|
عن رؤية الحل وسياسة العزل في سوريا
سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي
الحوار المتمدن-العدد: 3834 - 2012 / 8 / 29 - 00:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعتقد أنه لا اتساق بين حل الأزمة ومحاولات عزل الدولة السورية دوليا وإقليمياً عبر عزل نظامها الحاكم..بمعنى أن من أراد العزل فهو وبالتبعية يريد تعميق الأزمة وإطالة أمد الحرب..كنت ومنذ بدء الأزمة أرى أنه لا جدوى من سحب السفراء العرب من دمشق، فمع توالي سحب السفراء بقرارات من الجامعة العربية رأينا أنه لا تأثير حقيقي وجدي على الصراع، ناهيك عن رفض عدة دول عربية لتلك النوعية من القرارات كالجزائر والعراق والسودان واليمن ولبنان لسحب سفرائهم..وهذا مؤشر علي "سطحية " قرارات الجامعة كونها كانت قرارات سياسية كيدية في المقام الأول.
أقول كيدية لأن الجامعة العربية كالت بمكيالين عبر التغاضي عن ما يحدث في البحرين والسعودية فخرجت قراراتهم فارغة المضمون ومشوّشة الهوية، فمرجعية القرار تستند لحقوق الشعوب ووقف إراقة دماء المتظاهرين، في حين تأتي الدولتان العربيتان "السعودية والبحرين" ضمن عداد الدول التي تنتهك حقوق الإنسان ولا تسمح للتظاهر السلمي لمواطنيها..وأي قارئ –منصف وغير مؤدلج –سيرى تلك الكيدية بوضوح في مشاهد القمع والقتل للمعارضة في تلك الدولتين.
أيضاً فقرارات الجامعة خرجت لتصادر حق بشار الأسد في إتمام خطة العمل العربية كإنسان ونظام يري في نفسه الحرية......تلك الخطة التي توازت مع سحب السفراء العرب أواخر العام 2011 وأقرتها الجامعة في مفارقة سياسية غريبة تنم إما عن سطحية وسذاجة هؤلاء السياسيين، أو تعمدهم إفشال الخطة العربية بمكر سياسي يبحث عن الأزمة ولا يبحث عن الحل، فالقرار واضح جدا أنه لا يهدف للحل وإلا صبروا أسبوعاً واحداً يرسلون فيه لجنة تقصي الحقائق ولجنة المتابعة العربية-حينها- ليتأكدوا من إتمام بشار للخطة العربية..ولكن عدم صبرهم وابتزازهم لبشار الأسد كان مقدرا له في السابق ويتوقعون نتائجه ..
أما عن الحل فلن يخرج من إنجاز حوار داخلي سوري لا يستثني أحد، حواراً تخرج منه كافة الأطراف راضيةً مرضية، بل وينبغي أن يتوازى السير في هذا الحل مع وضع مبادئ عامة وخطوط حمراء تنجلي معها كافة الترسبات والتصرفات المخطئة التي صاحبت عمل كل الأطراف، سواء من جانب الحكومة بإنهاء عمل الشبيحة"البلطجية" ونزع سلاح العائلات، أو من جانب المعارضة بإنهاء عمل التنظيمات الإرهابية العربية والأجنبية التي وفدت لسوريا تحت مسمى الجهاد، بالإضافة إلى عقد خطة عمل "إقليمية" تندمج فيها كافة التشكيلات العسكرية للمعارضة في إطار الجيش الوطني بالتوازي مع إنجاز مصالحة وطنية تهدف لوضع دستور ديمقراطي يعقبه انتخابات برلمانية ورئاسية حُرة ونزيهة بإشراف دولي وإسلامي وعربي كامل
العقبات في طريق الحل ستأتي حتماً من الخارج خاصةً من المجلس الوطني السوري الكائن بمدينة اسطنبول وهو مدعوم من تركيا والخليج، وعلى العكس من ذلك أرى أن النظام الحاكم في سوريا سيقبل بأي حل سياسي طالما كان يهدف لبقائه، وسر يقيني ينبع من كون المجلس قد تم بنائه خصيصاً لهذا الغرض ألا وهو إسقاط النظام الحاكم ، فمن غير المنطقي أن يتخلى عن ما كان سبباً لنشأته..هذا من ناحية..من ناحية أخرى كون المصالحة والانتخابات ستضعهم في موقف حرج للغاية، إذ لو تبينت شعبية بشار الأسد وفوزه وحزبه في الانتخابات فهذا يعني إلقاء عبء خسائر الحرب كلها عليه وعلى كافة المعارضين في السابق، فغالب استطلاعات الرأي التي نشرتها بعض المواقع والصحف أعطت فوزاً شعبيا لصالح النظام الحاكم...وبغض النظر عن أسباب هذا التوجه من السوريين وشكله وصفته فهو مؤشر شعبي سوري على رفض غالبية الشعب السوري لأعمال المعارضة أو تخوفهم منها.
كذلك فسياسة إدخال لجان المراقبين سواء كانوا عرباً أو أجانب هي سياسة تصب في صالح الحكومة السورية ابتداء...وليس انتهاء..إذ في الأغلب تكشف تلك اللجان تجاوزات المعارضة بجانب تجاوزات الحكومة، وبالتالي تشكيل عقلية جديدة للتعامل مع الأزمة تساوي بين القوتين على خلاف المشهور على مستوى الإعلام الخليجي والغربي، أيضا فباستطاعة المعارضة أن تستغل وجود هذه اللجان في توسيع رقعة عملها على الأرض والقيام بالحشد القوي والمؤثر، وقد رأينا ذلك بوضوح أثناء عمل لجان المراقبة العربية وأخيراً لجنة الأمم المتحدة وجهود كوفي عنان ، بينما وفي عهد الإبراهيمي-بديل عنان- كانت الحكومة السورية قد استوعبت الدرس، فلجأت لخيار الحسم العسكري بالتوازي مع إنجاز العملية السياسية، في استغلال واضح لصورة المعارضة المسلحة كونها خارجة عن إرادة الدولة السورية بقوة السلاح، وهذا مالا ترضاه أي دولة ولا تستطيع التصريح بشرعيته بعيداً عن منطق الدفاع عن النفس الذي أصبح هو الآخر في مهب الريح بعد تكرار استيلاء المعارضة المسلحة على عدة مدن كبيرة ثم انسحابهم منها.
#سامح_عسكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لا يوجد قتل للمرتد في الإسلام
-
السمو الإسلامي في السياسة ونعرات الجاهلية
-
الأزمة -الطائفية- داخل جريدة الحرية والعدالة
-
تشوش الفكرة الإصلاحية الإخوانية
-
إِشكالية الهوية الإخوانية في ظل العلاقة مع الولايات المتحدة
المزيد.....
-
الأميرة البريطانية بياتريس تنجب طفلتها الثانية أثينا
-
حفرة أرضية تبتلع أعمدة كهرباء خلال عملية إنقاذ سيارة في حفرة
...
-
سوريا.. إدارة العمليات العسكرية تعلن أحمد الشرع رئيسًا مؤقتً
...
-
الإدارة السورية الجديدة: إلغاء العمل بالدستور وحل الجيش وتعي
...
-
الإدارة السورية الجديدة تعلن وقف العمل بالدستور وتعيين الشرع
...
-
أمير قطر يبارك لأحمد الشرع بتوليه قيادة الدولة السورية الجدي
...
-
السعودية توقع اتفاقية لإنشاء مكتب إقليمي للإنتربول بالشرق ال
...
-
غضب فلسطيني وعربي رافض.. مظاهرة في رام الله ضد تصريحات ترامب
...
-
طلاب مصريون في ورطة بسبب قرار ترامب تجميد منح تعليمية
-
واقيات ذكرية أمريكية لغزة؟
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|