أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالرحيم داودي - الْإِحْتِرَاقُ البَطِيءُ














المزيد.....

الْإِحْتِرَاقُ البَطِيءُ


عبدالرحيم داودي

الحوار المتمدن-العدد: 3810 - 2012 / 8 / 5 - 16:31
المحور: الادب والفن
    


"من أنت ،أيتها الجميلة الرائعة؟ أتراك إلهة من الآلهة تجلت على هذه الأرض؟ أم لعلك مخلوق من تلك المخلوقات الإلهية التي تتبع كوفيرا، إله الغنى و الثراء؟ أم لعلك الأسورا الجنيات؟ أم من الناغا الأسطوريات؟ الحق أني لا أطيق البعد عنك بعد أن عرفت هذا الجمال الخارق."
_مقتطف من خطاب شانتنو ،ملحمة الهند الكبرى,المهابهاراتا_

تَنْسَرِبُ الحياة من يديه المرتجفتين،
تسابق الزمن الخائن،
إلى أقاصي المجهول المخبوء فيه،
إلى الرقعة القصية المهجورة،
ويحفر الصمت و الحزن أخاديدهما الغائرة.
على الرصيف المحاذِي لسكة القطار، وقف يتملى وجه حبيبته المخضب بالأسى، وهي تتأهب للرحيل، وفي قرارة نفسه المدفونة تتصارع أفكار لاهبة "يا إلهي ! لماذا هذا القدر اللئيم يخاتلنا و يقذف بنا إلى الفراغ الموحش؟!".
بين حرقة السؤال المربك، وأفق الغربة الهاربة ،لوّح لها بيده وزجاج القطار المغبش يفصل بينهما وكأنه هزة تكتونية جلجلت قعر البحر، فاصلة تعانق صفحتين قاريتين ،وبعد دقائق قليلة انطلق القطار كسهم مرق في الفضاء ثم اختفى.
ما قيمةُ الكلماتِ أمام الخسارات الفظيعة التي لا تعوض؟
مَا مَعْنى أن نفارق مَنْ نُحِبُ تَحت ضغط المجتمعِ؟
يلاشي تعاسته وهو يجتاز القبور المنسية،
عيونه تطفر دما،
وهو يردد قصيدته المبتلة بغصة الفراق،
من زبد البحر انبعثت ،
من اقيانوس الساحر صعدت ،تحت رهج الضوء, و أثباج الماء،
تعزف على فيثارة الحب أحلى الألحان ،
وصدى النغم المعزوف يغشى أثير الكون الممتد.
آه "بسيشه" أخرجيني من وحدتي الموحشة.
أخرج منديله المخملي من جيبه ،مسح مقلتيه من أثر الدموع المنسكبة ،ثم حث خطاه ناسيا أنه ينتمي إلى هذا العالم المليء بالصخب و العنف ، وارتد به شريط الذاكرة الى اللحظات التي قضاها بصحبة حبيبته التي تركته ينوس بين الزمن المخصي و الوصب الناهش . لم يجد من يواسيه في لحظة تشظيه ،فجلس على حافة حجرية وأخرج من محفظته البالية رواية "طوق الياسمين" و أخد يقرأ المقطع التالي:" كم اشتهي أن أراك . هل تدرين أن غيابك الآن يقتلني و أني كلما استعدت وجهك وسط هذا الفراغ شعرت بوحدتي أكثر .الدنيا ظالمة لم تتوقفي عن ترديدها حتى صارت حقيقة مثل الموت .أحيانا عندما نلعب مع الأقدار نفعل ذلك بسخرية وننسى أنها لا تنسى وأنها تأخد كل شئ بجدية وتفاجئنا في اقل اللحظات انتطارا."
على حواف المبهم والليل الراجف،
ند أنين خافت،
ند من أعماق الروح الخانعة،
اختلطت الكلمات وعم السواد،
اندغمت الحروف و اصطلمت في بعضها البعض،
عالم صوفي يرخي ظلاله الوارفة،
صار الكتاب بركة وصارت البركة كتابا.
أرجع الكتاب إلى محفظته ،نهض من الحافة الصخرية التي كان يجلس عليها ،نفض الغبار العالق بمؤخرته ،ثم انتشل من يده اليمنى خاتما فضيا مزخرفا باللون الأسود وطفق يقبله ،فقد وجد فيه ذكرى غالية تناغيه وتفض عنه خيبته القاتلة، أعاد خاتمه الفضي إلى مكانه وبعدها فتح محفظته مرة ثانية و أخد يفتش عن قلمه بين ركام المسودات التي كان قد كتبها. وهجس في نفسه:" الكتابة نزيف الروح" وأنا أريد أن أهرق كل دمي على أوراقي البيضاء ،فما فائدة الكتابة إن لم تجسد حالة انغمار الإنسان في الحياة الجائرة ؟؟ وفي غمرة الوحدة الرهيبة تفجرت في ذهنه قولة الشاعر عزت سراييّج" لم يسبق أن كتبتم رسالة عشق, أو فكرتم في الانتحار،فكيف، إذن تجرؤون على قول أنكم عشتم." فشرع يكتب رسالة إلى حبيبته.





#عبدالرحيم_داودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الْعَزفُ الْمَكْسُورُ


المزيد.....




- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالرحيم داودي - الْإِحْتِرَاقُ البَطِيءُ