|
ما نقرا من الثورة السورية و ما بعدها
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3812 - 2012 / 8 / 7 - 19:42
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
بعد التطور الحاصل في مسار الثورة السورية بعد الانفجار الكبير في دمشق و ما ذهب جراءه من القتلى من المقربين من الغلاف الاول للنظام الدكتاتوري السوري. و شهدت الساحة السورية تحركات كبيرة و سريعة من حيث المواجهات بشدة اكبر، و التغيرات عند الحدود مع الجيران و سيطرة الكورد من جانب اخر على الارض بشكل مفاجيء و سهل، ما احرج تركيا و دفعها الى الزيارات المكوكية لمسؤوليها و ما تتبعته من السياسات غير السليمة من جهة اخرى . هذا مع توفر الاسلحة الثقيلة الحساسة ليد المعارضة المسلحة دفعت الثورة لمرحلة جديدة غير مسبوقة . حسبما تظهر لنا من المؤشرات تدل على ان بداية نهاية القمع و الظلم و الاستبداد للنظام السوري الدكتاتوري اقتربت او قد حانت، و على الرغم من ذلك لا يمكن توقع الهدوء و الاستقرار السريع كما هو حال الثورات الاخرى في النقطة، حتى بعد ان تضع الحرب اوارها في سوريا، لاسباب و عوامل عديدة لم تكن موجودة في ثورات العصر للبلدان الاخرى في المنطقة . على الرغم من كل التمنيات و التامل للخير الذي هو هدف الخيرين الا ان الواقع يدعنا الى التشاؤم اكثر من التفاؤل لاسباب شتى منها تمس سياسة القوى العالمية المتصارعة على الارض السورية، و هذا ما يضعنا امام امر محتوم هو استمرار الصراع و حتى الاشتباكات و الحروب الاهلية لمابعد سقوط النظام السوري او انحساره في منطقة او زاوية صغيرة من ارض سوريا، و هذا ما لا يبشر بحلول النظام الديموقراطي و سيادة القانون محل نظام الاسد بل المتوقع استمرار الحرب الاهلية و فوضى عارمة و بداية لقمع و التشدد من قبل القوى الجديدة المختلفة لمابعد النظام السوري و استمرار الثار و الانتقام و الاحتكاك بين القوى و الطوائف و المجموعات و القوميات المكونة للشعوب السورية ، كما حدث من قبل في بلدان اخرى في الشرق . كما هو حال الدول الثائرة الاخرى، و نظرا لكثرة نسبة السنة، من المتوقع ان يحل الاخوان المسلمون الممثل المذهبي الديني للسنة محل ما يسمونه بالانظمة العلمانية القمعية المندوبة للفكر و السياسة و الفلسفة الغربية في الشرق الاوسط . ستحدث ما لا يتمناه اي منا من الحرب الاهلية مما يمكننا ان نتوقع الماسي و الويلات لمدة طويلة و على مديات مختلفة وفق المؤشرات التي نحسها من صراع القوى الاقليمية السنية الشيعية و المتحالفين معهما و ما يترجمونه على الارض السوري، و انها ستطول وفق التحالفات السورية الروسية الايرانية، مما يمكن ان يتوقع اي منا ردود الافعال المختلفة حتى بعد سقوط النظام السوري حسبما تتطلبه مسيرة المنطقة و ما يجري فيها من مناطحات القوى الكبرى و ممثليها في الشرق الاوسط . اننا نلمس ما لم تتحمس له اسرائيل من سقوط النظام السوري الى الان على الاقل، لكونه في هدنة غير معلنة معها و هو يعلم حدود تحركاته تجاه اسرائيل منذ سنين و لم يخرج من المساحة المسموحة له، و ان كان يعتمد بشكل غير مباشر على المعارضة الاسرائيلية الاصولية المتشددة من جهة و تحالفه مع ايران و حزب الله الممثل الايراني الوفي في المنطقة من جهة اخرى . و هذه التوجهات و التحركات و الوقائع على الارض تدعنا ان نتوقع بان سقوط النظام السوري لن يدع العناصر الرئيسية التي تحدد هوية الصراع الاسرائيلي مع جيرانها من جانب ان تتغير، و من جانب اخر لا يمكن تغيير نظرة و سياسة من ياتي بعد السقوط تجاه تاسيس دولة فلسطين و الاعتراف المامول باسرائيل من جهة اخرى، مما لم يدع اسرائيل الى عدم التلهث وراء ما يدفع سقوط هذه الانظمة بسرعة ممكنة . كل ذلك يدفعنا الى ان ننتظر حربا اهلية طويلة في سوريا التي ستكون في مصلحة العديد من الجهات، عدا كونها امر واقع نتيجة صراع القوى المختلفة الاقليمية و العالمية في المستقبل المنظور، على الرغم من معرفتنا بمستوى تعامل اسرائيل و تعايشها الى حد منظور خلال هذه المرحلة مع الاسلام السياسي السني بالاخص، و عليه سيكون الصراع المستقبلي مع اسرائيل مشحونا بالدين، و هذا ما ستدفع باسرائيل ان تدفع الى استطالة مدة الثورات و عدم الاستقرار سيكون لصالحها، لانها تتامل حلول وسطى، و هي تتوقع ان ما يحدث من التغييرات و ما يبرز من الابعاد المؤثرة على بلدان المنطقة و التي ستشغلها لفترة مما تساعد على ترتيب اوراقها لتنفيذ ما يهمها في المرحلة المقبلة . من المعلوم ان التغييرات التي تحدث ستكون على حساب ايران و من ينوبها في المساحة المشتعلة و هو حزب الله اللبناني، و هذا ما يهمش دور ايران كثيرا في ما تدعيه من الصراع مع اسرائيل و معاداتها لها اضافة الى ما يحتمل من فشلها في صراعها مع المحور السني ايضا، مما يدفع الى تمسك الجبهة المحافظة المتشددة في السلطة الايرانية بالتطور النووي لايران، وهذا ما يخلط ما يفيد اسرائيل بما يضرها . ما تاملته ايران و ما بدر منها في بداية ثورات العصر في الشرق الاوسط بخصوص تغيير المعادلات و محاولاتها الحثيثة في البداية من الاستفادة من تغيير ما سمتهم بالانظمة الدكتاتورية العلمانية المائلة للغرب، على الرغم من معرفتها لاحتمال تحملها نتائج معاكسة لما يحدث في المنطقة، و التي ربما تقع لن تكون لصالحها من جهة او وصول شرارتها الى عقر دارها عاجلا كان ام اجلا سواء بشكل مباشر او غير مباشر . من جانب اخر، ان سقط النظام السوري، سنسمع ما يدق ناقوس الخطر لكل من يظن بانه لو تحالف مع روسيا لوحدها يضمن بقائه كثيرا، و هذا ما يقع ثقله و ابعاده ايضا على روسيا ذاتها التي يجب ان تتحمل نتائجها ايضا لانها تعتبر بداية نهاية غير سعيدة للسياسة الخارجية الجديدة التي اتبعتها حديثا من اجل اعادة الهيبة و الثقل و النفوذ العالمي، و هو السبب الرئيسي لتشبث روسيا ببقاء النظام السوري و تمسكها به بكل قوة و ليس من اجل سواد عيون الاسد و نظامه . على ما سبق من العوامل، يمكننا ان نتوقع اطالة الحرب السورية و من ثم امتدادها الى الحرب الاهلية بعد سقوط النظام او انعزاله في زاوية معينة، و سيؤثر هذا على المنطقة برمتها و العالم بشكل غير مباشر، و ستكون ايران الخاسر الاكبر لن يكون لها الا بقاء موطيء قدم في المنطقة من خلال العراق الحالي بعد السقوط الدكتاتورية، و سيبقى هو الحليف المذهبي الوحيد لها، و عليه سيكون النظامين الايراني و العراقي بعد سقوط النظام السوري في زاوية ضيقة لا يحسدان عليها .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من الاجدر بروسيا ان تدعم البديل العلماني للنظام السوري
-
من يتحمل وزر ما يحصل في سوريا
-
اي موقف للمهتمين يقع لصالح الثورة السورية ؟
-
احذروا من التلاعب في كوردستان الغربية
-
لماذا التشاؤم من نتائج الثورات ؟
-
ما يعتري الثورة السورية من الشكوك
-
الاكتشافات العلمية و تاثيراتها على العقلانية في الفكر و الفل
...
-
موقع الكورد عند الصراع الروسي الامريكي في هذه المرحلة
-
كيف تُستنهض العلمانية في منطقتنا ؟
-
ما بين مليونية ساحات التحرير و الكربلاء و الكاظم
-
مصر، أُم الثورات، الى اين ؟
-
السكوت المطبق لمثقفي العراق!!
-
كيف يخرج الكورد من الازمة العراقية معافيا بسلام
-
الجوانب الايجابية و السلبية لسحب الثقة عن المالكي
-
هل اهدر المالكي فرصة تجسيد الديموقراطية في العراق ؟
-
الى متى تستمر الازمات العراقية المتلاحقة ؟
-
حتى الحمار فرض احترامه على الكورد و غيره لم يتمكن !!
-
التخوف من مصير ثورات العصر له مبرراته
-
الوضع العراقي بحاجة الى الحلول الجذرية
-
طبيعة و تركيب الطبقة الكادحة في منطقتنا
المزيد.....
-
تيسير خالد : يدعو الدول العربية والاسلامية الانضمام إلى - مج
...
-
التخطيط لمظاهرات في ألمانيا لمناهضة التعاون مع اليمين المتطر
...
-
Al-Sudani and Keir Starmer’s meeting – and male hypocrisy!
-
هيئة الدفاع في ملف الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمي تعلق ح
...
-
مقترح ترامب للتطهير العرقي
-
برلماني روسي يستنكر تصريحات سيناتورة تشيكية حول حصار لينينغر
...
-
غزة: لماذا تختار الفصائل الفلسطينية أماكن مختلفة لتسليم الره
...
-
نبيل بنعبد الله يعزي في وفاة شقيق الرفيق السعودي لعمالكي عضو
...
-
الحزب الشيوعي العراقي: تضامنا مع الشيوعيين السوريين ضد القر
...
-
موسكو: ألمانيا تحاول التملّص من الاعتراف بحصار لينينغراد إبا
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|