أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ميثم الجنابي - التقاليد الإسلامية العامة في نقد الأديان















المزيد.....


التقاليد الإسلامية العامة في نقد الأديان


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 3832 - 2012 / 8 / 27 - 10:35
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ارتبطت الصراعات الفكرية الأولى في تاريخ الإسلام بالقضايا السياسية. وافرز هذا بدوره التيارات السياسية والفكرية الأساسية والتأسيسية من خوارج وشيعة ومرجئة وقدرية ومعتزلة. وهي مدارس مختلفة ومتباينة، احتوت على كل النماذج الأساسية المميزة لحركة الحضارات الكبرى من عقلانية ولا عقلانية، تقليدية ومعارضة للتقليد، متحررة ومتزمتة. كما لم يخل أي جانب من جوانب الإبداع النظري والعملي في ميادين الأدب والكلام والفلسفة واللغة والتاريخ عن الصراع والجدل والحوار. ووجد ذلك بدوره انعكاسه الخاص في علم الملل والنحل بوصفه علم الموسوعات الفلسفية والدينية. وهي موسوعات تمثلت وعبرّت في مجرى تطورها عن طبيعة الصراعات الفكرية وحوارها، وبالتالي تعمق وترسخ تقاليد الرؤية العلمية عنها .
وفيما يخص الأديان، فقد بدأ الاهتمام العلمي بتاريخها منذ زمن مبكر في الحضارة الإسلامية. إذ بدأ البحث في جمع آثار القدماء وأديانهم منذ القرن الأول للهجرة. وظهرت أولى الكتب المتخصصة بهذا الصدد في القرن الثاني للهجرة على يد ابن الكلبي كما في مؤلفه (كتاب الأصنام) أو كتاب أديان العرب "الجاهلية". وتزداد هذه الدراسات والأبحاث بالتوسع والتعمق في القرن الثالث للهجرة، كما هو الحال في كتابات الكندي (رسالة في افتراق ملل التوحيد) والنوبختي (كتاب الآراء والديانات) وبين صرصر (ت – 293) في قصيدته النونية التي احتوت على أربعة آلاف بيت، ومحمد بن احمد الترمذي (ت – 295) في كتابه (اختلاف أهل الصلاة في الأصول)، وفي القرن الرابع للهجرة في كتابات أبو يزيد البلخي ( – 322) وبالأخص في كتابه (شرائع الأديان) والنسفي (ت – 318) في كتابه (الرد على أهل البدع والأهواء) وفي القرن الخامس في كتابات محمد بن عبيد الله المصبحي (ت – 420) في كتابه (درك البغية في وصف الأديان والعبادات) والبيروني (ت – 440) في (ما للهند من مقولة…) وأبو المعالي محمد بن عبد الله (ت – 485) في كتابه (بيان الأديان) وكثير غيرها.
فإذا كانت الدراسات الأولى مرتبطة أساسا بالفرق الإسلامية كما هو الحال عند الكعبي والاشعري وغيرهم، فإنها أخذت في مجرى تطور الحضارة الإسلامية على احتواء فرق الأديان الأخرى والمدارس الفلسفية من نصرانية ويهودية ومانوية وزرادشتية وبراهمة وغيرهم كما هو الحال عند الباقلاني والبغدادي وابن حزم وغيرهم. بينما ستظهر في وقت لاحق دراسات مستقلة متعلقة بمقارنة الأديان كما هو الحال عند البيروني (ت-440).
وعمقت هذه الدراسات الكثير من نتائج الصراع الفكري والعقائدي، وكشفت في نفس الوقت عن التأثير المتبادل بين مختلف الاتجاهات. إضافة لذلك بينت في مواقفها وتحليليها الكثير من الجوانب التاريخية المتعلقة بظهور الأديان وخصوصياتها وكيفية نشوء فرقها ومذاهبها. إلا أن ذلك لا يعني تشابهها في الموقف من الأديان. أي أننا نرى نفس الصورة الكبرى التي ميزت مواقفها من الإسلام وفرقه. فهناك من استعرضها كما وصلت إليه، وهناك من حاول تحليلها بصورة موضوعية وحيادية، بينما انتقدها البعض وهاجمها الآخر. وهي مواقف حددها في الأغلب منهجية المؤرخ والمفكر وانتمائه الفرقي (بالمعنى الإسلامي) والأسباب المباشرة القائمة وراء تناوله إياها. إلا أن ما يميز هذه الدراسات هو ارتقائها النسبي مقارنة بدراسة الفرق الإسلامية. بمعنى أنها استفادت من أساليبها السابقة في تحليل الفرق الإسلامية ونقدها.
كانت تجربة التعامل مع الفرق الإسلامية مقدمة عمقت الوعي الذاتي وسلحته في نفس الوقت بأساليب الرؤية العقائدية والفلسفية في التعامل مع الآخرين، أي أن الجدل مع الأديان الأخرى لم تحدده السياسة وتأثيراتها المباشرة في المواقف الفكرية. مما أعطى للموقف من الأديان الأخرى صيغة الجدل العقائدي الديني العام. الأمر الذي نلاحظه في القرنين الأول والثاني الهجريين في الموقف من النصرانية واليهودية. بينما تغيرت الحالة نسبيا بعد ذلك، رغم أن العناصر الجوهرية الكبرى في الموقف من الأديان الأخرى (التوحيدية) ظلت كما هي. فهي لم تظهر في القرنين الأول والثاني بفعل السيادة العربية الإسلامية وانتصاراتها العسكرية الكبرى على النطاق العالمي وكذلك بفعل الموقف الإسلامي من "أهل الكتاب"، ومعارضته للجدل، والتسامح العميق المميز للإسلام بشكل عام وفي مراحل صعوده الثقافي بشكل خاص. وهي أسباب نرى ملامحها الجلية في تعدد الفرق واختلافاتها وتنوع الأديان وحرية أتباعها في ممارسة عباداتهم ومعتقداتهم، بما في ذلك اشتراكهم في الحياة الاجتماعية والعلمية والإدارية للدولة، واحتلالهم لمواقع متقدمة من السلطة (كتّاب وأطباء وندماء). وهي ظاهرة بدأتها الخلافة الأموية ووسعتها الخلافة العباسية. فإذا كانت الدولة الأموية قد قربت النصارى أساسا، فان العباسية أشركت النصارى واليهود والمجوس والصابئة وغيرهم. واحتوت هذه الظاهرة في أعماقها على دبيب الصراع الخفي بين الأديان أيضا، باعتباره جزءا من عملية حضارية موحدة كبرى. وتشكيل أساليب علم الكلام وجدله مع الأديان نموذج عمليا لذلك.
فقد عكس علم الكلام مختلف المواقف من الأديان بالشكل الذي ميز خلافات فرقه ومدارسه الكبرى والصغرى. إذ نرى في مواقفه منها صيغا معتزلية واشعرية وظاهرية وغيرها. غير أن ذلك لا يعني وجود خلافات جوهرية تامة بين هذه المدارس الإسلامية من الأديان الأخرى. إننا نعثر على اشتراكهم في المواقف الأساسية الكبرى فيما يتعلق بالدفاع عن الإسلام ومبادئه الكبرى وأفضليته. وقد أدت هذه العملية إلى تعميق هوة الخلاف بين الإسلام والأديان الأخرى من جهة، وساهمت في تعميق الرؤية العلمية والمواقف النقدية من جهة أخرى. ووجد ذلك انعكاسه الأولي فيما تشير إليه المصادر التاريخية وكتب السير عن المؤلفات المتعلقة بدراسة الأديان من جانب اغلب المدارس والفرق الإسلامية. فمن بين المعتزلة تجدر الإشارة إلى مؤلفات الأصم (ت-200) مثل كتاب (الرد على اليهود)، ومؤلفات العلاّف أربعة كتب أحدها على اليهود وآخر على النصارى وثالث على عمار النصراني ورابع عن أهل الأديان. كما ألف المردار (ت – 226) كتاب الرد على النصارى وكتاب الرد على أبي قرة النصراني. أما أبو عيسى الوراق (ت – 247) فتنسب له أربعة كتب ثلاثة منها في الرد على النصارى الكبير والأوسط والصغير، وكتاب في الرد على اليهود. وكتب الجاحظ رسالة (الرد على النصارى). كما كتب من بين ممثلي الفرق الإسلامية الأخرى كالجبرية والاشعرية وغيرهم كتبا عديدة بهذا الصدد مثل كتاب ضرار بن عمرو في (الرد على أهل الملل) وكتاب (الرد على النصارى)، كما صنف النوبختي كتابا عن (الآراء والديانات)، وكتب ابن الراوندي جملة رسائل في مهاجمة الأديان، كما تناول هذه القضايا الباقلاني في كتابه (التمهيد)، والجويني في (الإرشاد) وفي (شفاء الغليل فيما وقع في التوراة والإنجيل من التبديل) .
وفيما لو جرى تكثيف الفكرة العامة والسياق العام لتقاليد نقد الأديان في الثقافة الإسلامية فمن الممكن حصرها بما يلي: كان نقد الأديان في الثقافة الإسلامية جزءا من بحثها عن اليقين. وذلك لان هذه الانتقادات جرت ضمن إطار التأسيس لما تدعو بالتوحيد الحق. إذ لم يكن اهتمامها موجها من اجل الكشف عن التوثيق والتدقيق في المصادر بقدر ما كان موجها من اجل بيان طبيعة الابتعاد عن ماهية الحق كما جرى إدراكه ضمن مفاهيم التوحيد الإسلامي. ولم يعن ذلك أنها أهملت تأمل وتتبع المصادر التاريخية، بقدر ما أنها وضعت أولوية اهتمامها في التدليل على أن اليقين الحقيقي يفترض كحد أدنى القبول بالعقائد الكبرى التي بلورها الإسلام عن التوحيد، باعتبارها تجسيدا معقولا له. وهو ما سأتناوله في أبحاث لاحقة.



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد الأديان والبحث عن الوحدانية في الثقافة الإسلامية
- فلسفة الإيمان عند الغزالي (2-2)
- فلسفة الإيمان عند الغزالي (1-2)
- منهج الشهرستاني في تقييم وتصنيف الفرق الإسلامية
- المنهج الجدلي لابن حزم في تصنيف وتقييم الفرق الإسلامية
- تصنيف وتقييم البغدادي للفرق والمدارس الإسلامية
- تصنيف وتقييم الفرق الإسلامية عند الاشعري
- الفلسفة والبحث عن الاعتدال العقلي (2-2)
- الفلسفة والبحث عن الاعتدال العقلي (1-2)
- الطائفية السياسية – الأفق المسدود (التجربة العراقية)
- المصير التاريخي للغلو السلفي السياسي في العالم العربي
- الكواكبي ومرجعية الدولة السورية
- الكواكبي- الإصلاح والثورة!
- فلسفة الإصلاح والحرية عند الكوكبي
- الخطأ والخطيئة في المعادلة السورية
- سوريا وإشكالية موقعها في الصراع العربي والعالمي
- الأبعاد الجيوسياسية في الصراع الروسي - الأمريكي حول إيران وس ...
- الفيتو الروسي والقضية السورية
- رد على مقال الطيب تيزيني (دبلوماسية في خدمة الجريمة)
- الوحدة والتنوع في الظاهرة الإسلامية في آسيا الوسطى


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ميثم الجنابي - التقاليد الإسلامية العامة في نقد الأديان