محمد حسن عبد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3818 - 2012 / 8 / 13 - 20:04
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
يقول قائل: كيف تساوي بين الاحتجاجين؛ الحرق والتعري؟
فأقول، اعلم أن البوعزيزي هو كافر بالنسبة للأصوليين، فلا هم يعترفون بالمعنى الذي ترافق مع إحراقه لجسده، ولا هم يعترفون بما نتج عنه من حرية اشتاق لها الشعب التونسي، بل كل الشعوب. ولا تنسى أنهم كانوا يملأون أسماعنا – قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير - بحرمة الخروج على الحاكم الظالم لأنه مسلم! فحرق الجسد البوعزيزي لا يحمل الدلالات نفسها عند من أوجه لهم خطابي. وأضيئ هنا حقيقة أن حرق الجسد وتعريه كلاهما فعل احتجاجي في الثقافة الشعبية (التي هي ثقافة ملئية بالبدع والمحرمات والكفر، من منظور الخطاب الديني الأصولي). راجع كيف يهدد شخص بإحراق جسده تعبيرًا عن إحساسه بالظلم أو العجز (وهو ما فعله البو عزيزي) وانظر كيف يقول الشخص (ذكرًا وأنثى): أطلع من هدومي (تعبيرًا عن منتهى احتجاجه/ها). وانظر كيف كانت الناس تشق ملابسها شقًّا في المشاجرات الحامية. وكانت النساء تحديدًا يفعلن ذلك عندما يستبد بهن اليأس تجاه ذكورهن الظالمين المستبدين (زوجًا وأخًا ووصيًّا). وكانت الواحدة منهن تثير تعاطف المحيطين الذين يهبون لسترها بعد أن أوصلت رسالتها. وإن راجعت الأصوليين، ستجد التعري أقل جرمًا من الحرق. أما المهدي، فقد صاغت رسالة فاضحة وشهادة قاسية على واقعنا المر. فيا أيها النابهون، ليس هدف تعريها ما رأيتموه وترونه في مواقع البورنو التي تتعاظم بفضل الإقبال المحموم عليها - وهي بوصفها كيان إنساني جمالي - وإنما هدفه الرمزي العميق هو أن تعري واقعكم أنتم؛ الواقع المشين الذي صارت فيه المرأة شيئًا وسلعة وكائنًا إنسانيًّا يجبر على العيش بمهانة منقطعة النظير.
يقول النابه منهم: ولماذا لا تنطوي رؤيتك على افتتان بالاحتجاج بالأجساد، وعلى دعوة لاحتراق أجساد كل الرجال، وتعري أجساد كل النساء، مشاطرةً لهذا الاحتجاج؟!
فأقول: اشرب البحر كله، لتعرف أنه مالح. أما نحن، فتكفينا قطرة، تنهمر بعدها سيول احتجاجاتنا بكل صنوف الاحتجاج، بدءًا من الشهداء قدموا أجسادهم قربانًا للحرية والعدل، وانتهاءً بمن كتب على جسده العاري: ارحل.
#محمد_حسن_عبد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟