أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نبيل عودة - أبرتهايد ضد زيتون فلسطين















المزيد.....

أبرتهايد ضد زيتون فلسطين


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 3786 - 2012 / 7 / 12 - 14:32
المحور: القضية الفلسطينية
    



نشرت صحيفة "هآرتس" تحقيقا مثيرا ومؤلما حول التجارة بأشجار الزيتون ألعتيقة وبعضها يسرق تحت ضوء الشمس وتحت نظر وسمع أصحاب بيارات الزيتون التي تبكي فقدان أشجارها، لتصل الى السوق الإسرائيلية الى منازل أصحاب الملايين، ويبدو ان أشجار الزيتون التي تقلع بلا رحمة من أرضها ومن أصحابها، أضحت تجارة غير رسمية تقدر بعشرات الملايين من الشواقل كل سنة.
من يسرق هذه الأشجار؟
الزيتون كان دائما الى جانب البرتقال رمزا للوطن الفلسطيني، وله مكانة مقدسة في قلوب ابناء الشعب الفلسطيني، وحتى اسرائيل الرسمية باتت تعتبره رمزا قوميا لها، وتفاخر بجودة الزيت المنتج في اسرائيل ، ومن الواضح ان منتجي الزيت معظمهم من ابناء الوطن الفلسطيني بكل أطرافه المقسمة.
الصحفية في "هآرتس" مايا زينشتاين، قامت بإجراء تحقيق حول موضوع أشجار الزيتون، كشفت فيه انه منذ عشر سنوات تجري تجارة غير قانونية بأشجار الزيتون العتيقة. أشجار تسرق، تقلع بشكل غير قانوني، تهرب من الضفة الغربية الى اسرائيل وتصل الى منازل أصحاب الملايين لتزين مداخل منازلهم، حدائقهم، ساحاتهم، وكلها أشجار اقتلعت غصبا من اراضي أصحابها، من الأرض التي نمت فيها عشرات السنين أو مئات السنين.
ان من يدخل منازل أغنياء إسرائيل كما جاء في التحقيق الصحفي، يظن انه عاد في التاريخ الى ايام هيرودوس، الحاكم الروماني لفلسطين ( استمر حكمه من عام 37 قبل الميلاد حتى عام - 4 قبل الميلاد)الذي زرعت الكثير من أشجار الزيتون بأيامه.
ظاهرة تزيين منازل اصحاب الملايين اليهود في اسرائيل بأشجار الزيتون العتيقة أصبحت ظاهرة واسعة الانتشار. هذه الظاهرة تجري بصمت دون أن تثير اصداء او تدخلا للسلطة لوقف السرقة، والسؤال الذي يشغلني، لو كانت الأشجار التي تسرق من الفلسطينيين ، يجري اقتلاعها من أراضي داخل الخط الأخضر، يملكها اليهود او استملكها اليهود. هل كانت السرقة تمر بمثل هذا الصمت والتجاهل ؟
الصحفية تكشف ان معظم الأشجار يجري تهريبها من مناطق الضفة الغربية المحتلة، وبعضها من اراضي في الجليل، وهو تعبير يعني أراضي بملكية عربية، ولكنها لا توضح هل يجري اقتلاعها هي الأخرى عنوة وبدون معرفة أصحابها؟
التهريب من اراضي السلطة الفلسطينية يجري بدون مشاكل، ويمر عبر الحواجز بدون سؤال وجواب.
يصل سعر الشجرة الواحدة بين 30 الى 80 الف شاقل. أشجار لم يتعب سارقوها بصيانتها وتنميتها والحفاظ عليها لتطعمهم وتطعم أولادهم وتبقى ضمن الحقوق الأساسية البسيطة التي يمكن ان لا يتطاول عليها الاحتلال "المتنور" على اعتبار ان الشجرة ليس طفلا فلسطينيا يجعل ضابط نيابة عسكري يقول لوفد من البرلمان البريطاني جاء ليفحص واقع حقوق الطفل الفلسطيني تحت الإحتلال :"ان كل طفل فلسطيني يمكن ان يكون "مخربا" في المستقبل"!!
بغض النظر عن اقتلاع أشجار زيتون بموافقة أصحابها لأسباب عديدة منها ضيق مساحة أراضي البناء في الوسط العربي داخل إسرائيل وحالة الفقر التي تسود بعض الأوساط ،إلا ان هذه الظاهرة تأخذ منحى آخر في المناطق المحتلة.
حسب التحقيق في "هآرتس" نقل أشجار الزيتون يشكل أيضا مخالفة جنائية في الكثير من الحالات. نص القانون واضح ولا يترك فسحة لعدم الفهم. امر الغابات الانتدابي، الذي يعتبر القاعدة القانونية لحماية الأشجار في اسرائيل والضفة الغربية بنفس الوقت، يمنع قطع او نقل شجر الزيتون الى أماكن أخرى، إلا بالحصول على تصريح بالنقل، وكذلك تصريح لأصحاب الأرض باقتلاع أشجارهم ، وذلك من موظفي قسم الغابات في وزارة الزراعة وموظفي الكيرن
كاييمت لإسرائيل (صندوق اراضي اسرائيل).
الكيرن كاييمت تعترف انه توجد فجوه هائلة بين التراخيص التي أعطيت لنقل عدد من أشجار الزيتون، وبين ما يجري، البعض يقول ان الفجوة تصل الى 50% تباع بتجاهل ومخالفة كاملة للقانون.
حول نقل الأشجار من الضفة يقول احد العاملين في هذا المجال، انه "ممنوع احضار أشجار زيتون من الضفة لأن دولة اسرائيل لا تملك حقوق اقتلاع الشجار هناك". في مشتل في المثلث توجد عشرات أشجار الزيتون بجيل 100 سنة وحتى الف سنة. يقول العامل هناك ان سعر الشجرة يصل الى 75 الف شاقل والشجرة الثانية للمشتري 60 الف شاقل فقط "!!"، وانه يوجد الكثير من المجانين في اسرائيل خاصة من قيساريا ومن سيفيون(أي مدن الأغنياء في اسرائيل). وعلى سؤال من اين وصلت هذه الأشجار؟ لا يجيب العامل الا بالصمت وابتسامة ذات دلالة ترتسم على وجهه، بعد تردد، وبعد ان فحص الزبون بعينيه، شاركه بمعلوماته :" هل ترى هذه الأشجار؟ وصلتنا أمس في الحادية عشرة ليلا مع رافعة بقدرة 50 طنا.هذه اشجار عمرها 2500 سنة، ليست من هنا ، هذه الأشجار من الخارج، من فلسطين.كل هذه الأشجار من فلسطين".
ويشرح العامل شكل الحصول على الشجر: "اذهب الى اصحاب بيارات ألزيتون أختار بعض الأشجار، وأقول لصاحبها اني سأدفع له لنفرض عشرة آلاف دولار، هذا مبلغ كبير جدا وهام جدا بالنسبة لهم، حتى خلال عشرة سنوات قادمة تلك الأشجار لن تعود عليه بدخل مشابه. فيصاب الفلسطيني بحيرة كبيرة، البعض لا يقبل، ولكن من يقبل نرسل اليه شخص من طرفنا، ويشتري الأشجار، نتلقى موافقة من وزارة البيئة، ونسجل الشجر ونحصل على تصريح، نمر عبر الحواجز مع الترخيص.
الادارة المدنية بصفتها الجسم الوحيد المسؤول عن اقتلاع الأشجار من الضفة الغربية وإدخالها الى إسرائيل لها رواية مختلفة.
ضابط الزراعة في الادارة المدنية يقول انه في السنة الأخيرة لم يعط أي تصريح لقلع ونقل اشجار زيتون ويدعون انهم لا يعلمون شيئا عن تهريب أشجار زيتون الى اسرائيل.
مستهجن انهم لا يعلمون.
صحيفة "يديعوت أحرونوت" نشرت عام 2003 عن قلع واسع جدا لأشجار زيتون من الضفة الغربية (المناطق المحتلة) وأوضحت أن بناء الحائط الأمني، فصل ألاف أشجار الزيتون عن أصحابها، وسبب بقلعها الواسع وسرقتها. وأكثريتها لم تعاد لأصحابها بل بيعت من قبل مقاولي البناء الذين بنوا الحائط الأمني، وبمعرفة الادارة المدنية.
تسجل هآرتس قصة مؤلمة. محمد مقبل من احدى قرى الضفة الغربية ، يحمل بكيس نايلون اوراق الطابو لأرض اشتراها والده قبل ولادته، وفيها بيارة مزروعة بأشجار الزيتون، عمر أشجارها أكثر من 100 سنة، ولا يسمح له بزيارة أرضه إلا مرتين كل سنة. الى جانب اوراق الطابو يحتفظ محمد مقبل بكمية كبيرة من الشكاوي التي قدمها في السنوات العشر الماضية لشرطة إسرائيل ولإدارة التنسيق والاتصالات في الضفة الغربية حول اعتداءات على ارضه ، الدخول لأرضه الخاصة واقتلاع أشجار زيتون دون سؤاله ،ويقول انه في عام 2007 اضطر للمشاهدة من البعيد ، الجرافات وسيارات الشحن تقتلع اشجار الزيتون من أرضه،وان شكواه للشرطة لم تفد، وان الادارة المدنية أعادت له أقل من نصف الأشجار والبقية "اختفت"!!
ويروي ان لجاره أيضا مشكلة مشابهة، هذا عدا موت اشتال زيتون جديدة لأنه لم يسمح له برويها ورعايتها.
طبعا الحائط الأمني خلق واقعا مؤلمات ومدمرا للزراعة الفلسطينية بفصل قرى كاملة عن أراضيها واضطر الفلاحين لبيع أشجار الزيتون، لضمان لقمة الخبز. وهذه الظاهرة توجد في الكثير من المناطق وأبرزها قرية "حبلة" في
مقاطعة قلقيليا، حيث تمر الأشجار المقلوعة بدون مشاكل.
الحقائق تبدو بلا أهمية من يهتم بأشجار الزيتون في الوقت الذي يعاني فيه الانسان الفلسطيني من سياسة احتلال الأرض والحرمان من الحقوق الأولية بالتجول في وطنه، وفي الوصول الى المستشفيات والمعاناة اليومية على الحواجز ؟
السلطة الفلسطينية ضد اقتلاع أشجار الزيتون الذي يشكل انتاجا اساسيا للفلسطينيين. ولكن الأرض والرقابة ليست بأيدي السلطة وحتى ليست بأيدي الإدارة المدنية وشرطة اسرائيل لا يهمها الأمر. لو كان الاتجاه عكسيا لسمعنا عن اعتقالات وتحقيقات ومحاكمات . طبعا وعود كثيرة تطرح ، يسمع تهديد بالعقاب لمخالفي القانون، بل ويقال بوضوح انهم يعلمون ان هناك فجوة كبيرة تصل الى أكثر من 50% بين تصاريح نقل اشجار زيتون وبين الواقع. مسؤولية من تنفيذ القانون في المناطق المحتلة؟
يبدو ان حالة أشجار الزيتون لا تختلف عن حالة أصحابها. لن يتوقف التسيب ما دام احتلال الارض الفلسطينية مستمرا.
الكيرن كاييمت اعترفت انها اصدرت في السنة الأخيرة 18,900 تصريح لنقل أشجار زيتون. ولكن معظم هذه الأشجار ليست مطلوبة في السوق، وإنما هي أشجار جديدة من اراضي الكيبوتسات التي تقتلع بسبب ارتفاع أسعار مياه الري ولتنفيذ مشاريع أخرى.
كذلك يتبن ان العقاب لتجار الأشجار المهربة لا يشكل رادعا. مثلا غرامة لمن يضبط بعملية التهريب تتراوح من 750 شاقل حتى 5000 شاقل لأشجار تباع الواحدة بأكثر من 75 الف شاقل. الجهة الوحيدة التي اهتمت بالموضوع ، هي دائرة الضرائب، ليس لأنقاد أشجار الزيتون الفلسطينية من السرقة، بل للحصول على حصة الضريبة من الأرباح الخيالية.
الى جانب السلطة الفلسطينية لا بد ان تقوم هيئة عامة تحذر وتوقف اقتلاع أشجار الزيتون.
سوائب المستوطنين حرقت وقطعت آلاف الأشجار. حان الوقت لجعل شجر الزيتون ضمن الحماية القانونية الواضحة للسلطة ألفلسطينية يجب انقاذ شجر الزيتون من سياسة الأبرتهايد الإسرائيلية التي لا تميز بين الانسان والنبات. كل ما هو فلسطيني مباح. يجب ان يعاقب كل متعاون وبائع لهذه الثروة الفلسطينية ومعاملته بنفس اسلوب معاملة خونة شعبهم.

[email protected] نبيل عودة -



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صدور الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر الفلسطيني الراحل سميح صب ...
- مراجعة كتاب للأديب الراحل حبيب بولس
- وداعا اديبنا واستاذنا الناقد د. حبيب بولس
- -خطى- لبنى دانيال في الطريق الصحيح
- جابر عُد للبيت
- قليلات العقل وكاملو العقل..
- الحداثة: ثقافة تحرير ارادة الانسان
- رمزي ابو نوارة في تجربة فريدة
- هل نشهد ربيعا شعريا...؟
- نساء...!
- صراع بين الحرامية
- لننصف النساء في مجتمعنا أولا ... - تعقيب على مقال اساف اديب ...
- سعيد نفاع يقيم مأتما في الجنة
- كتاب تاريخ الناصرة – مسيرة عبر العصور
- دعما لرفض مئات الشباب الدروز للخدمة العسكرية
- ظواهر مقلقة في ثقافتنا
- ما ينبغي ان يقال عن الثقافة والمثقفين!!
- كيف صار لله شعب مختار؟
- النقد والثقافة النكدية
- إستقلال شر من شتات!!


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نبيل عودة - أبرتهايد ضد زيتون فلسطين