|
ثقافة التناكح في حياة المسلم
أبو الحسن سلام
الحوار المتمدن-العدد: 3806 - 2012 / 8 / 1 - 01:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عرفت اليونان القديمة إحتفالا سنويا يقام للفالوظ حيث يشيد اليونانيون رمز الذكورة تمثالا ويحتفلون به على عربة مكشوفة يجرونها عبر شوارع أثينا تمجيدا لعضو الذكورة ؛ وقد صاحبت هذا الاحتفال الشعبي الطقسي الكثير من النكات والقفشات الساخرة التي تولد عنها فيما بعد على بعد فترة من الزمن فن الكوميديا المعروف الآن . ويبدو أن تلك الظاهرة آخذة في التكرار على أيامنا في مجتمعاتنا العربية ، وبخاصة في مصر في فترة حكم الإخوان المسلمين ؛ وإن كان يتم داخل قصور بعض أثريائهم المتمسحين بالدين فيما عرض على موقع اليوتيوب من صور ذلك التقليد الاحتفالي بالفالوظ ( العضو الذكوري ) من خلال الفيلم المصور الذي شاهده الملايين في فيلا مزرعة أحد المتأسلمين الذي جمع ثلة من النساء المتبرجات في كامل تهيئهن مع ثلة من الرجال في احتفال غريب لعقود نكاح وفق مبدأ ( ما ملكت أيمانكم) وقد أثارني هذا الفيلم كما أثار كل من شاهده من المسلمين غير المتحزبين من إخوان أو سلف فعدت بي ذاكرتي إلى طفولتي فشبابي.. في شبابي كنت أستمع إلى كثير من اللغط حول حق الرجل المسلم في الزواج بأربع من النساء يجمع بينهن في وقت واحد ؛ فكان البعض يفسر الآية " مثنى وثلاث ورباع " تفسيرا مختلفا عما هو مألوف عند سيدنا واعظ الجامع الكبير ببلدتنا (مركز طما بصعيد مصر) حيث تعددت منذ كنت في السابعة من عمري على مصاحبة والدي – رحمه الله وكان صوفيا شاذليا.. لذا سماني أبو الحسن وما كان يناديني إلا بالشاذلي ) وكان بعض الكبار في مناقشاتهم حول أمور الدنيا والدين في سهرات ليلية صعيدية يتعرضون لموضوع الزواج بأكثر من امرأة ؛ فيقف البعض وهم الغالبية عند النصاب الذي قررته الآية القرآنية حيث قصرت عدد النساء التي يجزن شرعا لرجل واحد بأربع نساء بشرط أن يعدل ؛ بينما يشذ عن هذا التحديد شخص أو شخصان ؛ يرون أن للرجل الحق في الاحتفاظ شرعا بتسع زوجات غير من كن ملك يمينه ؛ معللا ذلك بجمع (2 +3 +4 ) ليجمعهن في (9نساء) !! وقد كنت بحكم تكويني الديني منذ الصغر أؤمن بتفسير سيدنا شيخ الجامع الكبير .. غير أنني بعد أن تداخلت الثقافات وأعادت تشكيل وجداني وإدراكي بالقراءة والاطلاع والتأمل والتحليل والاحتكاك الفكري وطقش الأدمغة طمعا في استخلاص أفكار تخلص إلى مقولات منطقية أو هي أقرب إلى منطق الصواب ؛ وهنا رأيت النظر فيما اجتمع للنبي من زوجات ؛ بعد أن رأيت بمحض الصدفة على اليوتيوب فيلما مصورا رجلا ملتحيا يجلس في مواجهة امرأة في كامل زينتها وتبرجها وحولهما جمع من النساء المتبرجات في جلسة جانبية وبصحبة كل امرأة منهم رجلا في زي مدني ( بدله ) أو زي بلدي ( ثوب ) على هيئتهم مظاهر النعمة والثراء . فإذا بالرجل المواجه للمرأة يقرأ عليها ( سورة الصمد) سبع مرات ويده تملس على رأسها وفي نهاية تلاوته غير الخاشعة يعلنها ملك يمينه ويقبلها .. معلنا أن ما ملكت إيمانكم هس علاقة شرعية بين الرجل والمرأة ؛ وإذا بسيل من التعليقات المستهجنة لهذا السلوك على مواقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك) والنكات والهجوم على التيارات التدينية الإسلاماوية تكيل اللعنات على فهمهم للشريعة وعلى سلوكهم في مجمله ؛ بخاصة بعد الذي كان من ممارسات يفترض أنها برلمانية في مجلس الشعب المصري المنتخب بعد انتفاضة 25 يناير 2011 وما حاولوا تمريره من قوانين تجر البلاد إلى عصور قروسطية مظلمة مثل ( مضاجعة الزوج لامرأته المتوفاة خلال ست ساعات من وفاتها – إقامة حد رجم الزاني وحد قطع يد السارق ) فضلا على ما تواتر من أقوال عن إرضاع الكبير والاستشفاء بتجرع بول النبي ؛ فضلا عن الممارسات الميدانية الإرهابية من بعض الشباب المتشبعين بصيحات مشايخ الفضائيات ليل نهار حول تطفيش المصريين الأقباط المسيحيين بالتهديد وبحرق دورهم ومتاجرهم ؛ تحت حجج كاذبة ملفقة واهية ؛ حتى قرأت اليوم عن حادثة إحراق ثلاث من بيوت المسيحيين في بلدة دهشور - من بينهم بيت كواء ( مكوجي) دفع إليه أحد شباب المسلمين بقميص ليكويه له فأحترق القميص من الكواء فما كان من الشاب صاحب القميص إلا أن جمع ستا من أقربائه وبيد كل منهم زجاجة مولوتوف ليقذفونها على بيت المكوجي ليحترق ويحرق معه منزلين مجاورين يصاب على إثر ذلك 11 شخصا أحدهم في حال خطرة . هكذا قميص عثمان من جديد لكن في مواجهة مسلمين متطرفين لشخص مسيحي لم يقترف جريمة بل وقع في خطأ بسيط .. احترق منه قميص شاب مسلم في أثناء عمله بدون قصد !! ليس هذا فحسب ؛ ولكن صدمت بصورة (هلف منفوش اللحية يسبقه كرشه) وبجواره عن يمين وعن يسار نسوة أربع منقبات هن زوجاته وأمامهن 15 طفلا هم أبناؤهم . ماذا يفعل هذا الرجل ؟ ماذا يفعل أمثاله المتقنعين بأقنعة الشريعة الإسلامية غير الأكل والشرب والتناكح والإخراج ؟! فأنى لأمثال هؤلاء أن يحققوا نهضة ما ؟! عند ذلك رأيت أن أنظر في مسألة النساء في حياة النبي ؛ هل جمع إلى عصمته زوجات أربع طبقا للمعنى الظاهري للآية أم تعدى عدد زوجاته ذلك العدد ؛ حيث قال بعض المفسرين في كتب التاريخ الإسلامي وبعض المحدثين إنهن تسع وقال غيرهم إنهن 14 وقال آخرون إنهن 20 امرأة. وهنا وقعت على مقال للدكتور محمد بكر إسماعيل الأستاذ بجامعة الأزهر( جريدة الجمهورية في 2/6/2002) الذي حصر 10 نساء من زوجات النبي بعد السيدة خديجة فضلا على مارية القبطية المصرية التي كانت ( ملك يمينه) وقد صنف الدكتور محمد بكر إسماعيل زوجات النبي في مستويات ثلاث 6 زوجات قرشيات وأربع زوجات عربيات وزوجتين غير عربيات ؛ وذلك على النحو الآتي : أولا : " زوجاته القرشيات : 1- خديجة بنت خويلد: أنجبت له كل أولاده ( عبد الله – القاسم- زينب- رقية- أم كلثوم) توفيت قبل الهجرة بثلاث سنوات. 2- سودة بنت زمعة: تزوجها بعد وفاة خديجة . توفيت سنة 54 هجرية. ( أي أنها ظلت على ذمته 57 سنة ) 3- عائشة بنت أبي بكر الصديق.. عقد عليها بعد عقده على سودة ؛ وتوفيا 56 هجرية. ( وبذلك أصبحت له زوجتان .. وكان عمرها وقت عقده عليها كان 9 سنوات وأخبر مؤرخو السيرة أنه كان يفاخدها ) 4- حفصة بن عمر بن الخطاب : تزوجها في السنة الثانية أو الثالثة بعد الهجرة وتوفيت سنة 45 هجرية . ( وهي الزوجة الثالثة في عصمته ) 5- أم سلمة :( هند) أو (رملة) تزوجها بعد وفاة زوجها في السنة الرابعة من الهجرة وتوفيت سنة 58أو بعدها. ( وبذلك تكتمل زيجاته الأربعة بحسب ظاهر الآية (مثنى وثلاث ورباع) 6- أم حبيب واسمها (رملة) وقيل ( هند) وهي بنت أبي سفيان . عقد عليها سنة سبع من الهجرة وهي في الحبشة وتوفيت سنة 44 هجرية ، وقيل غير ذلك . ( وهنا يكون عدد الزوجات اللواتي في عصمته خمس زوجات !) ثانيا: زوجاته العربيات: أربع زوجات هن : 1- زينب بنت جحش .. أبوها من مضر ؛ وأمها قرشية وهي ( أميمة) بنت عبد المطلب بم هاشم . تزوجها بعد طلاقها من زيد بن حارثة سنة 3 هجرية أو 4 هجرية أو 5هجرية وتوفيت سنة 20هجرية أو بعدها. ( و معلوم أن زينب بن جحش تلك كانت زوجا لابنه المتبنى ( زيد بن الحارث ) وقد طلقها منه ونزلت آية قرآنية تعاتبه على خشيته من أقاويل الناس حول تلك الواقعة وهي " فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها وتخشى الناس والله أحق بأن تخشاه " – الله إذن هو من عقد زواجهما زوجا وزوجه بعقد قرآني .. قبل تمام العدة !! كما نفهم من ذلك أن زوجاته حتى السنة الرابعة أو الخامسة من بعد الهجرة كن ستا كلهن في عصمته في وقت واحد) 2- جويرية بنت الحارث المصطلقية ؛ وقعت في الأسر في غزوة بني المصطلق فخلصها النبي وتزوجها سنة خمس أو ست من الهجرة وتوفيت سنة 50هجرية أو بعدها. ( وذكر مؤرخو حروب النبي أن جويرية تلك عند تقسيم الغنائم والأسلاب على المقاتلين المسلمين بعد النصر كانت من نصيب أحد المسلمين فرآها النبي فقال لها: " ألك فيمن هو أفضل منه ؟ " وأصبحت له زوجة .) 3- زينب بنت خزيمة ؛ لقبت في الجاهلية باسم أم المساكين ؛ تزوجها سنة ثلاث أو أربع من الهجرة وتوفيت في السنة الرابعة 4- ميمونة بنت الحارث: تزوجها في السنة السابعة من الهجلرة في عمرة القضية وتوفيت في " سرف" سنة 51 هجرية . (وكانت بذلك الزوجة الثامنة في عصمته خلال سبع سنوات بعد الهجرة إذا أخرجنا زينب بنت خزيمة التي توفيت في السنة الرابعة من هجرة المسلمين إلى الحبشة )
ثالثا: زوجات غير عربيات ( إثنتان) : 1- صفية بنت حيي بن أخطب من يهود بني النضير – وقعت في الأسر فأشتراها النبي من دحية وتزوجها في غزوة خيبر سنة سبع من الهجرة . توفيت سنة 50 هجرية وقيل بعد ذلك . ( ولنا أن نلاحظ ( فاشتراها) - أي أن الرقيق كان قائما وكان معترفا به من نبي الإسلام – ونلاحظ أيضا أنه الزوجة التاسعة وبذلك كان يجمع في بيته ثماني زوجات في سبع سنين ) 2- مارية القبطية . لم تكن زوجة حرة معقودا عليها . كان يتمتع بتا بملك اليمين . ولدت له إبراهيم وتوفيت سنة 15 أو 16 هجرية . ( فزواج المتعة كان معترفا به إذن من قبل نبي الإسلام – مع أن أحد كبار علماء الأزهر ( د. عبد المعطي .. ) صرخ بإزاء حادثة مهجران ما ملكت أيمانكم الذي بث على موقع اليوتيوب والذي تكلمنا عنه في بداية حديثنا ؛ صرح بأن ذلك الأمر غير شرعي وهو بمثابة عملية زنا !! ) خلاصة الأمر: نخلص مما تقدم إلى أن النبي جمع ثماني زوجات في عصمته مرة واحدة بدءا من تاريخ وفاة السيدة خديجة بنت خويلد قبل ثلاث سنوات من بدء الهجرة إلى الحبشة حتى سنة سبع من الهجرة أي أنه تزوج من عشر زوجات بعد موت خديجة جمع بينهن جميعا في عصمته ؛ فإذا كانت زينب بنت خزيمة قد ماتت في السنة الرابعة للهجرة ؛ بعد شهرين فقط من زواجه بتا فقد ظل محتفظا بتسع زوجات في عصمته شرعا !! وبذلك يكون تأويل القائلين بأن من حق الرجل شرعا الجمع بين تسع زوجات في عصمته قولا شرعيا ؛ باعتبار كل ما صدر عن النبي من قول أو فعل أو إشارة أو إيماءة هو سنة – عند أهل السنة لا القرآنيين - ومع كل الذي تقدم تتبقى لنا كلمة .. أليس ذلك كله خير دليل على عالم الفالوظ الذي يمجد ذكورة الرجل بوصفه جنسا ويحط من قيمة المرأة بوصفها سلعة يختزلها في فرج !! فأي بشر أولئك الذين يجتهدون في إعادة استنساخ ثقافة الفالوظ وفق برنامج ثقافة ( التنا .. تنا ) مؤيدين بالحديث: " تناكحوا .. تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة "
#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكريات .. لزمن آت
-
ضوء أسود وحوائط عازلة
-
حرية العقيدة في القرآن
-
الفاعل الفلسفي في المسرح الوجودي - المومس الفاضلة نموذجا -
-
كتابة الصورة المسرحية بين أفلاطونية التقديس والتدنيس
-
خيوط الاتصال بين الناقد والباحث
-
الممثل وبناء الدور المسرحي بين البواعث والدلالات
-
مدرسة المشاغبين فبي ميزان النقد
-
عروض مسرحية بلا إنتاج
-
كتابة ناقدة لنصوص مسرحية واعدة
-
- برشيد - وقضية تخوين الحركة النقدية المسرحية
-
تراجيديا في قالب كوميدي
-
محاكمات المبدعين في عصر المتأسلمين
-
حرفية الناقد و مراوغات التطبيق النظرية
-
البحث المسرحي في سرير بروكست
-
حيرة الباحث المسرحي بين نظرية العامل ونظرية المتخلفات والمتغ
...
-
الإيقاع في فنون التمثيل والإخراج-ج1-
-
نهار اليقظة في الثقافة المصرية بين وهج التخريض ولهيب التعريض
-
الإرتباك الإبداعي في فن التأليف وفن الإخراج المسرحي
-
المسرحيون العرب وغياب فعل الاستشفاف
المزيد.....
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|