|
هزّتان تضربان أرض الكنانة..!
سنان أحمد حقّي
الحوار المتمدن-العدد: 3784 - 2012 / 7 / 10 - 21:38
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
هزّتان تضربان أرض الكنانة..! ضربت مصر هزّتان الأولى هزّة أرضيّة بلغت قوّتها 6.3 بمقياس ريختر والثانية هزّة سياسيّة أبلغ منها تلك التي أحدثها صدى قرار الرئيس الجديد محمد مرسي بالرجوع عن حلّ البرلمان الذي أصدر المشير طنطاوي قرارا بحلّه بناء على قرار المحكمة الدستوريّة ولا أريد هنا أن أدخل في معمعة التحليلات القانونيّة والدستوريّة مع جمهرة المتخصّصين بالقانون والقانون الدستوري والدوي الذي أثاره الذين ظهروا للتصدّي لقرار الرئيس مرسي . ومع أنني لست من الأخوان المسلمين ولا أنتهج خطّهم السياسي إذ كنت على الدوام أفضّل أن تبقى حركة الأخوان المسلمين حركة فكريّة تحت الأرض لكي تتمتّع بفاعليّة وتحتفظ بمرونة مقبولة وتتجنّب مواجهات غالبا ما تكون حادّة ومضرّة بمصالح البلاد فضلا عن أنني كنت قد تأثّرت سابقا بوجهات النظر التي كانت تُشير إلى مصادر تمويل الحركة وإرتباطاتها التي يُشار إليها من وراء حجاب كما يٌقال، مع ذلك فإنني أؤمن بأن إنجاز مرحلة الديمقراطيّة في المجتمعات العربيّة والإقليميّة ضرورة مرحليّة مهمّة جدا نستطيع بواسطة بنائها أن نتجنّب كثيرا من التناحر وأسباب العنف وهدر الطاقات والوقوع في براثن وأحابيل عتاة الأعداء والمتربصين في العالم. لذلك عندما أقول ديمقراطيّة أعني الديمقراطيّة التي تضمن المنافسة الشريفة ونزاهة الإقتراع العام وتداول السلطة وخضوع الأقليّة لإرادة الأغلبيّة وحماية الأغلبيّة لحقوق الأقليّات وبناء دولة المؤسسات والقانون وهكذا مما هو معروف ولا أعني طبعا ديمقراطيّة الليبراليّة المتطرّفة أو المتغوّلة ولا ما تم تسميته أحيانا بالديمقراطيّة الشعبيّة الإشتراكيّة التي تمارس الإقصاء والعزل وحرمان قطاعات واسعة من الشعب من حقوقها الدستوريّة ولا الديمقراطيّة التي تقوم على إعتماد مفاهيم النصب والتلاعب بالمفاهيم ، بل بالديمقراطيّة التي تضمن تمثيل الشعب ومساهمته في الحكم ولا تحتكر السلطة واعتبارالشعب مصدرا للسلطات عبر دولة نزيهة مؤسساتها مبنيّة على أساس الكفاءة لا يكون فيها العاملون مسيّسين بل متخصّصين في قطاعاتهم ما عدا رئاسة الدولة والوزارة بوزرائها ومجلس النواب والشيوخ وأعضاء المجالس التمثيليّة فقط هم الذين يُعتبرون سياسييين . أعود للرئاسة المصريّة..إذ ليس لأحد أن يسمح بسيادة أي رئيس أو زعيم أو ملك أو قائد بشكل منقوص ولا يجوز أن نقبل لأحد ما مثل تلك السيادة والتي تتمثّل بوضع شروط أو عقبات أمام ممارسته لمسؤولياته مهما كانت ويجب أن يكون كل ملك أو حاكم أو رئيس حرّ الإرادة تماما لكي تكون الدولة حرّة كاملة السيادة كذلك. وأضرب للقارئ مثلا وهو للمثال لا للحصر فقد عاد الملك حسين ملك الأردن إلى بلاده بعد أن عرف بدنو أجله وأصدر إرادة ملكيّة بتعيين ولده عبد الله وليا لعهد المملكة وذكر في نص الإرادة الملكيّة أنه ( يتمنّى) على وليّ العهد عبد الله عندما يتولّى عرش المملكة أن يعهد بولاية العهد إلى أخيه . وكان ذلك أقصى ما يستطيع فعله لأن ولي العهد عندما سيُصبح ملكا يجب أن يكون حرّا تماما وأن لا يحكم تحت ظل أي شرط أو عهد يٌقيّد حرّيته ولهذا قال ( أتمنى) ما حدث في أختنا الكبيرة مصر لم يكن كذلك فقد تقلّبت الكتل السياسيّة المختلفة بين الذعر من حكم الأخوان وإثارة الأراجيف بين مختلف أوساط الشعب ونشر الإشاعات عن ما تُنذر المرحلة التي سيحكمون فيها وكانت تلك أهم الأخطاء التي دفعت أوساط متعدّدة لإعادة إعراب مفاهيم الديمقراطيّة والليبراليّة وسارعت أوساط سياسيّة وأخرى قانونيّة لزج المجلس العسكري في الوضع السياسي بعد أن تبيّن أن لا مناص من تسليم السلطة إلى قيادة مدنيّة منتخبة كما أن الفريق العسكري لم يبدو أنه راغب في الإحتفاظ بالسلطة ولا متحمّس لها لذلك تزايد الضغط السياسي لوضع ضمانات( هكذا) للموقع السياسي المقبل وانبرى عباقرة زمانهم من مختلف الجهات إلى حبك تلك الضمانات المزعومة فخرجت المحكمة الدستوريّة بقرار حل البرلمان وهو قرار توسّعت فيه إلى أبعد الحدود ومازالت تُتّهم فيه بنوايا سياسيّة وليست قانونيّة لأنها بذلك أتاحت إرجاع السلطة التشريعيّة إلى المجلس العسكري وهذا قبل إنتخابات الرئاسة حيث لو صدر القرار الدستوري بعد إنتخاب الرئيس لآلت السلطات التشريعيّة للرئيس الجديد وليس للمجلس العسكري ولتمتّع الرئيس الجديد بصلاحيات غاية في التوسّع بما لم يسبق له مثيل كما أن قرار المحكمة الدستوريّة لم يتضمّن نصّا بمدّة محدّدة للبدء في إنتخاب ممثلي الشعب الجدد بعد قرار الحل وهذا يجعل الأمر بيد المجلس العسكري فإذا كان الأمر بينه وبين الرئيس كما يرغب فإنه سيحدّد الموعد لاحقا حسب الظروف وإن كانت الأوضاع بينهما ليست على ما يُرام فإن المجلس العسكري سيحتفظ بسلطاته التشريعيّة إلى أبعد الحدود وربما إلى ما لا نهاية أو إلى نهاية عهد الرئيس الجديد فيُقيّد سلطاته تقييدا حقيقيّا وهي هنا تمثّل الضمانات الموصوفة وتؤيّد تلك الخطوات ما جرى من تأخير في إعلان نتائج إنتخاب الرئيس حيث جرت محاولات ومفاوضات كما ذكرت وكالات الأنباء في حينها وقد ذُكر أنه مطلوب ضمانات وها هي الضمانات تظهر لقد وصف بعض رجال القانون والسياسية بعد قرار الرئيس الجديد أن ما فعله الرئيس عمل لا سابقة له وأنه كما وصفوه عودة لحكم الغاب وأفاضوا في نعوت شتّى ولكنهم غفلوا ما فعله الناصحون من كارثة في محاولات إنتزاع شروط ووضع قيود على رئيس منتخب لا يجب أن يكون إلاّ حرا لكي تكون البلاد حرّة به . إن نهج الأحابيل والعقابيل الذي قدّمنا له في مقال سابق لا يجب أن يتم إعتماده لأنه سيُغري مختلف الأوساط السياسيّة والقانونيّة والأجتماعيّة بانتهاجه وسنجد المجتمع كلّه يوغل فيه فلا نحصل إلاّ على بناء كبير من الأوهام والخدع والأكاذيب التي لا تنتهي .. فعندما نقول ديمقراطيّة يجب أن نعني ما نقول ونقبل بالفائز بالإنتخابات مهما كان وإلاّ فتحنا أبواب الحكم الإستبدادي مع كامل مبرّراته فهل هذه غايتنا؟ إن الجهة التي تحكم البلاد ستقدّم عطاءها خلال مدة الحكم الدستوريّة فإن نجحت فإن الشعب سينتخبها مرة أخرى وأخرى وإن أخفقت فإن الشعب سيتخلّى عنها وهكذا وليس من الصحيح إتباع تكتيكات ملتوية ومحفوفة بمخاطر شتّى. إن الرئيس الجديد عندما يجد نفسه مقيّدا بأي قيد أو شرط موضوع عليه مسبقا وبأساليب ليست سويّة فإنه لا شكّ سيكسره بما هو متوفّر لديه من سلطات وهذه هي المهمة الأساسيّة لأي حاكم حرّ ما خلا النصوص الدستوريّة التي تصف نوع الحكم والصلاحيات وغير ذلك مما هو معلوم كما في أغلب دساتير العالم مادامت تلك إرادة الشعب كما قالته صناديق الإقتراع؟ فهل يجب علينا أن نتعلّم ممارسة السياسة من جديد؟ بلا أحابيل ولا عقابيل فهي فيما تعنيه أولا وأخيرا تعني القيادة وفن تحقيق الأهداف العليا . وأي حاكم يجب أن يكون حرّا وسيّدا وإلاّ فالبلاد بأجمعها لن تكون حرّة ولا موفورة السيادة .
#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنه منهج البحث العلمي فأي نادي وأي تصفيق؟!
-
الإسلام الصحيح..والصندوق الأسود..وسنستدرجهم!
-
تصميم جديد لمدينة البصرة !
-
مصر!..أحابيل وعقابيل..!
-
بين جدّة ليلى والذّئب..!
-
أنا والبصرة الزهراء..!
-
شيوعي أم مسلم؟
-
رأسماليّة الدولة هي أسوأ الطرق إلى لإشتراكيّة..!
-
بين الدعوة والتبشير..!
-
المدرسة! مباني يجب أن تناسب مهماتها..
-
ما هي السياسة؟
-
أفكار ومقترحات لتنظيم وتصميم المحور المركزي ، بصرة - عشّار(C
...
-
السيدة ملك محمد ..مطربة شغلت أهالي بغداد ومازالت إلى يومنا ه
...
-
مفهوم العلم في الدين .. وفي الدنيا..!
-
بنية الطبقة العاملة بين المتغيرات الطبيعيّة ومحاولات الإلتفا
...
-
الحتميّة والإحتماليّة !
-
ما يهمنا من الشاعر شعره وليس سيرته!
-
ما هو الأدب ؟ وماهي ما بعد الحداثة ؟ ووجهة نظر !
-
عصر فجر الكولونياليّة !
-
كوننا أصحاب قضيّة عادلة فهذا لا يكفي
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|