فوز فهد خالد
الحوار المتمدن-العدد: 3797 - 2012 / 7 / 23 - 15:56
المحور:
الادب والفن
*ملاحظه: كل ما هو مكتوب مبني على احداث واقعيه لأشخاص حقيقيين.
********************
“سأرحل بلا رجعه إن كان هذا ما تُريدين، لم أكُن مصدر ألمِكِ يوماً ولن أكونَ أبداً، ولو خُيِّرت بين الموت وبين إيذائك سأختار الموت وإن كان ألف مره. أترين ما يسكُن بين أضلعي، نعم من يدفع بها وكأنَّما اجتاحتهُ رغبةً متوحشه بتحطيم كل ضلعٍ ليولد ولادةً قيصريه من وسط أحشاء صدري، رغماً عن كل جدران جسدي الرقيقه المانعه ويخرح مقتحماً أضلعك منتهكاً عرش فؤادكِ متوسداً بجانبه، فهو منذ لقائنا لم يعد جزئاً مني ولم يعد ملكاً لي بل أصبح نزيلاً في فندق اضلعي، بهويتكِ انتِ وبأسمكِ انتِ.
سأرحل لكن فلتعلمي باننا في حياةٍ أخرى ستكونين لي وسأكون لكِ رغماً عن كُلِّ الظروف. وسيكونُ اسمي ملازما لإسمكِ. لن نفترق. لن نفترق. لن نفترق....”
ثم أخذت حقيبتها والدمعُ في ماراثون تسابق عند حافة أجفانها السفلى، كل دمعه تتوق للنزول على خدها لتسبق باقي الدموع، شهقاتُ المٍ بصوتٍ غدى كصوتِ وتر كمان مرت عليه عقود. لم تستطع تحمل ثقل القهر والظلم، فشعرت هي ذات ال23 بأنها تحتاج لعكازة جدتها، فقدماها خذلتها وترفض الاستقامه، وعيناها كيوم ضبابي لا ترى فيه أقرب الأشياء، ورئتاها كأنما تجمعت بها كل حرائق العالم حتى أصبحت تخنق مجاري تنفس جسدها الرقيق.
"إلهي ألهمني القوة للوصول لسيارتي فقط أرجوك، لا اريد اي شئ آخر، الهي لم ارد شيئاً من قبل اكثر من حاجتي للتحمل والقوه في هذا الوقت، لا اريد أن أهوي في قاع الأحزان، لا أريد أن أُدفن وانا في شبابي، لا اريد أن أكون الفتاة ذات النظرة الحزينه والأجفان الداكنه، لا أريد أن أضعف، لستُ ضعيفه ولن أضغف بوجودِكَ يا خالقي."
ثم وصلت لسيارتها التي لم تكن تبعد عنها سوى بضع مترات، لكن كانت بالنسبة لها كرحلةٍ على الأقدام وسط الصحراء في وضح النهار بلا ماء ولا غذاء، بعينان جفت دموعهما وبقدمين من ثقلهما وكأنهما محملتان حمولة لا تطاق. صعدت وشغلت المحرك.. شهقات بكاء متقطعه، لو كان لمعدن السيارة احساسا لذاب حزنا عند سماعها، دموعٌ تتساقط كوّنت سيلاً اتخذ خديها ورقبتها جرفا له. كل ما فيها كان يرتجف، قدماها بالكاد تضغط على الوقود ويداها لا تدري أيميناً تُحرك المقود ام شمالاً، فقد اختلطت الجهات مع الرجفات ولم يعد تمييزها ممكناً، عقلها لم يُحدد وجهةً للذهاب إليها فلطالما كان منزل فرح هو كل الوجهات، كان في ضلاله عاجزاً عن السيطرةِ على حواسها. لكن الشئ الوحيد الذي استطاع توجيهه هي يدُها التي اتجهت للمُسجل ومرت على الاغاني إلى أن توقفت عند اغنيتهم المفضّلة التي تجمع ذكريات حفرت في اعماق قلبها. جسدٌ بلا عقل وقلب تُرِك في مكان آخر, ينبِضُ لإبقاء الحياة في أنسجة بدنها فقط. مع الذكريات التي أعادتها الأغنيه, امتلأت أعينها بالدموع التي جعلت الرؤية أشبه بكابوسٍ غير واضح, لم تنتبه للون إشارة المرور الحمراء, تجاوزت التقاطع ولم تكن تعلم بانها في تلك اللحظه قد نُزعت روحها الشفافه النقيه وتحررت من جسدها الحي الميت.
تلاشت كل قطعةٍ من سيارتها وطارت في الهواء، ونزلت كقطرات مطر من السماء متناثرةً في الأرجاء، كل السيارات في شوارع التقاطع الأربع وقفت ساكنه وكأنما ضُغط زِرُ تجميدٍ جمَّد كل ماهو متحرك. ثم.. صرخات فجع وذهول وهلع ملأت المكان. "اتصلوا بالاسعاف. اتصلوا بالاسعاف"
وصلت سيارة الإسعاف وحملت جسدها المضجر بالدماء, الذي هجرته روحها قبل ثواني وسافرت بلا رجعه. بحث المسعفون عن اي هويةٍ لمعرفة شخصيتها، ولكن لم يجدوا شيئا فقد طارت مع قطع السيارة. لكن لمح أحد المسعفون شيئاً داخل جيبها المغلق بسحاب. فتحه وإذ بهاتفها، كان يرن واسم فرح ظاهر على الشاشه. رد المسعف عليها وسألها من تكون، فأجابت بأنها من الأصدقاء المقربين، فزف لها خبر سفر روح رزان . . .
نظرة ذهولٍ اعتلت وجهها, عينان غرقت بالدموع, دقاتُ قلبٍ كطبولٍ تدق في أذانها, خارت الأقدام وهوي الجسد للأرض:
"يا إلهي روحي تركتني أواجه طوفان الحياة وحيده، كيف لقلبي أن يتركني ويترك جسدي بلا نبضٍ يبعثُ الحياة. كلا لم تمت زهرة عمري. لم تمت نور حياتي. لم تمت رزانُ قلبي لم تمت.. إلهي أرجوك أعدها لي، إلهي أرجوك لن أستطيع العيش بدون وجودها على هذه الارض، إلهي لقد أذنبت بحق ملاكي، إلهي لقد قتلتها. الهي أرجوووك" …. ثم دخلت في نوبة بكاءٍ هستيريه.
في عصر يوم بارد من ايام شتاء يناير 2012 .مر شهر على وفاة رزان. لكن كل الأيام كانت كيوم وفاتها بالنسبة لفرح. كانت جالسة وسط غرفتها وصور من الذكريات تملؤ الأرض، منها ما قد جفت عليها الدموع ومنها مازال مبللا بدموعٍ حديثه. استلقت على ظهرها محدقةً بسقف الغرفه، حاولت مقاومة استرجاع الذكريات، لكن الذكريات سافرت بها رغماً عنها. لتعيد ذكرى أول لقاء جمعهما:
شتاء 2008. اول سنةٍ دراسيةٍ بالجامعه، كانت القاعه مملوءه، جلست في اخر صفٍ من الكراسي، بدأت المحاضره, دخلت فتاة بمنتصف المحاضره, فتاةٌ ببشرةٍ حنطاوية وأعين متقاربه ساحره، وملامح جذبت فرح بكلِّ ما فيها من إحساس. دخلت متأخره للقاعه المملوءة ولم يكن يوجد مكان فارغ سوى بالكرسي المقارب لفرح، فاتجهت له وعند الإقتراب رمقت فرح بنظرةٍ مع ابتسامه خطفت كل نبضةٍ تنبض في حواسها.
التقطت هاتفها وبدأت محادثة صديقها المثلي فهد الذي لم تلتق به قط, تعرفت عليه عن طريق الإنترنت، لكنه كان أقرب ممن هم في حياتها وتراهم كل يوم, لان فهد ببساطه يشاركها سراً لا يعلم به احد غيرهما, فهما يتشاركان احاديث معاناتهما وقصصهما المتعلقه بالمثليه.
“ فهد فهد, وينك؟”
“هلا فرح, شفيج؟”
“اممم ولا شي خلاص”
“قولي شفيج؟ ”
“لا خلاص ولا شي”
“أوكي”
“أكلمك بعدين”
“أوكي”
انتهت المحاضره, انصرف الكل من القاعه, صادفت فرح هيا، إحدى صديقات الثانوية، جلسوا على أحد الطاولات وإذ بمرور رزان, لمحتها هيا صديقة فرح ونادتها. اتضح انها تعرفها, فدعتها بالانضمام لهما, كانت النظرات بينهما ليست كنظراتِ غيرهما, مابين كل لحظة واخرى تلتقي اعينهما وكأنما اخترعتا لغةً خاصة لا تفهمها إلا احداق اعينهما وانثناءات شفتيهما عند الابتسامات الرقيقه، لم يجدوا الكثير للحديث عنه, اضطرت هيا للذهاب لمحاضرتها فودعتهما.
بدأت اللحظات الغريبه التي يعجز فيها العقل عن إيجاد كلماتٍ للنطق بها لبدء أي موضوع, كل ما دار بينهما كان نظرات وابتسامات. إلى أن قررت رزان كسر الحاجز ب:
“نروح نشتري عصير؟”
“أوكي”
كانت تلك اول مرةٍ تعرف فيها كيف يكون عدم الشعور بالناس من حولها، وكأنما تلاشت كل الاجساد، فحواسها لم تعد تشعر إلا بوجود إنسانٍ واحد أسر كل احساس فيها وتَمَلّكه. وأول مرة تعرف معنى أن تنظر لشخص وتبتسم دون اي سبب.
أخذتا العصير، ثم قالت رزان أعرف مكاناً جميلاً كنت أذهب إليه عند زيارة صديقتي, وذهبتا خارج مبنى الجامعه لمكانٍ هادئ جداً. تبادلتا فيه أحاديث التعارف ثم ودعتا بعضهما.
بدأ يومٌ جديد. وصلت فرح للجامعه, لتبدأ قصة أسر قلبها مع قدوم رزان. مرت الأيام إلى أن توطدت العلاقه بينهما، وأصبحتا مقربتين من بعضهما جدا, وكُلٍّ منهما تتهرب من مواجهة حقيقة مشاعرها.
بعد مرور ثلاثة أشهر..
في يومٍ من أيام فترة الإمتحانات, كانت رزان في بيت فرح، قررت فرح التشجع لسؤال رزان ما إذا كانت تشعر بشعورها أم لا:
“رزان, بقولج شي”
فأجابت رزان وهي موجهةٍ رأسها للأسفل تتصفح الكتاب:
“فرح ماعندنا وقت بعدين نتكلم بمواضيع ثانيه, لازم ندرس ألحين”
وضعت فرح يديها علي جانبي وجه رزان رافعتا إياه والدموع تملؤ اعينها، أدركت رزان ان ما تريد قوله ليس موضوعاً عادياٍ!
“ فرح! أنا آسفه والله ما كنت ادري ان الموضوع مهم, شفيج قوليلي!”
“رزان شلون مو قاعده تحسين باللي بيننا؟ أدري إنج تتهربين من مشاعرج، بس بليز احتاج صراحتج اليوم اكثر من اي يوم ثاني, اعترفي بمشاعرج ولو مره”
فوضعت يديها على شفاه فرح محاولة منعها من مواصلة الحديث ، ثم مسحت دموعها باصابعها برقة. وقالت:
“ تظنين إني مو قاعده أحس بهالشي؟ والله إني أحس ان قلبي يهجرني ويسافر معاج في كل مره تغيبين فيها عني, عيونج قصة عشق اعيشها كل ما اشوفج, فأرجوج لاتزيدين عذابي”
ثم اقتربت فرح من رزان ، وفقد العقل قدرته على التحكم بمشاعرهما، وسيطرت المشاعر على حواس جسديهما, فتقاربت وجناتهما, وتجاذبت شفتاهما حتى تلامستا, وغيبتا وسافرتا عن الواقع لعالم سماءه مشاعرهما, غيومه تحمل اسمائهما, وأرضه تحمل لقطات لكل لحظه جمعت بينهما, رياحه كانت همسات ضحكاتهما, وبحره كان ثوران انجذابهما ، وشمسه كانت حرارة لمساتهما, وقمره كان بصفاء ارواحهما.
ثم بعد أول تعبيرٍ ملموس للحب بينهما-بعد أول قبله في عهد حبهما- دفعت رزان فرح بعيدا عنها, مستنكره:
“ فرح! احنا شنو؟ هذا شنو؟ اللي بينا شنو؟ هل احنا مثليات؟ اذا إي, شنو مستقبلنا؟ شلون بيكون؟ شنو بنسوي؟؟؟”
“رزان! اللي بينا حب, حب ما تقيد بمصطلحات ولا بحواجز، حب وبس, الناس يسمونه اللي يبون، لكن أنا وأنتي نعرف ان اللي بينا مو غلط, اللي بيننا حب طاهر نقي .. حب وبس!”
ثم سحبت رزان بين ذراعيها وحضنتها.
مرت أربع سنين على قصه حبهما, كانت قصة خرافيه, كحب الاساطير, قصة لا يمكن تصديق وجودها. أصبحت كل منهما كالأكسجين للأخرى, كانتا كفراشتين تطيران فوق رماد بستان لتعيدان له الألوان بضحكاتهما, وأرواحهما.
إلى أن جاء اليوم الذي تقدم به خامس شخص لطلب يد فرح. ضاقت بها دنياها بما رحبت. لم تكن تخبر رزان في كل مرة يتقدم بها شخص لخطبتها, لأنها لا تريد زعزعة الفرح في قلب ملاكها الرقيق. بل كانت تشارك هذا الشئ مع صديقها فهد. صعدت مستاءة لغرفتها وبدأت بمحادثة فهد:
“فهد ، بس! ما أقدر أتحمل هالوضع. ما أقدر أتحمل هالقلق وحنة الأهل في كل مره يتقدم فيها شخص لخطبتي. بليز فهد ابي حل ”
“فرح, لو أقدر أتزوجج ما ترددت لحظه، لكن أهلج ما راح يوافقون علي لعدم توافق النسب”
“فهد, أبي حل بليز”
“فرح اللي بقوله ألحين مؤلم ، بس أرجوج تفهمين إني قاعد أحاول أكون صريح معاج”
“ قول!”
“تقدرين تأخرين الزواج لكن ماراح تقدرين تمنعينه، الزواج واقع لا محاله لأن أهلج من النوع اللي لازم بنتهم تتزوج, اذا مالقيتي مثلي يرغب بالزواج من مثليه كستار اجتماعي، فلا خيار عندج إلا الزواج من مغاير”
تركت الهاتف, واجهشت بالبكاء كطفله, وضعت وجهها على الوساده، واحست بسواد هذه الدنيا, ظلم, قهر, غصات كغصات كهل ذاق مرارات الحياة, ثم أمسكت الهاتف وردت على فهد:
“اتزوج من مغاير؟؟؟؟”
“إي فرح, أحيانا لازم نضحي عشان ما نخسر أقرب الناس لنا”
“ فهد ما أقدر مستحيل. الزواج من مغاير يعني أُدفن وأنا حيه, بيتكرر الإغتصاب الجسدي والروحي يوميا, ماراح اتحمل ، ما أقدر, أرجوك تفهم”
“ إما تقولين لأهلج عن حقيقتج أو تتزوجين من مغاير, أيهم تختارين؟”
“ولا واحد”
“ فرح مافي شي إسمه ولا واحد. أدري ان الاختيار صعب بس لازم تختارين, أيهم بتختارين, جاوبيني فرح؟”
“ولا واحد, لو تزوجت وضاقت فيني الدنيا بكل مافيها راح أسوي شئ جنوني, يمكن يكون فيه خطر على حياتي أو يمكن أهاجر”
“تهاجرين؟؟؟ وتخذلين أهلج وكل اللي يحبونج؟”
“ يعني ترضى أموت ألف مره كل يوم؟”
“و رزان؟”
“رزان عمري وحياتي وهواي اللي اتنفسه. لو تزوجت بتحترق ألف مره كل ما تشوفني, لأنها ماراح تتقبل احد ثاني يشاركها فيني. وإذا هاجرت بتذبل وردتي وبيبهت توهجها, ما أقدر أعيش مع هالحقيقه, أعتقد انه مكتوب لنا الفراق”
“ فرح هذا هو القرار السليم, لابد من إنهاء هذه العلاقه إذا ما تبين تختارين أي من الخيارين اللي قلتهم, لأنج بتتأذين وبتأذين رزان معاج, أنهي اللي بينكم على حب قبل لا تتعقد الأمور وتبدأ الصراعات النفسيه والاجتماعيه. وافيني بالمستجدات و بتلاقيني دايما موجود هني”
“شكراً فهد”
ثم ارتمت على سريرها ، وكل مافيها يثورُ غضباً..
“إلهي لِمَ كتبت علينا هذه الحياة, الهي إنَّك تعلم بنقاء أرواحنا, إلهي إننا أنقى ما خلقت, فلم كتبت لنا هذا العذاب؟ إلهي سهل أمورنا, إلهي إنَّ رزان من أعز ما أملك فأرجوك أن تسهل عليها نسياني, إلهي أمحي وجودي من ذكرياتها ومن تفكيرها, أحببتها يارب فلا تجعلني يوماً أرى الحزن في عينيها أو دموعاً أنا سبَبُها”
ثم غطت في نومٍ كان أشبه بغيبوبه مملوءه بالقهر والحزن.
استيقَظَت من النوم وكانت قد اتخذت قرارها, اتصلت برزان وقالت لها أن تزورها اليوم.
الساعه الرابعة عصراً رن جرس منزل فرح، ففتحت الخادمه الباب، وصعدت رزان لغرفة فرح مباشرة. وفور رؤيتها لوجه فرح عرفت بأن ثَمَةَ خطبٌ ما.
“فرح حبيبتي شفيج؟”
ضمتها فرح وأجهشت بالبكاء ثم حاولت تمالك نفسها، استجمعت قواها وكلماتها التي كانت تخرج ثقيله بطيئه مخنوقة بعبرات البكاء.
“ رزان اللي بيني وبينج لازم ينتهي …. بليز .. تف.هم..ن”
ثم ضعفت كل محاولة للمقاومه، وانتصرت غصات البكاء على الكلمات. بينما كانت رزان في حالة ذهولٍ, جفَّ ريقُها, وتلوَّنت شفتيها باللون الأبيض, أما عيناها فكانتا تائهتان تحدقان بالفراغ والدموع تملؤها.
“ ليش؟ “
“رزان لا تسأليني بليز. بس أبيج تعرفين ان قلبي ماراح ينبض لغيرج, ولا راح أحب أحد كثر حبي لج طول ما حييت, أنتي كل نبضة ينبضها قلبي, وكل رمشه ترمشها عيني, وكل نسمة هواء اتنفسها”
“فرح ليش؟ “
“ بس بس, تكفين! رزان لا تسألني لأني أعجز عن الاجابة, لكن أرجوج مابي اشوف في يوم الحزن في عينج, انا اخاف عليج حتى من نسمات الهواء, لا تحسسيني إني خذلتج و أخلفت بوعدي، واني انا سبب ألمج, مابي أشوفج في يوم حزينه, بنتخرج قريب، وكل وحده فينا بتروح في طريقها”
مازالت مصدومه محدقة بالفراغ
“فرح ليش ؟؟؟”
“ رزان بس بس الله يخليج بليز بس ، والله ان قلبي بيطلع من مكانه ليهدي نفسه لج, ارجوج لا تزيدين عذابي, بس أبيج تعرفين أنج ملكتي قلبي، وما في احد غيرج راح يسكن قلبي”
ثم ساد الصمت لمدة ساعه إلى أن قررت رزان النطق:
“سأرحل بلا رجعه إن كان هذا ما تُريدين، لم أكُن مصدر ألمِكِ يوماً ولن أكونَ أبداً، ولو خُيِّرت بين الموت وبين إيذائك سأختار الموت وإن كان ألف مره. أترين ما يسكُن بين أضلعي، نعم من يدفع بها وكأنَّما اجتاحتهُ رغبةً متوحشه بتحطيم كل ضلعٍ ليولد ولادةً قيصريه من وسط أحشاء صدري، رغماً عن كل جدران جسدي الرقيقه المانعه ويخرح مقتحماً أضلعك منتهكاً عرش فؤادكِ متوسداً بجانبه، فهو منذ لقائنا لم يعد جزئاً مني ولم يعد ملكاً لي بل أصبح نزيلاً في فندق اضلعي، بهويتكِ انتِ وبأسمكِ انتِ.
سأرحل لكن فلتعلمي باننا في حياةٍ أخرى ستكونين لي وسأكون لكِ رغماً عن كُلِّ الظروف. وسيكونُ اسمي ملازما لإسمكِ. لن نفترق. لن نفترق. لن نفترق....”
مرت سنة وبقيت فرح رهينه لجملةٍ كل ما استحضرها عقلُها ملأت الدموع عينيها:
“منذ لقائنا لم يعد جزئاً مني ولم يعد ملكاً لي بل أصبح نزيلاً في فندق أضلُعي، بهويتكِ انتِ وباسمكِ انتِ. سأرحل لكن فلتعلمي باننا في حياةٍ أخرى ستكونين لي وسأكون لكِ رغماً عن كُلِّ الظروف. لن نفترق. لن نفترق. لن نفترق....”
انقطعت فرح عن التواصل مع فهد الى ان جاء ذلك اليوم الذي قررت فيه . . . تتبع
********************
أي شخص مثلي أو مغاير لديه قصه أو تجارب مع المثليه ويرغب بأن تكون جزءا من الأجزاء القادمه يستطيع التواصل مع الكاتبه على:
- [email protected]
#فوز_فهد_خالد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟