محمد المساوي
الحوار المتمدن-العدد: 3833 - 2012 / 8 / 28 - 18:34
المحور:
الادب والفن
عادَا بعد أسبوع قضياه خارج الوطن في أداء مهمة حزبية، وفي بهو المطار وهما ينتظران دورهما أمام شباك الجمارك باغتته بطلب غريب ولذيذ، قالت له:
- قبّلني...
- ماذا تقولين؟ هل سأقبّلك أمام هذا الحشد؟
- قلت لكَ قبّلني...
اعتراه فرح طفولي، استجمع قواه وأطبق بشفتيه قبلة صاعقة على شفتيها، أعقبها صمت متواطئ عليه، تركا خلاله لجسديهما مساحة للبوح عن بعد.
عند الباب الخارجي للمطار استقلّا سيارة أجرة لتوصلهم إلى مقر الحزب، وأثناء الطريق قال لها:
- لماذا طلبتِ مني هذا الطلب الجميل؟
- ليشهد العالم على حبنا، قالت له.
سرّه الأمر كثيراً، قال في سِرّه هنيئا لحبّنا شرعية الضوء بعد أن أعياه الانزواء في الزوايا والأركان.
بعد وصولهما إلى مقر الحزب لم يتبادلا حديثاً مطولاً بل اكتفيا بما قلّ، ثم ختما كلّ ذلك بقبلتين خفيفتين، وودّعا بعضهما البعض وكلهما أمل.
في الغد قصد مكتبه صباحاً، وكعادته افتتح نهاره بتصفح جريدة الحزب، وبينما هو يتصفح، وقعت عيناه على صورة حبيبته في الزاوية المخصصة للتهاني، دنا الجريدة من عينيه، فقرأ تهنئة زواج حبيبته من رجل لا يعرفه، استغرب للأمر كثيراً وقال مع نفسه ربما هي هلوسة المحب، أو "تهيؤات" ما بعد قبلة المطار ! فرك عينيه بيديه وأعاد قراءة التهنئة؛ إنها هي!!! صورتها، اسمها، عيناها... لكن من الذي بجانبها؟؟
نزل بثقله على مكتبه ودفن رأسه في الجريدة، استعرض شريط ذكرياتهما، توقف كثيراً عند الوعود التي قطعها على نفسيهما أمام بعضهما البعض، تذكر مقطعاً من قصيدة درويش، "ّمديح الظل العالي" : " أهدي إلى جاري الجريدة كي يفتش عن أقاربه ...أعزّيه غداً"، لملم شظايا جسده الموتور وأخرج من جارور مكتبه ورقتين؛ كتب في الأولى رسالة استقالة احتجاجاً على عدم احترام إعلام الحزب لمشاعره؟ وكتب في الثانية رسالة تهنئة إلى حبيبته بمناسبة زواجها.
وفي أسفل التهنئة كتب: ألهذا كانت القبلة في بهو المطار؟
#محمد_المساوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟