أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - احمد عسيلي - في مفهوم (الاب الاوروبي)















المزيد.....

في مفهوم (الاب الاوروبي)


احمد عسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 3789 - 2012 / 7 / 15 - 09:23
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


من الثابت في علم النفس أن الانسان حين يمر بصدمة كبيرة قد يعجز عن مواجهتها بالطرق الناضجة...يسعى هذا الانسان و كوسيلة للدفاع الى مواجهة تلك الصدمة بوسائل غير ناضجة......و أحد تلك الوسائل هي النكوص الى مراحل الطفولة الاولى
و تعني حالة النكوص هذه ان الانسان يتصرف كالولد الصغير...بحركاته و تصرفاته سواء أمام نفسه ام امام الاخرين
و الامثلة على تلك الحلات كثيرة
منها مثلا اتخاذ الانسان للوضعية الجنينية في حالات الخوف الشديد...و هي وضعية الانكماش على النفس ووضع اليدين قرب الفم ..او حتى مص الاصبع
و منها ايضا حالة المريض بمرض شديد او الطويل....حيث يبدأ في حالة من الاتكال او الاعتماد على الاخر القريب منه كالأم أو الاب او الزوجة....و يطلب من الاخرين ان يعاملوه كالطفل....و هو ما يدعى بالطب النفسي المكاسب الثانوية للمرض و التي نبحث عنها دائما اثناء محاولتنا تشخيص اي حالة مرضية
....................................................................
و الانسان ببنيانه و ردات فعله على اي حادث و حتى بأجهزته شبيه جدا بالمجتمعات.....لذلك يمكن سحب الحالة التي تصيب الانسان الفرد هذه و دراستها على المجتمعات ككل
فللمجتمعات ايضا أليات دفاع غير ناضجة يختبرها المجتمع حين قيامه بردات فعل عاجزة احيانا و لا تتناسب و مستوى الازمة التي يمر بها......و تعود ردة الفعل هذه الى حالة الانهيار او الضعف التي اصابت المجتمع.....و تؤدي حالة الضعف هذه الى قيام المجتمع و كنوع من ردات الفعل الى حالة نكوص طفولية تأخذ أشكال متعددة
............................................................
أعتقد ان المجتمع العربي و نتيجة الازمات المتراكمة عليه و التي اصبح عاجزا تماما عن مواجهتها من احتلال للأراضي الى الفقر و التخلف و الدكتاتورية و انتهاكات متكررة من جهات عدة(لرجولة) هذا المجتمع......هذه الازمات دفعت مجتمعاتنا العربية الى حالة نكوص طفولية شديدة تجاه أب من خيالات هذا المجتمع المريض و انصب هذا الخيال غير الناضج الى خلق مفهوم (الاب الاوروبي)
فالمجتمع العربي و منذ عهد الانحطاط دخل بحالة (مرض مزمن) أقعده عن السير في ركب الحضارة فأصبح مجتمعا اتكاليا على بقية الامم......و اصبح عاجزا عن القيام بالدور الحضاري المنوط به و نتيجة استمرار هذه الحالات قرون و قرون اصبح المجتمع العربي يعامل الاخرين بحالة نكوصيه و كأنه طفل و الاخر هو الاب الموكل برعايته و حمايته و تقديم ما يلزمه ........
و اذا ما قصر هذا الاخر في تقديم اي مساعدة....ترى المجتمع العربي يحتج و يصرخ و يلوم و كأن هذا الاخر موكل به و مسؤول عن حمايته
و لهذه الحالة أمثلة عديدة سأكتفي بطرح مثالين صارخين جدا من واقع هذا المجتمع –الطفل
المثال الاول هو انتفاضة الحجارة.......
فالذي يتأمل هذه الانتفاضة يعلم تماما ان الانسان العربي مدرك تماما أن هذه الحجارة لا تسطيع هزيمة اسرائيل......و ان اسرائيل كدولة لن تغير من سياساتها نتيجة الحجارة.......و لا حتى نتيجة بعض الصواريخ التي تسقط كل فترة هنا او هناك
فالحجارة هذه لم تكن موجهة لهزيمة اسرائيل.......بل هي لفضح اسرائيل اخلاقيا و لفت نظر الرأي العام الاوروبي الى اهمية القضية الفلسطينية............و ذلك على امل ان يقوم الاوروبيين بالضغط و التأثير على السياسة الاسرائيلية و منح الفلسطينيين بعضا من حقوقهم المسلوبة بقوة السلاح
اذن لم تكن الانتفاضة هذه سوى نوع من صراخ الابن للفت نظر الاب من اجل تحقيق متطلباته
فالعربي يعلم تماما انه وحده و بقوته الذاتية غير قادر على التغلب على دولة قوية جدا و متطورة جدا مثل اسرائيل.....لأن اسرائيل في الوعي العربي هي ابنة اوروبا......و بالتالي لابد من قوي ليغلب هذا القوي......و لا قوي و مسؤول الا هذا الأب الاوروبي
و المثال الاخر هو ثورات الربيع العربي
و أقصد ثورات الربيع العربي في ليبيا و سوريا تحديدا
فمن المعروف لرجل الشارع في تلك البلدان أن الوضع السياسي بالغ التعقيد و التشابك.......و ان انظمة تلك البلدان لن تسقط بمظاهرة او حركة احتجاج نتيجة تداخل الاجهزة و المصالح في تلك البلدان
و الكل يعلم ان المظاهرات في تلك البلدان سيتم الرد عليها بعنف مفرط ....و انه لا مجتمع مدني او مؤسسات متماسكة قادرة على حماية الحركات الاحتجاجية في تلك البلدان
اذا تلك المظاهرات لم يكن هدفها اسقاط تلك الانظمة.......بل هدفها الضغط على الرأي العام الاوروبي لأسقاط تلك الانظمة
فالمجتمع السوري و الليبي يعرف تماما انه مجتمع عاجز ....و انه مجتمع ضعيف و غير قادر على هزيمة انظمته......لذلك توجه الى ذاك الاب القوي الرمز من أجل اسقاط انظمته
و هذا ما فعلته الدول في الحالة الليبية و لا اعتقد انها متحمسة لفعله في الحالة السورية
ز بالطبع فان الاوروبي لم يقم بذلك بدافع الابوة او المسؤولية تجاه هذا الابن الضعيف ......بل قام بذلك لمصالحه الخاصة الموجودة بالحالة الليبية و غير الموجودة بالحالة السورية
و اذا كان العقل السياسي السوري مصاب بحالة النكوص هذه و بدء بمطالبة الاب بالتدخل لحمايته ......فان العقل الاوربي غير مشارك بهذا المرض النفسي و هو غير مستعد الا لملاحقة مصالحه الخاصة
و اذا كان المجتمع السوري يعيب على الاوروبيين سكوتهم و عدم تحملهم لمسؤولياتهم فأن الاوروبيين لم يطالبوا يوما بحمياتهم و لا تقديم اي نوع من المساعدة لهم
فكثير من الدول العربية مثلا كقطر و الكويت لديها فائض مالي قوي......و لم يحدث ان طالب الاوروبيين هذه الدول ان تساعدهم ابان انهيار انظمتهم المالية......لان الاوربي يدرك انه ناضج و انه هو المسؤول عن حل مشكلاته
هذا الادراك الناضج غائب في الحالة العربية...........لذلك يطلب المجتمع العربي دائما من بقية الامم ان تهرع لإنقاذه
.........................................................
و بكل الاحوال يبقى ما اشرت اليه مجرد قراءة خاصة بي و مجرد تحليل لألية العلاقة التي تربط الشرق العربي التعيس بالغرب الاوروبي القوي و الناضج
ربما أكون مخطئ..........لكن هذا ما اوصلني اليه وعيي من تحليل للأشياء
و ربما اكون انا ذاتي مقصر و مصاب بحالة نكوصيه تجعلني غير قادر على تسمية الاشياء بمسمياتها



#احمد_عسيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف و البيك اب
- الثورة السورية و الكاريزمات القزمة
- خطة عنان.........و خيارات النظام السوري
- الوطن ........و اثر الفراشة
- د.اياس حسن و يوتوبيا المثقفين في الساخل السوري.......دراسة م ...
- الدولة السورية و مجهر الثورة
- المجتمع السوري يعود الى حلبة الصراع


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - احمد عسيلي - في مفهوم (الاب الاوروبي)