حسين الهنداوي
الحوار المتمدن-العدد: 3805 - 2012 / 7 / 31 - 11:57
المحور:
الادب والفن
مرّة أخرى
أتملاك آتياً كالبعيد
يعتلي صمتك الأنتظار
يعتليك الغبار
باحثاً عن صحارى بلا أزمنة
عن غياهب لم يكشف الله أسرارها
وغابة أرز جديدة
تنكأ في ظلها
قصائد حبّ طَوَيتْ
وغيّرت أسماءه كل يوم
في ثنايا الطريق
من جنوب الى آخرٍ..
**
جسدي في مكان
وروحي في مكان
ورأسي في مكان..
..........
فمن أين لي بنهرٍ كريم
يغسل الرئتين من الطين والخرائب
ليعتقني من حضور
ومن أين لي بقوة الجناح
بالجرأة على التحليق
كنقطة نون؟
ومن أين لي بكسرةِ حُلمٍ
تحملُني بين يديك
لنصبح أنت ؟
من أين لي بكل هذا؟
وها أنتَ يا أَنت ..
مبثوثٌ في جذور الرأس
في إرتعاشة اليدين،
في الشتاء الطويل
في النسغ الصاعد والنازل
في المحطات المطفأة كل صباح جديد..
ها أنتُ يا أنت
تتراءى من علياء مجدك
نجمة
نستفيء بأسرارها
حاملين الى لجّة اليَمِّ أسماءنا
والعراق الذي صار طيفاً..
**
لم يعد جواب أبحث عنه،
لم يعد هناك سؤال
فتعالَ ، تعالَ
تعالَ أتملاّك آتياً
أتمدد في بيوتك بيتاً.. بيتاً
في أوراقك ورقةً، ورقة..
في كلّك جزءاً ، جزءا
دعني أتناثر في حرارة فحيحك
أو أشتعلُ بين يديك
وأنت تتأمل دخاني على ضوء الفانوس
مهما أبطأتَ.. وأبطأت
وسلكتَ دروباً لا تفضي
ستجدني بإنتظارك عند كل المفارق
مفترشاً عباءتي
مستغرقاً في إستكناه ألفباءك..
**
قبل أن يطلع الصباح
ستجدني على الدرب إشارة ..
إكليلاً من الحركة والأخاديد..
ووجهاً بوجه
ونظرةً بنظرة
سأنتظرك عند باب كل المرافئ
أعرف خرائط السفر عن ظهر قلب
وأعرف قداسة الأجنحة
لم تعد هناك فسحة للتفكير بالخيارات
فتعال نبني بيوتاً ولو من رمل
نتسابق من غير هدف
تعال نتمدد أحدنا في الآخر
حتى فجر كل يوم جديد..
نركض كما بإتجاه الهاوية
كنورسي صباح
برفقة الأعشاب والمدى
برفقة حركة أقدامنا السريعة
وكقطعة جاز زنجية من هارلم..
سأتناثر فوق المدائن الغريبة
كنيزك شجيّ..
أسمع انفجارات رأسي
ألملم نثاره في الدجى
وأشرئب بين أنقاضي
بلا مبالاة الثمار المهجورة ..
........
لم تعد فسحة للتفكير بالخيارات
بل بلحظة الاشتعال ذاتها
بها هي وحدها وبين يديك
وأعدك أن لا أترك وصيّة
ولا رمادا بعد إنطفائي
بل غابة بيضاء بيضاء لا تدركها العين
..........
الرياح، الرياح..
تصهل موغلةً في الجوانح
باردة كالصديد
لا صدىً
لا رسائل يحملها الليل
لا عطر ريوازة يخبر الرب
عن..
سرّ هذا الوجوم..
باريس ١٩٨٩
• القصيدة من المجموعة الشعرية "اخاديد" التي تصدر في 2012 عن منشورات آراس ومؤسسة عراق للابداع.
#حسين_الهنداوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟