ما معنى وجود لهجات كردية كثيرة؟

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3786 - 2012 / 7 / 12 - 01:45
المحور: القضية الكردية
    

الشيء الذي يجلب الانتباه عند التأمل في اللغة الكردية هي لهجاتها التي لا تعد و لا تحصى و قد تنبه بعض اللغويين الى هذا التنوع المتطرف دون ذكر اسبابها و عواقبها. طبعا لجميع اللغات لهجات محكية متعددة و لكن معظمها لا تصل الى الدرجة التي هي عليها الكردية اليوم بالمقارنة مع مساحة كردستان و سكانها و السؤال الذي يبادر الى الذهن حالا هو لماذا؟ و هل هذا التنوع نعمة او نقمة؟ و ماهي اسبابها؟

شخصيا اعتقد ان كثرة اللغات المحكية لديل على تمزق شعب و لغة او وجود تيارات متنوعة فيها اضافة الى نقلها شفويا فقط بسبب غياب ابجدية تثبت افكارها و ثقافتها و تحفظها من الضياع و تتيح دراستها من قبل الاجيال اللاحقة.

تتعرض اللغات التي لا تملك نصوص مكتوبة طبعا الى التمزق و التعدد خاصة في مناطق الشرق الاوسط بسهولة بسبب كثافتها و سيطرة الاسلام و العربية عليها و بعضها تنقرض في فترة قصيرة نسبيا كما حدث لبعض اللغات السامية القديمة القوية سابقا بعد ظهور الاسلام ولكن رغم الظروف القاسية للغة الكردية نستطيع ان نسجل باعجاب بانها استطاعت ان تنجو من المحو المحقق و تتجنب التحول الى لغة منقرضة. و لكن السؤال يبقى: هل ساعد تمزق كردستان او طبيعة شعبها او جغرافيتها الجبلية على ذلك؟

في التنوع الكردي بالتاكيد مشكلة و هي صعوبة التفاهم بين بعض لهجاتها لدرجة نستطيع احيانا ان نقول نحن على حافة تمزق الكردية الى لغات جديدة بسبب غياب لغة رسمية. نعم ان الكردية عانت من عدم وجود لغة رسمية واحدة (رغم تسلط لهجة منطقة السليمانية في كردستان الجنوبية بسبب ثقافتها و فنها و كتاباتها) بسبب السياسات القمعية لمغتصبي كردستان لدرجة اصبحت الكردية بعيدة كل البعد عن الصحافة و الاذاعة و التلفزيون و الكتب ومما زاد الطين بلة استعمالها ابجديات مختلفة كالعربية و اللاتينية و الكريلية الروسية حسب مناطق كردستان فمثلا اللهجة الهورامية (هورامان) التي تشتهر باغانيها الحزينة و الجميلة تظهر لي معظم كلماتها غير مفهومة. اليكم هذه الاغنية الجميلة رغم صعوبة مفرداتها بسبب كرديتها الاصيلة و حلاوة موسيقاها الرائعة:
http://www.youtube.com/watch?feature=endscreen&v=W0CzqM6W2mA&NR=1

نستطيع ايضا ان نضيف الوضع النفسي بسبب غياب دولة و عملة كردية و انعزال الاكراد عن حكومة مركزية كردية تنظم الاحوال الرسمية و الذي ادى الى زيادة العزلة لدرجة تبني عدد لا يستهان به من الاكراد لغات الشعوب المتسلطة اما بسبب الخوف من التميز العنصري او الشعور بالنقص و لذا اعتقد ان العامل النفسي مهم و يجب ان يبحث اكاديميا.

الانتماء الكردي للاسلام و تبني الكتابة العربية قضى على اخر الطموحات الكردية بالكتابة بالكردية و الاهتمام بلهجاتها و دينها و ثقافتها و توحيدها. يستطيع الفن الكردي و الاغنية الكردية على الاقل توحيد جزء بسيط من الثقافة الكردية و تعميمها بسبب الدور الكبير للموسيقى و الغناء في ثقافة الشعوب الذي يضاهي دور الدين لاجل زيادة التفاهم و التقارب بين اجزاء كردستان.

و اليوم ومنذ تأسيس اقليم كردستان العراق و رغم جميع الانتقادات الموجهة للحكومة الكردية الحالية فان الوضع النفسي قد تحسن قليلا و بفضل التكنولوجيا العصرية تتاح للكردية فرصة مهمة في لم شملها و العمل لاجل لغة كردية رسمية لجميع اجزاء كردستان و بموافقة الجميع و مساعدة اللهجات الكردية في التقارب بدل الابتعاد عن بعضها و عندها ستتوحد بعض اللغات المحكية و يقل عددها تدريجيا الى نسبة طبيعية.
www.jamshid-ibrahim.net

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات