|
رؤيتنا حول الأوضاع في سوريا وانعكاساتها على العراق
التجمع العلماني
الحوار المتمدن-العدد: 3802 - 2012 / 7 / 28 - 23:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أكثر من ستة عشر شهرا مضت على انطلاق شرارة الثورة الشعبية المتصاعدة في سوريا، والتي اتخذت منحيين، منحى احتجاجيا شعبيا عبر التظاهرات في مختلف أنحاء البلاد، والتي قوبلت من قبل أجهزة القمع للنظام البعثي الديكتاتوري لبشار الأسد وبطانيته، برد دموي لم يحد شيء من وحشيته ولاإنسانيته، حيث لا يمر يوم إلا ويسقط عشرات القتلى على يد تلك الأجهزة. كما اتخذت الثورة منحى آخر عسكريا عبر تشكيل الـجيش الـحر في نهاية تموز من العام الماضي، أي بعد أكثر من أربعة أشهر بقليل من انطلاق الثورة الشعبية. وأخذت الثورة في الكثير من شعاراتها وأسماء جمعها تتخذ ملامح إسلاموية من جهة، وملامح طائفية من جهة أخرى، ذلك بإضفاء صبغة الهوية السنية عليها، وإطلاق الشعارات المعادية للعلويين، بل وللشيعة، مما لم يستطع الديمقراطيون العلمانيون من قوى واتجاهات ليبرالية أو يسارية الـحد منه، وتحويل مسار الثورة وشعاراتها إلى الاتجاه المدني العلماني، الإنساني والوطني والعقلاني، بسبب تصاعد حدة عنفوان الـحماس للمد الإسلاموي والطائفي، وقدرته على اكتساح مشهد الثورة بشعاراته تلك. والذي عمق الاتجاه الطائفي مجموعة عوامل، أولها طغيان الإسلاموية المتطرفة على مسار الثورة، وكذلك مواقف المحيط الإقليمي العربي وغير العربي، على الصعيدين الرسمي والشعبي، وعلى الصعيدين المعلن والسري. ففي الوقت الذي سارعت فيه دول الـجامعة العربية في دعم الثورة السورية، بالرغم من أنها كانت قد اتخذت موقف التفرج واللامبالاة بما حدث في البحرين على سبيل المثال، وسارعت السعودية وقطر في إمداد الثوار السوريين، في الوقت الذي شاركتا - لاسيما السعودية – في قمع الاحتجاجات في البحرين ذات الأكثرية الشيعية. كما نجد أطرافا شيعية وقعت هي الأخرى في ازدواجية الموقف، حيث وجدنا على سبيل المثال الـحكومة العراقية تسكت لمدة طويلة عن القمع الدموي لبشار وطغمته البعثية ضد الشعب السوري، كما سكتت تجاه ما اقترفه القذافي من دموية ضد الـجماهير الليبية الثائرة، وجدناها في نفس الوقت تسارع في إعلان التضامن مع الـحراك الشعبي البحريني، ونفس الشيء يمكن أن يقال، وبدرجات متفاوتة عن حزب الله وإيران وعموم الأحزاب الإسلامية الشيعية العراقية؛ كل هذا مما دفع بالمنحى الطائفي في سوريا ليتخذ مدى وصل إلى أن نسمع من المتظاهرين في كثير من مناطق الثورة ترفع شعار «المسيحي عا بيروت والعلوي ع التابوت». بينما نعلم إن أكثر أزلام النظام البعثي السوري هم من السنة، وليسوا من العلويين، وإن من العلويين من هم معارضون للنظام، والكثير منهم نالت منهم آلة القمع للبعث قتلا وتشريدا، حالهم حال بقية فئات الشعب السوري. وإننا عندما نذكر الازدواجية في موقف الـحكومة العراقية على سبيل المثال، ونعني بالذات القوى المتنفذة أي الإسلامية الشيعية، أو حتى تلك القوى الشيعية غير الإسلامية ذات المنحى الطائفي، لا نبرئ القوى السياسية السنية من وقوعها هي الأخرى في الازدواجية؛ هذه الازدواجية التي كانت واضحة على مواقف معظم القوى السياسية المشاركة في السلطتين التشريعية والتنفيذية. ففي الوقت الذي لوّح رئيس وزرائنا في وقت سابق بالذهاب إلى الأمم المتحدة ليقدم شكوى ضد سوريا بسبب دعمها للإرهاب المصدَّر إلى العراق، والتي عانى منه الشعب العراقي لسنوات طويلة، نجده يتخذ في وقت لاحق موقفا يدعي الـحيادية، لكنه في الـحقيقة هو أقرب إلى الموقف الروسي والصيني الداعم للنظام السوري منه إلى التضامن مع تطلعات الشعب السوري في التخلص من ديكتاتورية بشار والبعث، وهو أقرب للانحياز منه إلى الـحياد، لولا ما طرأ من تعديل خجول للموقف الرسمي مؤخرا. وهكذا وجدنا القوى المشاركة والمعارضة للمالكي، والساعية حتى وقت قريب إلى سحب الثقة منه، تقف منحازة إلى النظام السوري قبل انطلاق الثورة الشعبية، ثم تتخذ لاحقا موقف التضامن مع الثورة، ومع توجهات الوسط العربي السني وتوجهات النظامين السعودي والقطري بشكل خاص، حيث تحولت بقدرة قادر كل من السعودية وقطر - متعاونتين تارة أو متنافستين متنادَّتين تارة أخرى - إلى راعيتي الربيع العربي والتحول الديمقراطي في المنطقة، ولاسيما في سوريا، وكأنهما تمثلان أرقى نموذجين في المنطقة في التزامهما بمبادئ الديمقراطية والـحريات العامة وحقوق الإنسان والمساواة في المواطنة. إننا نعلن من جهة إدانتنا لديكتاتورية الأسد/البعث السوري وما تمارسه من جرائم فضيعة ومروعة ضد الإنسانية بحق الشعب السوري، كما ونعلن تضامننا مع تطلعات الشعب السوري في التحرر من الديكتاتورية من أجل إقامة نظام ديمقراطي تعددي علماني، كما ونعبر عن قلقنا على سوريا من جهة من أن تغرق في مستنقع الطائفية، فتتخلص من مخالب ديكتاتورية البعث، لتقع فريسة بين أنياب التطرف الإسلاموي، فتستباح الـحرية هذه المرة بسيف مقدس قداسة موهومة أو مدعاة، ويكون الضحية أحرار سوريا، ومسيحيوها، وعلويوها، وعلمانيوها من يساريين وليبراليين وحداثويين. كما نحمل مسؤولية ما يمكن أن يحل بشعب سوريا من كوارث كل تلك المواقف المزدوجة، والمنطلقة بازدواجيتها من خلفية طائفية، سواء من أطراف طائفية سنية، أو أطراف طائفية شيعية، رسمية كانت، أو حزبية، أو شعبية، عربية وغير عربية. كما نعبر عن قلقنا على العراق بشكل خاص وعلى عموم المنطقة من جراء الانعكاسات السلبية والـخطيرة لكل ذلك، أمنيا، وسياسيا، واجتماعيا، عبر تجديد الفتنة الطائفية، بعدما بدأ العراق، يتعافى جزئيا منها، أو بعدما بدأت مخاطرها تخف عليه. كما نحذر جماهير شعبنا من الانحدار في منزلق الطائفية من جديد بسبب الأوضاع في سوريا وتطوراتها المقلقة. كما ندعو الـحكومة العراقية لتحمّل مسؤوليتها الوطنية تجاه العوائل العراقية، سواء تلك التي ما زالت في سوريا في ظل ظروف خطيرة، أو تلك التي عادت إلى العراق، وكذلك مسؤوليتها الإنسانية تجاه النازحين من اللاجئين السوريين إلى العراق. ونجدد تعبيرنا عن أمنياتنا للشعب السوري الشقيق في التحرر القريب من الديكتاتورية، وإقامة نظام ديمقراطي في ظل دولة مدنية، هي دولة المواطنة، لا دولة الطوائف والاحتراب الطائفي. التجمع العلماني بغداد 28/07/2012
#التجمع_العلماني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
-
إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي
...
-
ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد
...
-
إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
-
شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
-
السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل
...
-
الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين
...
-
الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
-
-حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|