أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهير المصادفة - إلى محمد عفيفى مطر














المزيد.....

إلى محمد عفيفى مطر


سهير المصادفة

الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 17:04
المحور: الادب والفن
    


سلامٌ عليكَ أيُّها الخِضر

إلى " محمد عفيفى مطر"


سهير المصادفة

كنا فى أوائل تسعينيات القرن الماضى نمر على أرجاء مصر، مثل قاطرة صاخبة نجأر بكل ما فى رئاتنا من هواءٍ بأشعار أسلافنا الأولين، ونغنى خلف زعماء تحرير شعوب بعيدة كل البعد عنا، كنا بصوتنا العالى ورغبتنا فى المشاركة فى ثورة ما على شىءٍ ما لا نلتفت لما حولنا، وإنما نلوك المفردات دون أن نختبر الفرق بين مذاق الأرض ومذاق الدم، أو الفرق بين رائحة سنابل القمح ورذاذ مصانع النسيج، كنا نُعيد كتابة كلّ ما كُتبَ من قبل على إيقاع عجلات قاطرة طائشة وعلى إيقاع سنابك يقين غبى، وكان هو منتشراً هناك...... أبدٌ من الحقول الخضراء والصفراء.. نخلٌ سامق وشجيرات قصيرة تستطيع منح الظِل لكل عابرى السبيل.. ورودٌ هادئة ألوانها.. على مدى البصر، كان يمتد حولنا ويُجبرنا على الوقوف أمامه فنترجل عن صخب القاطرة.
فى حضرة "محمد عفيفى مطر" كان علينا أن نجتهد كثيراً لمُحاصرة نصه، كان علينا أن نجتهد لكى نحتضن هذا التنوع الشاسع وأن نتعلم منه الأسماء، على حدود عالمه الشعرى الوسيع عرفت لأوّل مرة ما هى متعة فهم الغموض وما هى متعة الاستماع لهسيس الوطن وزقزقة لياليه عبر مئات الأعوام وما طعم بهجة ألوانه المتعددة ورائحة طميه وعذابات أهله، وجدت نفسى أرى بوضوحٍ تامٍ...( كثافة الرشاقة فى موت الظباء )، ووجدتنى أتفق معه حين يُردد ( أعلنت ميثاق الإقامة بالرحيل )، ووجدتنى أكاد أغنى خلفه ( كنا مُتقابلين تقابلَ الخيمة والعراء ) وأتساءلُ معه ( هل الغزالات للعشق أم للردى يتوالدان؟ )
فى حضرة "محمد عفيفى مطر" تعلّمت أن الشعر حقا عال سُلمه، وأن علىّ أن أزدادُ خجلا كلما باغتتنى قصيدة، تعلمت خطورة أن يخرج النص من قلمى إلى كتاب مطبوع دونما أدنى بارقة أمل لإعادته إلى قلمى مرة أخرى وكأنه رصاصة، بت أكثر حرصاً مع كلماتى وأكثر تواضعاً أمام الملكوت اللا محدود، وكلما رأيته أهمس بينى وبين نفسى: السلام عليك أيها الخِضر، السلام عليك أيها الشاعرُ، أو لم يكن مثل الخِضر عليه السلام يمر أمامنا وكأنه هواء.. كان نحيلا كما رمح متجهاً إلى الفضاء متخلصاً من كل تزيد حتى ولو كان فى جسده.. وجه منحوت بزهد منقطع النظير فى التفاصيل وكأنه خارجٌ من أحد جدران الفراعين ومنذورٌ مثلهم للخلود.. عينان لامعتان ثاقبتان وطيبتان طيبة فلاح مصر الفصيح.. هالةٌ من البياضِ تُحيطُ برأسِه كالقديسين، تحسبه حين تلقاه عابراً نازلاً من سماءٍ ما للفرجةِ على العالمِ إلى حين، ولا تملك أمامه إلى أن تحسده على تحرره من متعٍ كثيرةٍ وترفعِه عن الخوضِ فى أىّ صراعٍ أرضىٍ حتى بالكلام.
ما زلت أبتسمُ كلما قرأت له ( كان من علامات العدل الجميل أن يصف المُبصرللأعمى روعة الليل ونقوش السماء بالكواكب والنجوم ونعاس القمر الفضى بين أغصان الشجر وسجادات الوادى ومرايا الماء وجواهر الندى ) وأتذكر كم عانى وسُجن لأنه كان مبصراً حاول أن ( يُشاكس جبروت السيف بصدره العارى ويجالد القبائل بالقصيدة. ) وأواصلُ القراءة فتدمع عيناى ولا أستطيع إلا ان أرددَ: السلام عليك أيها الخِضر يوم مررت بيننا كالضوءِ شفيفاً ويوم رحلتَ وكتابك فى يمينك فلا عليك لأنه سيحميك دون شك من طول الرحلة وسينير لك ظلمات أشكُ كثيراً أنها ستعترض طريقك.



#سهير_المصادفة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مانهاتن .. مدينة المرايا
- ميس إيجيبت الفصل الثاني عشر والأخير
- ميس إيجيبت الفصل الحادي عشر
- ميس إيجيبت الفصل العاشر
- ميس إيجيبت الفصل التاسع
- ميس إيجيبت الفصل الثامن
- ميس إيجيبت الفصل السابع
- ميس إيجيبت الفصل السادس
- ميس إيجيبت الفصل الخامس
- ميس إيجيبت الفصل الرابع
- ميس إيجيبت الفصل الثالث
- ميس إيجبت - الفصل الثاني
- ميس إيجيبت


المزيد.....




- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...
- بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية ...
- -أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سهير المصادفة - إلى محمد عفيفى مطر