أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - لعنة الأسد أم لعنات الشعوب














المزيد.....


لعنة الأسد أم لعنات الشعوب


خالد قنوت

الحوار المتمدن-العدد: 3834 - 2012 / 8 / 29 - 12:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أن كتبت و كتبت البارحة لأكثر من ساعتين و نصف, افرغت فيها ما تيسر من شرح و نقد و لعنات للنظام و آلته الأمنية و العسكرية, لم أرى نفسي إلا و قد حذفت كل ما كتبته بكبسة زر. صحيح, أني أحسس بالراحة لأني نقلت ما أحسست به في تلك اللحظة لكني حزنت لأني فقدت كل ما كتبت و غضبت لأني لم أستطع أن أشارك الأصدقاء بأفكاري. حاولت أن أفسر ما حدث, فكان التفسير الأكثر منطقية هو أننا تعودنا كسوريين خلال سنوات نظام الاستبداد الأسدي منذ حكم حافظ الأسد, أن نحرق أي ورقة أو منشور أو جريدة سرية معارضة بعد أن نلتهم مقالاتها و أفكارها, حرصاً منا على عدم وقوعها في أيدي الأمن. أذكر أن أحد أكبر القتلة و المجرمين بتاريخ سورية رئيس جهاز الأمن العسكري السابق علي دوبا قد أعلن أنه سيعدم كل من أمسك جريدة الراية الحمراء. ذهب إلى البيت و أشعلت النار بكل ما لدي من أوراق و كتب و ملاحظات و تعليقات حتى أني كدت أتسبب بحريق في المنزل و بقيت لأكثر من يومين و أنا لا أستطيع الرؤية جيداً و عيوني تدمع دون توقف.
إن حالة اللاوعي التي حصلت معي البارحة أعادت لي ذكرى حالة الذعر و الخوف التي كنا نعيش فيها نحن السوريين منذ أيام الطاغية الأب, بسبب و من دون سبب. كنا متهمين حتى يثبت العكس, كنا إرهابيين دون أن نعرف تعريفاً لكلمة إرهاب, كنا أخونجية حتى و لو كنا في أقصى اليسار, كنا خونة عند أي رأي لا يتطابق مع كلام الطاغية الملهم. كلامه الذي لا لون له و لا تفسير محدد له, حمال أوجه.
لقد مارست الفعل الطبيعي للحس الأمني الذي امتلكه كل من عمل بالسياسة أو بالثقافة و الأدب في سورية. كان على أي سوري أن يحتفظ لنفسه برواية تبرر فعلاً لم يقم به بعد و أن بثبت تواجده في مكان بعيد عن مكان من
غير المفروض أن يكون فيه و أن يحضر تفاسير لأمور لم تحدث بعد.
لقد بنى حافظ الأسد أجهزته الأمنية على فكرة شمولية المعرفة الأمنية و خصوصية الاعتراف بالخطأ قبل قيامه. فكان على رأي ما كتبه الراحل نهاد قلعي: لازم تحكي الحكي اللي ما حكيتو .. و في النهاية .. سنسامحك هذه المرة لكن في المرة القادمة عليك أن تحكي الحكي اللي ما حكيتو..
هكذا كان يتعامل عناصر أجهزة الأمن السورية مع السوريين و هكذا علمهم حافظ الأسد أن يجعلوا السوريين يخافون من ظلهم و ليس من أبنائهم. عليهم أن يخافوا و فقط.
لا يمكن إلا أن نعترف بأننا كنا خائفين حتى من أنفاسنا, عندما نسمع طرقاً أو جرس باب المنزل نفزع و تنتفخ أوداجنا عندما يغلق أحدهم باب سيارته تحت شباكنا, نغير طريقنا عندما نلمح أحدهم يتبختر بمسدسه الظاهر على خصره, نتلعثم عندما يحدثنا أحدهم باللهجة العلوية حتى و لو لم يكن علوياً, نتعرق عندما يسألنا عن هويتنا الشخصية, و نودع أهلينا عندما نطلب لزيارة فرع أمني.
نعم, لقد زرع هذا النظام الخوف فينا و سلبنا الثقة بأنفسنا و جعلنا أقرب للقطيع منا للبشر و الانسانية.
اليوم غابت عني حقيقة ناصعة و واضحة, واقع نعيشه منذ ستة عشر شهراً, منذ انطلاق الثورة السورية العظيمة. لم نعد نخاف. نعم, نحن السوريون و بأكثريتنا لم نعد نخاف. الخوف كالزجاج لكننا كسرناه. الخوف كالظلام و لكن شمسنا بدأت بالظهور من جديد.

ضحكت كثيراً و كأني كنت في كابوس حقيقي و صحوت منه, أغلقت جهاز الكومبيوتر و ضحكت و علت ضحكتي أرجاء المنزل حتى صحى أفراد عائلتي متعجبين متسائلين. قلت لهم: كنت أضحك لأني لم أعد أخاف, كنت أضحك لأن الشيطان الأسدي الذي سكنني عقوداً انعتقت منه نهائياً, كنت أضحك لأني أحسست أن الطاغية الأب حافظ الأسد مات. مات بلعنات السوريين و لم يعد يحكم سورية من قبره.
صحيح أني حذفت ما كتبت البارحة و لكني لن أتوقف عن الكتابة بعد اليوم و لن أحذف أو أحرق أي من لعناتي على حكم الاستبداد, أو أي حكم استبداد بعد اليوم.

29-8-12
خالد قنوت



#خالد_قنوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مازال البحث مستمراً.. -حدثت في الصحراء العمانية, ربيع سنة 20 ...
- سقوط العنقاء السورية
- ثوار ضد الثورة
- ميغ 21
- الموت و لا المزلة
- جبال الصوان.. في وطن الياسمين
- قانون العزل السياسي, حق أم واجب
- مسودة بيان من أجل الوطن
- يا ثوار سورية لا تتركوا التحرير
- من مذكرات طاغية في زمن التغيير
- بيان صادر عن المنتدى الديموقراطي السوري الكندي
- الطريق إلى دمشق
- سؤال البديهيات
- المجنون طليقاً
- الدولة و اللادولة


المزيد.....




- متحدثة البيت الأبيض: أوقفنا مساعدات بـ50 مليون دولار لغزة اس ...
- مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء ...
- عناصر شركات خاصة قطرية ومصرية وأمريكية يفتشون مركبات العائدي ...
- بعد إبلاغها بقرار سيد البيت الأبيض.. إسرائيل تعلق على عزم تر ...
- أكسيوس: أمريكا ترسل دفعة من صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
- ميزات جديدة لآيفون مع تحديث iOS 18.4
- موقع عبري يكشف شروط إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية ب ...
- مصر.. -زاحف- غريب يثير فزعا بالبلاد ووزيرة البيئة تتدخل
- تسعى أوروبا الغربية منذ سنوات عديدة إلى العثور على رجال ونسا ...
- رئيس الوزراء الإسرائيلي: ترامب وجه لي دعوة لزيارة البيت الأب ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد قنوت - لعنة الأسد أم لعنات الشعوب