أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - رؤيا خرافية















المزيد.....

رؤيا خرافية


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3798 - 2012 / 7 / 24 - 16:02
المحور: كتابات ساخرة
    


ما هذا الذي أراه يا ربي؟ ومن الذي سيفسر لي هذه الرؤيا؟ إذا كان الواقع بالنسبة لي غير مفهوم فكيف مثلا سأستطيع تفسير الأحلام أو الهذيان وفهم الخرافات؟ لا بد وأنني نائم فأنا وأنا نائم أرى كثيرا مثل هذه الاشياء الخيالية والفانتازية أما وأنا صاحي فلا أرى شيئا من ذلك, غدا أو في الصباح حين أصحو من النوم سيعود لي عقلي وتعود المياه إلى مجاريها,رأيت عالما خرافيا في كل شيء, رأيتُ الموتى يعودون من قبورهم بعد دفنهم بساعات,رأيتُ الجمادات تتكلم والأحياء صامتون والصراصير تدخل السوق السوداء والحمير توقع على صفقات تجارية وتدخل الانتخابات وتحصد أكبر كمية من الأصوات,رأيتُ شوارع فسيحة ومدنا وبيوتا متباعدة وعمارات متلاصقة مثل الوحوش أو مثل العماليق وقد فتحتُ فمي على مصراعيه وكدتُ أن أصاب بالجنون وبالهذيان: ما هذا الذي أراه وما هذا الذي أسمعه!! ومن هؤلاء الناس الذين يعودون من موتهم بعد دفنهم بساعاتِ قليلة, لا بد وأنني أهذي ولا بد وأنني أحلم أو لا بد أن قوىً سحرية أثرت على عقلي,رأيتُ مدينة خرافية ومخلوقات خرافية ومحاكم خرافية ووزارات خرافية وثقافة خرافية في كل شيء ,رأيتُ حضارة لم أسمع بمثلها من قبل إلا في الكتب الخرافية ورأيت أبطالا أسطوريين وخرافيين ورأيت طفلا خرافياً يتيما ما زال يبحث عن لعبةٍ يلعبُ فيها دون أن يسرقها منه أحد ورأيت زهورا يانعة تمشي المياه من تحتها,ورأيتُ مدينة تبوح للسياح بأسرارها الدفينة والتي أخفتها عن مواطنيها طوال تلك العقود ,ما هذا الذي أراه؟ وما كل هذه الحلاوة التي طبّت على بلدي هكذا مرة واحدة وبدون أي مقدمات ,لا بد وأنني جننتُ أو فقدتُ عقلي,آه رأسي يؤلمني أريد طبيبا نفسيا.. ورأيتُ امرأة خرافية أبدت لي كل زينتها وأفشت لي عن سر جمالها وعن نوعية الطعام الذي تأكله لتكون جميلة بنظري لهذه الدرجة,ورأيت بلدا سياحيا فُرجةً للعالم يأتون إليه الحُجاجُ من كل مكان ليستطلعوا الأمر بأعينهم التي لا تترك مشهدا إلا وتلتقطُ له في ذاكرتها صورة تغيض به الماضي والحاضر والمستقبل كان البلد خرافيا في جذبه للسياحة والسفر وكنتُ أنا رجلا خرافيا فليس من المعقول أن اشاهد كل هذا وأبقى واقفا بمكاني دون أن يُغمى عليّ فأنا لو كنت رجلا عاديا لَما تحملتُ كل هذا التحمل فهذه المشاهد تجعل العاقل مجنونا والمجنون عاقلا وأنا مندهشٌ جدا ولستُ أدري هل كنتُ عاقلا أم مجنونا حتى أرى كل هذا ولا أقلب على ظهري من شدة الضحك أو الفرح, ورأيت مسابح ومنتزهات أسطورية يجوبها الناس في ساعات المساء ينزلون فيها هربا من حرارة الطقس, وعمالا عائدون إلى منازلهم في ساعات المساء وبرامج تلفزيونية أعدت خصيصا للباحثين عن الحقيقة,يا رب: هل أنا في حِلمْ أمْ في عِلمْ!!,ورأيت فلاسفة وشعراء وخطباء يملئون الآذان بأحلى الكلام,الكلام الخرافي الذي يشفي من القلق ومن الهواجس ومن الوساوس وبنفس الوقت يغنى عن صمتي وعن كبريائي , ورأيتُ حمامة بيضاء وطاقة في مفتوحة في السماء ورأيتُ رواياتٍ تشبه الروايات الروسية ورأيتُ عيونا تنظر في كبد السماء ورأيتُ أطباقاً طائرة وأخرى تحط على الأرض بدون أجنحة ورأيت عرافا لا يعرفُ من أين يأكل ورأيتُ معالجا دجالا يسأل الناس أن يطعموه ورأيت الناس تبحث عن مقالاتي وكلماتي لتتداوى بها ورأيت رجالا يقرؤون بعضا من كلماتي على رؤوس المرضى لكي يستفيقوا من الصرع ورأيتُ أناسا يتحدون بعضهم بأن يأت أحدهم بسطر أو بمقالٍ مثل المقالات التي أكتبها, رأيت أناسا عاديين ورأيتُ أناسا مثل الأشباح رداءهم أبيض وسماؤهم بيضاء والدماء تمشي في عروقهم بلون الحليب الناصع البياض, رأيت بِركا تسبح فيها الدلافين ورأيت شوارع ليس فيها إشارات ضوئية وكل ما رأيته كان خرافيا وأسطوريا ومن الصعب جدا تصديقه حتى أنا لم أصدق كل ما رأيته واعتبرت نفسي أنني أهذي أو أحلم أو أن كابوسا لعينا سيطر على مخي ليلة الأمس, هل من المعقول أن تتحول بلادي إلى بلادٍ خرافية بين يومٍ وليلة يجد فيها المواطن كلَ ما يحلم به؟.

رأيتُ شوارع غير مكتظة بالسيارات ورأيت رماحا متكسرة وأجنحة بيضاء ونساء يلبسن المايوهات وكأنهن على الشواطئ نائمات تنتظرُ كل واحدة قدوم صديقها ليدهن لها جسمها بالزيت لم تصدق عيني ما رأت ولم تصدق أذني ما سمعت وقلت: لا بد وأن حرارتي قد ارتفعت فأنا حين ترتفع حرارتي أصدق كل شيء وأرى أوراقا وكتابات أكتبها عن دون وعي, أو لا بد فعلا وأنني رجلٌ مسحور أو مجنون رسميا وكيف سأروي للناس كل ما شاهدته وهل سيصدقني الناس؟ سيقولون عني بأنني مجنون أو بأنني سكران رغم أنني لا أسكر إلا مرة واحدة كل عام أو خمسة أعوام,ورأيت أمواجا ورأيت عرائس للمروج الخضر ورأيت بساتين ورأيت رجالا ونساء يمشون عرايا دون أن يسألهم أي شرطي عن بطاقتهم الشخصية,رأيتُ مدينة تتداعي وتنبتُ مكانها مدينة جديدة تخرج من الأرض وتكبر كما تكبر الأشجار, ورأيت مناديل هنا وهناك ورأيت عيونا سوداء وخضراء وزرقاء ورأيت مدارس فيها ملاعب كبيرة ورأيت كل أحلامي على أرض الواقع تتحقق ورأيت مراكز صحية وعيادات ليس عليها أزمة فالناس اليوم لا يمرضون ولا يشكون من علل وكل شيء له حل حتى الموتى يعودون من قبورهم ورأيت نوافذ مشرعة أبوابها للريح ورأيت شمسا دافئة وشعرت بحبات المطر وبرذاذه ورأيتُ كتبا على الأرصفة بجانب أسواق الخضار والفواكه والناس مزدحمة على شراء الكتب في كل مكان ورأيت الناس مصطفين ليأخذ كل واحدٍ دوره بالترتيب, رأيت زحمة على الكتب مثل الزحمة التي أشاهدها كل صباح على أبواب المخابز التي تعجن الطحين وتبيعه خبزا طازجا,كان المشهد أمامي خرافيا ولم أكن أصدق بأنني ما زلتُ في بلدي ولم أرحل عنه ودخل الشك قلبي بأنني في عالم غريب أو أنني فعلا في عالم(ألس)(عالم العجائب),ورأيتُ حياة ليس فيها مكان لليأس, ورأيت جامعات ومعاهد علمية ورأيت نفسي بين كل تلك الأشياء ساعةً أركبُ مرجوحة وساعةً أقطفُ وردة وساعة أنزل للسباحة في الماء ومرة أدخل المعاهد وأخرج منها ومرة ألتوي على جنب الطريق ومرةً أمشي عاريا ورأيتُ نفسي ملفعا بألبسة بيضاء ومرة رأيتُ نفسي بين النجوم أسطع كما تستطع,ولم أكن خائفا كعادتي ولا متوترا ولا مهموما ولا محزونا ورأيت النمل الصغير يسبحُ فوق جسدي والفراشات الجميلة تطير فوق رأسي وأمام ناظري.

رأيتُ مدنا مفتوحة ورأيت مصاطب مشطوفة ورأيت شوارع مضاءة ورأيت الملايين من الناس وكأنني لأول مرة في حياتي أرى بشرا وأناسا حقيقيين, ورأيت كسفاً من السماء تتساقط,ورأيت نجوما أشعل ضوءها لتوها وشمسا تحترق وقمرا مضيئا ورأيت قلائد مصنوعة من العاج الأبيض,رأيتُ كل هذا ولم يمنعني أحدٌ من استعمال عدستي لتصوير كل ما شاهدته ولم يمنعني أحدٌ من كتابة كل ما سمعته ولم يمنعني أحد من النوم ولم يمنعني أحد من ركوب الموجة العالية ولم يضغط عليّ أحدٌ لأعلن توبتي.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف في المجتمع المريض
- حب الرب
- في هذا الزمن
- لا تحرمني من هذه العادة
- عبادة الشمس
- كيد المرأة عظيم وكيد الشيطان ضعيف
- لماذا أنا غير إرهابي؟
- فاتورة الكهرباء والمواد التموينية
- طوال عمري
- الحماس الديني عن غير علم
- الفادي
- المسيحية والاسلام نظرة عن كثب
- علاقتي بالمسيحيين وباليهود
- المسيح,نظرة من الأفق
- مللتُ
- نظرة جانبية للمسيح
- شكرا للرب
- خلق الكون والقرآن
- الحظ لعب مع المسلمين دورا كبيرا في مواجهة الفرس
- عدت مبتسما


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - رؤيا خرافية