|
هل أصبح المصريون يكرهون غزة؟
محمد أبو زيد
الحوار المتمدن-العدد: 3808 - 2012 / 8 / 3 - 21:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل أصبحت غزة فجأة عدوة لمصر؟ وهل أصبح سكانها أعداء للمصريين؟ وهل نسي المصريون فجأة المظاهرات التي خرجوا فيها من أجل فك الحصار عن غزة؟ وهل نسوا هتافاتهم ضد إسرائيل، وحلمهم بتحرير القدس، وبكاءهم من أجل محمد الدرة وشهداء القصف الإسرائيلي على غزة؟ وهل نسوا أنهم خرجوا في مظاهرات لرفض بناء الجدار العازل على الحدود، وهل نسوا أن غزة جزء من العالم العربي المحتل من الكيان الصهيوني؟ هل قرر المصريون أن ينسوا كل هذا فجأة، ويناصبوا سكان القطاع العداء؟ من يتابع الحملة الإعلامية ضد غزة، عقب فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين، الرئيس محمد مرسي بالرئاسة، سيشعر أن شيئا ما تغير، وأن هناك من يقود حملة إعلامية منظمة لزرع العداء بين المصريين والفلسطينيين في غزة، وكأن مصر أصبحت تفضل الجار الإسرائيلي على الجار العربي. من يقرأ التاريخ يعرف أن العلاقة بين مصر وفلسطين تاريخية بحق، دفعت فيها مصر الكثير من الدماء، وخاضت الحروب، ففلسطين ليست مجرد جارة، بل هي جزء من الأمن القومي لمصر، يكفي أنها البوابة أمام الكيان الصهيوني، وطوال السنوات الماضية، في مرحلة ما بعد الحروب والسلام ما بين مصر وإسرائيل، ظلت فلسطين جزءا من اللعبة السياسية المصرية، وورقة سياسية في يد الإدارة المصرية، وخبرا أساسيا في النشرات الإخبارية، عندما كان المصريون يقررون كسر الحصار على غزة، أو يتسللون عبر معبر لمشاركة إخوتهم هناك، أو يهربون لهم الغذاء والدواء عبر الأنفاق. غير أن الملاحظ أنه بعد وصول الرئيس محمد مرسي إلى الحكم تحول التعاطف مع غزة إلى جريمة، وأصبح الجميع يتحدث عن غزة ليس باعتبارها جارة عربية مسلمة، بل باعتبارها عدوة، وأن مرسي يهتم بها على حساب مصر، وأن الإخوان المسلمين سيحولون لها الطاقة والغذاء والدواء ولن يعطوها لمصر، وكأن المصريين لم يكونوا يفعلون ذلك من قبل، ووأصبح البعض يتحدث عن مرسي باعتباره رئيسا لقطاع غزة، ومشرفا على حكومة حماس، وهو ما يستدعي التساؤل عن أسباب هذا التحول الغريب في سلوك المصريين تجاه جارتهم. البداية كانت مع الثورة المصرية، عندما اتهم البعض حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بأنها شاركت في الثورة وكانت وراء عملية فتح السجون، ولا أعرف كيف يقبل شعب أن يتهم شعبا آخر بأنه قام بثورته، ولا أعرف أيضا كيف ينسى المصريون الخطة 100، التي وضعها حبيب العادلي، والتي كان منها إحداث حالة من الانفلات الأمني وفتح السجون وإطلاق البلطجية، لوقف أي غضب شعبي، وهو ما حدث يوم جمعة الغضب. غير أن الأمر تطور، عندما تحدث الشيخ صفوت حجازي في أحد المؤتمرات الشعبية لدعم مرسي رئيسا، عن حلم الخلافة، وأن تصبح القدس عاصمة للدول العربية المتحدة، ليتم فتح النار على غزة مجددا، وعلى الفلسطينيين الذين رأوا أن وصول مرسي للرئاسة يعني حياة أفضل لهم خاصة أن نظام مبارك كان يتواطأ مع إسرائيل لمزيد من الحصار، لكن فجأة حول بعض المناضلين القدامى إسرائيل من عدو إلى صديق، نخشى غضبها، وكأن إسرائيل ليست كيانا صهيونيا محتلا، وإنما دولة شقيقة، وكأننا لم نحلم يوما بتحرير القدس، ولم نبك على شهداء فلسطين، ولم يرفض البابا شنودة زيارة القدس لأنه أراد أن يدخلها مع "إخوانه من المسلمين"، كما قال، وكأن إسرائيل لا تحتل الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية. سيتحدث البعض بالطبع عن مشروع تبادل الأراضي، وأن إسرائيل تريد توطين الفلسطينيين في غزة، وسيتحدث البعض عن أن مرسي سيجامل الغزاويين على حساب المصريين، لكن هل يعتقد هؤلاء البعض أن الجار الإسرائيلي أفضل من الجار العربي، وهل يعرف هؤلاء أن مساحة غزة لا تتجاوز أحد الأحياء المصرية، وهل يعرف هؤلاء أن المساعدات المصرية لغزة مستمرة طوال السنوات الماضية، لأن معنى قطعها، وفاة أطفال وشيوخ بسبب نقص الدواء والغذاء، والمزيد من المناوشات الفلسطينية الإسرائيلية، وهو ما سيؤثر بالتالي على الأمن القومي المصري، وهل يعرف هؤلاء أن من مصلحة مصر أن تكون حدودها هادئة، وهل يعرف هؤلاء شيئا اسمه حقوق الجار؟ بالتأكيد فلا أحد يملك أن يبيع شبرا من أرض مصر لأحد، ولن يقبل المصريون أن يتم توطين الفلسطينيين في غزة، ونعلم أن إسرائيل بدأت العمل بخطوات متدرجة لفصل قطاع غزة عن بقية الأراضي الفلسطينية، ومواصلة الضغط، لدفع القطاع باتجاه مصر، لتلبية كل احتياجاته، وكان من بين أهم المؤشرات على ذلك أن إسرائيل غضت الطرف عن مئات الأنفاق التي قام الفلسطينيون بحفرها تحت خط الحدود بين القطاع ومصر، ومع قيام إسرائيل بإغلاق المعابر التجارية الست التي كانت مفتوحة بين القطاع وإسرائيل، وحصرها في معبر واحد هو معبر كرم أبو سالم الذي يقع في الحدود المصرية- الإسرائيلية مع القطاع، وتقنين عملية إمداد القطاع باحتياجاته. أعتقد أن على مصر تحمل مسئوليتها التاريخية، والتي يبدو أنها مجبرة عليها لأن تلك حدودها، وعلى مصر الدفع في اتجاه ملف المصالحة الفلسطينية، وربما يمكن وقتها حل المشكلة الفلسطينية.. لكن لا تضيعوا ما بذلته مصر طوال سنوات في دعم القضية الفلسطينية، لأنكم فقط تعادون الإخوان.
#محمد_أبو_زيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
.. وما أدراك ما عبد الناصر
-
كيف تصنع إلها؟
-
الخروج إلى النهار
-
لمن ستصوت والدة الشهيد مينا دانيال في انتخابات الإعادة؟
-
10 نصائح قبل اختيارك الرئيس القادم
-
الصحافة المصرية بعد الثورة.. -أعطني حريتي أطلق يديا-
-
برامج التوك شو .. -من يصرخ أعلى-
-
سينما باراديسو
-
الأول من أيار ..... عيد العمال العالمي
-
ناصية باتا..لعبة اسمها الحياة
-
رئيس لكل مواطن
-
منصور حسن..رئيس في الوقت بدل الضائع
-
رشح نفسك للرئاسة .. واكسب بالونة هدية
-
رمانة ميزانة الليبراليين أمام تحالف الإسلاميين
-
القصيدة الخراب
-
ركوب الموجة
-
الضنا غالي
-
ليس كمثله شيء
-
هل أنقذ الله اليونسكو من الفنان فاروق حسني ؟
-
أسباب وجيهة لكراهية المثقفين
المزيد.....
-
نتنياهو يبحث المرحلة الثانية من اتفاق غزة خلال زيارته إلى أم
...
-
السودان: أكثر من 60 قتيلا في هجوم لقوات الدعم السريع على سوق
...
-
هيغسيث: -داعش- تكبدت خسائر جراء الضربة الأمريكية في الصومال
...
-
قلق في إسرائيل بسبب منصب رئيس وفد المفاوضات مع حماس
-
وزير الخارجية المصري: لن تنعم المنطقة بالسلام ما لم تقم دولة
...
-
تقدم روسي.. وترمب يصر على الحل بأوكرانيا
-
لقطات جوية من مكان تحطم طائرة طبية في مدينة فيلادلفيا الأمري
...
-
بولندا.. مرشح المعارضة للرئاسة يتعهد بإعادة 20 مليون بولندي
...
-
ويتكوف ونتنياهو يتفقان على بدء مفاوضات المرحلة الثانية لوقف
...
-
الدفاع الروسية: القوات الأوكرانية ارتكبت جريمة حرب جديدة بقص
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|