حكومتنا .. وتسخين الماء

امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3836 - 2012 / 8 / 31 - 14:09
المحور: كتابات ساخرة
    

" شُلّة الأصدقاء كانوا يتسامرون كالعادة في المقهى .. عندما قامَ أحدهم بالإتصال بمنزلهِ .. وقال لزوجتهِ : سّخني الماء ، سأكون في البيت بعد نصف ساعة . وتكّررَ هذا الامر عدة ليالٍ متعاقبة .. فقال له أصدقاءه : .. هنيئاً لك ايها البَطل .. يُسخنون لك الماء كل ليلة .. وليسَ مثل حّظنا العاثر .. ماذا تُريد بعد ؟! .. فأجابهم والحسرة بادية عليه : على أي شئ تهنئوني ؟ انهم يُراكمون كل الصحون والأقداح والجدور الوسخة ، للوجبات الثلاث .. فأقوم بغسلها بعد عودتي الى المنزل .. هل عرفتم الان .. لماذا يُسخنون الماء ؟ انه ليسَ للحّمام كما تتصورون .. انهُ للمطبخ حتى أقوم بالجَلي والتنظيف !!" .
وضعُ صاحبنا أعلاه ... يشبهُ وضع الشعب العراقي ، في علاقتهِ بالحكومة . فالشعوب الأخرى المجاورة للعراق والبعيدة عنه كذلك .. عندما " تسمع " ان ميزانيتنا السنوية تفوق المئة مليار دولار أمريكي .. وان هنالك إحتمالات ان ترتفع في كُل سنة .. يقولون لنا نحن العراقيين : .. هنيئاً لكم ايها المحظوظون ... نفطكم وفير وميزانيتكم هائلة .. وليسَ مثل وضعنا التعيس .. ماذا تريدون بعد ؟! . ولهؤلاء الذين " يغبطوننا " على " النعيم " الذي نحنُ فيهِ .. نقول : آهٍ لو تعرفون الحقيقة :.. معدلات الفقر المخيفة .. الأُمية المنتشرة على نطاقٍ واسع .. الوضع الصحي السئ .. المستوى التعليمي المتدني .. شحة الكهرباء والماء الصالح للشرب .. الإنفلات الأمني .. الفوضى العارمة .. الفساد منقطع النظير ... الخ . على ماذا تحسدوننا بربِكُم ؟ كُل هذهِ المليارات الكثيرة .. طيلة السنوات الماضية .. عَجَزَتْ عن وضعِ لبنة لبناء دولةٍ نِصف مُحترمة .. كُل هذه الأموال الخرافية .. فشلتْ في جعلِنا نشعر بآدميتنا وبأننا مواطنون نستحق العيش الكريم ، أسوةً ببقية خلق الله ..
نعم ايها السادة .. هنالك طبقة حاكمة جشعة بلا ضميرٍ ولا أخلاق .. هي التي تستفيد من هذه الثروات الطائلة .. هي التي تختلق الأزمات بعد الأزمات .. لكي تُديم الوضع الراهن ، الذي يتلائم كثيراً مع طموحات هذه الطبقة ! . هذه الطبقة التي تتبعها فئاتٌ طُفيلية .. لاتتوانى عن إحتكار كُل شئ وعن الإستحواذ على جميع ثروات الشعب .. انهم يَرمون الفُتات الى الجماهير .. مثلما تُرمى العِظام للكلاب ! .. هذه هي أخلاقهم وتلك هي ثقافتهم .. وهذهِ هي " الجّنة " التي نحنُ فيها !.
ان الحكومة بِكُل أطيافها المُسيطرة .. تُسّخِن الماء .. لا لكي نتحَمَم ونغتَسِل ونرتاح .. بل لكي تستغِلنا وترهِقَنا وتستولي على حقوقنا !.

#امين_يونس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات