|
جَمَل غــيدا
خلف علي الخلف
الحوار المتمدن-العدد: 1106 - 2005 / 2 / 11 - 11:47
المحور:
الادب والفن
جمل غيدا يا حزين مشلكح بذاك البطين كل الجمال ترعى إلاَّ جمل غيدا حزين
تراث شعبي
سبحان من أسرى بهذي الروح صوب جنونها تردُ النشيد ، توقد النيران ، تبصر حتفها الدموي في غبش السيوف، الذابحات حضورنا السافي على وجه القصيد، تتلو على الدنيا مراثي حضورها، جمراً من الصبوات تهمرني نبياً ، يتهجى عطش الموتى، ينثر على صحرائهم ظله: هذا نبيّ الغارفين مداد بهجتهم بياضاً من دم الريح،
ألساهرين على مشارف دمعهم الناطرين الروح الضارعين إلى الخصوبة أن تريهم صوتها طالعاً من فجر أنثى يَسْتَدِرُّ سحابهم بللاً يبلُّ زمانهم كي يخرج المرعى ألبائتين على الطوى يتضورون ، زادهم خبز الأماني ماؤهم عكر الحياة ، يحتسون وينصتون، لسراج الليل يحكي عن "جمل غيدا الحزين " السارجين الصرخة اتقدت هواءً في النحيب : من يوحدنا ويرمي روحنا للرمل كي يلد النخيل ؟ من يعطي السماء هوية الروح التي انسربت إلى الفلوات ؟
المنشدين عويل موتاهم : يا كوناً من الرغبات يا عذراء فجر الروح، يا شمساً تزيحُ النوم عن صلواتنا ، فلترحمينا من شمس ماضينا التي انطفأت وما زالت ، تباهينا بميراثٍ من التمجيد يتلوه النشيد خبزاً من الذكرى سيبذرنا جياعاً حول أسوار الذبول ولتبهرينا بحضور النخل ينمو في أصابعنا بفيضِ الماء يغمر ما تبقى من تراتيل النبوةِ ،
نرفد الأحزان بالجرح الجديد. هذا نبيهمو يرفو شتات ثغاء باطنهم ، يولي وجهه صوب انتشارك ضارعاً : آت إليك ظاعناً موتي وروحي ضابحهْ تشوي الأصيل ، عيناي قافلتان من حمّى وخفيّ ذي القبائل، أطوي المفازات التي اعتصرت لظى الأنفاس أروي ذابلَ الأيام بالذكرى ، أغرق في عمى الأحقاب في سرِ السلالة وهي تذوي في بحيرة الإغواء ، ومبلولاً بإصباح الخليقة ، على شفى الإشراف أجهرُ : (إنني الحق وأنت … … ) لم ترشحي الماء علينا كي أعايرك مصير أحبابٍ تفانوا في تشّهي وجهك الباري منذ تموز الذي شربت دماه قوافل الموتى حتى طير بهجتنا الذي نزفَ سلالات الأسى على ذرى الإنشاد : (جناحي يا جناحي)
لم أعايرك ….. كي تورثي أرحامنا محل السنين تجعلي الموتى يسنون الحياة ويذبحونا
…) استري لي ما بدا من سر هذي الروح، هاكلّ الملوك قد احتشدوا لذبحي، ها خطاّب أمي يجاهرون بموتِ حادينا الفقيد وها كلّ الجهات تخون خطوي ، من شرق هذي الروح يفجؤنا النواح ومن غربٍ تداهمنا الرياح، ريحُ السموم الأذبلتنا ، ريح الجراد ، عجاج الذبح ، ملوك العاج شامتين بخيبةِ القرآن والبدو القدامى ، ومازلنا نشاطر الليل تلويحاً لطلّتك ، كاشفين مطالع الخوفِ البهيج، مبطنين الشمس كي ننجو من السيّاف .
استصرختنا صيحة الأعمى البصير: من يرى شمساً تهلل للسواد يرميها برمح الماء.. يطفؤها ، كي لا ترينا الفجر ينضو سيفه يهوى علينا .
ناشدنا الهواجر : هل نحن قربانٌ لمجد الموتِ ، ينذبح البياض على خطانا لكي توفى النذور ؟ أم نحن جرح طاعن في الأبجدية منذ هابيل الشهيد ؟
…) مجدنا ثراك صلينا ليوم قدومك العالي قدّام الخرائب، ساءلنا انتباهك : يا تاجَ السواد يا ضوءاً لرقص الظل في عري الخرافة
هلّي علينا هلّي بأبّهة الهبوبِ ، بمجده العاتي ، ببسالة الريح التي تعوي على قبر الأفول ، ارمي على شبق الظهيرةِ ظلكِ ، وانثري وردَ المسرّة على قبورِ الغائبين بللي بالشجو أقدام الحفاة، وارقصي في حفل تتويج التراب سلطاناً على عرش الرياح ، سنفرق الخيلَ على مرمى من الأسلاف ، نحدو بأعراس الرعاة، نشرب قهوة الروح التي هبت على الأيتام ، نذبحُ بالصدى جوهرَ المعنى الحزين.
هلّي علينا كهلالِ الهاجرة كوني للشمس التي انطفأت سراجا كوني بذاراً للصهيل ، ينمو جموح الخيل فينا نهذي بالجلالة ، نسأل لوحه المحفوظ : هل نحن شوقاً للحنين البكر للغة الفصيحة أم أننا أشلاء آياتٍ من البرهان أذبلها النشورُ .
هلّي علينا استنجد بأطرافِ النشيد يفضح الوشمَ في لوعة الكاهنات هلول الماء من رحم السراب ، سبايانا لسبي الخيل من فرس المديح، غموض الموتِ ، رهبة الندب، أصوات العذارى النائحات على ملائكة الصباح الذابلين ،
بخور الحرمل المنسيِّ ننثره على العصر اليباس سرائر الماء التي يبست على شفةِ البليخ، أستنجد بأمي أن تعيد رضاعتي عري التباهي بالذكورة وأبي الحادي حداء البدو أيام الفزع : سنزوج الصحراء للخيل الجياع ولن تمرّوا من دموع الحافيات الباكيات الدالعات صدورهن نجلو يماني البريق ، منافحين عن هبوب الريح في ميعادها ، أستنجد بأطفالٍ عراة يمارسون الجنس في الوحل، (ولم تنجب أراضيهم سوى موت نعناع السواقي والقرنفل)
ونستنجد بعشاقٍ يحفرون الصمتَ في ليل القرى ناطرين البدر أن يهفو لتبزغ شمسهم، بنات آوى يبشرّن بليل الخوف في الريف الحزين هبوب الريح تشربه الأرامل ، وتضاجعه العوانس كي تخامرهن ظنون الحيضِ خصب ربات الحجول ، مجد أزواج الأرامل حين تنبحهم كلابُ رغبتهن وأستنجد العرّاف يفض بكارةَ الرؤيا : (جثةٌ تثوي على الخنجر ، تمشي وتلتهم الضحايا تجفل امرأة حُبلى ، فتجهض طفلها ، ظلمة تفني النهار ، ترتدي النار ، وتعلو سحباً تمطر الموت ، وتخمد ، ثم يكسونا الرماد ).
ما ترى يا ظل آدم ؟ أرى الناس يمضون خفافاً في السواد ، على تقبيل أيدي الماء يقتتلون ، يكفون ازدهار الذبح بالتمجيد، أرى الماء تواباً عمّا جناه من إثم التدفق أرى أرحامكم في الشمس ، قد هالت عليها الريح صفو نطافهم أفعى الجلالة قد شربت خطاكم أرى سهيلَ يطفو في لياليكم أرى أرضاً تسامر بالحراب ، شمساً تذوبُ ظلاً فاجعاً يزهو ويختطف البصائرَ أراكم ، لا أراكم ، لا أرى ، طوبى لمن آمن .. أنه أعمى وطوبى للنشيد.
حلب 1991
#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفردوس اليباب ليلى الجهني : تحت الحصار
-
لمن لايعلم: الامة بخير ولنردد الشعار
-
العنصرية العربية البينية : التجلي الاجتماعي لفكرة القومية ال
...
-
الملعون
-
من آشور إلى إشبيليا
-
الجسد ..........سؤال اليابسة
-
رسالة جوابية من بوش الابن الى الرئيس علي عقلة عرسان
-
المؤسسة العامة(السورية ) للاتصالات : او حكم قراقوش
-
مــــــــــــــرّوا
-
سدو الغياب
-
في سيرة المكان دون اهله
-
التلفزيون السوري : صورتنا التي لا تصل
-
قاموس الرطانة السياسية (4): ايتها الجماهير الـــــــــ......
...
-
قاموس الرطانة السياسية (2 ) : الامن القومي العربي ...المنتهك
-
قاموس الرطانة السياسية (1) : ناقوس الخطر ومايلي قرعه
-
لماذا لايخطف السوريون مثل بقية خلق الله؟
-
مطلب وحيد لمواطن سوري من حكومته الجديدة
-
وريث البراري
-
الاصلاح لدى المثقفين السعوديين واعادة انتاج الاصولية
-
الامن النسائي العربي
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|