|
المرأة الايزيدية
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1111 - 2005 / 2 / 16 - 10:43
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
بسبب غياب الكتابات المنصفة عن الديانة الايزيدية والمجتمع الأيزيدي وتعرض تاريخهم للتشوية والدس، وبسبب القصور في الكتابات التي تنقل وصف المجتمع الأيزيدي بشكل متجرد ومنصف، تحدد مجال الكتابة عن الديانة وأسسها وكتبها المقدسة والطبقات الدينية ومايتعلق بها والأعراف والتقاليد والنكبات والكوارث التي تعرضوا لها، و بقي البحث في دور المرأة الأيزيدية غائباً عن التحري والبحث والتحليل والتشخيص والكتابة التاريخية وقصور في تحديد وابراز دورها المهم ضمن تداعيات تاريخ هذا المجتمع المليء بالأحداث وظلمت المرأة الأيزيدية في هذا المجال فلم يتم الألتفات اليها، ولاتم أبراز نشاطاتها الثقافية والسياسية والأجتماعية، ولم يتعرف المتابع والقاريء على أسماء نساء بارزات منهن عدا ( ميان خاتون )، ولم تشر المصادر القديمة والحديثة الى ماينصف المرأة الأيزيدية ويدرس حالتها مثل الرجل الأيزيدي، بالرغم من المجتمع الذكوري الذي يعيشه الأيزيديون قديماً والذي بدأ يتململ ويتحرك حديثاً بأتجــــــــــاه التطور وأنصاف المرأة، وبالرغم من مظاهر التحرر والأختلاط الذي تعيشه المرأة الأيزيدية أحسن من غيرها من بقية الأقوام التي تحيط بها نوعا ما، فأن ثمة مظاهر وأعراف وقيم وتقاليد لم تزل تتحكم بها وتسيطر على حياتها وتجافي أنصافها وتغبن حقها وسط مجتمع متلبس بالظلم. ويشـــــــير الكاتب صديق الدملوجي صاحب كتاب ( اليزيدية 1949 - ص 287 ) أن الصحة والجمال عند المرأة الأيزيدية في منطقة الشيخان منعدمين بالمرة، بالنظر لأصابة أكثرهن بالصفرة ومرض الطحال وتأثير الملاريا عليهن والذي يذهب بجمالهن وطراوتهن كثرة اشتغالهن بالاعمال الشاقة التي لم يكن قد خلقن لها، ولاننسى ان لجودة الغذاء وحسن المعيشة لهما دخل كبير في صحة المرأة وجمالها، والمرأة الأيزيدية محرومة من كليهما لسوء حظها، واغلب النساء قصيرات القامة ضعيفات هزيلات ولهن عيون واسعة ساحرة، ويوجد من بينهن من جمعن صفات الحسن والجمال بكل معانيها من قد رشيق، وخصر نحيف، ووجه صبيح، وعيون كحلاء، وثديين بارزين، أما النساء السنجاريات فقد أضقن الى كمال صحتهن فرط الجمال والبهاء، والمرأة السنجارية لاتفقد الأنتاج الجنسي الا في سن الخمسين. أما الكاتب سعيد الديوه جي فلم يخصص دور من ادوار كتابه ( اليزيدية -1973 ) الى المرأة الأيزيدية، وهكذا نحى منحاهم جميع من كتب عن المجتمع والديانة الأيزيدية، فلم نجد مايفصل عن حياة ودور المرأة الأيزيدية في الأبحاث والكتب التي اطلعنا عليها. وهكذا أختصر الكاتب صديق الدملوجي بحثه القيم والكبير عن الأيزيديات بهذا الوصف عن الملامح والجمال، ولم يخصص من بحثة فصلاً واحداً عن واقع المرأة الأيزيدية ودورها الديني والسياسي والأجتماعي، كما لم يتحدث عن أمرأة غير مــيان خاتون ممن أثرت في تاريخ الأيزيدية يورد السيد منير بعلبكي في موسوعة المورد – المجلد العاشر – الصفحة 183 عن الأيزيدية (( انهم فرقة يجهل المؤرخون أوليتهم وأصل ديانتهم وأنهم يحرصون على العيش في عزلة شبه تامة عن الجماعات التي تحيط بهم ))، وفي هذا الأمر تغييب لحقيقتهم فأن التاريخ لم ينكر حقيقتهم وأصل ديانتهم أنما كان السبب الأساس في التغييب المتعمد لأصول هذه الديانة وأسسها التي نقلت مشوهة بقصد الأساءة اليها والى المؤمنين بها والى معتنقي هذه الديانة، كما أن الأيزيدية لايحرصون على العيش بعزلة عن جيرانهم الذين اختلطوا بهم وسكنوا مدن تجتمع فيها الديانات الأسلامية والمسيحيية والأيزيدية دون أية اشكاليات في الحياة، ويمكن أن نعتبر مدينة بحزاني وبعشيقة وسنجار من أهم المدن التي تختلط فيها الناس من الأديان الثلاثة ويمكن ان نتلمس عدم الدقة في التعريف بالأيزيدية كمثال على عدم الأنصاف، والمتصفح للكتابات العديدة التي لم تنصفهم سيجدها كثيرة لكنها تفتقر للمصداقية والنقل الواقعي. وقد يتعكز البعض على الغموض والسرية في العقيدة وعدم وجود مراجع دينية يمكن الأستناد اليها في ترجمة تاريخهم وأسرارهم، الا أن هذا الأمر لايعني أنهم بقوا محافظين على هذه السرية والغموض، فقد انفتحوا على الدنيا وطرحوا أسرار عقيدتهم في الهواء الطلق مفندين المزاعم والمرويات غير الحقيقية عنهم. وبالرغم من الكتابات التي كتبت عن الأيزيدية وكثرت في العصر الحديث سواء كانت بأقلام الأيزيدية انفسهم أو من غيرهم، الا ان معالجة جادة لواقع المرأة الايزيدية لم تظهر من احد الباحثين لحد الان ن فقد جائت جميع المعالجات التي تتحدث عن ديانتهم وتاريخهم فيما يخص الرجال والمرور مر الكرام على النساء، وقد لفتت أنتباهي الكاتبة السعودية السيدة وجيهة الحويدر الى هذه الجهة برسالة أرسلتها لي عن طريق موقع أيلاف الألكتروني ثم اعقبتها برسالة رقيقة تنم عن ثقافتها وأندفاعها للبحث والتقصي لمعرفة حقيقة واقع المرأة الأنسان في أي مكان وفي كل زمان، مما دفعني للبحث المتواضع والتقصي عن حال وأحوال المرأة في المجتمع الأيزيدي، بالرغم من المعلومات البسيطة والمتواضعة التي أوردها، وبالرغم من عدم توفر المصادر وينابيع المعرفة حول الموضوع في مهجري السويدي في الوقت الحاضر، وعلى أمل أن اجد متسعاً آخر من الوقت للتوسع في الموضوع مستقبلاً أذا مامنحنا الله العمر والقدرة لذلك. ان حقائق كثيرة تم تغييبها ضمن المجتمع الأيزيدي من خلال معاناتهم الأنسانية ومايلاقونه من كراهية ومحاربة العقول والضمائر المريضة ضدهم واتهامهم شتى الأتهامات غير الحقيقية، أضافة الى مالقيه الأيزيديون من ظلم وغبن لحقوقهم الدينية والأجتماعية في العراق طيلة الفترة منذ الحكم الوطني وحتى سقوط سلطة صدام البائد في نيسان 2003، غير أن الأيزيديون مارسوا جزء من حقوقهم وطموحهم الأنساني ضمن منطقة كردستان العراق التي تحررت من سطوة صدام والتي لم تكن ضمن سيطرة سلطته منذ ولحد اليوم 1991، حيث كان الأيزيدية في المنطقة المحررة أكثر حرية وأعترافاً بالحقوق من غيرهم ممن كان يرزح تحت سلطة الدكتاتورية. وتحملت المرأة الأيزيدية من الصعاب والمحن التي واجهها المجتمع والديانة الأيزيدية مايفوق الوصف، لتعرضها للقتل والسبي والتشرد ولجوئها الى المغارات والكهوف في الجبال لحماية نفسها وأطفالها، والأضطرار للعيش باساليب شبه بدائية وتحت ظل ظروف مناخية قاسية في مناطق شمال العراق، وتعرضت للنفي في المخيمات بعيدة عن مناطق سكنها في زمن البائد صدام وأرغامها على الحياة في معسكرات اعتقال تحدد حياتها وقدرتها على العطاء، بالأضافة الى محاولات السلطة الشوفينية في أرغامها على تغيير هويتها وقوميتها وأبدالها قسراً الى القومية العربية دون وجود أي دليل أو سند أو قرينة يدعم أنتسابها الى العرب. كما تعرضت النسوة الأيزيديات الى ظلم فاحش في تمرير بعض الفتاوى الدينية بأسم الدين تبيح أموالهن وشرفهن وقتلهن وأعتبارهن من غنائم حرب الكفار، وواجهت النساء الأيزيديات هذه الفتاوى المدعمة بالسلاح والرجال مواجهة باسلة في التصدي والدفاع عن النفس والشرف حيث قضت الكثيرات منهن تحت هذه المزاعم التي لايدعمها دين ولاتبيحها شريعة ولاتقرها الأديان السماوية مادام الأنسان يوحد في عبادته الله الواحد الأحد الذي يسميه الأيزيدية ( خدا ) وتؤمن باليوم الآخر. وشكلت المرأة الأيزيدية عنصراً مهما في بناءالمجتمع الأيزيدي والمساهمة بدور فعال في بناء وتماسك هذا المجتمع ومساندة الرجال، بالرغم من الغبن الفاحش الذي لحقها ضمن قساوة المجتمعات التي تعيشها في القرى والمدن التي يعيش بها اتباع الديانة الأيزيدية الى جانب أتباع الديانات الأخرى. وأذا تابعنا الطبقات الدينية ( الروحانية ) لدى الأيزيدية المتمثلة بالامير و البابا شيخ وهو اعلى المراتب الروحية ويكون من سلالة الشيخ فخـــــــــــر الدين و البيش أمام وهو من سلالة الشيخ حسن والبير ( الشيخ المسن ) والكوجك وهم اشبه بالنساك والملتزمين بالعبادة الى ابعد حدودها البشرية والقوال المتميزين بطلاقة اللسان والتاثير في النفوس في الانشاد والعزف والفقير ثم المجيور وهو سادن الضريح المقدس، فلم نقرأ أو نعلم أن يكون من الجائز أن تكون ضمن هذه المراتب والدرجات من النساء مع وجود عدد من النساء يدعن ( فقرا ) يقمن بخدمة ضريح الشيخ عدي بن مسافر وينذرن حياتهن له ولايتزوجن. غير ان من بين النساء من تتفرغ لخدمة معبد الشيخ عدي بن مسافر مع البابا جاويش، وهذه النسوة يحرم عليهن الزواج او الزينة، وهن يقمن بخدمة المعبد والبابا جاويش وأدارة شؤون الطبخ والتنظيف وتحضير الماء والمساهمة في جني الزيتون وخزنه وخزن الزيت وطبخ الحنطة واستخراج مشتقاتها وغيرها من الأعمال التي تعارفت عليها النساء في المنطقة، وكما يقمن بعمل فتائل المصابيح الزيتية التي تضيء المعبد المقدس ويشرفن على أشعاله وأطفاءه، ويمكن أعتبار النسوة المتفرغات لهذا العمل من الزاهدات والمتصوفات ممن تركن خدمة الدنيا وهن أشبه مايكون للراهبات في الأديرة المسيحية. والمتمعن في أسماء أعضاء ورئيس المجالس الروحانية للديانة الأيزيدية لن يجد أسم امرأة واحدة بينهم على مر الزمن، بالأضافة الى مهمة القوالين في الأنشاد في الأحزان والأفراح وتحمل مسؤولية التثقيف الديني فأن هذا العمل المحصور في مجموعة القوالين من الرجال فقط دون النساء، مما يدلل على أن حصر السلطة والمراكز الدينية بقيت حكراً على الرجال. علماً أن اعراف المجتمع الأيزيدي أباحت للرجل الأيزيدي أن يتزوج بأربع نساء مع ان الشريعة اعتبرت الزواج باكثر من واحدة مكروها، ويستعمل الأيزيدية الطلاق ويحق للرجل أن يستعيد علاقته الزوجية بالمرأة أذا وافقت الزوجة. ومن التقاليد والأعراف التي املتها الظروف على الأيزيدية أن يتخذ كل أيزيدي له أختاً أو أخاً من رجال الدين يدعى الأخت الأبدية أو الأخ الأبدي، وعلى الأخت الأبدية أن تفتح رقبة القميص الذي يريد الأيزيدي أن يلبسه، أذ يلبس الأيزيدي أو الأيزيدية الثوب بفتحة مدورة مما يوجب توسيعها من قبل الأخت الأبدية قبل أن يلبسها، وقد بدأت الأجيال الجديدة لاتلتزم بهذا التقليد الأيزيدي في التمسك من كون الرقبة مدورة فلبست مايشابه الناس لايميزهم عنه شيء آخر، ولايجوز قطعا الزواج من الأخت الأبدية. وأوجب العرف والتقاليد أن تكون الأخت الأبدية حاضرة عند تغسيل من اختارها عند وفاته وتقوم بقراءة الأدعية والصلوات عليه أثناء عملية الغسل. وتعتمد المرأة الأيزيدية على الألوان الزاهية في المناسبات الدينية والأفراح حالها كحال بقية الشعب الكردي المحب للألوان الزاهية، بينما ترتدي الملابس البيضاء وتعتمر بعمامة بيضاء كرمز لملابس أهل الجنة في الأيام العادية، وتمتاز ملابس المرأة الأيزيدية بالبساطة والتواضع وبالأضافة الى تميزها الظاهر في عمليات الزراعة والحصاد وأدارة شؤون البيت وجني المحصول وعمليات الخزن ومايتبعها من أمور تخص مؤونة البيت الأيزيدي، بالأضافة الى رعاية الحيوانات وتربية الدجاج وصناعة الزيتون والخمور والمخللات، فأن المرأة الأيزيدية حاضرة في الأحتفالات والمناسبات الدينية، فهي محبة للرقص بشكل جماعي مع الرجال، والرقص بالأضافة الى كونه عادة محببة للنفس الأيزيدية النازعة نحو الفرح والمحبة والخير، فأنها مناسبة للتعبير عن نسبية تحرر المجتمع الأيزيدي في الأختلاط وتمكين الناس من الألتقاء ببعضها والتعارف فيما بينها، وتكون من المناسبات التي يتمكن فيها الشباب والشابات من التلاقي والتعارف والتقارب والأختيار. ويوجد طبقات من الايزيدية من تحصر الزواج فيما بينها ودون ان تسمح لها بالزواج من طبقة اخرى وهي البيرانية والشمسانية والقاتانية والادانية والمريد وهذه المجاميع الاجتماعية – الدينية تشكل في الحقيقة بالاضافة الى مجموعة المريدين عشيرة من العشائر الايزيدية ( انظر الدكتور خليل جندي – نحو معرفة حقيقة الديانة الايزيدية – السويد 98 ) ويذكر الباحث الدكتور خليل جندي عن اسماء النساء الايزيديات كونها يغلب عليها اسماء الظواهر الطبيعيــــــــــة مثل ( كولي ) وتعني الوردة و( نركز ) وتعني النرجس و( هينار ) وتعني الرمان، وكذلك أسماء فصول السنة مثل به هار وكولان اي ايار وشه مسو وتعني الشمس. وللطبيعة تأثير واضح لدى الأيزيدية عموماً والمرأة منهم بوجه خاص فتتفاعل المرأة الأيزيدية في التحضير للأعياد الدينية المتعلقة بالطبيعة، كما في أعياد الربيع ( سه رصال ) فتقوم بسلق البيض وتلوينه وتوزيعه على الأطفال، ووضع ورد شقائق النعمان فوق أبواب البيوت، كما تضع كمشة من الأعشاب البرية المثبتة في كتلة من الطين مع الورد، وتكون قد استعدت لهذا العيد بعمل المعجنات والطبخ وأستقبال الضيوف، بالأضافـــــة الى تميزها بعمل نوع من انواع الخبز ( صه وك ) وهو عبارة عن قرص من الخبز الثخين المطلي بالزبد او الدهن يتم توزيعه على الناس في المقابر قرباناً لأرواح الموتى. وأسوة بما يسري على الرجال فقد شمل المرأة في الزمن القديم من تحريم القراءة والكتابة ومنع التعليم، غير أن في هذا الزمان أقبلت المرأة الأيزيدية على التعليم وتبوأت منهن المراكز العلمية والثقافية المرموقة بعد ان حصلن على الشهادات في المجالات التخصصية، وأن كان هناك تقصير في عدم أبراز الجانب الأبداعي للمرأة الأيزيدية وحصر وأحتكار الأمر على الرجال من قبل الأيزيدية أنفسهم الذي ارى انهم لم يتخلصوا من موروثهم الأجتماعي القديم والألتزام بالتقاليد والأعراف القديمة. ومما يجدر ذكره أن من بين حسنات الديانة الأيزيدية تحريم التفكير بأي عمل مشين تجاه النساء الأيزيديات أو غير الأيزيديات من باقي الأديان والملل، ولهذا فقد عاشت العشائر المسلمة والمسيحية بينهم دون أن يسجل التاريخ أن الأيزيدية أساءوا الى النساء في تلك المناطق، لابل يأمن غير الأيزيدي على نساءه بحضور وحراسة الأيزيدي في الكثير من الأحيان، وبالتأكيد يتاثر المجتمع الأيزيدي بما يحكمه من اعراف وتقاليد في نبذ المرأة التي تشذ عن طريقهم ويلجأون الى قتلها غسلاً للعار أذا ما وجدوا انها خرجت عن طريق الشرف الذي يتمسكون به أسوة ببقية العشائر والقبائل العربية والكردية والتركمانية والأشورية والكلدانية في العراق، وتملي أعراف الكرافة على الأيزيدي ( وهي من اعراف الأخوة بين الأيزيدي وبين المسلم أو بين الأيزيدية انفسهم ) أن يعتبر الرجال والنساء من عائلة كريفه محرمة عليه لحد الدرجة الخامسة، ويملي الواجب الأجتماعي عليه الدفاع عن شرف عائلة الكريف حتى لو كانت هذه العائلة من غير الأيزيدية. وتحكم الأيزيدية عادات وتقاليد وأعراف تحكم أمور الزواج والخطبة، البعض منها مكتسب من خلال الأعراف والتقاليد التي تؤمن بها المنطقة التي يكونون جزء منها، بالنظر للتمازج الأجتماعي بين الناس ضمن منطقة واحدة. فلم تزل المجتمعات الأيزيدية لحد الان تتمسك بقضية الثأر بالرغم من عزوف المجمتع المدني عنها، كما تنتشر بعض العادات والأعراف البالية التي لم تزل منتشرة بين أوساط القرى الفقيرة والمتخلفة من أماكن سكن الأيزيدية. ومن المسائل الصارمة التي يتمسك بها الأيزيدية مع المرأة أن يتم تحريم زواج الايزيدي من المرأة غير الأيزيدية، كما يتم تحريم زواج المرأة الأيزيدية من غير الأيزيدي، وأذا حدث هذا الأمر فأن الأيزيدي أو الأيزيدية يخرجوا من الملة ولاعودة لهم الى الديانة الأيزيدية حتى لو أنفصم الزواج وأنفرط عقد العلاقة بين الرجل والمرأة. كما يتم تحريم زواج المرأة الأيزيدية من طبقة العوام مع الطبقات الروحية التي ذكرناها، بل يصل الأمر الى تحريم زواج المرأة الأيزيدية ضمن صفوف الطبقات الروحية نفسها، وفي هذا الأمر تحديد لحرية المرأة وأمكانية تزاوجها دون قيود أو شروط السبب الذي جعل العديد من النساء الأيزيديات دون زواج ويفوتهن قطار العمر ويبقين عانسات بسبب قساوة التعليمات الدينية. فالديانة الأيزيدية ديانة غير تبشيرية وهي من الديانات الطاردة والمنغلقة من ناحية قبول المؤمنين بها، فلايمكن أن يكون أيزيدي الا من ولد على هذا الدين من ابوين أيزيدين. وكذلك لايمكن قبول أنتماء من يريد أن يترك ديانته ويصير أيزيدياً، ونفس الشيء ينطبق على من لادين له لأن من شروط الأيزيدية ان يكون الأيزيدي من ابوين أيزيديين. كما أن الأمر الذي بقي دون حل ويعاني منه الشباب والشابات الأيزيدية وخاصة من هاجر منهم بسبب الأوضاع السياسية أو الأقتصادية في العراق الى دول أوربا أو بسبب المتابعة الدراسية، كونهم يبقون دون زواج بالرغم من أستمرار حياتهم وعملهم ودراستهم في أوربا بعيدين عن اهلهم ووطنهم مع صعوبة توفر زوجة أيزيدية في اوربا، على أن لايغيب عن بالنا عدم تقبل الديانة الأيزيدية لدخول أي شخص من الأديان الأخرى الى الديانة الأيزيدية ولأي سبب كان. ومن الأمور التي يتحدد بها الأيزيدي شرعاً تحريم الزواج بأخت الزوجة بعد وفاة الزوجة أو طلاقها وكذلك زوجة الأخ بعد موته، كما في زوجة أبن العم بعد وفاته. ومن الأعراف التي بقي الأيزيدية يمارسونها ويحرصون على التمسك بها، عمليات خطف الفتيات قبل الزواج، فقد اعتبر الخطف عادة عشائرية تدل على الشجاعة والفروسية، وبالنظر لممارستها من قبل الأيزيدية فقد عانت المرأة من المصاعب والقسوة والنتائج الوخيمة التي لاتحفظ للمرأة مكانتها وقيمتها الأجتماعية وتعرضها للأضطهاد والأساءة، وبالنظر لتعارض الأمر مع القوانين الجزائية المعمول بها في العراق، ولمعرفة الأيزيدية من الأجيال الجديدة الحالية بضرورة نبذ العادات والأعراف والتقاليد التي تكون نتائجها سيئة فقد عزف عنها أكثر الأيزيدية أن لم يتم تركها بشكل تام في جميع مناطق الأيزيدية. وللمرأة الأيزيدية دور مهم في أدارة شؤون البيت الأيزيدي، وفي تعليم الأولاد على أتباع ديانتهم وتمسكهم بعقيدتهم وممارسة طقوسهم وأعيادهم ومناسباتهم الدينية، هذا بالأضافة الى مساهمتها في عملية الأنتاج الصناعي والزراعي رغم المعاناة التي عانتها الديانة الأيزيدية ورغم مالقته من أضطهاد وحروب فتاكة وعدم استقرار الا أن المرأة الأيزيدية بقيت متمسكة بدينها متحملة كل النتائج والصعاب في سبيل تربية وتعليم أولادها ومساعدة زوجها في بناء الأسرة الأيزيدية والتي على الأغلب ماتكون فقيرة كادحة. وتختلط الحكايات والقصص التي ترويها الأمهات والجدات للأولاد بين علاقة الانسان بالطبيعة وبين تمجيد أسماء المقاتلين الذين قضوا دفاعاً عن حياتهم وديانتهم أو دفاعاً عن الجماعة، خلال الحروب والهجمات الحربية التي تعرضت لها الأيزيدية في العصر الحديث، بالأضافة الى الأساطير الدينية التي تجعلهم يتمسكون بالأولياء والرموز المستعارة في حياتهم التراثية والشعبية. كما لقصص الحب والاخلاص في العلاقات الانسانية والغرام نصيب بارز تتفنن فيه المراة كراوية من رواة هذه الاساطير، وتشكل هذه القصص جزء من تراث الأيزيدية بما يتداخل فيها من الأساطير الشعبية والقصص التي تحفظها النساء لتلقيها على مسامع الأطفال بشكل محبب، مما يتوجب على المرأة منهم تدوينة ومعالجته وفق منظور تراثي أنساني وجعله في متناول العامة.
وحالة المرأة وأن كانت قد اكتسبت مكانتها من خلال حضورها وتضحياتها الجسام الى جانب الرجل، فأن حالتها تحتاج الى مراجعة لما يصيبها من غبن فاحش في مهرها وحقوقها الشرعية، حيث لاترث الفتاة عن والدها او شقيقها يكون للرجل الولي الحق في التصرف بالمهر، كما أن ليس للمرأة التي يتوفى عنها زوجها أي حق في الميراث اذا تركت دار الزوجية وتحتفظ بالميراث اذا بقيت الأرملة في دار الزوجة. ودخلت المرأة الأيزيدية معترك العمل السياسي وحملت السلاح دفاعاً عن مبادئها وأفكارها، وعارضت النهج الدكتاتوري لسلطة صدام وأستشهدت أعداد من النساء الأيزيديات في القتال ضد القوات الصدامية النظامية، أو قضن تحت التعذيب في سجون ومعتقلات السلطة البائدة، أو ممن تم تنفيذ حكم الأعدام بهن لأنتمائهن الى حركات سياسية وطنية تعارض النظام البائد. ويمكن أن يشكل الحزن عند النساء الأيزيديات سمة من سمات حياتها، بالرغم من كونها تشكل نسبة لاتتوازى مع محبتها وعشقها للفرح والأعياد والأنطلاق في المناسبات والأعياد الدينية، بالنظر لشعورها بالحرمان من الفرح طيلة حياتها القاسية والصعبة، ولهذا فأنها تقيم المناحات حزناً على المتوفين من اهلها وتقام مجالس العزاء في بيتها حيث تقيم مجلس العزاء للنساء منفصلاً عن مجلس عزاء الرجال، وتلتزم المرأة الأيزيدية بترك الزينة والثياب الملونة والكحل والعطر مدة أربعين يوماً بعد وفاة القريب تبعا لدرجة قرابته.
وتشارك المرأة الرجل في زيارة قبور الأولياء المنتشرة في القرى الأيزيدية كمزار محمد رشان في بعشيقة وملك ميران وقبر الشيخ عدي بن مسافر في وادي لالش المقدس وغيرها من القبور والرموز الدينية وتلتزم بالتطهر والنظافة عند اجراء تلك الزيارات، وفي تقديم النذور والقرابين في هذه المزارات لوجه الله تعالى. وأذ تختلف الديانة الأيزيدية في تحديد حق المرأة في الميراث عن بقية الأديان،الا انها تغبن الحق الذي قررته بقية الشرائع والأديان والملل، ولربما يكون الأمر مأخوذاً من خلال أمتداد أعراف الزمن القديم أذ كانت سيطرة الرجال وسطوتهم تفرض أن تكون حتى حقوق المرأة بأيديهم، ولهذا لم يجار الأيزيدية بقية الأديان في المواريث بالنسبة للنساء، وبالرغم من تطبيق نصوص الأحوال الشخصية عليهم فيما يخص المواريث الا أن شريعتهم تخالف ماتقرره أحكام المواريث في الأسلام. بينما يعتبر الدين الاسلامي ان الزوجة ترث بالفرض حيث ان لها الثمن مع وجود الولد والربع مع عدم وجوده ولايرد عليها ابدا. كما ان الام ترث السدس مع الولد والثلث مع عدم وجوده اذا لم يكن لها حاجب وربما يرد عليها زائدا على الفرض كما اذا زادت الفريضة على السهام. وقد لجأ اغلب الأيزيدية في الوقت الحاضر الى تسجيل عقود زواجهم في محاكم الأحوال الشخصية في العراق حيث أن المادة الثانية – الفقرة ( أ ) تجعل من محكمة الأحوال الشخصية الخاصة بالمسلمين هي المحكمة المختصة بقضاياهم، وفي هذا الأمر ليس وجهة نظر وأنما يشكل اجحاف كامل لحقوقهم الشرعية والانسانية، مما يوجب أن تكون لهم محاكم خاصة تأخذ بعين الأعتبار خصوصيتهم الدينية وتعليماتهم الروحانية وقيودهم ومحرماتهم طالما يضمن الدستور العراقي المرتقب لحقوقهم كمواطنين أسوة ببقية المواطنين، وهذه المهمة التي سيتم الألتفات اليها عند بدء التشريع استناداً للدستور في العراق الجديد، ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (( كلكم بنو أدم وأدم خلق من تراب )). ومن الأعراف التي يتمسك بها الأيزيدية لحد الان عدم أجراء مراسيم الزفاف في ليلة الأربعاء بالأضافة الى عدم جواز أجراء الزواج في شهر نيسان الذي يعتبر مقدساً، كما من غير المستحب أن يتقرب الأيزيدي من زوجته في ليلة الأربعاء طيلة أيام السنة. ولم يذكر التاريخ الأيزيدي عن شخصية نسوية مثل ماسجلت صفحات التاريخ عن ( ميان خاتون ) بنت عبدي بك وهي أمرأة ذات عقل وحكمة ونبوغ كانت متزوجة من الأمير علي بك، وتتمتع برجحان عقل وتتمتع بأحترام المجتمع الأيزيدي وكانت تجلس مجالس الرجال وتحاورهم وتناقشهم، ونصبت وصية على ولدها الأمير سعيد الذي توفي حال حياتها ومن ثم على حفيدها تحسين بك الأمير الحالي للأيزيدية، وعملت على ترسيخ دعائم سلطته وأمارته للمجتمع الأيزيدي. ولم يزل القانون العراقي يغبن حق المرأة الأيزيدية حين لايوجد قانون للأحوال الشخصية ينظم علاقتها بالرجل الأيزيدي أو علاقتها الأسرية وينظم حقوقها، حيث أن الأيزيدية يحكمهم قانون الأحوال الشخصية الخاص بالمسلمين والذي لايتطابق مع ديانتهم ولامع تراثهم الديني ولامع واقعهم، مما يتطلب أن يتم أقرار قانون للأحوال الشخصية يخص الأيزيدية يتم تطبيقه في العراق كجزء من حقوقهم القومية والشرعية.
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبعاد موقف قطر المعادي للعراق
-
العرب والكرد في الانتخابات العراقية
-
المحكمة الجنائية العراقية الخاصة
-
الشرعية
-
الأنفلات الأمني في العراق مفتعل أو مخطط له ؟
-
شمعة على قبر هادي العلوي
-
بيان التجمع العربي لنصرة القضية الكردية
-
اخلاق المهنة
-
حقا انه فلم هندي
-
المسيح يعتذرفي ذكرى ميلاده
-
لمن نعطي ثقتنا .. لمن نعطي صوتنا
-
ممدوح ياممدوح .. نودعك الى مصياف
-
مزقوا شهادة الجنسية العراقية
-
بيان تأسيس التجمع العر بي لنصرة القضية الكردية
-
ستبقى المسيحية خالدة خلود العراق
-
الأيزيدية تحت مطرقة الأرهاب
-
مأساة حلبجة الانسانية المغيبة
-
الأمة العربية الى الوراء در
-
حوار شفاف عن القضاء العراقي
-
حق الكرد في الأختيار السياسي
المزيد.....
-
المغرب: تردي الأوضاع الاقتصادية أشد وطأة على النساء
-
اغتنم الفرصة.. خطوات التسجيل وشروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
مصر.. تطورات جديدة في قضية طبيبة النساء صاحبة فيديو حمل السف
...
-
3 شهداء بينهم امرأة حامل بقصف الاحتلال على بيت لاهيا وخان يو
...
-
العنف ضد المرأة في المغرب..إلى متى ؟
-
تنظيم الأسرة.. ما الفارق العمري المناسب بين الأبناء؟
-
مكملات فيتامين -د- أثناء الحمل تحسن كثافة العظام لدى الأطفال
...
-
-امرأة واحدة وراء الفوضى-.. إخلاء وسط إسلام أباد من أنصار عم
...
-
بعد التحقيق معه بتهمة الاغتصاب.. إطلاق سراح ابن ولية عهد الن
...
-
هيلا يا رمانه.. تردد قناة طيور الجنه الجديد على النايل سات..
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|