|
السذاجة الثورية سبب فشل ثورة 2011
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3792 - 2012 / 7 / 18 - 16:31
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
يفشل المرء أكثر من مرة ، و لكن لا نقول إنه فاشل ، إلا إذا بدأ في إلقاء أسباب فشله على الآخرين ؛ حكمة قديمة أذكرها اليوم خوف أن ينعت الثوريين الحقيقيين في مصر من أعضاء حزب كل مصر - حكم بالفاشلين . ثورة 2011 فشلت ، و ذلك بمنظور حزب كل مصر - حكم ، لأنها لم تستطع أن تحقق أهدافها التي وضعها الحزب لها ، و هي أن تكون ثورة تأسيس ، مثل ثورة 1805 ، أي تأسس عهد جديد نراه في الوثيقة الأساسية لحزب كل مصر - حكم ، و هي بالتأكيد ليست ثورة تأكيد مثل ثورة 1919 لأنه لا يوجد شيء إيجابي سابق عليها أكدته ، أو شيء إيجابي بدأ الشعب فيه قبلها و جاءت لتستكمله . الخطر الذي أراه منذ فترة هو أن الذين إنتصروا على الثورة ، و أعني السلطة الحقيقية ، أو السليمانية ، و أنا أدعوها بالسلطة الحقيقية لأن مرسي ليس إلا دمية في يدها ، تريد منذ أن تأكد إنتصارها على الثورة ، و بعد أن فشلت خططها في الترويج لإنتصار الثورة ، أن تضع أسباب الفشل على عاتق بعض القوى الأخرى ، و منها الولايات المتحدة الأمريكية ، حتى تحمي نفسها و أتباعها ، و أيضا حتى لا يعرف الثوريون الحقيقيون السبب الحقيقي لفشل ثورة 2011 . لا شك أن الإدارة الأمريكية مسرورة من النتيجة التي وصلت إليها الثورة فهي تخاف من التغيير في الشرق الأوسط ، و سجلها التاريخي في ميدان الترويج للديمقراطية و حقوق الإنسان في خارج الولايات المتحدة ضعيف للغاية ، لكنها ليست السبب في فشل الثورة ، فهي لم تستطع منع قيام ثورة 2011 ، و لم يكن بمقدورها أن تمنع إستكمالها ، فلم يكن بمقدورها أن تغلق ميدان التحرير في الثاني عشر من فبراير 2011 لتمنع إستكمال الثورة . أغلبية المشاركين في الثورة هم الذين حولوا ميدان التحرير ، بعد سقوط مبارك ، إلى ساحة إحتفال بدلا من أن يكون ساحة لإستكمال الثورة . من ضمن القوى الأخرى التي تضع السلطة الحقيقية على عاتقها فشل الثورة ، الإخوان ، فهي ، أي السليمانية ، تتحالف مع الإخوان ، و في نفس الوقت تضرب فيهم . نعم القيادة الإخوانية كانت أول من طعن الثورة في ظهرها ، و لكن علينا أن نعلم بأن الطعنة الإخوانية ، و إن كانت مؤلمة ، إلا إنها لم تكن قاتلة . لقد كان بإمكان الثورة أن تستمر حتى تستكمل أهدافها التي وضعناها من أجلها ، حتى بعد طعنة الإخوان لها ، و مغادرتهم الميدان ، لأن الثورة قامت بدونهم ، و وصلت إلى قمة زخمها بدونهم ، و كان بالإمكان أن تستمر حتى تنجح تماما بدونهم أيضا . يتبقى لنا الأن الحديث عن جهود السليمانية لإختراق الثورة من قبل قيامها ، ثم السيطرة عليها بعد شبوبها . النظام الذي أسسه مبارك كان ، و لازال ، نظام خبيث ، قام خلال الثلاثين عاما الماضية ببناء أبنية موازية لكل معارضة يحس بها . عندما كان يجد النظام الحاكم حزب رسمي معارض حقيقي في مواجهته ، كان على الفور يصنع حزب معارض موازي ، يصنع له بطولات وهمية ، ليسحب الإهتمام الشعبي من الحزب الحقيقي . و لو ظهر مدون شجاع كان على الفور يقدم مدون من جانبه ، يضع عليه هالة البطولة بالقيام بتمثيلية إعتقاله ، ثم الإفراج عنه ، أو بإغلاق مدونته لفترة ، أو الإثنين معا . في ميدان الإعلام بالتأكيد لاحظ أعضاء حزب كل مصر - حكم كيف كان النظام الحاكم يجعل كاتبه إبراهيم الدستوري و كاتبه الآخر الأسواني يكرران ما يكتبه شخصي البسيط ، و أحيانا في نفس الموقع الذي كنت أنشر فيه . في الميدان الثوري دخلت السليمانية أيضا ، فإذا كان حزب كل مصر - حكم ، حزب غير مسجل لدى السلطات الرسمية ، و لا يسعى للتسجيل لديها ، فليكن لديها بديل لذلك الحزب ، فقامت بخلق كفاية ثم حركة إبريل ، و أمثالهما ، كحركات معارضة غير تقليدية . إذا كان غالبية المشاركين في الثورة من الشباب ، و لم تفلح عملية بردعة الثورة بالبرادعي ، إذ ليكن هناك قائد شاب ، أفلحت به السليمانية في إقناع أغلبية المشاركين في الثورة بأن المهمة إنجزت بسقوط مبارك ، و كأن الثورة قامت من أجل إسقاط فرد واحد ، أو حتى أسرة ، و ليس من أجل إسقاط نظام حكم ، و تأسيس آخر جديد تماما أفضل بكثير من القديم . إذا كانت جريمة قتل خالد سعيد قد هزت الرأي العام ، و لم تذهب بسهولة من ذاكرة الشعب ، إذا لتركب السليمانية الموجة ، و فعلا أطلقت للرأي العام صفحة : كلنا خالد سعيد ، في فيسبوك ، و هي الصفحة التي إستخدمتها السليمانية لترويج نفس الفكرة التي روج لها ذلك الشاب ، و هي أن الثورة أنجزت مهمتها بإسقاط مبارك . حتى بعد فشل الثورة ، فإن السليمانية لم تتوقف ، فقد خافت من بقاء جذوة الثورة مشتعلة في النفوس ، فقررت أن تستنفذ الزخم الثوري الكامن في نفوس الثوريين إلى مستوى الصفر ، حتى تخمد جذوة الثورة ، فكانت جُمع قتل الثورة . السبب في فشل الثورة يبدو الآن راجع لجهود السليمانية ، لكن هل فعلا الإختراق السليماني هو السبب الحقيقي لفشل ثورة 2011 المصرية ؟؟؟ ثورة 2011 المصرية ، مثل أي شيء كبير ، فشله و سقوطه يبدأ من داخله . القوة المجردة لم تكن تستطيع إفشال الثورة ، و أمريكا لا يد لها في قيام الثورة و لا في فشلها ، و طعنة قيادة الإخوان للثورة ، و إن كانت مؤلمة ، إلا إنها لم تكن قاتلة للثورة ، و حتى الجهود الخبيثة للسليمانية و التي يعود لها السبب الظاهري لفشل الثورة ، لم تكن لتنجح في مهمتها الخبيثة هذه لولا سذاجة الكثير من الذين شاركوا في ثورة 2011 ، و الذين لم يدركوا مهمة الثورة ، و الفارق بين الهبة الشعبية و الثورة ، أو بإختصار : لم يفهموا معنى كلمة ثورة . أيضا جُمع قتل الثورة لم تكن لتوجد لولا السذاجة الثورية التي كانت لها الغلبة على جموع المشاركين فيها . الخطأ كان من الداخل ، و لا يجب أن يُلقى على من هم خارج الثورة ، أكان ذلك الخارج هو أمريكا أو الإخوان أو السليمانية بعملائها و تنظيماتها . غياب التربية الثورية لجموع الشعب هي نقطة الضعف القاتلة في ثورة 2011 ، ويجب تلافي ذلك في المستقبل . في أثناء الثورة كانت الشجاعة متوافرة و في أعلى مستوياتها و أروع صورها ، لكن الوعي الثوري كان ضحل ، و الشجاعة وحدها بدون العقل لا تفلح . ملحوظة : إنتهيت من هذا المقال في تمام الساعة الثانية عشرة و ثمان و أربعين دقيقة ظهراً ، بالتوقيت الصيفي للمنفى القسري : بوخارست - رومانيا ، و الذي يتقدم على توقيت جرينتش بثلاث ساعات ، و ذلك في يوم الأربعاء الموافق الثامن عشر من يوليو 2012 . أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسني
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أول قصيدة مرسي كفر بالثورة التي أتت به رئيساً لمصر
-
إنه تعديل طفيف لإتفاقية سليمان - العريان
-
شفيق إستفزاز سليماني للشعب
-
لقد كان مجلس ذليل لا يليق بالثورة
-
نرفض المحاكم الثورية كما نرفض المحاكم العسكرية ، و لا بديل ع
...
-
إما الزحف إلى طرة ، و إما إنتظار نتيجة الإنتخابات
-
لهذا سيظل حزب كل مصر - حكم على دعمه لمرسي في الجولة الثانية
-
الفلول هم الحكام و الأمن و القضاء و الإعلام و غير ذلك ، إنهم
...
-
الدساتير لا تؤسس الديمقراطيات الحقيقية ؛ البيئات السياسية ال
...
-
أتمنى أن يصبح هناك قسم للرسائل القصيرة داخل الموقع
-
في ألمانيا أعدمتم حوالي خمسمائة نازي ، إذا لا تطلبوا منا أن
...
-
توماس جفرسون من المحتمل أن يكون من أصل مصري
-
القبيلة الخليجية تتجه من الرابطة الدموية إلى الرابطة المدنية
-
قصر عابدين يجب أن يصبح المقر الرسمي و الفعلي لرئيس الجمهورية
-
نريد رئيس للجمهورية من صميم القيادة الإخوانية ، هذا قرارنا ل
...
-
سليمان هزم هيلاري بالنقاط و صفع البرلمان و أكد على الإنقلاب
-
في هذه الحالة نريد رئيس للجمهورية من صميم القيادة الإخوانية
-
الأهم هو : كيف إستخدمت تلك الجمعيات الأموال الأمريكية ؟
-
سحق ربيع العرب سيبدأ من مصر بتمويل من آل سعود
-
المجلس العسكري مكانه الصحيح قفص الإتهام
المزيد.....
-
-لا خطوط حمراء-.. فرنسا تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها بعيدة
...
-
الإمارات ترسل 4 قوافل جديدة من المساعدات إلى غزة
-
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي روته يلتقي الرئيس المنتخب ترا
...
-
رداً على -تهديدات إسرائيلية-.. الخارجية العراقية توجه رسالة
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة في لبنان؟
-
زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح
...
-
الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد
...
-
طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
-
موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
-
بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|