|
عائشة ج2
محمد الحداد
الحوار المتمدن-العدد: 3811 - 2012 / 8 / 6 - 14:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
طفولة عائشة وزواجها : لا نجد ذكر لطفولة عائشة قبل زواجها من النبي، فهي كأي طفلة ولدت، في الإسلام أو قبله، لا تجد لها المؤرخين حتى تكون شيئاً كبيراً، أو حدثاً مهماً، لذا فمن الطبيعي أن لا نجد أي ذكر لطفولتها قبل زواجها. أما بعد ذلك فتتزاحم الأخبار وتكثر، وترد القصص، تختلف ببعض التفاصيل ولكنها تتفق بالعموم، والآن لنرى كيف كان الزواج، وكيف جاءت الفكرة للنبي بالزواج من طفلة. بعد وفاة خديجة زوجة الرسول الأولى، والتي لم يتزوج عليها في حياتها، وكان هذا الحدث في مكة، جاءت خولة بنت حكيم الى النبي، وقالت له : يا رسول الله، كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة. فقال: أجل، فقد كانت أم العيال، وربة البيت. قالت: أفلا أخطب عليك. قال: بلا، فإنكن معشر النساء أرفق بذلك. هذا نص لكلام دار بين النبي وخطابته يذكره ابن سعد، ولا نرجح أن يكون الخطاب بالضبط هكذا، أو غيره، ولكن نستفيد من مجمل ما قيل ويقال أن النبي كان يشكوا الوحدة، فعرضت عليه امرأة أن تخطب له، وقد عرضت عليه امرأة وطفلة، حيث جاء في مسند أحمد التالي: لما هلكت خديجة، يقصد ماتت، جاءت خولة بنت حكيم، امرأة عثمان بن مظعون، يقصد زوجته. قالت: يا رسول الله، ألا تزوج ! قال: من ؟ قالت: إن شئت بكراً وإن شئت ثيباً ! قال: فمن البكر ؟ قالت: ابنة أحب خلق الله اليك، عائشة بنت أبي بكر. قال: ومن الثيب ؟ قالت: سؤدة بنت زمعة، قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول. قال: فاذهبي فاذكريهما علي. من الحديث أعلاه لو كان صدقاً ما حدث وبالنص، نجد أن الخطبة تلك لم تكن من بنات أفكار النبي، بل حالة طارئة، تم اقتراحها من قبل امرأة، لها حديث مع الرسول، بل وحديثها معه له من الوثوق بحيث أنها تقترح عليه ان تقوم بالخطبة له، وهذا لا يحدث لولا وجود ثقة متبادلة بين الطرفين، النبي وخولة بنت حكيم. كذا نستخلص من الحديث أن محمداً كان يشكوا فقدان خديجة، كزوجة، وكأم لأطفاله، وكربة بيت، وكذا لمكانتها في حياته السابقة، قبل البعثة وبعدها، من دعمه بمالها وأهلها، لذا ففقده لها كان كبيراً. ثم نستخلص أيضاً من الحديث بينهما أنه كان راغب بالزواج، بل ومنتظراً أن يفاتحه أحد بذلك، ولم يقم من ذاته بالحركة الأولى بالاختيار، وطلب الزواج، وهذا ما حدث بالضبط بزواجه من خديجة سابقاً، فهي من خطبته وطلبته للزواج. وهذا يدل على أنه ما زال حينها يخجل أن يطلب امرأةً للزواج، وينتظر أن يقوم الغير بالنيابة عنه ؟! وأخيراً نجد أنه يسأل عن البكر والثيب، أي أن لديه رغبة عارمة بأن يحصل عليهما معاً، بينما طرحت عليه خولة الاختيار بين البكر أو الثيب ؟! وحول طرح خولة لاسم عائشة دلائل كثيرة، أولها يبدوا أنه لم يكن عاراً ولا عيباً أن يتزوج الرجل طفلة في مجتمع ذاك اليوم، فها هي تطرح اسمها دون تحرج أمامه، وهو يوافق دون أدنى تفكير، ولو للحظة واحدة بأنها طفلة، عمرها لا يتجاوز 6 سنوات. من هذا نجد أنه كان طبيعياً في مجتمع مكة هكذا زيجات، بحيث أن النبي الجديد والذي عليه أن يحصن نفسه من أي شائبة قد يستغلها أعداءه ضده، يوافق على خطبة طفلة، بما يعني أنه لم يكن من العيب عندهم الزواج من طفلة، وإلا لكان محمد قد ابتعد عن فكرة معيبة كهذه، ممكن أن يستغلها أعداءه حينها للطعن بقيمه الاخلاقية والمجتمعية، والذي هو بأشد الحاجة اليهما في بداية دعوته، وضعف امكانياته المادية، وقلة عدد مؤيديه. وهو دليل إضافي أن هذا الزواج جاء بمحض الصدفة، وليس كما قالت عائشة لاحقاً بأنها زوجت من محمد بأمر من الله حين أراه صورتها بكف جبرائيل. ودليل آخر بعدم علم محمد أنه سيتعرض للنقد الجارح مستقبلاً كما يحدث بعصرنا بسبب تلك الزيجة، وعدم علمه أيضاً بما سوف يؤسس زواجه ذاك لحالات زواج رجال طاعني السن من أطفال، وما يترتب على هكذا زيجات من مشاكل نفسية ومجتمعية. وهذه كلها أدلة على بشرية تصرف محمد، وعدم وجود حكمة بالغة تقودها قوة جبرية عاقلة تتحكم بتصرفات محمد وأفعاله وقراراته. كذا فإننا لا نجد لا محمد ولا خولة قد فكرا بفرق العمر بين محمد وعائشة ولو للحظة واحدة، والذي هو 44 سنة كاملة ؟!! بل ولم يطرأ أبداً مثل هكذا فكرة على عقل محمد النبي، وهو الذي لا ينطق عن الهوى ؟!! وأخيراً يبدوا لي أنه بذلك المجتمع الصحراوي كان يصعب ايجاد النساء البكر لسبب ما، أما لقلة النساء، أو لكثرة الطلب على البكر، أو لأي سبب آخر، بحيث وجدت خولة أن البكر الوحيدة الصالحة لمحمد هي طفلة، أسمها عائشة، وليست حتى صبية من الصبايا ؟!! نعود لمواصلة حوارات خولة حول خطبتها عائشة لمحمد، حيث جاء التالي: دخلت خولة بيت أبي بكر، فقالت: ماذا أدخل الله من الخير والبركة. قالت أم رومان، أم عائشة: ما ذاك ؟! قالت : أرسلني رسول الله أخطب عليه عائشة. قالت أم رومان: انتظري ابا بكر. فجاء ابو بكر، فقالت خولة: ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة. قال ابو بكر: وما ذاك؟! قالت: أرسلني رسول الله أخطب عليه عائشة. قال: وهل تصلح له ؟! إنما هي ابنة أخيه. فرجعت الى محمد، وذكرت له ذلك، فقال لها: أرجعي فقولي له: أنا أخوك وأنت أخي في الإسلام، وابنتك تصلح لي. من نص المحاورة أعلاه لو صدقت حقاً نستنتج التالي: أن ابا بكر استغرب خطبة النبي لعائشة فقط لأنه يعتقد في قرارة نفسه أنه أخ محمد، ولا وجود لأي سبب آخر يمنع هذا الزواج، كفرق العمر مثلاً، أو خطبتها المسبقة كما سنرى ذلك بالمحاورة التالية، وسنرى ركضه السريع كي يتخلص من خطوبة ابنته لشخص آخر كي يزوجها محمد بمجرد سماعه لرأي محمد بأن أخوتهما ليست بالنسب حتى يحرم الزواج، بل هي بالدين فقط، لنكمل المحاورة. فرجعت، أي خولة لبيت أبي بكر، وذكرت ذلك له، أي كلام محمد بأن الاخوة في الدين فقط. قال أبو بكر: انتظري. وخرج ابو بكر، فقالت أم رومان: إن مطعم بن عدي قد ذكرها على ابنه، فو الله ما وعد موعداً قط فأخلفه، تقصد أبا بكر. فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي، وعنده امرأته، يقصد زوجته، فقالت: يا ابن أبي قحافة، لعلك مصب صاحبنا، تقصد يصبأ ابنها، أي يغير دينه الى الإسلام، مدخله في دينك الذي انت عليه اذا تزوج اليك. قال أبو بكر لمطعم : أقول هذه تقول، يقصد هل أنت مؤيد لكلامها. قال مطعم : انها تقول ذلك. فخرج أبو بكر من عنده، وقد أذهب الله ما كان في نفسه من عدته التي وعده، أي أنه لم يعد هناك وعد بالزواج أو خطوبة، فرجع، فقال لخولة : ادعي لي رسول الله، فدعته، فزوجها اياه، وعائشة يومئذ بنت ست سنين.
06. 08. 2012
#محمد_الحداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عائشة ج1
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج56 والأخير
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج55
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج54
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج53
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج52
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج51
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج50
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج49
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج48
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج47
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج46
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج45
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج44
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج43
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج42
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج41
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج40
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج39
-
عندما كنت ملحداً قصة هدايتي ج38
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|