أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد تركي - مقابر عمّاتنا














المزيد.....


مقابر عمّاتنا


سعد تركي

الحوار المتمدن-العدد: 3813 - 2012 / 8 / 8 - 11:08
المحور: المجتمع المدني
    


مثلما يُخفي القبحُ بشاعته بقناعٍ جميلٍ، يتستّرُ الفسادُ خلف شعارات تهفّ وتطمئن لها النفوس. الاعمار، مثلاً، أخفى تحت روعةِ برقعه لصوصاً ومفسدين سلبوا من الوطن ثراءه، ومن المواطن حاضره وفرصته لغد أفضل. وكما لا تتعظ أجهزتنا الأمنيّة من خروقات تُنفّذ بنفس الطريقة والأسلوب، فإنّ الفساد ينخر البلاد والعباد وفق منهج يتكرّرُ كجرحٍ ينزف لا يوقفه ضماد. الإرهابيون والقتلة، مثل اللصوص والفاسدين، يراهنون على غفلتنا وانشغال المتحاصصين بصراع دائم لا ينتهي.
رفعتْ أمانة بغداد، منذ سنوات، شعار "زراعة مليون نخلة في العاصمة". شعارٌ جعلَ كلّ عاشق متيّم بوطنه يحلّق على جناح الحلم الأروع والأجمل.. حلم امتلاء ساحات وطرق دار السلام بالباسقات من النخيل.. حلم النوم تحت فيء (عمّاتنا) وتذوّق الرطب الجنيّ وإيقاف زحف الصحراء. فعافية أرضِ السوادِ كانت على الدوام مقرونة بغابات نخيله، وقوّته ومنعته من علوّ هاماتها. ولأجل هذا الحلم لم يتوقّف أغلبنا عند الرقم الذي تكلّفه نخلة واحدة، وما كان كثيرون يعرفون من أين تأتي بها الأمانة.
يتراوح سعر كلّ نخلة تشتريها الأمانة، من مقاولين يشترونها بدورهم من أصحاب البساتين، بين مائتي ألف إلى مليوني دينار. وبصرف النظر عن دقّة رقم لم يعلن عنه فبقي أسير التكهنات، فإنّ حجم الكارثة كبير جداً. خلف الشعار البرّاق والهدف النبيل يكمن كابوسٌ مرعبٌ وجريمة مزدوجة.. كابوس لا يختلف بشيء عمن اشترى بماله سلاحاً وضعه طوعاً بيد مَن يتربّص بأحبته.. جريمة أن تفقد البساتين المحيطة بالمدن غناها بالأخضر البهيّ، وتذهبُ الأشجار إلى حتوفها في مقابر العاصمة الجماعيّة!!
لسنوات، كانت الأمانة تأتي بوجبةٍ جديدةٍ تضعها بدلَ أخرى اغتصبَ خضرتَها العطشُ والإهمالُ.. ولسنوات أضحى دأبُ الأمانةِ إفراغَ البساتين من نخيل ستقتله في ساحات وطرق العاصمة. ومع أنّ كلَّ وجبةِ نخلٍ تسوقها الأمانة تنتهي إلى الموت، إلاّ أنها تصرّ بدأبٍ محموم على إعادة التجربة من دون كلل أو ملل.. فلسنوات عجز مهندسو الأمانة عن توفير أسباب الحياة للعمّة الحنون، وفرّط المسؤولون بثمر كان يأتي لو تُركت بترابها.
مثلما تهزّنا دوماً أيّام داميّة تسلب أحبّتنا، نصحو على رؤية جثث عمّاتنا تملأ الدروب. وحيثما نولّي وجوهنا تتعثّرُ أبصارنا بأشلاءِ عزيزٍ أو جثةِ نخلةٍ.



#سعد_تركي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهدر.. ثقافتنا!!
- ديمقراطية العم سام!!
- كهرباؤنا الغيورة!!
- شوربة عدس!!
- حوسمة القبور!!
- بؤس...
- ماركة!!
- اقرأ.. تنجُ
- أبو العلوم!!
- أميّون بشهادات جامعية!!
- بخيخ!!
- نداء البنفسج
- يُتم الكتب!
- المستبد العاجز
- الخابط والمخلوط وما بينهما!!
- أزمة ثقة!
- حمير بلا.. دي
- اخترْ ساعة مرضك!
- قمة بامتياز!!
- تيه...


المزيد.....




- ترامب: علينا الخوف من المهاجرين وتجار المخدرات وليس من بوتين ...
- شتائم وإهانات في معركة كلامية حادة باجتماع أمني إسرائيلي في ...
- -حماس-: إسرائيل لن تحصل على الأسرى إلا بصفقة تبادل
- الكويت.. الحكم بإعدام مواطن ارتكب جريمة شنعاء بحق جدته
- نزوح 90% من مخيم جنين والاحتلال يواصل اقتحاماته واعتقالاته ب ...
- الاحتلال يقتل 4 مواطنين، بينهم طفلان وامرأة، ويغلق معابر غزة ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى استئناف فوري لدخول المساعدات إلى غزة ...
- اعتقال إسرائيلي بتهمة التجسس وتنفيذ مهمات لصالح الاستخبارات ...
- -قد يواجه الإعدام إذا أُدين-.. زعيم مخدرات مكسيكي يمثل أمام ...
- إيلون ماسك يعلن دعمه لانسحاب الولايات المتحدة من الناتو والأ ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد تركي - مقابر عمّاتنا