسمع ذات الصخب .. وذات الضجيج .. وحين أثور كنتُ أثور وحدي .. وتبقى أنت صامتاً في قلبي .. تحتفظ رغماً عنك ببعض هدوءك الذي روضتك عليه حين كنت أهددك طوال الوقت وأحذرك " إياك أن تفقد هذا الهدوء .. فتنزل عن كتفي إلى الأبد " ..
اليوم سنطفئ شمعة ميلاد جديدة .. لن أعدَّ الشموع حتى لا تصيبك عيني بالحسد .. " ومن يحسد المحب إلا عين حبيبه ".. طبعاً أبادرك بالقول قبل أن تبادرني بجميع علامات الاستفهام والاستنكار والتعجب ..
لكنه سؤال صغير يريد أن يتسلل إليك عبر هذه الزحمة ليسألك ..
هل أنتَ أنت ؟
هل أنتَ لا تزال أنت ؟
كنت تعدني حين كنا صغاراً نلعب على ضفاف العمر أنك لن تكبر كالآخرين .. وستبقى وسيماً تتخطفك النظرات وتقاتل لأجلك كل الحسان .. وكنت أرى بأم عيني هذا .. ولم أشكك في مدى وسامتك .. ولا في صدق نبوءتك ..
أما اليوم ولم يبقَ منك إلا هذا الظل الذي أحمله على كتفي فيصعب عليَّ يا عمري أن أميز ملامحك .. هل لا تزال العينان تخبئان الكثير من الحب والغموض ..
وهل لا تزال الشفتان على حالهما لا تنطقان إلا الشهد المذاب .. وهل لا تزال الأنامل قوالبَ الشمع بذلك الوقار وهي تكتب إليَّ الرسائل والأشعار .. وهل لا تزال الأكتاف شامخة تحمل قصة حبي على مرِّ السنين والأيام ؟
هل هي كثيرة أسئلتي ؟
أرجو أن تعذرني فكم دهر مضى وأنا أحملك على أكتافي .. أضمك إلى قلبي .. وتنام رمشاً بين جفنيِّ .. ويغيب صوتي في قلبك فلا يسمعه أحد إلا أنتَ .. ويغيب صوتك فلا أسمعه حتى أنا .. ومع ذلك أحملك في قلبي دهراً تلو دهر ..
لكنه سؤال صغير تسلل عبر الزحمة ..
هل تغيرتَ .. هل تغيرت تلك النظرات ؟
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟