أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد السلايلي - في زمن النت : هل انتهى دور الأحزاب ؟















المزيد.....

في زمن النت : هل انتهى دور الأحزاب ؟


محمد السلايلي

الحوار المتمدن-العدد: 3792 - 2012 / 7 / 18 - 19:36
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


اصبح النت الوسيلة الأنجع في يد الشعوب و خاصة شبابها الملتزم بقضاياها الجوهرية و المصيرية، في تنظيم حركاتها الاحتجاجية و بلورة مطالبها العادلة الرافضة للظلم والتسلط و القهر. من عصب الانترنيت برزت حركات ذات بعد عالمي مثل أطاك أو ذات بعد إقليمي مثل الربيع العربي أو بعد وطني كحركة الغضب الاسبانية أو احتلوا وولت سريت الأمريكية.
تتزامن الطفرة الرقمية مع اتساع الهوة بين الأغنياء و الفقراء و تمركز أشكال الصراعات عبر العالم بين ما يملك ومن لا يملك. وهو صراع عجزت فيه الاحزاب و الحركات السياسية والاجتماعية التقليدية و جعلها على هامش الحركية المنيثقة من الشبكات الاجتماعية الالكترونية، تسايره أحيانا و تنخرط فيه أحيانا أخرى، لكنها، بغض النظر عن مواقفها السياسية الجذرية، تركن في الاخير لمصلحتها الحزبية و التنظيمية و تعمل بحساب مبدأ الربح و الخسارة
كانت الاحزاب تعبء جمهورها انطلاقا من برامج و أفكار أصيلة، أصبح عليها اليوم دفع الكثير من الاموال لشركات الدعاية و الاشهار، للوصول لصوت الناخب. حتى التاطير الحزبي تراجع لصالح الدعاية الشخصية، و تحولت المهرجانات السياسية لسهرات فنية تتنافس في عرض النجوم التي صنعها الاعلام، وعند البعض الاخر، أصبحت مواسم خيرية يتم فيها توزيع السلع الغذائية و النقود على الناس مقابل مقابل أصواتهم في الصندوق الانتخابي.
إذا كانت علاقة الشركات بالمنظمات المدنية واضحة وفق شروط الشراكة و النعاقد، فهي لازالت غامضة مع الاحزاب. ما نعرفه، ان هناك تنافس محموم لاستقطاب مقاولين و رؤوس أموال لضمان نوع من التمويل الحزبي. ولهذه الغاية، شرعت الاحزاب التي كانت محسوبة على التوجه الاشتراكي، في تاطير مفهوم المقاولة المواطنة الذي استقدمته من القطاع المدني حسب مفاهيمها الخاصة .
حتى المثقفين، ظلوا عاجزين أمام سيطرة الشركات على الدول. و تحولوا الى اشباه محللين سياسيين للاحداث التي تهز كيانات الدول و" موظفين" لذا كبريات الصحف و الفضائيات. لم يخطر في بالهم أن الثقافة الرقمية أدخلت انتاجاتهم و تراكماتهم الى الارشيف. و عجز الاحزاب و المثقفين و رجال التربية و المفكرين، عن ايجاد الحلول للازمة المتفاقمة بين من يملك السلطة و المال و النفوذ و بين الاغلبية الساحقة المحرومة، مكن الشركات الكبرى من فرض تصورها لمعالجة التقسيم العالمي الجديد بما تمليه عليها مصالحها و طموحاتها التوسعية.
لن نبالغ اذا قلنا ان أحزابنا و هياكلنا الثقافية و منظماتنا المدنية تعولمت و فقدت حماستها الشعبية جراء التحولات العميقة التي تشهدها مجتمعاتنا.وقعت الدول تحت كماشة الشركات العابرة للقارات، وتحتاج الأحزاب النابعة من المجتمع لمقومات المناعة لمواجهة ضغوط دفتر تحملات السلطة الذي تقره الشركات و البنوك العالمية لجلب الاستثمارات و الحفاظ على سوق الشغل. لما يستكمل اي حزب توسعه الجماهري، عليه بالمقام الاول أن يرضي ارباب العمل و ممثلي الشركات و تقديم الطاعة و الولاء لممثلي البعثات الاجنبية المهيمنة عالميا.، قبل ان يقنع ناخبيه ببرنامجه و يوزع وعوده على الجماهير، عليه ان يطمئن الراسمال العالمي و يتعهد بخدمته؟
تحتاج هذه الاحزاب التي فقدت اشعاعها و بريقها الفكري و السياسي،الى تقييم إجرائي و موضوعي لنشاط اعضائها و محيطها الغارق في العمل المدني. فبقدرما تتضاعف عدد الجمعيات المحسوبة على المجتمع المدني و تتعدد مجالات تدخلها، بقدرما تتسع الهوة بين هذه الأحزاب و الغالبية العظمى من أبناء الشعوب. ان العمل المدني المعولم، علاوة على انه أصبح مجالا لاغراء النخب و امتصاص العطالة المقنعة، أصبح مجالا وظيفيا ينوب عن الدولة و يعفيها من بعض مسؤولياتها اتجاه المجتمع.
الاحتجاج الشعبي ضد السياسات الحكومية لم يعد بالضرورة يشتغل بروموت الاحزاب و النقابات التقليدية، ولم يخضع لإشارات و إحاءات النخب المثقفة، التي لازلت غالبية عناصرها غريبة و مغربة عن عالم النت. إن الغالبية من سكان العالم اليوم أصبحت تواجه العسف والجشع الراسمالي المسيطر على الحكومات، بدون وسائط حزبية و تيارات فكرية واضحة المعالم.
صحيح ان احتجاجات اليوم هي كوسمولوجية وعابرة للقارات، بما أنها رد فعل طبيعي على العولمة و سيادة السوق الراسمالية التي تتحكم فيها الشركات الكبرى. و صحيح ايضا ان أن ابناء الطبقات الوسطى وابناء الميسوريين هم من يقود الويم هذه الاحتجاجات وهم من يوقذون شرارتها ويضمنون استمراريتها، لتوفرهم على الحد الادنى من الامكانات التي تتطلبها "المقاومة الرقمية"، و على المصاريف اللازمة للتنقل و اللوجستيك و غير ذلك من أدوات الاحتجاج، إلا أن عمق هذه الحركات النابعة من النت يبقى هو جوهر المجتمعات البشرية التي أصبحت تإن تحت وطأة الشركات العابرة للقرات.
لقد أدت العولمة الى احداث تغيير عميق في مفهوم السياسة الذي اسسته النظريات الكبرى خلال القرن التاسع عشر. وادى التحكم المباشر و غير المباشر في حكومات الدول من قبل الشركات الى تأزم الهياكل الحزبية التي كانت تنشط الدورة الانتخابية في الديمقراطيات الحديثة. فاتسعت دائرة العزوف الانتخابي، خاصة في صفوف الشباب والى الابتعاد عن الاحزاب وهجر الدوالب الثقافية المرتبطة بها. بمصر ثوار الميدان الذين كانوا من وراء 25 يناير لم يصوتوا في اي انتخابات جرت بعد تنحي مبارك. وفي تونس وايضا في المغرب وفي غيرها من بلدان الربيع العربي الذي انطلقت شرارته الاولى من عصب النت و المواقع الاجتماعية.
نفس الشيء بالنسبة للشباب الاسباني، الذي تبنى مطلب اسقاط الحزبين المحتكرين للتداول السياسي ببلادها. على عكس المؤسسات الاعلامية الكبرى المسيرة من لدن الراسمال المسيطر، فان النت أتاح للشباب الاطلاع على كل الافكار و المعلومات سواءا كانت صحيحة او خاطئة، مفيدة او ضارة، ومكنهم من التحرر من قبضة الاعلام الموجه .
باوروبا، و على الرغم من ملايين الدولارات صرفت على الاعلام لتزيين واجهة الكيان الصهيوني و البيت الابيض، فان استطلاعات الراي جاءت عكس ذلك تماما بسبب انفلات الشباب من الدعاية الاعلامية. ولان الحركات الاحتجاجية التي لازالت تحافظ على نفَسها و لا زالت تنمو و تتطور لبلوغ اهدافها هي تلك الحركات التي لم تغير شكلها و طريقة تنظيمها من خلال الاعتماد على النت، و هو ما يكسبها قوة في الاشعاع و التعبئة و قوة الضغط وفجائيتها التي تربك حسابات خصومها.
ان علاقة النت بالحركات الاجتماعية و السياسية المعاشة اليوم، تمكننا من مساءلة الدور السياسي و الاجتماعي للهياكل السياسية و الاجتماعية، حزبية ونقابية أو جمعوية ومدنية. لقد تجاوز شباب النت عوائق العمل الحزبي و الاحتجاجي العام التقليدي، بامتلاكها القوة الأساسية التي تجعلها قادرة تجنيد اعضائها و و محيطها و كل المؤمنين بأهدافها.
وعلى عكس الحركات السياسية او الاجتماعية المنظمة خلف تيارات نقابية و حزبية، لا توجد لاعضاء حركات النت أي مطامع أو مطامح من وراء خوض الصراع السياسي و الاجتماعي الا تحقيق الاهداف العامة التي تشكل مبرر وجود حركتهم. فهي لا تصارع من اجل ارساء دعائم ايديولوجيات معينة، و لا تسعى لتثبيت زعامات محددة. شعارها الوحيد و الاوحد : القضاء على الظلم و القهر و الاستبداد. محاربة الفقر و الميز و ال‘قصاء.
تفطنت الأنظمة المستبدة بالشعوب مبكرا الى خطورة النت. و مع اندلاع اولى عواصف الربيع العربي كانت مستعدة لاطلاق كلابها الالكترونية لمواجهة المقاومة الرقمية. ولم تكن الوحيدة التي استثمرت لمواجهة المقاومة الرقمية التي تطالب باسقاطها. الاحزاب نفسها و الحركات السياسية المتسرة بالدين، ركبت هي الاخرى الموجة. و أغرقت الشبكات الاجتماعية و المواقع الالكترونية بجدلها و صراعاتها العقيمة، التي لا تتعدى المصلحة الحزبية.
بالمغرب مثلا، حيث أدى صراع الاحزاب فيما بينها الى فتور ملحوظ لحركة 20 فبراير، دفع الشباب غير المتحزب الى الياس و التيئيس بعد حماسه و ثورانه حدث نفس الشيء تقريبا بالأقطار العربية الاخرى، الشباب الذي خرج من الانترنيت ليغمر الميادين والساحات ويقدم الشهداء و التضحيات، يقف عاجزا عن فهم ما يحدث امامه من تطورات معاكسة لطموحاته. ما يزيده ارتيابا في المؤسسات الحزبية و اقتناعا ان التغيير لن ياتي الا بتحصين حركاتهم من كل تطاول حزبي مصلحي.
لكن هذا الشباب الالكتروني، أينما كان و تحت أي يافطة يتحرك، يعلم أن شعوبه أصبحت تعرف أين توجد حقوقها، و أن امكانية انتزاعها لم تكن متاحة ولا سهلة كما هي اليوم. يعلم أن نفس الاحزاب و الحركات السياسية التقليدية متقطع و يشوبها التردد و أنها عاجزة عن تخطي حدودها التنظيمية و الفكرية التي سجنت نفسها فيها طوال السنين. لقد علمنا شباب المقاومة الرقمية، أن التغيير ممكن و أن الجماهير باستطاعتها نزول الساحات و الميادين بعيدا عن الكيشيات السياسية و الايديولوجية، نشهد اليوم الفصول الاولى للحكاية واكيد أن ما سيأتي لاحقا بعد ان تهدأ الهزات الارتدادية لثورات الربيع العربي، سيجعل الاحزاب و النقابات و المثقفين، ان لم يستوعبوا الدروس التي تقدمها شعوبهم من اجل الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية، سيجعلهم خارج التاريخ الذي بدأ في التشكل ؟



#محمد_السلايلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخوف لا يجنب الخطر !!
- دعوهم يحكمون دعوهم يمرون!!
- يوم كامل بدار الضريبة !
- الإسلام ضد العلمانية : صراع بالوكالة !!
- في عيدها الأممي : الشغيلة المغربية بين مطرقة الباطرونا وسندا ...
- أنقذهم يا عمر سليمان !
- أطلقوا سراح الحاقد ؟
- المرأة القروية ونخبوية العمل النسائي بالمغرب
- للربيع العربي أيضا أبناء -لقيطين-؟
- ملاحظات منهجية حول استعمال كلمتي النخبة والشعب
- اليسار المغربي والحراك الشعبي الراهن
- الانتخابات بمغرب الاستثناءات
- على هامش تدشين - تي جي في - المغرب : توسيع مجلس الخليج والقض ...
- - الطبقة الوسطى- المغربية والوضوح المطلوب
- السكتة القلبية
- اليسار المغربي ودور القوى الحاملة للفكر الديني في الحراك الش ...
- هنيئا للاتحاد الأوروبي بالمغرب - شريك في الديمقراطية - ؟
- التراجيديا المغربية: 2 - المخزن وطقوس الأضحية
- التراجيديا المغربية: 1 - كبش الفداء
- الصبار وعنف الدولة المشروع


المزيد.....




- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد السلايلي - في زمن النت : هل انتهى دور الأحزاب ؟