أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سها السباعي - الضباب ومقر البرلمان














المزيد.....

الضباب ومقر البرلمان


سها السباعي

الحوار المتمدن-العدد: 3820 - 2012 / 8 / 15 - 11:50
المحور: الادب والفن
    


رسم كلود مونيه (Claude Monet (French, Impressionism, 1840-1926 عدة لوحات لقصر وستمنستر ، مقر البرلمان البريطاني ، أثناء إقامته في لندن بين عامي 1900 و 1905، أطلق عليها "The London Parliament series" . وقد اشتركت جميع اللوحات في المقاييس، وفي زاوية الرؤية التي تمثل المشهد الذي كانت تطل عليه حجرة مونيه المطلة على نهر التايمز. اختلفت اللوحات عن بعضها البعض في كونها رسمت لتبرز أوقاتًا مختلفةً من اليوم وظروفًا متباينة للطقس في المدينة التي عرفت باسم مدينة الضباب.

الضباب هو ما نراه حينما ننظر إلى هذه السلسلة من اللوحات، على الرغم من ظهور الشمس في بعضها. ملامح المبنى غير ظاهرة، لا تفاصيل، لا نوافذ، لا أبواب. فقط كيانٌ شبحيٌّ يخبر أن ها هنا يوجد شيء ما، هيكله الخارجي واضح ومعروف لمن عايشوا وجوده ومروا بجواره، الذين يحتفظون في وجدانهم بمعناه وما يرمز إليه، وفي ذاكرتهم بتاريخه والأحداث التي ساهم في صنعها أو صنعته، ففي النهاية ليس المبنى هو القضية!

تغيُّر أوقات اليوم، اختلاف زاوية الضوء، وتباين الظروف المناخية ظواهر تبدو بارزة إذا ما شاهدنا اللوحات متجاورة أو متتابعة. يكاد التغير أن يكون هو الحقيقة الوحيدة الثابتة، مهما أوحت لنا بعض المباني والكيانات بقدرتها على البقاء أو الاستمرار. وإن دامت هذه الكيانات أحيانًا على الرغم من تغير الأحوال حولها، فهذا ليس إلا إيذانًا باقتراب زوالها، وببداية نهايتها، مهما طال أمد بلوغ هذه النهاية.

في بعض اللوحات، نرى زورقين صغيرين على صفحة نهر التايمز، يبحر أحد راكبيهما في اتجاه المبنى، والآخر في الاتجاه المعاكس، أحدهما قد يجعله وجهته وقبلته ومثار اهتمامه، والآخر قد يعطيه ظهره ولا يأبه له. ذلك القصر، مقر الحكم، والنهي والأمر، منبع القرارات الصادرة السائرة عليهما وعلى أمثالهما، ولا يحق لهما ولا لأمثالهما الشكوى أو التذمر إن لم تعجبهما تلك القرارات، فالكيان الذي أصدرها يحمل لافتة عريضة كتب عليها : سلطة منتخبة لها صلاحيات!

وعلى الرغم من عدم الوضوح المخيم على اللوحات، إلا أن النهر الذي يحتل جانبًا كبيرًا منها، تبدو أمواجه الصغيرة المتلاصقة وقد انعكس عليها الضياء حينًا، وجسم المبنى الشامخ حينًا آخر، وكأن الأمواج الصغيرة ليست إلا صورةً وصدىً للكيانين الأكبر منها؛ المبنى الضخم حجمًا وتأثيرًا، والضوء العاجز عن تبديد الضباب الثقيل. ولكن في لوحاتٍ أخرى، تستقر صفحة النهر في هدوءٍ أملس، لا ملامح له، هدوءٌ يشعرك بالخرس الدائم، وبالصمت الأزلي، ويصدر لك الإحساس بأن الصمم يكون أحيانًا نعمة!

الضباب لا يلف فقط المباني والشوارع، ولا يجثم فقط على ضفاف وصفحة الأنهار العريضة؛ الضباب يلف الأسباب والنتائج، والكيفيات والوسائل، والأهداف والغايات؛ الضباب كثيرًا ما يغلف المعنى.

رابط يعرض لوحات "The London Parliament series":
http://www.youtube.com/watch?v=cidJDIUcKCI



#سها_السباعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في انتظار الحُكم
- وماذا بعد يا مصر؟
- قسَم الملعب وقسَم الميدان
- نهضة مصر - مسيرة تمثال
- كاتمة الأسرار – مصر والمرأة المصرية في أعمال محمود مختار
- إنها ليست كراهية، إنه حب امتلاك


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سها السباعي - الضباب ومقر البرلمان