صادق البصري
الحوار المتمدن-العدد: 3835 - 2012 / 8 / 30 - 03:13
المحور:
الادب والفن
احتمالات (قصة قصيرة)
أغمض عينيه ، كان جسده يرتخي ويثقل،لمح الان وجه الرجل امامه ،يعلو على مهل وينخفض كما لو ان اللقطة بالتصوير البطيء جالسا في زاوية الصالة يرمقه شزرا من وراء شيف ليمونة يعصره بقوة على أسنانه ثم يرميه امامه على الطاولة ، ويزدرد شيئا آخر ويلحس لسانه ، ثم يلتقط زيتونة ، والسيجارة بين أسنانه ولسانه يتقافز بين لحظة وأخرى ، حول نظره من متابعة الرجل وأرهف إذنيه إلى الرجل الآخر الذي يجلس بجانبه وهو يصرف بين أسنانه وينبر بشراسة ، كأنما يطحن شيئا صلبا في فمه ثم التفت إلى زاوية أخرى ورأى رجال يجلسون على شكل دائرة ويطنطنون مثل زنابير ، ثم عاد ببصره إلى الرجل الذي يرمقه بحقد غير مبرر وقد اكتسى طرفي شاربه بلون ابيض وهو يمسد على لحيته الكثة ويفتل شاربه ، الفشل يتفشى كالقمل ! لاتضحك من ذلك أرجوك فالإنسان في تصوري ليس هو أمكانية الأشياء التي يكنها بل هو مجموع إخفاقاته وتعاسته هو مقدار الأحلام التي وئدت والآمال التي لم تتحقق بعد ، أصبحت الآن من أهم عاداتي أن احدث نفسي كثيرا وحديث النفس حالة لايقع فيها إلا من خلا عالمه من كل شيء تقريبا ولم يتبق له سوى نفسه ، هل مازلت تؤمن بأن هناك معاني للأشياء ؟ أتحسب أنك تريد أن توقظ وجدان العالم ، لست واعظا ناجحا يالك من ماكر ظريف كلم نفسه بمرارة ، للحظة شعر إن الجو اكتسى حرارة غريبة ، أنطلق الرجل الذي كان يجلس قبالته مسرعا إلى التواليت يند عنه زحار شرس ، ونهض الآخر خلفه وهو يلهث ، تحولت طنطنة الرجال الذين كانوا يجلسون خلفه إلى جلبة مدو ية ومن ثم عراك بالأيدي وبدأت الكراسي بالطيران ، كان باب الخروج ابعد ما يكون .
*******************************************************************
صادق البصري / بغداد
#صادق_البصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟