أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسام هاب - -قداس السقوط-... ما قيمة الثورة السياسية في مجتمع تعوزه الثورة الثقافية ؟














المزيد.....

-قداس السقوط-... ما قيمة الثورة السياسية في مجتمع تعوزه الثورة الثقافية ؟


حسام هاب

الحوار المتمدن-العدد: 3805 - 2012 / 7 / 31 - 20:44
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ما هي الثورة في مجتمع لم يُنجز ثورته الثقافية بعد؟ فعلى ضوء هذا السؤال الجوهري، يتمحور موضوع كتاب "قداس السقوط: كتابات و مراجعات على هامش الربيع العربي"، للباحث الجزائري أحمد دلباني، و الصادر حديثا عن دار التكوين بدمشق. يفتتح أحمد دلباني كتابه بعبارة مفصلية هي: "حانت ساعة الحسم: لا عاصم اليوم من أمر الثورة و التغيير"، فالعالم العربي حسب ما يقول: "ظل ضيفا ثقيلاً على التاريخ، و نسي الترياق السحري الذي بإمكانه أن يبعثه من الرماد". هكذا يضع الباحث الجزائري على الطاولة مشكلات بالجملة، أعاقت "بروميثيوس العربي" من سرقة النار و مواجهة "تكنولوجيا السلطة"، التي حولته إلى دمية أو ببغاء.
يناقش صاحب الكتاب علاقة المثقف العربي بالرجة الثورية التي عرفتها المجتمعات العربية، فالمثقف العربي حسب الباحث أحمد دلباني لم يساهم في الانتفاضات الشعبية ، و لم يمهد لها أو يواكبها على أقل تقدير، و ذلك بسبب صمته عن انتهاكات الأنظمة الاستبدادية مقابل بعض الامتيازات، فسقطت أوهام الأنتلجنسيا بوصفها طليعة للتغيير. ينبه الباحث كذلك إلى أن "قطع رأس الملك لا يصنع ثورة" ، من دون تحرير العقل العربي من الكوابح التي راكمتها الأنظمة المستبدة من خلال احتمائها بشرعية التلاعب بالمقدس .
يطرح الباحث أحمد دلباني سؤالا آخرا: كيف تكون الثورة في مجتمع لم ينجز ثورته الثقافية بعد؟ هذا السؤال لا يجد له صاحب الكتاب إجابة أكيدة، في ظل ثقافة بطريركية مهيمنة، و مجتمعات تثور على الحداثة و قيم الحرية و الفردانية، و "تبشر بمدينة الله ضد ما تسميه مدينة الفرعون". فشهوة التماهي مع المقدس، و الأصولية العقائدية من دون أن نشهد "عطلة الآلهة"، هي أبرز ما تواجهه الثورات العربية. يقدم أحمد دلباني في كتابه مقترحات حول ما ينبغي القيام به، من خلال تفكيك سلطة المرجعيات، و تعزيز سلطة الثقافة، و توسيع طيف الهوية، فالهوية العربية الإسلامية ليست ابن تيمية و الشافعي فحسب، وإنما هي ابن رشد و المعري أيضاً.
يعيد الباحث طرح مشكلة السلطة العربية، مستعيراً خطوط الخريطة التي رسمها غابرييل غارسيا ماركيز في روايته "خريف البطريرك"، بقصد فحص صورة البطريرك العربي، و شرط حلول خريفه، ذلك أن أهواء الحاكم وحدها ليست السبب في رسوخ الاستبداد الفردي، هناك جذور سوسيو ثقافية أسست للطغيان باعتمادها المخيال الشعبي في تجسيد صورة الفحل القائمة على ثنائية المقدس و الفحولة، و هما من علامات مجتمعات ما قبل الحداثة بامتياز، كما أن خريف البطريرك العربي، لن يكون ممكنا من دون خلخلة بنية المجتمع التقليدي، و تفكيك ثقافته القائمة على المخيال الجاهز دوما لمعاودة الظهور لحظة الأزمات مع التحديث الشكلي "خريف الطاغية لا يحل بخلعه أو قطع رأسه فحسب، و إنما بتغيير نظام العلاقات في المصنع الذي ينتجه المجتمع التقليدي" .
يلفت أحمد دلباني إلى قوة حضور الطوطمية السياسية و الثقافية في مفاصل المجتمع العربي، و لا يرى حلا للخروج من النفق إلا بتخلي الدولة عن وظيفتها كوسيط بين السماء و الأرض، و أن "تباشر عملها باعتبارها مؤسسة قائمة على عقد مدني يحمي حقوق الإنسان، و حرياته الأساسية و على رأسها حرية التفكير والتعبير و المعتقد"، و قبل ذلك الانخراط في شرط "الزمن الثقافي" الذي يقطع مع المرجعيات، و هيمنة المقدس للدخول في "عصر الشرعية السياسية الديمقراطية". هذه الشرعية هي التي تطيح بنظام الوصاية و القمع و الرقابة و الإخضاع في الدولة الأمنية، فالمأساة العربية في أحد وجوهها إذا تكمن بين قطبي "الخوذة و العمامة"، لأن أزمة الفكر العربي المعاصر حسب الأستاذ أحمد دلباني تتمثل هنا، في غياب النقد الجذري و القطيعة المعرفية مع السائد، مما أدى إلى شلل هذا الفكر الذي اكتفى باستعارة منظومات فكرية وافدة أزاحت الذات العربية جانبا، و إذا بالحداثة المستعارة تكتفي بخلع "الجبة العلمانية المعاصرة على البنية القمعية القديمة، بعيدا عن روح الحداثة الفعلية"، فنحن عمليا لم نشهد "قتل الأب" في الثقافة العربية، و لم نعش انسلاخاً عن "المرجعيات المتعالية عن التجربة"، و لم ننتج حداثتنا الخاصة، و إنما دخلنا العصر من بوابة الاستهلاك "مصفدين بأغلال الروح القديمة و سيادة المركز المرجعي في الفكر و الممارسة على السواء". فالجملة الناقصة في الثورات العربية، وفقا لما يراه صاحب الكتاب، تتمثل في سطوة مجتمع تحكمه علاقات الخضوع للقبيلة و الطائفة و العشيرة، و هيمنة ذهنية التحريم و الثأر الدموي في فضاء مدني "يفترض أن الدولة تحتكر فيه العنف الشرعي".
ينبه أحمد دلباني في ختام كتابه إلى خطر الثورة السياسية في ظل غياب الثورة الثقافية و العقلية التي "تناوش قلعة الواقع وتفكك سلطة المرجعيات المتآكلة"، كي لا نقوم بإعادة إنتاج جديدة للأصوليات العقائدية و الانغلاق الإيديولوجي المذهبي الذي اعتقل العالم و الحقيقة في شباك النظرية، و كذلك يعرض في شذرات كتبها قبل بزوغ الربيع العربي مآل أفكار أدونيس حول الرؤية الوحدانية للعالم، و المصير المفجع للمفكر المصري الراحل نصر حامد أبو زيد في محاولته قطف الثمرة المحرمة، بالإضافة إلى أحوال المثقف النقدي العربي و وظيفته في ظل انفجار الأصوليات و الهويات القاتلة في كتابات محمد عابد الجابري، و انسحابه من فضاء العمل التاريخي في توليد المعنى، وفقا لمقولات محمد أركون.



#حسام_هاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب الأستاذ عبد اللطيف الحناشي : المراقبة و العقاب ...
- قراءة في كتاب : -في الثورة و القابلية للثورة- لعزمي بشارة ال ...
- المؤتمر الوطني الثاني للاتحاد الوطني للقوات الشعبية ( 25-26- ...
- رؤية الأنا للآخر في الخطاب السفاري المغربي خلال القرن 19 م : ...
- خطاب الرحلات السفارية المغربية خلال القرن 19 م : -الرحلة الا ...
- نظرة في إشكالية المعرفة التاريخية
- زمن العبث السياسي
- بمناسبة الذكرى 46 لاختطاف المناضل المهدي بن بركة في الحاجة إ ...
- أرنستو تشي غيفارا : جدلية المناضل الثوري و المفكر الإنساني
- مفهوم المجتمع المدني : النشأة و التطور التاريخي
- بمناسة الذكرى 52 لتأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ( 6 شت ...
- الشباب الاتحادي : مسار و آفاق الاشتغال داخل حركة 20 فبراير
- حركة 20 فبراير : بين مصداقية التغيير و حتمية الإصلاح
- حركة 20 فبراير : بين التجليات السياسية و التمظهرات السوسيولو ...


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسام هاب - -قداس السقوط-... ما قيمة الثورة السياسية في مجتمع تعوزه الثورة الثقافية ؟