ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 3820 - 2012 / 8 / 15 - 16:05
المحور:
الادب والفن
ماثيو آرنولد-قصيدتان-مع النص الأصلي
ترجمة وتقديم: ماجد الحيدر
ماثيو أرنولد Arnold, Matthew 1822-1888: شاعر وناقد إنكليزي، واحد من أكثر الشعراء والمربين تأثيراً في العصر الفكتوري، ويشكل مع تنيسون وسوينبرن الثلاثي الذهبي للشعر الإنكليزي في العصر الفكتوري (1837-1901). كان والده توماس آرنولد رئيسا لمدرسة "ركبي" العريقة التي درس فيها ماثيو قبل أن ينتقل الى جامعة أكسفورد حيث اشتهر وهو طالب فيها ونال إحدى جوائزها الشعرية. اشتغل بعد تخرجه بتدريس الآداب الكلاسيكية في مدرسة ركبي ثم عمل لأكثر من ثلاثة عقود مشرفاً تربوياً وأستاذا للشعر في أكسفورد وقام أثناء ذلك بجولات علمية وتدريسية في أمريكا وأوروبا.
كان آرنولد يؤمن بحاجة إنكلترا الى المزيد من الانفتاح على الثقافة والأدب ، وهي الفكرة التي آمن بضرورتها إزاء انتشار القيم المادية الميكانيكية وطمس الحاجات الروحية في عصر الانتشار الكولونيالي الذي اتسم في رأيه بإفراطه في المحافظة والنفعية والغرور.
إن قصائده (ومنها هاتان القصيدتان) تتسم بالطابع الفلسفي والتأمل العميق الحزين في جوهر الوجود الإنساني. وهذا اليأس الفلسفي والإحساس بالعزلة يجدان أفضل تعبير لهما في هذه الأبيات المنتقاة من إحدى قصائده:
تائها بين عالمين
واحدٌ ميتٌ ، وآخر لا يقدر على الميلاد
ليس لي من مكانٍ أريح فيه رأسي
أنتظرُ على الأرض
بائسا ... مثل الآخرين
ورغم عمق شكوكه الدينية، كتب آرنولد العديد من القصائد التي حاول فيها ترسيخ الحقائق الأساسية لمعتقداته المسيحية بإزاء المبادئ الدوغمائية التقليدية لعصره. ودافع كذلك في مجموعة من مقالاته نشرها بعنوان الثقافة والفوضوية (Culture and Anarchy ,1867-1868) عن أهمية الثقافة في مواجهة المادية العلمية، كما حاول (من خلال إيمانه بأن الأدب يمكن أن يوجه الثقافة ويعيد تشكيلها) أن يجعل إنكلترا أكثر تحسسا وتقبلاً للقيم الراقية في الفن والأدب. ترك آرنولد -بالإضافة الى مجموعاته الشعرية- العديد من الدراسات الأدبية والنقدية ومنها "دراسة في الشعر-1880" و "وظيفة النقد في العصر الراهن-1865".
(شكسبير)
أسئلتُنا تقيـِّدُ الآخرينَ .. لكنكَ حرٌّ.
نحنُ نسألُ ، ونسألُ .. لكنك تبتسمُ
وتظلُ ساكناً .. متسيِّداً ذُرى العلمِ بالأشياء
لأن أسمقَ الجبالِ ،
ذاكَ الذي يخلعُ تاجَ جَلالِهِ للنجوم ،
مُنبِتاً في البحرِ أقدامَهُ الراسخات ،
مقيماً في سماءِ النعيم ،
لا يُسخِّرُ غيرَ بعضاً من سفوحِهِ الغائمات
في البحث عن خلودٍ لا يُنال.
**
لكنّكَ ، يا مَن أدركتَ خُيوطَ الشمسِ ، وعرفتَ النجومَ
وعلّمتَ نفسَكَ ، تأمَّلتَ نفسكَ ، أكرمتَ نفسك،
وصِرتَ مِن نفسِكَ في حِرزٍ أمين ،
مشيتَ على الأرض ولم يحزرْكَ أحد ... وذاك أجدى وأفضلُ !
**
كلُّ ما على النفوسِ الفانيةِ أن تقاسيه
كلُّ ضعفٍ يُتلِفها ، كلُّ حزنٍ يحني ظهورَها
في جبينِكَ الظافرِ ... تَلقى خطابَها الوحيد !
(ساحلُ دوفر )
البحرُ ساجٍ هذه الليلةَ.
المدُّ في أقصاهُ ... والقمرُ يرقدُ في جمالٍ
على صفحةِ المضيق.
هناك ، في الساحلِ الفرنسي
تترقرقُ الأضواءُ ، ثم تخبو
وهنا تنتصبُ شواطئُ إنكلترا الصخريةُ
جليلةً .. وامضةً.. ناتئةً في الخليجِ الرائقِ.
تعالَي الى الشُبّاكِ يا حبيبتي ، عليلٌ نسيمُ الليلِ!
أنصتي! لا شيءَ سوى صلصلةِ الحصى
مِن هناكَ .. مِن خيطِ الرذاذِ الطويلِ
حيث يلتقي البحرُ بالأرضِ التي أنارَها القمرُ،
إذ يُجرجِرُهُ الموجُ ، ثم ينثرُهُ حين يعودُ
فوقَ الشاطئِ المُتعال ،
زاحفاً ، ساكناً ، زاحفاً من جديدٍ
في وقعٍ راجفٍ رتيبٍ
يسوقُ للقلبِ .. هذا اللحنَ السرمديَّ الحزين.
**
في زمانٍ سحيقٍ
أنصَتَ "سوفكليسُ" إليه
عندَ الشواطئِ الإيجيّة
وذَكَّرَتْهُ شقاءَ البشرِ ، في اضطرابِ مدِّهِ وفي الجَزْرِ.
مثلُهُ نحنُ نكتشفُ في ذا الصوتِ
فكرةً ... نسمعُها عند ذا البحرِ الشماليِّ البعيدِ
**
بحرُ الإيمانِ كان أيضاً
طافحاً ذاتَ يومٍ ، يلفُّ شاطئَ الأرضِ
كَطَيّاتِ زنّارٍ وضّاء.
لكنني لا أسمعُ الآنَ
غيرَ هديرِهِ المتراجعِ ، الكئيبِ ، الطويل
تجرجرُهُ أنفاسُ العواصفِ الليليةِ
لترميهِ ، هناكَ عند التخومِ الفسيحةِ القَصيَّةِ
وحصباءِ الأرضِ العارية
**
آهٍ حبيبتي ، لِنَصْدُقِ القولَ بيننا!
فالعالَمُ الذي ينبسطُ أمامنا
مثلَ أرضٍ للأحلامِ : جديداً ، جميلاً ، متلونا
لا يملكُ في الحقِّ : لا الحُبَّ ، لا الفرحةَ ، لا الضياءَ
لا اليقينَ ، لا السلامَ ، لا شفاءً من الآلامِ.
وها نحنُ هنا، كأننا فوقَ سهلٍ يغرقُ في الظلامِ
تجرُفُهُ صرخاتُ ذعرٍ حائرةٌ
من كَرٍّ وفَرٍّ
إذ تلتحمُ في دجى الليل ... جيوشٌ من الجاهلين !
Arnold, Matthew
(Shakespeare )
Others abide our question. Thou art free.
We ask and ask—Thou smilest and art still,
Out-topping knowledge. For the loftiest hill,
Who to the stars uncrowns his majesty,
Planting his steadfast footsteps in the sea,
Making the heaven of heavens his dwelling-place,
Spares but the cloudy border of his base
To the foiled searching of mortality;
And thou, who didst the stars and sunbeams know,
Self-schooled, self-scanned, self-honoured, self-secure,
Didst tread on earth unguessed at.—Better so!
All pains the immortal spirit must endure,
All weakness which impairs, all griefs which bow,
Find their sole speech in that victorious brow.
(Dover Beach )
The sea is calm tonight.
The tide is full, the moon lies fair
Upon the straits;—on the French coast the light
Gleams and is gone; the cliffs of England stand,
Glimmering and vast, out in the tranquil bay.
Come to the window, sweet is the night-air!
Only, from the long line of spray
Where the sea meets the moon-blanched land,
Listen! you hear the grating roar
Of pebbles which the waves draw back, and fling,
At their return, up the high strand,
Begin, and cease, and then again begin,
With tremulous cadence slow, and bring
The eternal note of sadness in.
Sophocles long ago
Heard it on the Aegean, and it brought
Into his mind the turbid ebb and flow
Of human misery; we
Find also in the sound a thought,
Hearing it by this distant northern sea.
The Sea of Faith
Was once, too, at the full, and round earth s shore
Lay like the folds of a bright girdle furled.
But now I only hear
Its melancholy, long, withdrawing roar,
Retreating, to the breath
Of the night-wind, down the vast edges drear
And naked shingles of the world.
Ah, love, let us be true
To one another! For the world, which seems
To lie before us like a land of dreams,
So various, so beautiful, so new,
Hath really neither joy, nor love, nor light,
Nor certitude, nor peace, nor help for pain;
And we are here as on a darkling plain
Swept with confused alarms of struggle and flight,
Where ignorant armies clash by night.
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟