أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائل الطوخي - هيفاء وهبي.. حالة نموذجية بعيني مستشرق ما قبل هوليوودي














المزيد.....

هيفاء وهبي.. حالة نموذجية بعيني مستشرق ما قبل هوليوودي


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1107 - 2005 / 2 / 12 - 11:22
المحور: الادب والفن
    


يرى الاستشراق الكلاسيكي الشرق باعتباره عالماً روحياً و جذاباً غير خاضع للمنطق. هو عالم خلاب يمكن للأوروبي فيه ان يستريح من قواعد العقل الصارمة و يخلد إلى عالم روحاني صوفي, مخاتل.. غير مفهوم و إنما محسوس. يتجلى هذا في تيمة مركزية تحكم رؤية المستشرق للشرق: الحريم, ذلك العالم المرفوض أخلاقياً و إنما المبهر, كما يظهر من لوحات فناني القرن التاسع عشر الذين زاروا الشام و مصر و الجزائر. يتحدث أوروبي أخلاقي بغضب عن تغييب دور المرأة في المجتمعات الشرقية بينما يرسم آخر امرأة نائمة على حشايا وثيرة و تتطلع للفنان الذي يرسمها بإغراء. هذه الإثارة البالغة التي يتخيلها الفنان الأوروبي الاستشراقي لا تتأتي من عري مفرط بل على العكس ربما, من إغلاق مفرط للجسد الأنثوي الشرقي, أو من المخاتلة بين العري و الإغلاق. هكذا تصير الراقصة الشرقية موضوعاً مثالياً بالنسبة للفنان الأوروبي حيث هي ليست راقصة استربتيز, و إنما راقصة تحرص على تغطية الأجزاء العارية من جسدها بغلالات لا تكشف إلا لثوان ثم تعود للانغلاق على اللحم. هكذا يكون الشرق عالماً حسياً, غير أن حسيته لا تنبع من العري و إنما من جسد ذكي يعرف كيف يدير إمكانياته بين المنع والمنح البصريين, و هو جسد ممتلئ قليلاً, خاضع لبذخ الحياة الشرقية القديمة في أروقة القصور و لدى السلاطين. هذا ما لم تفهمه هوليوود إذ صورت الأميرة ياسمين حبيبة علاء الدين امرأة نحيفة و تكشف عن بطنها كله. هنا فهم الهوليووديون الحديثون الحسية الشرقية كما لو كانت حسية غربية: جسد هزيل يرتدي المايوه البكيني, و هذا هو ما ما تحرص هيفاء وهبي على تفاديه بحنكة.
لا تكشف هيفاء وهبي عن جسدها بشكل مبالغ فيه, فهي ليست روبي التي تكشف عن مساحات واسعة من بطنها و ساقيها و لا هي ماريا التي تجلس عارية تماماً بحيث لا يغطي صدرها العاري إلا ركبتاها العاريتان, و لا هي تحرص على التلوي المفرط مثل روبي و مروى. بالإضافة لهذا فهي مهمومة بإعلان كونها ليست إلا جسداً. هي لا تدعي البراءة و الطفولة مثل نانسي عجرم و ماريا و لا تحرص على ملامح ارستقراطية و نبيلة مثل إليسا, أي أنها لا تتسم بشيء سوى الإثارة الجسدية, حيث كل منجزها يكمن في جسدها, و في ما يثيره هذا الجسد من معان. قادرة هي على التعبير عن اقصى أيات الإثارة بفتحة فم معينة أو بهمس فحيحي بكلمات أغنية لها (و هي على النقيض في هذا من ماريا, التي تعاني من ثقل واضح في تحريك عضلات وجهها). هكذا تتحالف هيفاء وهبي مع الاستشراق الكلاسيكي, أولاً لكونها ليست مثيرة بالمواصفات الأوروبية الفاضحة و إنما بمواصفات شرقية تماماً, و ثانياً لأنها ليست إلا جسداً (بالضبط كما لا يرى المستشرق في المرأة العربية سوى جسد مغلق, متواطئاً في ذلك مع الذكورية الشرقية التي لا ترى فيه سوى جسد مفتوح) و لا يمكن لها ان تكون إلا كذلك. فوق هذا وذاك فهي عربية تماماً, ربما هي الوحيدة من بين قريناتها من تملك اسماً عربيا بالمطلق كهيفاء (بالهمزة النهائية) وهبي, بخلاف إليسا و ماريا و نانسي و روبي, و من تحرص كذلك على دمج اسمها باسم أبيها, متشابهة في ذلك مع نانسي عجرم, احتراماً منها لثقافة الأنساب العربية و العشائرية الشرقية الشهيرة.
ثم شيء آخر يميز هيفاء وهبي, هو تلك الإثارة التي هي ليست جميلة و لا لطيفة, (هي في الواقع أبعد ما تكون عن اللطف) و إنما الثقيلة و الصارخة, يمكننا هنا المقارنة مع سعاد حسني و خفة دم جسدها. هذا شيء آخر يميز الشرق عن الغرب في الرؤية الاستشراقية: في الشرق الحضور المكثف للروائح و الألوان (تذكروا الهند و مراكش) و فيه أيضاً ذلك الثقل الذي لا تستطيع ان تهضمه إلا المعدة الشرقية, أما في الغرب فهناك الخفة, حيث كل شيء صحي و حساس و هش, و هذا على صعيد الجسد فقط, أما على صعيد الكشف عن الجسد فهناك العكس. في الغرب الكشف المدوي , العري التام, أما في الشرق فهناك الإيماء فقط. تحرص هيفاء على الصفتين الشرقيتين بصرامة, جسد ممتلئ, ثقيل و باذخ يرفضه أي ذكر في حالة إشباع, مع كشف شبه معتاد عن تفاصيله, لأن التركيز ينتقل إلى الإيماء بتفاصيله و ليس الكشف عنها. أحيانا ما يخون هيفاء وهبي ذكاؤها فتحتك جسدياً بالمطرب الجامايكي شاجي بينما هو يعلن استثارته من سيكسي هايفا, احتكاكا مباشراً و صريحاً. غير أن أكثر مشاهدها إثارة تظل كما هي معلنة في أفيشات البومها الأخير, امرأة مستلقية على بطنها تقرب إصبعها من فمها. لا يضير هيفاء مطلقاً أن تغطي جسدها, بعكس روبي على سبيل المثال, بل ربما يزيدها هذا إثارة, (تخيلوا كم قد تكون مثيرة بالملاية اللف المصرية). و هكذا النساء العربيات في لوحات فناني القرن التاسع عشر الأوروبيين, يزيدهم سجن الحريم تألقاً, هل يستطيع أحد تخيلهن على الشاطئ يرتدين المايوهات (كم أن هذا سيكون بائساً و مثيراً للضحك). هكذا يجعل الاستشراق, مستعينا بالجسد الهيفائي نموذجاً, من أجمل صفات المرأة انحباسها وراء القضبان, و هكذا يتم بناء الهيمنة الذكورية بلطف و ذكاء.
إذن تقدم هيفا وهبي لمستشرقي الغرب الكلاسيكيين نموذجاً رائعاً, يرسخ قيم متعددة تصب كلها في قالب نمطي للمرأة العربية, قالب ينم عن رؤية ذكورية قحة, مثلما أن الاستشراق في مجمله هو عمل ذكوري يتصور الشرق باعتباره امرأة جميلة, حبيسة و مثيرة في باطنيتها و عدم خضوعها لأي منطق أو عقل. و تكون مهمة المستشرق هو أن يفتح هذا الشرق / المرأة, بشكل لا يتيح له (للشرق/ المرأة) ان يتحولا إلى كيان مفتوح بالمطلق, و إنما إلى كيان مفتوح له هو فقط (الاستعمار), ربما بدافع من الغيرة الشديدة على امرأته الجميلة, المثيرة و الغامضة.



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغنية جديدة لعبد الوهاب..1
- شوكولاتة
- ميلودراما انتهت بانتصار الضوء: ملك الفضائح و المسخرة
- موسم صيد الشيوعيين في معرض القاهرة للكتاب
- و المزيد من النظرات
- المزيد من العيون
- الفخامة المدوية لأم كلثوم.. عبد الحليم الإله الشهيد
- دمشق
- الرحابنة يصدعون عالمنا
- ليس هناك شخص اسمه احمد زكي
- اللحم و الأفكار
- بوابات لمناقشة تلمودية بين الربي عقيفا و الربي يشماعئيل
- HAHY
- - مجموعة الكل .. تمرد سكندري مهم على السلطة المعنوية للقاهرة
- مونولوج
- أوان الورد, بحب السيما و وفاء قسطنطين.. خلايا الألم القبطي
- في الرواية الأولى لمنصورة عز الدين.. متاهة تعاني من الانفتاح ...
- وصولاً إلى اللا مكان.. عن الدين و الأدب و العاب الكمبيوتر
- حرصاً على الحقيقة
- يوم القيامة


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائل الطوخي - هيفاء وهبي.. حالة نموذجية بعيني مستشرق ما قبل هوليوودي