أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالله خليفة - المنبريون والجمهور














المزيد.....

المنبريون والجمهور


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3833 - 2012 / 8 / 28 - 07:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


غدت ثقافةُ المنابر سائدةً رغم دخولنا الزمن الديمقراطي

هي تؤكدُ إن البناءَ الفوقي لم يتغير

تعتمد ثقافةُ المنبرِ على المنولوج المتعالي، فالرجل يتكلم من دون اعتراض، لأنه تمسك بجهة آمنة، وهو بهذا لا يجتهد بل يكرر كل يومٍ ما قاله سابقا، فالجمهور مغيّب عن الحضور الفاعل، ويعطيه المنبر حصانةً لا يمتلكُهَا في الحياة العادية، وهو ينساقُ للسهولة، وللتكرار، وللعودة لما هو منسوخ من الأيام السابقة أو الأعوام الراحلة، ولا يرى أن الزمن تغير، لأنه لا يعتقد بوجود تغيير، وربما لا يعتقد حتى بوجود زمن، فهو يعيش في المطلق، في اللاتغيير، ولهذا فمن سفاسف الأمور أن يهتمَ بالمعاش، وبالأجور، وبتصاعدِ الأسعار وبغلاءِ السكن، فكلُ هذه خارج الحقيقة السرمدية للمؤمنِ الصالح الذي لا يتغير وأن فَسد فبعوامل خارجية شيطانية ويبقى جوهره النظيف لا يتلوث بعوامل التعريةِ والقلق والتمرد الذي يثيرها المعاشُ الملعون.

نَسخُ الكلمات تتضمن إعادة منولوجية رصينة ثابت الجنان حتى لو ضاع الورقُ أو تداخلت مع قراطيس الماضي أو تغيرت أمكنةُ العبارات فهي لا تتبع واقعاً خارجياً بالرصد والتحليل أو ترصد بشرا من لحمٍ ويعيشون في حِجرٍ ويتنفسون هواء ملوثاً، ويتعادون ويتقاربون، فحركاتهم هي خارج الزمن الديني السرمدي الباقي، (كُتبت عليهم المقادير) فما عادوا مؤثرين.

فما بالك أن يكون خندقا المحورين السياسيين المذهبيين المتصارعين، يعبران عن غياب قراءات موضوعية ديمقراطية للتراث، وكشف سيرورة تفكيك المسلمين بشكلِ خندقين، وتحول أحد المحورين لرأسمالية دولة عسكرية والأخرى محافظة، فلا تقدران على التوحيد والسلام والتنوير؟

ومع هذا فإن المنبريين يلحون ويغضبون ويتألمون ويصرخون ويأتون ربما بعباراتٍ بليغة، وهذا الجمهور لا يتحرك ولا يتغير، يستمر في مشاكله وصراعاته من دون حل.

منبريون يدعون للسلام والأمن، ومنبريون آخرون يدعون لزعزعة الأمن.

هؤلاء غير قادرين على جعل الناس كلهم دعاة أمن ولا أولئك قادرون على إشاعة الاضطراب في كل مكان.

المشكلةُ في الناس وليست في المنابر.

المنابر ليست سوى مظاهر لاضطراب وتخلف وأمية في الناس، وعدم قدرتهم على السيطرة على مصيرهم، كالموج في البحر تدفعه الريح، غير قادر على فهم الرياح والسيطرة عليها.

دعاةُ الاضطرابِ يؤثرون أكثر لأنهم يُظهرون أنفسهم بأنهم يهتمون بمعاشِ الجمهور، فيخدعون الناسَ بتصوير أنفسهم معنيين بأجورهم وسكنهم فيجعلونهم يضطربون من دون تحول إيجابي.

الجانبان لا يحللان بقدر ما يُنزلان مطراً صناعياً من كلمات، فالأجر والسعر والسكن وزحام العمالة وعدم بناء السوق الاقتصادية الحرة وعدم تخطيطها وقوانين الاقتصاد كلها بحاجة للمعرفة كي تصل إلى حالةِ الجمهور المعني هذا المفكك في المنابر، وهي الحالةُ المعبرةُ عن غيابهِ عن المنبر السياسي الحر، فيغدو الجمهور الحاضر غيرَ موجود حواراً وقضيةً رغم حضوره الجسدي الواسع.

بالمذاهب لا يظهر الجمهور بل بالحداثة والديمقراطية والعلمانية.

لا يريد المنبريون الخروج من أسبقية النص، والاعتراف بأسبقية الوجود، فالوجود هو الذي يشكل النص من أقدم الأزمنة، وكانت الأديان قراءات للموضوعات ومشاهد حياة البسطاء والعاملين، والمحوران المذهبيان السياسيان في المشرق العربي الإسلامي ليسا نتاج مذاهب محافظة فقط، بل نتاج سياسات قومية متخلفة في مساراتها التحديثية كذلك.

وصار النص مع تكراره شاحباً، فقيراً إلى مادة الناس، وإلى سماع أنينهم وصراخهم وعذاباتهم وسعاداتهم القليلة، ولتوحيدهم وقبضهم على الرياح قبل أن تعصف بهم وتلقيهم في البحار ولججها العميقة.

كان معبراً عن شقائهم البشري رغم اختلاف المذاهب والديانات والأفكار الحديثة، وغدا فقيراً أكثر في نصه وكلماته ومعانية كلما صار نائياً في وجوده الاجتماعي، مستريحاً في عيشه الفردي.

المنبريةُ ليست حالةُ واحدة، وليست حالة خطاب معين، بقدر ما هي أزمة فكرية اجتماعية، فهي تتحول لمنابر متعالية حين تنقطع العلاقات بين الحبر والواقع، حين يغدو النص السياسي حالات من الانتهازية والاستغلال السياسي للعلو حتى ضد الحقيقة الموضوعية، وضد دراسة البنى الاجتماعية وقوانينها، وقطع شرايين صلاتها وتعليقها في دعوة.

اختراق المنبرية المتعالية حين تستطيع الكلمات أن تصنع تغييراً في الواقع لصالح الناس.

صراعُ المحورين الدينيين السياسيين لا يشكل حياةً، بل فواجع، وصراعُ البرلمان لإنتاج خطة اقتصادية شعبية يضيء مصابيح الواقع.

قدرة المنبر في كشفه الواقعَ حياةٌ له، والتقريب هو تقريب الأحياء الشعبية لا تقريب الفقرات الفقهية المجردة، ولا تقريب القبور، هو نشر الحياة.

المنابر الثقافية والسياسية في علوها عن الحياة موتٌ لها.

حين ينسخ الناثر أو الشاعر كلمته كل فترة يكرر المنبر المتعالي، يعتبرها وسيلةَ عيش أو رزق، فيما هو ينشر الاصفرار داخله وخارجه.

وعندما تلوح إمكانيات كبيرة من هذا الرزق تبدأ سنوات القحط.

حين تداخلت المدارس الواقعية والتعبيرية والتجريدية بأشكال منبرية متعالية، عبر قمم النخب السعيدة بحظوظها الاجتماعية المالية، زالت الفروق الباحثة عن الحياة، مثلما تداخلت المنابر الاشتراكية والشمولية والقومية والدينية والرأسمالية لتغدو يميناً غير ديمقراطي ناشراً للقحط.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إصلاحُ رأسمالية الدولة
- الطوائفُ اللبنانيةُ والحراكُ السياسي
- كسرُ عظمٍ على أسسٍ متخلفة
- النقدُ الذاتي وليس المراوغة
- خارجَ الطائفةِ داخلَ الطبقة
- بُنيتا الحداثةِ الاجتماعية
- المفكرُ والتحولات
- جورج لوكاش(٢-٢)
- جورج لوكاش (١-٢)
- المحافظون والديمقراطية الاجتماعية
- تدهور الثقافة في البحرين
- عالمُ المماحكاتِ
- تقاسمُ المستعمراتِ الإسلامية
- التنظيمات والبالونات
- تناقضات المنطقة
- مساعدةُ الثورةِ السورية واجبٌ قومي إنساني
- الديمقراطيةُ الشموليةُ
- العودةُ الحادةُ للوراء
- حركةُ النهضةِ التونسية.. الأيديولوجيا والحراكُ السياسي ( ...
- نماذج فرديةٌ للخيال الاجتماعي


المزيد.....




- صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب ...
- لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح ...
- الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن ...
- المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام ...
- كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
- إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك ...
- العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور ...
- الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا ...
- -أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص ...
- درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - عبدالله خليفة - المنبريون والجمهور