حسين سليمان- هيوستن
الحوار المتمدن-العدد: 1113 - 2005 / 2 / 18 - 11:57
المحور:
الادب والفن
تنتهي حدود العالم. فلا أستطيع أن أنقل خطواتي خطوة أخرى. عند الحد يدور في رأسي الخوف إنني سأقع في الهاوية: هي جرف عميق كان النهر يحفره كل سنة حتى طغى ووصل إلى قاع ظلام.
هذا أنا في هذا العام. في هذه اللحظة. الكون قبل ذلك بالطبع كان حالة غير موجودة فهو فراغ- معنىً للعدم.
فكيف إذن أقنع نفسي بالتاريخ وبالأسلاف الذي يمكن أنهم وقفوا يوما ما في المكان. لقد ولد الأسلاف من أسلاف آخرين... أسلاف الأسلاف. لا نهاية من المضي بتاريخ الأسلاف إلى نقطة الخلق التي كما تقول الأسطورة الجديدة بأنها ولدت من ال Big Bang...
بدأ الانفجار في رأسي وأنا أقف عند الحائط الذي يحد نهاية العالم. حائط عال، سور العالم العظيم الذي ألمسه بيدي: من تراب وهناك حجر فيه تآكلٌ قد جاء من الريح التي تمر به حين تهجر العالم.
قعدت استظل به اتقاء الشمس.
أي حائط ممكن أن يكون سور العالم العظيم- حائط حوش بيتنا- حد الدنيا كلها- لأجلس في ظله.
ولن أنقل خطواتي أكثر.
دعني أسمع صوت الدنيا.
صوت الدنيا إنه تنزيل- صوت تنزيل الشمس...إن إن إن إننننننن.
من دون ظل. إن الظل قد تبدى فلا ظل بعد اليوم عند حائط سور الدنيا العظيم يلف العالمين مائة مرة.
وصلت إلى الحد- حد الدنيا. وهذه الأرض لن تكون بسيطة مدحاة...البسيطة ليست بسيطة ولا بيضة نعامة- الأرض لا شكل لها بعد اليوم.
فوقفت أحفر حائط الحد بأصابعي. علي أن أنبت أظافري من جديد.
الحائط حائطي والعالم عالمي والحد هو حدي من دون أسلاف ولا معمعة البيغ بانغ؟! لم ينخلق العالم قبلي إنما الذي كان هو إني جئت إلى سوق جاهزة افتتحه العالم يوم خلقتُ أظافري لأحفر حد الدنيا.
هو خوف من أن أحفر حد العالم.
فجاء الأسلاف وجاء التاريخ وجاءت حدود الدنيا. جاء أبي وجاءت أمي وجاء الأقرباء والأسلاف يوم أنبتُّ أظافري. فيها رطوبة عالمية تراب وقشور محروقة.
خوف- خوف العالم من أن يُحفر- أحفره بما انبتُّ من أصابع.
لا تاريخ ورائي ولا مستقبل أمامي. إنني اللحظة- لحظة الدنيا التي سمّاها جدي الماضي ويسميها حفيدي المستقبل.
احفرها بأصابع وسخة. وساخة الدنيا.
كي أخلق فيها كوة العدم-
أعرف إن الأصابع ليست بأصابعي وأن الوسخ ليس بي وحين أفتح باب العدم هي لحظة- لحظة إذن.
كي يظهر لي البيغ بانغ- ليس هو من الماضي في شيء- إنه النبوءة بأنه الحد الذي أحفره بأصابع اللحظة.
هذا هي كي يقولوا مرة أخرى لقد بدأ حد العالم بالبيغ بانغ.
#حسين_سليمان-_هيوستن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟