|
عدم دستورية المادة الثانية
نسيم عبيد عوض
الحوار المتمدن-العدد: 3787 - 2012 / 7 / 13 - 00:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد إنتظرت قليلا حتى تأكدت مما تسرب من اللجنة التأسيسية المشكلة لوضع مسودة دستور مصر الدائم ‘ بخصوص ما إستقر عليه للمادة الثانية بالدستور ‘ونصها ((الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع‘وتعود مرجعية تفسير المبادئ للأزهر الشريف ‘وللمسيحيين واليهود الحق فى الرجوع لشرائعهم فى الإحوال الشخصية وتعيين قيادتهم)) ‘ وسامحونى مقدما إذا كان النص غير دقيق حسب ما صوتت عليه اللجنة فى صورته النهائية ‘ ولكن الذى تأكدت منه هو النص على مرجعية تفسيرالمبادئ للأزهر الشريف ‘ وقد أستقبلت الكنائس المسيحية والأقباط عموما نص المادة بالترحاب والتهليل ‘ حتى خرجت خطابات الشكر للشيخ الطيب وللأزهر ‘ وأنا شخصيا معهم فى هذا الشكر والتهليل ‘ لأنه لو لم يتصدى علماء الأزهر لفوضى التفسيرات لما خرجت هذه المادة أصلا للحياة ‘ بل ونحن جميعا الذين نعيش على أرض مصر نتمتع بوجود خطوط إتصال وثقة متبادلة بين الكنيسة والأزهر ‘ وهذا الصرح الشامخ هو حامى مصر من كل الإرهاصات والفتاوى وتفتيت الأمة ‘ فلا عجب أننا دائما نرحب بمرجعية الأزهر الشريف فى التفسيرات المغرضة لكل مايتعلق بالآيات القرآنية أو السنة أو مراجع التشريع الأخرى ‘فهو الحائط الصلب أمام كل الإدعاءات وفتاوى غير المتخصصين والذين يستخدمون الدين كمرجعية لتطرفهم وفتنهم ‘ ومع كل إحترامى الكامل للذين صوتوا على هذه المادة فهى معيبة شكلا وموضوعا بسبب نص مرجعية تفسير كلمة المبادئ للأزهر الشريف ‘ وقبل أن أفسر لماذا يعيب هذا النص أعرض عليكم تاريخ تطور هذه المادة على مر تاريخنا المعاصر. فى أول دستور للأمة المصرية عام 1882 لم ينص على مايمت بصلة للمادة الثانية كما نعرفها ‘ فقد كان دستورا خاصا للخديوى والتشكيل النيابى ‘ولكنه الحقيقة نص على مقدمة غاية فى الدقة حول مبدأ سيادة الأمة ونص على (( بموجب هذا الدستور فان السلطة تستمد من الأمة ويكون الحكم بإسمها والأمر يصدر تعبيرا عنها كلها ‘ ارتكازا على أن أمة قديمة مثل مصر لا تتكون من شعب اليوم أو المواطنين الذين يعيشون الآن بل تشمل إلى جانب ذلك أجيال الأمس وأجيال الغد‘ ولذلك فإن جيل اليوم الحاضر عندما يتخذ قرارات سياسية معينة فانه إنما يمثل فى ذلك تقاليد وثقافة وقيم المجتمع فى الماضى والحاضر والمستقبل. ويتوافق هذا الدستور فى هذا المنحى نحو سيادة الأمة مع إعلان حقوق الإنسان والمواطن التى أعلنتها الثورة الفرنسية فى سنة 1789م‘فقد نص هذا الإعلان فى مادته الثالثة على أن : مبدأ السيادة كلها يكمن أساسا فى الأمة ولا تستطيع أى هيئة أو فرد أن يمارس سلطة لا تكون الأمة مصدرها الصريح )) ويكفينا من هذا الدستور مبدأ الأمة مصدر السلطات ‘ وهو ماأخذت به كل الدساتير. فى دستور 1923 جائت المادة 149 بالنص التالى((الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية)) وقبلها فى المادة 13 نصت على (( تحمى الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقا للعادات المرعية فى الديار المصرية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام والآداب)) وفى دستور 1954 الذى قدمة السنهورى وأخفته قيادة الثورة فجاءت هذه المادة تحت الأحكام العامة : مادة رقم 195(( الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية)) وظلت مصر يحكمها دستور 1923 حتى جاء الرئيس السادات وخرج دستور 1971 بالنص وبعد تعديله ( الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع )) ولو جاءت المادة الثانية بهذا النص وأضافت عليه رجوع المسيحيين واليهود لشريعتهم فى أمور الأحوال الشخصية وقيادتهم ‘ لكانت مادة دستورية لاعيب فيها ‘ ولكن إضافت مرجعية التفسير للأزهر هو الذى يعيبها شكلا وموضوعا وإعتقد أنه لن يصدق عليه ‘ أولا لمخالفة ذلك لنصوص الدساتير بمرجعية تفسير أى مادة يختلف عليها لجهات القضاء وليس لأى جهة مدنية أو دينية ‘لسبب بسيط أن الأزهر يقودة شخص وموظف عام قابل للعزل ‘ يتغير من حين لآخر ويعينة رئيس الدولة ‘ وثانيا لا يخضع نص دستورى لجهة أو لشخص ما للتفسير وهذا مانصت عليه كل دساتير العالم ومن ضمنها دستور 1971 ‘ ففى المادة 175 نص على (( المحكمة الدستورية العليا هى التى تتولى دون غيرها الرقابة على دستور القوانين واللوائح ‘وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين فى القانون . وفى نص إنشاء المحكمة الدستورية العليا حدد المشرع أنها أعلى سلطة قضائية ‘وهى صاحبة القول الفصل بتوافق أى قرار أو مرسوم أو قانون أو حكم قضائى مع الدستور الذى هو التشريع الأعلى فى البلاد ولا يجوزمخالفته ‘ وبمعنى أنه لوصدر حكم محكمة حول أسلمة شخص وعودته للكنيسة وحكمت بتسليمها هذا الشخص ‘ أو ماشابه ذلك من هذه الحوادث المتكررة فى المجتمع المصرى ‘‘ورأت جهة ما أن هذا الحكم يخالف مبادئ الإسلام ‘وتقدمت بالطعن فى الحكم ‘ فلمن تكون المرجعية والفصل فى الخلاف ‘ لو قلنا الأزهر لعدنا الى نظام المحاكم المختلطة أيام الإستعمار‘ ولكن المفسر الوحيد هو القضاء سواء المحكمة الإدارية ‘النقض أو المحكمة الدستورية العليا وهى الوحيدة المصدر فى التفسير لأى نص فى القانون حتى لوكان يتعلق بالشريعة الإسلامية ومبادئها ‘ وفى تاريخنا الطويل أحكام صدرت من محاكم مصر المختلفة للحكم فى مثيل هذا الخلاف ‘ ولكنه لم يحدث تاريخيا أو دستوريا بتعليق تفسير مادة فى الدستور لأى جهة غير المحكمة المختصة ‘ وهذا ماأتبعة المشرع المصرى طوال تاريخنا الطويل ‘ رجاء العودة بكل هدوء وإلغاء مرجعية التفسير هذه ‘ودعونا نخط دستورا راقيا ينظم لدولة مدنية ديمقراطية حرة وحديثة ‘دستور يحترمه الجميع بدون أى ثغرات ولا نضع فيه أية كلمات غريبة تعوق الحكم والعدالة .
#نسيم_عبيد_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر فى قبضة الإخوان المسلمين
-
مرسى رئيسا لمصر !!
-
التصدى للإخوان المسلمين واجب وطنى
-
ومن الجافى خرجت حلاوة
-
إحذروا وباء الإخوان المسلمين
-
ثقافة الديمقراطية فى مصر
-
فى إنتظار شروق الشمس
-
النداهة..!
-
مرشد الإخوان الحاكم الفعلى لمصر
-
حوار قداسة البابا مع جريدة الأهرام
-
مصر من غير قداسة البابا شنودة
-
وفى يوم إنتقالك وحدت مصر !
-
الثغرة
-
لقد حفرت حبك فى قلوبنا وتاريخنا القبطى
-
الأقباط فى عينى الدستور والرئيس
-
الجواب من عنوانه !!
-
ليلة تهجير أبو سليمان من أرضه!!
-
النور السلفى ينشر الظلام فى مصر
-
قنابل العار المسيلة للدماء
-
لقد طال المخاض يامصر
المزيد.....
-
تعهدات مكتوبة بخط اليد.. شاهد ما وجده جنود أوكرانيون مع كوري
...
-
إيمي سمير غانم وحسن الرداد بمسلسل -عقبال عندكوا- في رمضان
-
سوريا.. أمير قطر يصل دمشق وباستقباله أحمد الشرع
-
روسيا ترفض تغيير اسم خليج المكسيك
-
عائلات الرهائن الإسرائيليين يدعون حكومتهم إلى تمديد وقف إطلا
...
-
أثر إعلان قطع المساعدات الخارجية الأمريكية، يصل مخيم الهول ف
...
-
ما الذي نعرفه حتى الآن عن تحطم طائرة في العاصمة واشنطن؟
-
العشرات من السياح يشهدون إطلاق 400 سلحفاة بحرية صغيرة في ساو
...
-
مقتل اللاجئ العراقي سلوان موميكا حارق القرآن في السويد
-
من بين الركام بمخيم جباليا.. -القسام- تفرج عن الأسيرة الإسرا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|