فارس ذينات
الحوار المتمدن-العدد: 3803 - 2012 / 7 / 29 - 12:25
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
رئيس الوزراء فايز الطراونه أثناء زيارته لجمهورية التشيك صرّح بأن الحوار لم يعد مجدياً في سورية, ودعا إلى دور أكثر فاعلية للمجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي, وفي تصريح سابق من تركيا قال الطراونه أن عدد مبعوثي الأمم المتحدة أصبح غير كافي , من التصريحين نجد أن هناك انعطاف وتطور كبير في الموقف الرسمي الأردني من الملف السوري (باتجاه اتخاذ موقف واضح وصريح من النظام السوري) , وقد رافق ذلك دخول أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين سواء رسمياً أو عبر الأسلاك الشائكة , إضافة إلى ورود أخبار بين اليوم والآخر عن وقوع اشتباكات بين حرس الحدود الأردني وقوات النظام السوري الملاحق للاجئين, وسقوط بعض القذائف في المنطقة المحرمة بين الجانبين وبعضها على أطراف القرى الملاصقة للحدود من سوريا(الطرة) , إضافة إلى مخاوف الدولة الأردنية من الأسلحة الكيماوية والمتوفرة بكميات كبيرة بيد النظام السوري من وقوعها بأيدي المجموعات الإرهابية كالقاعدة وغيرها أو استخدامها من النظام السوري في أنفاسه الآخيرة لخلط أوراق المنطقة كاملة, مترافقاً مع تضخيم إعلامي لحالات انشقاق عن النظام وإظهاره بالمتصدع وغير القادر على تأمين الأسلحة الكيماوية, حيث ستزداد في الأيام القادمة وتيرة مثل هذه الأخبار وبالتالي توسع الرأي العام الذي سيتشكل ضد النظام السوري والبدء بتكون رأي عام آخر بأن النظام الأردني عليه اتخاذ موقف ضد بشار الأسد المجرم وأن لا يُسمح له بالاعتداء على الأراضي الأردنية وقد لاحظنا ذلك من مطالبة البعض باتخاذ هذا الموقف وسيؤدي بالنهاية مع تطور الرأي العام الأردني نحو دخول الدولة في مواجهة عسكرية مع النظام السوري والتي ستكون بوابة التدخل الخارجي.
الدولة الأردنية تقف على حافة الانهيار الاقتصادي وإعلان الإفلاس , وقدوم المساعدات التي أصبحت نهج لدولتنا مرتبط بالمواقف, فالدول الغربية تربط مساعداتها بما يقدمه صانع القرار من إصلاحات سياسية تساعد في مشاركة الشريحة الأكبر من الأردنيين من أصل فلسطيني في البرلمان وتمثيلهم بشكل حقيقي يتناسب مع نسبتهم السكانية والاستمرار في التجنيس لأبناء الضفة الغربية, وهي تنفيذ لما هو متفق عليه في اتفاقية وادي عربة في المادة الثامنة من توطين, أما دول الخليج العربي وهي الداعم الأكبر لخزينة الدولة الأردنية فهي تربط مساعداتها بموقف واضح وصريح من النظام السوري والمساعدة على إسقاطه وخوض المعركة نيابةً عنهم, واستقبال اللاجئين ودعم الثوار بالأسلحة وتقديم المساعدة اللوجستية والعسكرية الميدانية للجيش الحرّ, والسعي لفرض منطقة عازلة تحت السيطرة الأردنية , في ظل عدم قدرة مجلس الأمن الدولي من استصدار قرار حسب المادة السابعة لوجود الفيتو الروسي والصيني , وهذا ما تشير إليه تصاعد الانتقاد الرسمي الأردني للنظام السوري وتطور رؤيته لطبيعة حل الملف السوري بعدما كانت تقف التصريحات على مسافة واحدة من أطراف المعادلة ومن ثم التدرج في الانتقال إلى انتقاد النظام وتجريمه لعمليات القتل والدم النازف.
والسؤال الآن ما علاقة الإسلاميون في ذلك..؟!!
الإسلاميين ومن المتعارف عليه بأنهم يقودون التوجهات الشعبية المناهضة للنظام السوري والذي ساعدهم في البداية في تحقيق زخم شعبي في حراكهم المطالب بالإصلاح داخلياً , ومن خلال مراقبة تصريحات الإسلاميين نجدها تتباين ما بين إعلان المقاطعة من بعض القادة وخاصة بعد صدور القرار من جماعة الإخوان المسلمين وبعض القادة أبقوا باب المشاركة مفتوحاً في ظل ما يحدث من تطورات على قانون الانتخاب والبعض لا يخفي تأمله من الملك بالتدخل مرة أخرى في إعادة صياغة هذا القانون للحصول على مشاركة أكبر ودخول كل الأطراف السياسية في تسوية النظام السياسية المتمثلة في الانتخابات البرلمانية والخروج من الربيع العربي الأردني والقفز عن المطالب الشعبية في محاسبة الفاسدين واسترداد مقدرات الوطن والأموال المنهوبة وفي جانب آخر قوننة فك الارتباط والعدالة الاجتماعية و وقف النهج الاقتصادي الحالي.
بني أرشيد أثناء لقاءه مع صحيفة الشرق السعودية قبل يومين صرح بأن لقاءه مع مدير المخابرات الأردني كان ايجابياً حيث تم تناول ملف قانون الانتخاب وملفات أخرى لم يفصح عنها وأن إمكانية اللقاء مرة أخرى واردة مضيفاً أنه حدث بعض التوافقات على بعض الملفات مبدئياً, ولا يخفى على أحد أن هناك ملفات عالقة منذ وقت بعيد بين الإسلاميين والمخابرات, إضافة إلى ملفات جديدة فرضت نفسها لطبيعة المرحلة داخلياً وإقليمياً, ودخول الدولة الأردنية في مواجهة مع النظام السوري والتدخل العسكري المباشر للسيطرة على الجنوب السوري(سهل حوران) لتكون المنطقة العازلة الذي يحتاج إلى رأي عام داعم ومؤيد من الشعب وهذا الرأي العام ستقوده جماعة الإسلاميين والمناهضين للنظام السوري وخاصة أن غالبية الشعب الأردني بدأ بالانحياز إلى الدم السوري النازف وتولد السخط على نظام الأسد, متمنين سقوطه, وقد شاهدنا في هذا الجانب بعض الكتـّاب يهاجمون القوميين واليساريين باعتبارهم داعمين للنظام السوري وهذا موجّه لمحاصرتهم وتحجيم فعلهم وتأثيرهم على الشارع, وبالتالي سيتوفر للدولة الأردنية كل المسببات للمواجهة مع النظام السوري والمدعوم من رأي عام.
ولكن ما هو الثمن الذي سيجنيه الإسلاميون..؟!!
حتمية المواجهة العسكرية سواء كإجراء احترازي أو الرد على الاعتداءات المتكررة من الجيش السوري على الجانب الأردني ستعطي الدولة الأردنية المبرر لإعلان حالة الطوارئ في الأردن(الأحكام العُرفية) وذلك باستخدام المادة(124) من الدستور الأردني بعد إعلان حالة التأهب القصوى في صفوف القوات المسلحة الأردنية وذلك لارتباطه بأمن الوطن في الظروف غير الطبيعية وفي هذه الحالة الطارئة وبناءً على التعديلات الدستورية الجديدة يسمح للحكومة بإصدار قوانين مؤقتة يتم العمل بها حتى يجتمع البرلمان وإعادة النظر بهذه القوانين, وعليه فإنه سيتم إصدار قانون مؤقت يحقق الحد الأدنى لطموح الإسلاميين من أجل المشاركة في الانتخابات القادمة وحيازة نسبة ترضيهم من مقاعد البرلمان تتيح لهم تشكيل حكومة في المستقبل, والمتعارف عليه أن الشعوب في مثل هذه الحالة من التعرض لخطر خارجي وعلى الرغم من اختلافاتها داخلياً فإنها تتوحد جميعاً لمواجهة هذا الخطر, وقد بدأنا بسماع مثل هذه الدعوات بفرض حالة الطوارئ في الأردن وتوحد كل أطياف الشعب في خندق واحد لمواجهة الخطر الخارجي, وفي المقابل ستحقق الدولة الأردنية من هكذا سيناريو إنهاء الحراك الشعبي وطي ملف الإصلاح, وطي ملف الفساد والاستمرار في النهج الاقتصادي, وإنهاء الربيع العربي الأردني وبالتالي عودة الاستقرار للنظام السياسي الأردني دون تنازل الملك عن صلاحياته الدستورية( 34 ,35 ,36 ), فالمحافظة على الوطن تعلو على كل المصالح الآنية أو الفئوية.
وما دور روسيا وتوافقها في هذا السيناريو..؟!!
المصالح هي المحدد لأي فعل وبالتالي فإن روسيا ما يعنيها في الملف السوري برمته الاحتفاظ بتواجدها في المنطقة من خلال قاعدتها الوحيدة والبحرية في طرطوس وأي تغيير قادم ضمن أي سيناريو مرتبط بالمعارضة السورية الداخلية أو الخارجية لا يؤدي إلى احتفاظ روسيا بقاعدتها لن ترضى عنه أو تمريره وهي تعلم أن الكل السوري مرتبط بأمريكا, وبالتالي سيكون التقسيم هو الحل الذي سيفرض نفسه على صفحة سورية وهذا لا يتأتى إلا من خلال تدخل عسكري إقليمي مما يلزم النظام وأتباعه إلى التراجع والاحتماء بحاضنتهم الطائفية ومعاقلهم الممتدة من حدود تركيا شمالاً حتى تقريباً حدود لبنان لتكون الدولة العلوية التي تحتفظ للروس بقاعدتهم والسبب أن الطائفية ستكون حاضرة أثناء العمل العسكري, وفي المقابل فإن الغرب مصلحته العليا في الملف السوري هو أمن إسرائيل وما الكيماوي إلا دليل على ذلك والتخلص من نظام كان يُعد مصدر تهديد بشكل أو بآخر للحدود الإسرائيلية وفي حده الأدنى نقطة الوصل والاتصال بين إيران وأذرعتها حول إسرائيل وفي مقدمتها حزب الله, وبالتالي فإن تكون دولة سنية وإن كانت إسلامية, لا تضم سهل حوران أو المنطقة العلوية يفي بالغرض في تأمين حدود إسرائيل وأمنها فهذه الدولة السنية هي الجائزة لمن قاد الثورة السورية فمن يعتلي نظام هذه الدولة لن يؤثر على أمن إسرائيل فليس من حدود مشتركة بينهما, إضافة إلى انشغالها عقود من السنين في إعادة البناء, أما قادة العرب الجدد فلا يعنيهم التقسيم بقدر أهمية التخلص من نظام موالي ومتشارك مع الدولة الإيرانية الشيعية التي تشكل الخطر الأكبر على إمبراطوريات المال الخليجي وبالتالي بتر ذراعها في سورية وخنق حزب الله مما يتيح عودة الحريري لتكون المرحلة التالية إيران نفسها.
وبالعودة إلى معاهدة وادي عربة وفي المادة التي توضح أن الحدود السياسية مع الجانب الإسرائيلي نجد أن نهر اليرموك هو حد طبيعي سياسي بين الجانبين الأردني والإسرائيلي بينما في الواقع هو حد سياسي فاصل بين الجانب الأردني والجولان السوري المحتل حيث كانت هذه المادة وهذه الصيغة محط خلاف مع الجانب السوري وكانت مانعاً لترسيم الحدود بشكل نهائي ورسمي ومصادقته من الأمم المتحدة وبالتالي فإن المواجهة المحتملة وتدخل الأردن عسكريا في قادم الأيام سيفضي إلى السيطرة على سهل حوران حيث تعتبر هضبة الجولان جزء من هذا السهل ولكن بحجة منطقة عازلة وعمق استراتيجي لتوفير الأمن للداخل الأردني وللاجئين السورين, إضافة إلى أن هذه المنطقة امتداد جغرافي طبيعي لسهل حوران يمتد من أطراف عجلون جنوباً إلى مشارف دمشق(الشام) شمالاً إضافة إلى وجود الامتداد العشائري في الجانبين الأردني والسوري حيث يصبح بمكان انضمام هذا الجزء إلى الدولة الأردنية رسمياً وباستفتاء شعبي والذي سينحاز للانضمام وخاصة من الجانب السوري لإنقاذه من القتل والتطورات اللاحقة من حرب أهلية طائفية وانقسامات, وبالتالي القدرة على تحقيق البند المذكور في معاهدة وادي عربة.
هذا الانضمام سيرافقه حملة إعلامية كبيرة داخلياً وخارجياً لخلق رأي عام أردني بالموافقة على الانضمام وربما يتم استغلال نتائج مقررات مؤتمر أم قيس 1920 بطريقة وبأخرى من أن جغرافية الدولة الأردنية التي أقروها في ذلك الوقت وبحضور المندوب السامي البريطاني تضم سهل حوران بالكامل...!!! والله أعلم
#فارس_ذينات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟