أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إياد أبازيد - من ذاكرة الثورة














المزيد.....

من ذاكرة الثورة


إياد أبازيد

الحوار المتمدن-العدد: 3798 - 2012 / 7 / 24 - 19:14
المحور: الادب والفن
    


كل صباح تردد المُدرسة الشعار “أهدافنا” ليردد الصغار “وحدة وحرية واشتراكية”، لكن ذلك الصباح وبعد أن قالت “أهدافنا” كان الرد “وحدة واشتراكية” وتساءلت المُدرسة: أين سقطت الحرية؟ لتجيب جمانة “بالأمس بابا قال حرية فأخذه العسكر”.
جمانة فتاة السادسة، تتكلم كثيراً واعتادت على ترتيب مكتبها الصغير ذي الألوان الزاهية، اعتادت ان تلعب بألعابها، فتل...ك العروس الممشطة، وهذه العربة الملونة، تلعب بهم وتعيدهم إلى حيث كانوا كما علمتها أمها.
جمانة تفاجئت أن ما تعلمته من غسيل يديها قبل الطعام والجلوس إلى الطاولة وممارسة العادات اليومية بكل قدسية تم رميه على الأرض، تذمرت من انقطاع الكهرباء عن منزلهم لفترة طويلة، وهي التي اعتادت أن ترى والدها مصمم البرامج والمواقع يعمل منذ الصباح حتى المساء قربها.
أصبحت لياليهم متشابهة بعتمتها، وصوت الرصاص هو الموسيقى الوحيدة في الحي الذي يقطنونه في درعا . وهناك العسكري الذي يحمل سلاحه و يفتش الداخلين والخارجين من الحي، جمانة سألت “بابا هل اسرائيل دخلت أرضنا” يسكتها والدها بإشارة فهمت أن الحديث يجب أن يكون فيما بعد.
سنوات عمرها الست لم تشفع لها أن تسأل وتسأل، والأجوبة كلها مبهمة، لتأتي بالنهاية وتقول “عصابات بشار الأسد هي التي تقوم بذلك”. والداها ارتعبا! فالحديث و لمجرد الحديث أصبح فيه الكثير من الخطر على حياة الناس في هذا الموضوع.
فالقدسية التي عاشوا بها لأكثر من أربعين عام، لتصبح سورية باسم “سورية الأسد” ليست بالأمر السهل ليستوعب الناس أن هناك من يقول أن بشار الأسد رئيس عصابة، والتمثال والصورة “رمز العائلة” يجب أن يتهدما، ومن جَرُؤ في إحدى المرات على ذلك لم يعرف عنه شيء حتى الآن، إن كان الموت من نصيبه أم مازال قيد الحياة فلا أحد يعرف.
لم تعد تسأل جمانة التي أصبح عمرها بعد أربعين يوم من التظاهرات، ستة و أربعين سنة، فما تعلمته في سنواتها الستة تم محيه لتحل محله ثقافة الرصاص التي تسمعها كل يوم، والانقطاع الدائم للكهرباء كل يوم، ولم يعد يعنيها أن تغسل أيديها في الصباح أو المساء أو قبل الطعام او بعده لأن الماء أصبحت شيئاً نادراً في حيهم، وأصبح من يملكه كأنما ملك الأرض ومن عليها.
طعامهم أصبح عند الجوع فقط، والمدرسة التي تذهب إليها كل يوم، باتت مغلقة بسبب الإصلاحات كما قالت المديرة، والجدة والجد صار زيارتهم نادرة، فإن دخلوا الحي لم يستطيعوا الخروج و إن خرجوا منها لن يدخلوا قبل عدد من الأيام.
رأت رجال يدخلون ويمسكون والدها فذلك التاريخ حفرته الذاكرة ولن تنساه كعيد ميلادها، في تلك الأيام حيث أصبحت الشوارع خالية من رجالها، والنساء تصرخ لا تعودوا قبل ان يسقط النظام أو تموتوا دون ذلك، وبالفعل من خرج منهم لم يعد حتى تاريخ الكتابة.
رأتهم يضربون أباها ويجرونه ويمزقون ويكسرون كل ما يرونه، لم يشفعوا للطفلة الصغيرة رؤيتهم بهذه الهيئة، وكل ما رأته أن والدها قال بالأمس “حرية”، لم تفهم الحرية، فالطعام الذي تأكله لا يحوي هذه الكلمة، والأشخاص الذين تعرفهم لا يحملون هذا الاسم، إذا هي كلمة يجب أن لا ينطق بها أحد، فقد تكون كفر، وقد تكون شتيمة، وعيب على الصغار أو الكبار أن يشتموا أحد.
لذا غيرت الشعار و أخبرت أصدقائها أن الشعار بعد الآن هو “وحدة و اشراكية”، لأنهم يأخذون كل من يتلفظ بالحرية.
جمانة نسيت الإنترنت الذي يعمل والدها عليه، وفي أحد الأماسي تسأل والدتها “لماذا لا نسمع صوت الرصاص؟ هل ماتت عصابة بشار؟”.
والدتها ضحكت وقالت “الموت أصبح رحمة في حكم بشار”.



#إياد_أبازيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غرائب الصدف في عملية دمشق
- خفايا المؤامرة في مؤتمر القاهرة
- دولتنا المنشودة
- يا كادحي سورية اتحدوا
- الأنبياء الصغار
- طارت الطائرة
- سورية بدها حرية
- أجمل الأمهات
- نوروز - العهد الجديد
- حدث في مثل هذا اليوم
- رومانسية الكلاشنكوف تحسم المعركه
- صورة من حارتنا
- السلطة الرابعة ...
- أطفال في عمر الورد
- قَسَم الشَباب
- في عيد الفالنتاين
- القوى البديلة
- الوثيقة الأساسية للمواطنة السورية...
- حماة - سورية - 1982 ... مجزرة القرن العشرين
- يقولون .. أقليات


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إياد أبازيد - من ذاكرة الثورة