|
رسالة إلى الإسلامي رئيس وزراء المغرب
علي جديد
الحوار المتمدن-العدد: 3820 - 2012 / 8 / 15 - 10:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سيدي الرئيس " يتولى أمرنا ثم يغفل عنا" كان هذا ما قالته امرأة مسكينة عن عمر بن الخطاب احتجاجا على تقصيره في الاهتمام بأمور بعض المستضعفين من رعيته كما هو الشأن بالنسبة لكم سيدي الرئيس.. فبعد تسلم حكومتكم الإسلامية –كغيرها من حكومات الربيع العربي- انقلبت الكثير من المفاهيم رأسا على عقب ولم تعد تتكلم عن وزراءك و خصومك كبشر يأكلون الطعام و يمشون في الأسواق بل عن ملائكة و أنصاف آلهة أرسلهم الله لتخليص العباد من قبضة الشياطين ولنشر العدالة و التنمية في ربوع البلاد .. قليلون هم الذين يعرفون مدى خطورة برامجكم اللا واقعية لكونها تدعوا إلى الرجوع بنا إلى عصر البداوة و الإقطاع .. سيدي الرئيس لا يحتاج المرء لكثير من الذكاء ليلاحظ أنك تعطى الانطباع للمغاربة بأنك ولي أمرهم و أنت خيرهم لأن تعيينك رئيسا لوزراء المغرب "آية من آيات الله" و بأن وزراءك طاهرين لأنهم يقتبسون من نور مصباحك ما يستنيرون به في الدروب المظلمة لملفات الحكومات المتعاقبة.. لقد كانت لك اليد الطولي في تعيين وزراء حكومتك كما ذكرت إلا المهمين منهم لم تجرؤ على الاقتراب منهم لكي لا يكون مصيرك الطرد كسيدنا ادم حين طرد من الجنة عندما اقترب من شجرة التفاح التي أمر ألا يقترب منها.. لقد انتهت مائة يوم وهي المهلة التي تعطى عادة لرئيس الوزراء لتقييم قبل تقييم أداء حكومته وتبعتها مائة أخرى و لكن يبدو أنك غير مستعجل أمرك و أنك مازالت في خلوة الأنبياء تصلي شكرا لله على ما أنعم عليك من نعم.. ولكن لا تنس أن البقاء في السلطة أصعب من الوصول إليها .. لم يكن محمد(ص) زعيم حزب سياسي ليلتجئ إلى الكذب و التملق للوصول إلى السلطة و لم يستهزئ يوما بلغة شعب كالأمازيغ مستجديا أصوات خصومهم ولم يكن ليفعل ذلك حتى لنشر الإسلام لأنه جاء ليتمم مكارم الأخلاق ومجرد عن التعصب و الأهواء و لم يأت لاجتثاث لغات الشعوب العجمية و القيم الإنسانية كما تفعلون.. لقد مر من الوزراء كثيرون مكانك وكانوا من إيديولوجيات مختلفة ولم تدم لواحد منهم فتهاوت أحزابهم بسقوطهم لأنهم يفتقرون إلى الحد الأدنى من الحس الإنساني ولا أرى أن حكومتك تختلف عن حكوماتهم إن لم تكن الأسوأ في تاريخ الحكومات المغربية.. و أسوأ من ذلك كله أنه إن كان سقوط هؤلاء أضر بأحزابهم فإن سقوطك سيكون و بالا على الإسلام لأن حزبك يقدم بفخر على أنه "حزب الله" و يحكم باسم «الله" وسقوط حكومتكم ستدفع الكثير من مريديكم إلى تغيير نظرتهم الإيجابية السابقة للإسلام.. وستكون سيدي الرئيس المسئول عن الأذى الكبير الذي سيلحق بهذا الدين الحنيف.. أما في الميدان التعليمي فإن مهمتك سيدي الرئيس أسهل مما تتصور فلست في إسرائيل لتطلب من رجال التعليم أن يبدلوا جهدهم لكي يفوز عشرة طلاب بجوائز نوبل في السنة لأننا لا نملك عقلية إسرائيل .. ولا أن تحث طلاب الطب على السعي إلى تغيير مسار الطب كما في الغرب الذي يسعى لإنقاذ الأرواح و ليس لإزهاقها .. فقط نريد أن نثير انتباهك إلى أن الميزانيات التي تصرف على اللغة العربية لن تجدي نفعا لأنها لن تصبح اللغة الأم للمغاربة أبدا لأنها لم تكن يوما كذلك و لا بإمكانك صنع الأسلحة النووية بها لأن اللغة تتبع الفكر وفكر أتباعك سيد الوزير لا يسير في هدا الاتجاه و كل الانجازات العلمية تجري في دار الكفر.. أما اعتقادكم أن زيادة شحنة التعريب باستعمال الدين والمزيد من القرارات التعسفية سيمكن للعربية بالمغرب فهدا تبسيط ساذج لأمور و أفكار معقدة.. و في مجال استقلالية القضاء سيدي الرئيس و أنت مسؤول عن رعيتك أمام الله فعليكم بتعليم الناس أن حياتهم تكمن في الاختلاف..فعار في دولة ديمقراطية أن يتقدم رئيس وزرائها صفوف خصوم لغة أغلبية أهل هذا البلد.. فبعد عدة أشهر من توليتك زمام السلطة مازالت الأمور على حالها إن لم تكن أسوأ مما كانت.. فيوسف الصديق حين عين مستشارا لحاكم مصر بدأ بإخراج السجناء من السجن لأنه يعلم أنهم زج بهم هناك ظلما و عدوانا رغم أنه كان عبدا كنعانيا ولم يكن مواطنا مصريا إلا أن العدل و الاستقامة لا وطن لها.. وأما أنت فالبلد بلدك و لم تأت من بلد آخر وقد نظرت إلى الاعترافات كيف تستخرج و إلى المحاكمات كيف تقام في هذه البلاد التي لم تتغير كثيرا على حال مصر في عهد البعث العربي أو "الدينصورات و الحيتان" كما يحلو لك أن تردد.. كلما سمعت هاتين الكلمتين إلا و تبادر إلى دهني البيتين التاليين لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا **** فالظلم ترجع عقباه إلى الندم تنام عيناك و المظلوم منتبه **** يدعو عليك و عين الله لم تنم ولكن يبدو أنك ما زالت مشغولا عن معانات السياسيين الأمازيغ المعتقلين لمجرد إبداء الرأي في مسألة حسمها الملك بجعلها مسؤولية الجميع ولم تحرك ساكنا حتى حين ذكرتكم النائبة البرلمانية تباعمرانت بضرورة إطلاق سراحهم و العمل على تسريع إخراج القانون التنظيمي المتعلق بالأمازيغية لأنه لم يعد مقبولا أخلاقيا و أدبيا و حقوقيا أن يعتقل مواطن في بلد ديمقراطي كالمغرب بمجرد أن يقول "أنا أما زيغي" في حين تستنطقون فيه البشر و الحجر و الشجر لكي يقول "أنا عربي .. و أشهد أن لا إله إلا العروبة و أن المغرب عربي".. و العياذ بالله من هذا التعصب العرقي و الديني الذي لم يكن أجدادنا يتعاملون به حتى مع الأسرى فما بالك مع أهل البلد لأنهم يعلمون أن فوق كل جبار جبار ..
من العيب تدخلك لإطلاق الإسلاميين دعاة العنف و الدسائس تحت شعار"أنصر أخاك ظالما و مظلوما" وأمرت بالزيادة في تعويضات البرلمانيين 4500 درهم لكل واحد لأن أغلبيتهم إسلاميين يطيعونك و لا يقولون لك أف.. وعلى منوالك مشى الإسلامي محمد مرسي فأقدم على إطلاق سراح مجموعة من الإسلاميين من سجون مصر وهم الذين قتلوا حرس حدودهم.. أما الإسلامي الغنوشي بتونس فقد أطلق سراح ثلة من "الإرهابيين" الإسلاميين و تعويضهم بمبالغ خيالية دفعت بوزير المالية إلى الاستقالة احتجاجا على هذا العمل المخجل .. فهل من المروءة أن يترك المسالم (الأمازيغي) في السجن و يرسل المحرضين على العنف خارج أسواره بذريعة "عفا الله عما سلف".. و أخيرا سيدي الرئيس وبما أنكم زعيم حزب يدعي معرفة السماء ويتكلم باسم الإسلام – وبعد خداعكم للكثير من المغاربة كما كان كهنة معبد أمون في عهد يوسف الصديق يفعلون لكسب ود البسطاء مستغلين تكوينهم العاطفي و النفسي - فإنني أراني هنا مضطر أن أذكركم - ونحن في العشر الأواخر من رمضان- بقوله تعالى في الحديث الشريف "اشتد غضبي على من ظلم من لم يجد له ناصرا غيري"..
#علي_جديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عورة الأعراب في الأولمبياد
-
تحرير الله
-
خير أمة .. بالسلوك لا بالمعتقد
-
الساكت عن الحق بنكيران أخرص
-
أصابت الأمازيغية و أخطأ بنكيران ~
-
رسالة إلى صديق إسرائيلي
-
-القذافي-،-مبارك-– أسماء العرب الحسنى
-
ألا بذكر الديمقراطية تطمئن القلوب؟!
-
سقوط الصنم العربي
-
هل كان ”عبد الله الفوا“ رسولا ؟ا
-
الجابري – الأمازيغي المغرر به
-
أكاديب العرب الحقيقية
-
من قطاع الطريق إلى قطاع التاريخ
-
حمى المطالبة بالإنفصال في الوطن العربي
-
وصايا طارق بن زياد -العروبي-
-
الأمازيغ: -حواريو النبي محمد (ص)-
-
العرب و اليهود و احترام العالم
-
العرب والهلوكوست اللغوي
-
الأمازيغ و الصواريخ العربية العابرة للقارات
-
سبحان الحاكم العربي العظيم ! !
المزيد.....
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|